د. نضال أبو زكى مدير عام مجموعة أورينت بلانيت للعلاقات العامة
المدن الذكية تغزو العالم
مصر مؤهلة لقيادة قطاع التكنولوجيا بالعالم العربى
استضافت مجلة "الأهرام الاقتصادى" الدكتور نضال أبو زكى مدير عام مجموعة أورينت بلانيت للعلاقات العامة ومدير الإعلام التجارى بمعرض "جيتكس" الأسبق، خلال ندوة لها بمؤسسة "الأهرام" لمناقشة كتابه تحت عنوان "المدن الذكية وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية فى العالم العربى"، حيث أدار الندوة شريف عبد الباقى رئيس تحرير مجلة الأهرام الاقتصادى ولغة العصر، وذلك فى حضور نخبة من محررين القسم التكنولوجى والاقتصادى فى وسائل الإعلام المصرية العربية، حيث بدأ الدكتور نضال أبو زكى حياته بالعمل الصحفى، ثم اتجه للعمل فى الاستشارات الإعلامية لبعض الشركات الدولية، ومازالت الصحافة هوايته، واتجه إليها مؤخرا لتأليف كتابين عن المدن الذكية وخليج المستقبل، وتم التركيز فى هذا الكتب على تحول دول الخليج من الاقتصاد النفطى إلى الاقتصاد المتنوع.
ورصدت "مجلة الأهرام الاقتصادى"، خلال ندوتها مع الدكتور نضال أبو زكى، مزايا المدن الذكية فى مصر والتحديات التى تواجه هذه المدن مقارنة بالمدن العربية والعالمية، حيث قال إن المدن الذكية لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية بالعالم العربى والعالمى، موضحا أنه شارك فى أول قرية ذكية بمصر ومنها كانت النواة الأولى التى تشكلت منها القرى الذكية فى مصر، حيث يوجد بمصر حاليا العديد من القرى الذكية، وشهد التطور التكنولوجى فى مصر تطورا كبيرا خلال السنوات الماضية، موضحا أن مصر مؤهلة لقيادة قطاع التكنولوجيا فى العالم العربى، مشيرا إلى أن هناك العديد من الموارد البشرية المصرية فى قطاع التكنولوجيا رائدة على مستوى العالم تعمل بالعديد من الشركات العالمية.
وتابع: إن مصر تمتلك العديد من المميزات بتجربتها بالمدن الذكية، حيث تمتلك العديد من المدن الجديدة كالعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة التى تعتمد على الذكاء الاصطناعى وبنية تحتية متطورة والمواصلات وشبكات الأمان من كاميرات مراقبة، ولكنها ينقص هذه المدن الذكية الترويج خارجيا، موضحا أن مصر من الممكن أن تكون مركزا لنقطة التحول التكنولوجى على المستوى العالم العربى.
وأكد أنه لا يوجد مدن ذكية وأخرى لا، فالمدن القديمة من الممكن أن تكون مدينة ذكية، وهذا يرجع إلى الاختراق التكنولوجى فى هذه المدن سواء كانت مدينة جديدة أو مدينة قديمة، وهذا يرجع إلى نسبة توفير الحكومة للتكنولوجيا بهذه المدن على مدار 24 ساعة، وتعد المدينة الذكية عبارة عن إطار عام يشمل التشريعات الحكومية التى تخدم هذه المدن، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية بهذه المدن، فضلا عن إنشاء التكتلات التكنولوجيا على سبيل المثال القرية الذكية وتطوير عدد المبرمجين وتطوير التعليم بالجامعات والمعاهد من أجل خلق مدن ذكية تضاهى المدن العالمية.
وتابع: إن فتح الحكومة للخدمات الحكومية التكنولوجية على مدار 24 ساعة، يسهم فى خلق دولة متقدمة قائمة على التطور التكنولوجى، وبالتالى توفير الوقت والجهد والتنقل بين المحافظات لإنهاء خدمة حكومية.
وأشار إلى أن أبرز التحديات التى تواجه المدن الذكية توفير التمويل اللازم لإنشاء هذه المدن، فهذه المدن تحتاج إلى تمويلات ضخمة، فالدول الاستثمارية هى التى تعتمد على المدن الذكية، لتوافر التمويل، حيث تتوافر بها رفاهية الخدمات فى جميع القطاعات سواء الصحة أو التعليم ونقل ذكى وجميع الخدمات الحكومية، بالإضافة إلى توفير الإضاءة وإدارة النفايات، مؤكدا أن المدن الذكية تستغرق وقتا طويلا من أجل إنشائها.
وأوضح أن أزمة كورونا تعد نقطة التحول بالدول لإقامة مدن ذكية متكاملة، لتسريع وتيرة العمل، وبالتالى أثر ذلك إيجابيا على الاقتصاد، فمن خلال هذه المدن وفرت جميع الخدمات إلكترونيا دون لجوء المواطنين إلى مكان الخدمة، بالإضافة إلى أن هذه المدن لتوافر بها خدمات مراقبة من كاميرات ومجسات بالشوارع، مؤكدا أن إنشاء المدن الذكية يختلف من دولة لدولة وذلك حسب احتياجات كل دولة من التكنولوجيا.
وتابع أن أبرز التحديات التى تواجه العالم العربى ثقافة الترشيد لدى المواطنين، موضحا أن العلم سيمر بأزمة فى المياه والكهرباء والأغذية وغيرها، فلابد من حملات توعية للترشيد وذلك للحفاظ على الاقتصاد وزيادته، موضحا أن المدن الذكية والذكاء الاصطناعى من الممكن أن تقلص الاعتماد على العامل البشرى، ما يجعل الدول تدرس حاليا حل هذه المشكلة عن طريق جذب العامل البشرى فى قطاع الصناعة وبالتالى زيادة فرص التصدير وتوفير العملة الصعبة، حيث يوجد العديد من الدول الأجنبية قلصت الاعتماد على العامل البشرى، حيث يوجد العديد من البنوك لا تعتمد على العنصر البشرى على الإطلاق، فكل معاملاتها إلكترونيا، وكذلك فى القطاع المعمارى من الممكن أن يتم إنشاء المبنى دون الاستعانة بعدد كبير من العمال، وكذلك إطلاق سيارات بدون سائقين وغيرها من النماذج التى قلصت من الاعتماد على العامل البشرى.
وأكد أن تجربة اختراق التكنولوجيا بدبى، كانت تجربة متواضعة جدا، حيث بدأت حكومة دبى بـ4 مبان تكنولوجية، وتم تسويق لهذه المبانى تسويقا جيدا، وهذا ما ينقص مصر، حيث أسهمت الحكومة فى نجاح هذه المنظومة عن طريق إزالة جميع العقبات التى تواجه رجال الأعمال بالشركات، فتوسعت الدولة فى هذا المجال، وأصبحت لديها مدينة معرفة ومدينة إنتاج إعلامى، موضحا أن مصر مؤهلة لقيادة العالم العربى فى قطاع التكنولوجيا، حيث يتوافر بمصر 70% من خدمات الإنترنت بالمنازل، وهذه ميزة لا توجد فى العديد من الدول العربية.
وأضاف أن التجربة التكنولوجية فى مصر من خلال العاصمة الإدارية الجديدة تشبه تجربة الهند فى عاصمتها، والتى أصبحت عاصمة التكنولوجية فى الهند، وتعد هذه العاصمة أحد المراكز التكنولوجية العالمية فى الهند، حيث لديها كم هائل من المبرمجين وشركات تكنولوجيا عديدة، وهذا ما يوجد فى مصر، حيث تمتلك مصر مدينة العاصمة الإدارية المؤهلة لتصبح من أكبر المراكز التكنولوجية فى العالم، ما يجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية لمصر، وبالتالى زيادة فرص العمل.
وطالب بضرورة دعم منظومة حضانات الأعمال فى قطاع التكنولوجيا فى مصر، فبخلق حضانات الأعمال يؤدى إلى فتح شركات جديدة، يجعل مصر تتوسع أكثر فى قطاع التكنولوجيا بأفكار جديدة، مضيفا أنه كلما زادت القرى الذكية أيضا خارج القاهرة يخفف الهجرة إلى المدن، فهذا يوفر الوقت والجهد والعملة الصعبة، وبالتالى رفع مستوى الوضع الاقتصادى والاجتماعى للمواطنين، ولابد من الاهتمام بالتعليم الإلكترونى أسوة بالعديد من الدول سواء فى الجامعات أو التربية والتعليم، وبالتالى تطوير كفاءات من الطلاب من الأجيال القادمة فى قطاع التكنولوجيا، وبالتالى توفير العديد من فرص العمل.
وقال إنه لابد من الاستعانة بالشركات العالمية الكبرى بالعاصمة الإدارية لخلق كيانات ومراكز تكنولوجية على أعلى مستوى مع تقديم الدعم والتيسيرات لهذه الشركات لخلق مدينة تكنولوجية تنافس المدن الذكية العالمية، وهذا ما حدث فى دبى، حيث اعتمدت على جذب الشركات العالمية مع توفرها لحزمة من التيسيرات والحوافز والإعفاءات لجذب الشركات للاستثمار فى هذا القطاع، وبالتالى جذبت دبى 8 آلاف شركة بمنطقة جبل على، ما أدى لتطور الدولة.
وأوضح أننا نعيش اليوم مرحلة جديدة من مراحل التحول الرقمى، ونشهد تحولا كبيرا نحو تحويل مدن بأكملها إلى مدن ذكية مستدامة تعتمد على أحدث التقنيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، موضحا أن هناك علاقة متبادلة بين التكنولوجيا والمجتمع والاقتصاد، وأهمية الاستفادة من البيانات والذكاء الاصطناعى والممارسات المستدامة فى إنشاء مدن المستقبل، ودور التعاون والشراكات بين الحكومات والمؤسسات والمجتمعات فى تحقيق هذه الأهداف، مؤكدا أن المدن الذكية تلعب دورا حيويا كمحرك للنمو المستدام، وعاملا مساهما فى تعزيز كفاءة استغلال الموارد من خلال التقنيات الرقمية الناشئة وتحليل البيانات المتقدمة لتوفير خدمات نوعية تحسن مستوى النمو الاقتصادى والاستدامة البيئية وجودة الحياة.
أكد د. نضال أبو زكى مدير عام شركة أورينت للعلاقات العامة والاستشارات أن مصر بحاجة للترويج الخارجى ومن المفترض أن يصبح التسويق على رأس أولوية المسئولين، موضحا أن المدن الذكية هى المدن التى بها نسبة الخدمات الذكية بشكل أكبر، هنا تأخذ ملامح المدينة الذكية.
وأشار إلى أن التشريعات الحكومية الملائمة لتطوير المدن الذكية مهمة حتى تصبح الخدمات الحكومية موجودة بشكل غير مرئى، حيث يتم توفير الوقت والجهد وتطوير علاقة الناس مع الحكومة والعكس.
اليوم مفهوم الحكومة الذكية أن تطلب الخدمة وتحدد مدى رضاك عنها، وهذا شكل نقلة نوعية بعلاقة المواطن بالخدمات الحكومية، أيضا موضوع التمويل والدول التى قامت بتحويل المدن إلى الذكية هى المدن التى بها إمكانيات مالية تخص التمويل.
دائرة الخدمات من صحة إلى نقل ذكى لإدارة نفايات وغيره من الخدمات الهامة، لابد من وجود ناحية تثقيفية للناس حتى يقتنع الناس بالتعامل مع المدن الذكية والخدمات الحكومية.
كان كورونا سببا فى بدء تعامل الناس مع المدن الذكية بسبب التباعد الاجتماعى.
دائما الحكومات تستنبط الحلول من المشكلات الموجودة عندها، كل دولة المفترض أن ترى احتياجاتها من تكنولوجيا جديدة، معظم الدول الأوروبية تطفئ الإضاءة مساء نتيجة الضغط على الخدمات، تعلمنا فى العالم العربى دون ثقافة الترشيد فى استخدام الخدمات وهذا دور المدن الذكية، تطوير المنظومة المجتمعية الجمعية لتقليل الإنفاق والاستهلاك. وهذا هو التحدى القادم أمامنا.
أمامنا شوط طويل فى الدول العربية للوصول إلى المثالية فى التعامل مع الأزمات.
هناك متخصصون عرب عملوا على تطوير أنفسهم، وبدأت الدول العربية تتعاون معهم.
استقطاب العقول العربية سوف يسرع من تطوير المدن الذكية.
المدن التكنولوجية مهمة فى المرحلة الحالية حتى يتم ربط المحافظات بالقاهرة.
ماذا سيحدث فى المدن القديمة؟
ردا على سؤال حول المدن التاريخية القديمة فى حال تحول المدن الجديدة كلها إلى مدن ذكية قال نضال أبو زكى إن المدن القديمة يمكنها أن تظل محتفظة بكل عراقتها وتاريخها مع استخدام التكنولوجيا الحديثة التى تحتمها ظروف العالم كله، وقال: إننا لا نملك خيارات عديدة فى هذا الأمر، إما أن نكون فى السياق العام أو نخرج منه، وأشار نضال فى رده على سؤال آخر حول العمالة التى سوف تفقد وظائفها بعد التحول الذكى للتعاملات إلى أن هذه المسألة تؤرق الكثيرين، حيث من المتوقع أن تختفى وظائف كثيرة من على خريطة العمل، وهذا أمر متوقع، وفى المقابل سوف تكون هناك وظائف جديدة فى قطاع التكنولوجيا وعلى المجتمع أن يعيد ترتيب حساباته بما يحتاج إليه سوق العمل.
وأشار إلى أن التسهيلات الحكومية مهمة جدا لجذب استثمارات فى القطاع التكنولوجى، القطاع التكنولوجى لا يحتاج إلى رأسمال كبير، هو قطاع يستثمر فى العقول دون تكاليف عالية. وقال إن المدن الذكية ممكن أن توفر الازدحام فى القاهرة والإنترنت خلق عدالة اجتماعية وحق التعلم والقراءة والتفكير. ومن هنا تغير نمط حياة الناس بما يتوافق مع التكنولوجيا الحديثة.