كتبت: أمانى زهران
"الفوضى" كمفردة مستقلة بذاتها، عادة ما تثير فى النفوس حالة من عدم الارتياح وإحساسا بعدم امتلاك معرفة كافية بالظواهر المتسمة بالفوضوية، وهذا ما يجعلها مقرونة بالقبح، وبالتالى يكون الجمال قرين المعرفة، ما يعنى أن الفوضى فى حقيقتها ليست سوى مظهر لنقص جوهرى فى معرفتنا البشرية، فكلما توسعت آفاق هذه المعرفة سيقود الأمر بالضرورة لتقليص هالة الفوضى وقص أجنحتها.
يقول هنرى آدمز: "كانت الفوضى قانون الطبيعة، فيما كان النظام حلم الإنسان".
ما بالنا هنا بـ"الفوضى الجذابة" وهى اسم المعرض الذى اختارته الفنانة "سارة السمان" لمعرضها المقام بجاليرى "أوبونتو" بالزمالك، ويتضح فيه قدرة الفن على تحويل الفوضى القبيحة إلى فوضى جذابة تبوح بالجمال الكامن بداخلها.
وسارة السمان هى فنانة تعمل بوسائط مختلطة وكولاج تجمع بين الصور المعاد تدويرها والنسيج والرسوم واللوحات، تستكشف أعمالها تعقيد الذات والبيئة المحيطة بها. وغالبا ما تعمل فى تسلسلات فنية تسمح لموضوعاتها بالظهور من خلال سبر أغوار النفس البشرية، تتبدل الوجوه وتتحرك على سطح اللوحة وكأنها كادرات متحركة.
وتصور الســـمان وجوهها النســـوية عادة بألـــوان ضبـــابية باهتة يغلب عليها الرمادى، وقســـمات الوجوه تحمل تفاصيل الألم والشجن أحيانا والمعاناة والانقسام أحيانا أخرى، والبشر مقيـــدون أو متشابكو الأيـــدى والأرجـــل، وتمتد جذورهم تحت الأرض أكثر من وجودهم فوقها، وكأنهم إلى زوال.
تهتم سارة بتنوع الملامس مابين الخشونة والنعومة فى خلفيات لوحاتها، كما اعتمدت على المبالغة المنظورية فى عناصر المقدمة مثل كفوف اليد مما أعطت بعدا دراميا لأعمالها، فاستطاعت الفنانة التعبير بأكثر من أسلوب حسب الموضوع الذى تريد التعبير عنه بصدق وإبداع حقيقى.
ولدت سارة السمان فى عام 1983، وحصلت على درجة البكالوريوس فى الفنون البصرية من الجامعة الأمريكية فى القاهرة. ثم عملت فى مجال التصميم الداخلى قبل أن تعود لدراسة الرسم تحت إشراف الفنان المصرى الشهير مجد السجينى حتى وفاته فى عام 2015.
وشاركت سارة فى معارض جماعية مختلفة فى مصر، بما فى ذلك معرضان جماعيان ومعرض فردى "متوازيان" فى قاعة أوبونتو استخدمت فيه ألوان الأكريليك وأقلام الرصاص لتخلق نموذجا جديدا مختلفا فى التقنية والأداء لدراسة الحالات الفردية للأشخاص وعلاقاتهم الشخصية والاجتماعية.
يستمر المعرض حتى 13 مايو بجاليرى أوبونتو بالزمالك.