بقلم: إيمـــان عراقـــــــى - رئيس التحرير
يعد مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية، الذى افتتحه الرئيس السيسى، الأسبوع الماضى، قفزة جديدة ومهمة فى طريق الدولة نحو مستقبل أفضل للجيل الحالى والأجيال القادمة.
فهو يمثل نقلة نوعية كبيرة لمصر فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بصفة عامة، وسيجعل من الدولة مركزا لصناعة “البيانات” فى الشرق الأوسط، وهى واحدة من الصناعات التى لها مستقبل واعد وكبير وسيعول عليها فى توفير عوائد مالية واقتصادية كبيرة للدولة، خاصة أنه المركز الأول فى مصر وشمال إفريقيا المتخصص فى تقديم التطبيقات المرتبطة بالذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات الضخمة لصناعة القرار على جميع المستويات، وكذلك تحليل البيانات الحكومية وتوطين استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى القطاع الحكومى بما يضمن الإدارة الذاتية والكفاءة التشغيلية والخصوصية للمشروعات الحيوية مثل الموانئ الذكية وتبسيط عمليات الاستيراد والتصدير وغيرها من الخدمات التى ستسهم بشكل كبير جدا فى تحسين بيئة العمل ومناخ الاستثمار، أيضا سيسهم المركز بشكل مباشر فى رفع كفاءة وجودة الخدمات الحكومية الإلكترونية لتصبح أكثر سهولة وكفاءة وشفافية، خاصة التعاملات المالية مثل دفع الضرائب, والأوراق الشخصية مثل جواز السفر من المنزل، هذه الخدمات بجانب أنها تحسن مستوى معيشة المواطن فهى أيضا تقضى تباعا على الروتين والبيروقراطية التى عانينا منها لسنوات وتقلص دور العنصر البشرى فى تقديم الخدمة، وهذا مكسب كبير لصانع الخدمة ومتلقيها.
وتلعب الحوسبة السحابية، التى نجحت الدولة فى توطينها مؤخرا، دورا كبيرا فى هذا التحول، فهى تكنولوجيا تمنح الحكومات طريقة مرنة وآمنة لتخزين وإدارة الكثير من المعلومات، وتتيح للمواطنين الوصول إلى الخدمات فى أى وقت ومكان، ما يسهم بدوره فى الربط بين الجهات الحكومية المختلفة بشكل أفضل وتسهيل حياة المواطنين .
وحتى تكتمل المنظومة أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مشروع “مدينة مصر الرقمية” وهى مدينة تعليمية افتراضية تتيح للشباب فرصا للتدريب على مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المختلفة من خلال شراكات مع كبرى الجامعات والمعاهد الدولية لإتاحة التعليم عن بعد للدارسين بالمدينة، وذلك للحصول على شهادات دولية تمكنهم من الالتحاق للعمل بالشركات المحلية والعالمية، وهذا من شأنه الحد من البطالة وخلق فرص عمل جديدة وغير تقليدية للشباب تتماشى مع ولعهم بالتكنولوجيا.
أيضا المدينة توفر تدريبا رقميا معتمدا للخريجين يمكنهم من العمل فى وظائف تكنولوجية متخصصة وأيضا الطلاب فى مختلف مراحل التعليم والذين يتم تدريبهم على كل التخصصات فى عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى, والمهارات المهنية التى تمكنهم من العمل الحر وريادة الأعمال، ونحن فى أمسِّ الحاجة إلى زيادة وعى المواطنين وتغيير ثقافتهم وتوجهاتهم نحو سوق العمل الحر، لأنه الأقوى والأكثر ربحا، فلم يعد العمل الحكومى أو الوظيفة التقليدية مصدرا لدخل يسمح بمستوى معيشة مناسب لا للفرد ولا للأسرة.
لذا فإن مشروع “مدينة مصر الرقمية” بوابة العبور لحقبة جديدة من التطور التكنولوجى ستغير السياسة التعليمية للأجيال القادمة وستعيد تشكيل بيئة سوق العمل المصرى قريبا.