كتب: د. محمد حجازي
استشاري تشريعات التحول الرقمي والابتكار والملكية الفكرية
تأتي هذه المقالات الدورية لإلقاء الضوء على بعض الجوانب القانونية المهمة التي يجب على مستخدمي الإنترنت معرفتها ومراعاتها عن استخدام شبكات الإنترنت والاتصالات للحفاظ على سلامتهم وأمنهم الشخصي، وكذا الامتثال للقواعد القانونية المختلفة وفقا للقوانين المعمول بها.
وسوف نستعرض في هذا المقال إجمالا بعض الموضوعات التي سوف نتناولها ومنها:-
تجنب التحريض على العنف والكراهية وتجنب إنشاء أو نشر أو ترويج محتوى يشجع على العنف أو التمييز سواء أكان عنصريا أو دينيا أو أي محتوي يخالف القواعد القانونية المعمول بها.
كما سنعرض أيضا في مقالاتنا القادمة نصائح متعلقة بالحفاظ على الخصوصية وعدم الاعتداء على البيانات الخاصة بالآخرين ومعلوماتهم الشخصية، وأهمية فهم سياسات الخصوصية للمواقع والمنصات المختلفة لتجنب استخدام الخدمات التي قد تساهم في انتهاك خصوصية المستخدم أو مخالفة الشخص للشروط والأحكام التي قد تجعل المنصة تقوم بإيقاف حسابك أو حظرك من النشر لمدد معينة.
كما سنتناول أيضا موضوعات الابتزاز والاحتيال الإلكتروني وحماية الأطفال عبر الإنترنت، وكيفية حماية المستخدمين والاجراءات التي يجب اتخاذها في حال التعرض لأي جريمة أو فعل إلكتروني ضار.
وسوف نبدأ أولى هذه المقالات بالحديث عن حقوق الملكية الفكرية في ضوء الاحتفال باليوم العالمي لها، والذي يوافق 26 إبريل من كل عام، والذي يوافق تاريخ دخول اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية حيز التنفيذ عام 1970، والذي بدأ الاحتفال به في عام 2000 لزيادة نسبة الوعي بتأثير تلك الحقوق وعلي الأخص براءات الاختراع والعلامات التجارية والتصميمات الصناعية وحقوق التأليف الأدبية والفنية على حياتنا اليومية وحجم المساهمة التي يقدمها المبدعون والمبتكرون والمخترعون في تطوير وتنمية الاقتصادات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.
ويأتي الاحتفال هذا العام تحت شعار "الملكية الفكرية وأهداف التنمية المستدامة: بناء مستقبلنا المشترك بالابتكار والإبداع"، ولعل المتأمل للعنوان يجد أن المفهومين يرتبطان ببعضهما البعض، حيث تشير حقوق الملكية الفكرية إلى الحقوق القانونية الممنوحة للأشخاص أو الجهات على الابتكارات التي يقومون بها. تشمل الملكية الفكرية حقوق المؤلف، وبراءات الاختراع، والعلامات التجارية، والتصميمات الصناعية، وتهدف لتشجيع الإبداع والابتكار ومكافأة المبدعين من خلال منحهم حقوق حصرية على أعمالهم، مما يحفزهم على استمرار الابتكار والتطوير. بينما مصطلح التنمية المستدامة يعني تلبية احتياجات المجتمعوتهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية، وضمان استدامة الموارد والحفاظ على التنوع البيولوجي والحد من التلوث وتغير المناخ.
وترتبط الملكية الفكرية والتنمية المستدامة بطرق عديدة، فعندما تُحمى حقوق الملكية الفكرية، يتم تشجيع الابتكار والإبداع في مختلف المجالات، بما في ذلك التكنولوجيا النظيفة والمستدامة. وتساهم التكنولوجيا المبتكرة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال توفير حلول فعالة للقضايا البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
على سبيل المثال، الابتكار في مجال الطاقة المتجددة يساهم في الحد من انبعاثات الكربون وتغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة. ومن خلال حماية حقوق الملكية الفكرية للتكنولوجيا النظيفة، يتم تشجيع الشركات والمؤسسات على الاستثمار في البحث والتطوير وتطوير حلول مستدامة للتحديات البيئية.
بالتالي، يمكن القول إن حماية الملكية الفكرية وتعزيز التنمية المستدامة يعدان جوانب مترابطة ومتكملة، حيث يمكن لحماية حقوق الملكية الفكرية أن تعزز الابتكار وتشجع على تطوير تقنيات وحلول مستدامة، وهذا بدوره يساهم في تحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل. ومن المهم أن يتم إيجاد توازن بين حماية الملكية الفكرية وضمان الوصول العادل إلى المعرفة والتكنولوجيا، خاصة بالنسبة للدول النامية التي تحتاج إلى الاستفادة من التكنولوجيا والابتكارات في مجالات التنمية المستدامة.
وبشكل عام، يمكن أن تلعب السياسات والإجراءات الحكومية دورا مهما في دعم التكنولوجيا المستدامة وتعزيز التنمية المستدامة، بما في ذلك تعزيز حماية الملكية الفكرية وتشجيع الابتكار ونقل التكنولوجيا. وتعتبر التعاون الدولي والشراكات بين الدول والمؤسسات المختلفة أيضا أدوات فعالة في تعزيز الابتكار والتنمية المستدامة عن طريق تبادل المعرفة والتكنولوجيا وتعزيز القدرات.
باختصار، يتعلق الأمر بإيجاد توازن بين حماية الملكية الفكرية وتعزيز التنمية المستدامة، وتعزيز الابتكار ونقل التكنولوجيا لتحقيق تطور مستدام وتحسين جودة الحياة بشكل شامل.