شبكات الاتصالات المفتوحة.. موجة من التغييرات لمواجهة التحديات
اعداد: أشرف شهاب
يومض تنبيه في مركز التحكم التابع لشركة الغاز، مما يشير إلى حدوث تسريب فى أحد خطوط إمداد الغاز فى أحد المناطق الكثيفة السكان، مما يهدد بحدوث كارثة ضخمة قد تتسبب فى حرائق ووفيات، وخسائر مادية. يتحرك موظفو مركز التحكم على الفور، فيرسلون طاقما من الفنيين لإصلاح العطل مع توجيههم إلى مكانه بدقة، ونوع العطل، والإجراءات المطلوبة للإصلاح.
هذا التنبيه عبارة عن عنصر بسيط من عناصر شبكة الغاز المرنة، المدعومة بتقنيات جديدة تعتمد على شبكة واسعة من أجهزة الاستشعار بالأجزاء المتضررة من الشبكة، وعند إصلاح العطل يومض تنبيه آخر يشير إلى إصلاح العطل، والقضاء على المشكلة، وتجنب انقطاع الخدمة.
هذه لمحة صغيرة عن الكيفية التي سيستخدم بها عالمنا عام 2030 التقنيات المتقدمة ليصبح أكثر كفاءة وأتوماتيكية واستدامة. إنه عالم يجمع بين مجموعة من التقنيات مثل مفاهيم مثل التوأمة الرقمية، والواقع الممتد، والاندماج بين العالمين الرقمى والمادى للسماح لنا بالإبداع والتعاون والتواصل بطرق لم نكن نتخيلها من قبل.
شبكات الاتصالات
تعتبر شبكات الاتصالات هى الأساس لكل تقدم تقنى طبقا رؤية الخبراء التكنولوجية لعام 2030، فبدون شبكات الاتصالات لا يمكن الاستفادة من أي من فوائد التقنيات الأخرى، شريطة أن تتمتع شبكات الاتصالات بالقوة وأن تكون آمنة وعالية الأداء لتكون قادرة على ربط الأشخاص والأشياء، ونقل كميات هائلة من البيانات بشكل فوري.
موجة من الابتكارات
مع التوقعات بدخول مصر عالم شبكات الاتصالات من الجيل الخامس قريبا، فإن الشركات المشغلة سواء لشبكات الجيل الخامس، أو حتى شبكات الجيل السادس المستقبلية، سيتوجب عليها أن تدخل فى موجة من الابتكارات اللازمة لخلق قيمة مضافة، وبالتالى إجراء تغييرات جوهرية على الطريقة التي يتم بها تصميم الشبكات، وبنائها، وتشغيلها، وصيانتها، وتحقيق العوائد الاستثمارية المتوقعة منها.
أنظمة متكاملة
يعتقد جون سوينين، رئيس مبادرات المصادر المفتوحة في شركة نوكيا، والعضو في منظمة نوكيا الاستراتيجية والتكنولوجيا المسئولة عن رسم رؤية الشركة التكنولوجية لعام 2030: "لم يعد بإمكان أحد القيام بذلك بمفرده.. نحن بحاجة إلى أنظمة بيئية متكاملة، ونحتاج إلى شركاء، ونحتاج إلى تعاون مختلف الأطراف المعنية.. أى أننا بحاجة للانفتاح على مختلف الشركاء فى الصناعة لدعم التطبيقات ونماذج الأعمال الجديدة، مما يعنى ضرورة أن تعمل الشبكة وفقا للمعايير المفتوحة، لتمكين العالم من الوصول إلى شبكة جديدة تجمع الشبكات المنتشرة في كل مكان. أى أننا بحاجة إلى شبكة الشبكات".
شبكة الشبكات
ستجمع "شبكة الشبكات" ما بين شبكات الاتصالات الثابتة والمحمولة، والأقمار الصناعية معا بسلاسة لتوفير تغطية عالمية عالية السرعة وعالية السعة. وهنا تلعب المعايير المفتوحة دورا رئيسيا يتطلب التعاون عبر صناعة الاتصالات وخارجها، خصوصا وأن الاتجاه الحالي نحو تفكيك العولمة يخلق مخاطر تجزئة المعايير.
كما ستقوم شبكة الشبكات بربط الجميع وربط كل شيء بكل شىء، مما يضمن عدم حرمان أي شخص من الفوائد المتوقعة من الدمج بين العالم المادي والعالم الرقمى. وسيكون من المهم جدا لتحقيق هذه الرؤية تدخل مقدمى الخدمات السحابية لمساعدة شركات الاتصالات على توسيع نطاق التغطية لتشمل المواقع والمجتمعات النائية، والمحرومة، الأمر الذي يمكن أن يوفر فرصا جديدة لجميع الأطراف المستعدة لتبني التوجه نحو الانفتاح.
حلول متخصصة
ومن بين أكبر التطورات المطلوبة لشبكات العالم المستقبلى أن تكون قادرة على دعم مجموعة كبيرة ومتنوعة من حالات الاستخدام الاستهلاكي والصناعي. وستكون التطبيقات التي يستخدمها موفر المرافق مثل خدمات الغاز، والكهرباء، والمياه، غيرها مختلفة تماما عن تلك التطبيقات المطلوبة من قبل مصانع السيارات على سبيل المثال.
ستتطلب تلبية هذه الاحتياجات من مقدمي الخدمات السحابية العمل مع مطوري الويب، ومزودي البرامج المستقلين، وموفري الأجهزة، وغيرهم لتطوير حلول متخصصة لكل حالة استخدام، مما يعني تحولا كبيرا في نماذج التشغيل، من نموذج المزود الوحيد إلى نموذج اللاعب في نظام بيئي متكامل، لأنه سيكون من الصعب على أى لاعب فى صناعة الاتصالات أن يواجه التحديات فى جميع المجالات بمفرده، ووضع حلول مبتكرة لها، لذلك سيصبح من الضروري أن يكون لدينا نماذج تسمح بالتعاون الفوري، والانفتاح على حالات الاستخدام الجديدة التي قد تظهر من خلال لاعبين قد لا يكونون موجودين اليوم".
الشبكة كخدمة
ويتطلب بناء خدمات المستقبل المبتكرة والمرتكزة على الشبكة المزيد من الانفتاح على مستوى الأعمال والشراكات، كما يجب أن تكون الشبكة ذاتها أكثر انفتاحا، حتى يصبح من الممكن دمج وظائفها وبياناتها بسهولة في حلول جديدة، حتى تتمكن هذه الحلول من الوفاء بوعودها المتعلقة بموثوقية الشبكة وأدائها.
مما قد ينقل الشبكات إلى مستقبل جديد يتعامل مع الشبكة كخدمة، حيث ستكون المكونات المرنة وواجهات برمجة التطبيقات المفتوحة هي مفتاح النجاح.
التطبيقات المفتوحة
وتعد واجهات برمجة التطبيقات المفتوحة إحدى الطرق التي يمكن لمقدمي الخدمات السحابية التطلع إليها لتقديم قيمة مضافة في النظام البيئي للاتصالات، حيث سيتعين على مقدمي الخدمات فتح شبكاتهم لتكون بمثابة منصة للآخرين للبناء عليها. وهذا هو ما فعله مطورو الويب بشكل جيد مع خدمات السحابة.
ويتمثل التحدي الرئيسي لشركات الاتصالات في تحقيق الدخل الفعال من واجهات برمجة التطبيقات المفتوحة، الأمر الذي يستلزم ابتكار نموذج إيرادات جديد يناسب مقدمي الخدمة ومستخدمي الشبكة فى نفس الوقت. فلن يكون مقبولا بالنسبة لأى عميل مستخدم لخدمات الاتصالات دفع مبالغ إضافية شهريا مقابل كل جهاز متصل بالشبكة.
التحول الثقافي
إن الحاجة إلى شبكات عالية الأداء منتشرة في كل مكان وحلول معقدة تتمحور حول الشبكات ستتطلب تعاونا واسع النطاق، مما يعني أن كل لاعب في الصناعة يجب أن يتخلص من الرغبة في بناء جدران عازلة حول مجموعته التكنولوجية، وأحد أهم جوانب هذا التحول هو نشر ثقافة تنظيمية يكون الانفتاح أساسها، ولن يكون ذلك ممكنا إلا من خلال تغيير الموظفين أو تدريبهم وتوجيههم. وقد يكون هذا طريقا صعبا، ولكن البديل أصعب.
عالم مترابط
عندما نتحدث عن عام 2030 وما بعده وعن شبكات الجيلين الخامس والسادس التي ستغير قواعد اللعبة، فسيكون من الصعب تخيل كل الطرق التي ستقوم بها شبكات الاتصالات بتغيير حياتنا، ولذلك فمن الصرورى تكاتف جميع الأطراف الفاعلة فى الصناعة، وتعاونهم من أجل وضع أسس واضحة للتعاون بحيث يكون واضحا للجميع أنه بدون تحقيق هذا التعاون فإن الجميع معرضون لمواجهة تحديات صعبة.