السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية السابق والمنسق العام للمبادرة
"المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية"
حلول مستدامة لمستقبل أفضل
لم يكن نجاح مؤتمر اتفاقية الأطراف لتغير المناخ كوب 27، الذى عقد فى شرم الشيخ نوفمبر الماضى، على المستوى السياسى والبيئى فقط، بل نجد أن مصر استطاعت أن تستثمر هذا النجاح فى مجالات متعددة، وقدمت نموذجا للعالم مازالت تدعمه بشكل مستدام بصفتها رئيس المؤتمر لحين تسليمه لدولة الإمارات فى نهاية هذا العام بمؤتمر كوب 28، وتعد المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية أيقونة تلك النجاحات، حيث إنها قدمت للعالم نماذج متفردة من أصحاب المشروعات الصديقة للبيئة والتى تمثل فئات مختلفة للمجتمع كالشباب والمرأة قدموا مشروعات بأفكار تخدم البيئة تحت مظلة أهداف التنمية المستدامة.
لهذا كان إلقاء الضوء من قبل منتدى بطرس غالى لإبراز تلك المجهودات ونشرها على كل الأصعدة لتحقيق المرجو منها، وذلك من خلال فعاليات الندوة التى أقامها المنتدى تحت شعار "المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية.. ملامحها ومستقبلها - حلول مستدامة لمستقبل أفضل".
فى البداية عرض السفير هشام بدر منسق عام المبادرة ومساعد وزير الخارجية السابق فكرة المبادرة ومراحل نجاحها، حيث أوضح أن المبادرة التى نبتت برعاية الرئيس السيسى وخرجت للنور بقرار من رئيس الوزراء، كانت أولى خطواتها توصيل فكرة ما هو المقصود بالأخضر فى كل سبل حياتنا لكل مواطن مصرى، وحتى يستشعر المواطن أهمية المناخ والجانب التكنولوجى باعتبارهما بوابتين للمستقبل، بمعنى أن تكون مشاركة المواطن فى المبادرة من خلال مشروعات قائمة وتمثل حلولا لتحديات بيئية لديهم، لهذا يمكن القول إن المبادرة هى حلول مصرية لمواجهة المناخ من واقع ظروف المجتمع المصرى، فهى مبادرة غير مسبوقة.
ومصر بصفتها رئيس الكوب تقدم رسالة للعالم لتفعيل شكل المشاركة بين المواطن والدولة، بجانب أنها فتحت الباب على مصراعيه أمام 100 مليون مواطن للمشاركة والتنفيذ فى المبادرة من خلال المشروعات المختلفة سواء الكبيرة أو المتوسطة أو الصغيرة، فهى نموذج عملى لجهود المحليات لتوطين أهداف التنمية المستدامة، ويتضح ذلك من خلال اختيار كل محافظة مصرية لما يقرب من 6 مشروعات تخدم البيئة، سواء فى تدوير المخلفات أو تصنيع منتجات من المخلفات والخردة أو مشروعات الطاقة الشمسية لتنمية المناطق الصحراوية، وهى فى مجملها مشروعات متوافقة مع أهداف المناخ، حيث اعتمدت المبادرة على فكر جديد فى هيكلة دورها، ولتحقيق قدر كبير من الشفافية أنشئت منصة يقوم من خلالها صاحب المشروع بتقديم طبيعة مشروعه ودوره فى خدمة البيئة والمناخ، ولهذا قدم نحو 6000 شخص مشروعاتهم للمنصة وتم اختيار 162 مشروعا من ضمن المشروعات المقدمة إلى المنصة، وذلك وفق معايير وضعها خبراء من وزارتى البيئة والاتصالات والأمم المتحدة واتحاد الصناعات والبحث العلمى.
دور الجامعات فى المبادرة
وأضاف السفير هشام بدر أنه من أهم معايير الاختيار أن يكون التحديد لمشروعات الشباب ولتمكين المرأة كان لها نصيب مهم فى اختيار المشروعات أيضا تم الاختيار بحيث يكون لكل محافظة 6 مشروعات كبيرة ومتوسطة وصغيرة، لهذا تم عقد مؤتمر وطنى فى مركز المنارة للمؤتمرات ودعا إليه المستثمرون ورجال الصناعة والبنوك وحضره رئيس الوزراء، وتم اختيار الفائزين وإعلان الجوائز التى تمثلت فى 750 ألف جنيه للفائز الأول و500 ألف جنيه للفائز الثانى و250 ألف جنيه للفائز الثالث.
ويؤكد السفير هشام بدر أن المبادرة حققت مكتسبات عديدة للمشاركين فيها سواء من تقدم للمنصة أو من تم اختيار مشروعه أو من تم فوز مشروعه، وتجدر الإشارة إلى أن تلك المكتسبات هى محصلة إنشاء المنصة، حيث تم توفير قاعدة بيانات بأشكال وأنماط المشروعات الخضراء فى مصر على كل الأنشطة، كذلك خطوات التقييم لمختلف المشروعات أسهم فى خلق كوادر لتقييم المشروعات الذكية، أيضا عمليات التشبيك بين أصحاب المشروعات وخبراء الأمم المتحدة وذلك لكل المشروعات فى مجملها وليس التى تم اختيارها فقط ممثلة لكل محافظة أو الفائزة بل لكل المشروعات المتمثلة فى 6000 مشروع، حيث اختار بنك التعمير الأوروبى 6 مشروعات منها، كذلك عرض بعض من تلك المشروعات المختلفة فى كوب 27 أسهم بشكل كبير فى تقديم أفكار شبابنا للعالم، لهذا كان التطوير الذى نهدف إليه بعد كوب 27 هو إشراك وزارة التعليم العالى والبحث العلمى من خلال دور الجامعات والمراكز البحثية للمشاركة فى المبادرة شرط أن تكون المشروعات قابلة للتطبيق لخدمة البيئة والمناخ، كذلك لتحقيق تبادل المعلومات والخبرات من خلال التدريب العلمى والعملى وقد تحقق ذلك بالتعاون مع جامعة النيل وبعض الشركات الخاصة، ونسعى للتوسع فى التعاون مع العديد من الجامعات من أجل تطوير الخبرات والاستمرارية والحفاظ على المستوى الذى حققته مصر فى كوب 27 وفى ضوء نفس معايير كوب 27، لذلك فإن المبادرة لا تهتم بالبيئة والمناخ فقط بل وجهها الآخر هو تحقيق المكاسب الاقتصادية فى ضوء حماية البيئة، بمعنى خلق فرص نجاح للاستثمار فى بيئة خضراء فالأمل معقود على البيئة والاقتصاد.
مشروع سفير المحافظة
وعن التحديات والفرص لتفعيل دور المبادرة بشكل إيجابى تحدث المهندس خالد محمد مصطفى الوكيل الدائم لوزارة التخطيط والتنمية الصناعية، موضحا أن مصر من الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية على الرغم من أنها الأقل فى الانبعاثات، لذلك كان أحد المداخل الممكنة فى كوب 27 هو مدخل الضحية، لذلك أشارت المبادرة إلى أن مصر وأثناء رئاستها لكوب 27 تقدم الحلول المبتكرة والمطبقة عمليا وليست نظريا أو أفكار لمشروعات بل هى على أرض الواقع، لذلك تم التركيز على اختيار مشروعات تمثل القطاع الخاص ولم يتم اختيار أى مشروعات من القطاع الحكومى، وذلك لتحقيق قدر وفير من الحراك البيئى نحو الاقتصاد الأخضر وتحويل المحنة إلى منحة، ولذلك تم اختيار مشروع من بين المشروعات الستة فى كل محافظة ليصبح مشروع سفير المحافظة على أساس أنه معالج لمشكلة قائمة فى المحافظة ويجد لها حلا، وأن يكون المشروع قابلا للتوسع لنسبة تصل إلى 300 % من قدرات المشروع بحيث نضمن استدامته والقدرة على التطوير بجانب قدرة المشروع على استيعاب شراكات مع جهات أخرى، ولهذا نستعد قبل كوب 28 لمضاعفة أعداد المشاركين فى المبادرة.
ويضيف المهندس خالد أنه نظرا لكون مصر رئيسة لكوب 27 وهو محفل سياسى عالمى فإنها تعاملت مع الواقع بشىء من الشراكة والتضافر بين الحكومة والمواطن، ولذلك وضعت معايير فنية وضعها الخبراء والمتخصصون تعتمد على عدة محاور وهى أن يكون المشروع أخضر وله جدوى وقيمة اقتصادية وأن يسهم فى تحقيق تمكين المرأة كما يكون المشروع ذكيا تكنولوجيا، وقد تم التقييم للمشروعات ومدى فاعليتها بيئيا على مرحلتين بالتعاون مع الوزارات وذلك على المستوى الوطنى وبالتعاون مع منظمات دولية على المستوى الدولى، فضلا عن شركاء من المجتمع مثل اتحاد البنوك واتحاد الصناعات والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة والفاو وتم اختيار 18 مشروعا لتمثل مصر فى كوب 27.
كما أضاف المهندس خالد أنه تم عرض قصص النجاح للعديد من تلك المشروعات فى كوب 27 على حسب تصنيف الأمم المتحدة لأيام المؤتمر فتم عرض المشروعات الخاصة بالمرأة فى يوم المرأة والمشروعات الخاصة بالطاقة فى يوم الطاقة وهكذا حيث كان للمبادرة حضور شبه يومى فى أيام المؤتمر، وكلها مشروعات ابتكارية تستفيد من إمكانات البيئة لخدمة البيئة وحمايتها بل مكافحة تأثيرات التغيرات المناخية وهى الرسالة التى قدمتها مصر للعالم فى كوب 27، فعلى الرغم من أننا ضحايا لتأثيرات التغيرات المناخية، فإننا نقدم الحلول والابتكارات ونسعى لتنفيذها فى محاولات متعددة لتحقيق التكيف والتخفيف من وطأة تلك التأثيرات على المجتمع مع مراعاة تحقيق الجدوى الاقتصادية وصولا إلى التنمية المجتمعية.
مشروعات المبادرة
وقدمت الدكتورة نيرمين صادق المدير التنفيذى للمبادرة عرضا لبعض المشروعات التى تهدف لحماية البيئة ولها جدوى اقتصادية مثل ابتكار لجهاز روبوت (إنسان آلى) تم تنفيذه وتطبيقه بهدف أن يقوم بتنظيف مياه نهر النيل وتم تدعيمه فنيا من قبل إحدى الجهات وتسعى حاليا إحدى الشركات لتمويل المشروع والجهاز من تصميم سيف الدين أحمد الطالب بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، كذلك قدم الدكتور السيد عويس عمران من محافظة الإسماعيلية ابتكار جهاز إنذار مبكر يعمل بتقنية النانو ودوره يتمثل فى الكشف المبكر عن سوسة النخيل الحمراء، حيث إنه بمجرد أن تضع بيضها فى جدار الشجرة هذا الجهاز يرسل إشارات بالموجات فوق الصوتية يمكن من خلالها ملاحقة سوس النخيل والقضاء عليه، خاصة أنه فى غضون أسبوعين يقضى على النخيل، لذلك فإن الجامعة اليابانية تقدم الدعم الفنى لهذا المشروع بهدف نشره على نطاق واسع فضلا عن أنه طبق برنامج حماية بيولوجية لمكافحة سوس النخيل بعد اكتشافه، ومن الفيوم قدمت سمر سعيد مشروع "صاحبات اليد الذهبية" تقدم من خلاله إنتاج مستلزمات منزلية من المخلفات الزراعية وهى تسهم بهذا المشروع فى تمكين أعداد كثيرة من السيدات غير المؤهلات للعمل فى مهن وبذلك تساعدهن فى حصولهن على دخل من عمل متاح لهن، أيضا عرضت مشروع إيمان عبد الله الحجاوى لاستخراج عصارة نبات الرطريط واستخدامها فى تكسير الزيوت المسببة للتلوث فى مياه البحر خاصة فى مناطق إنتاج البترول.