رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

مقالات

ثورة 30 يونيو.. بداية لتاريخ مصر الحديث

3-7-2024 | 17:17

بقلم : إيمان عراقي - رئيس التحرير 

نحتفل‭ ‬اليوم‭ ‬بمرور‭ ‬‮١١‬‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬ثورة‭ ‬‮٣٠‬‭ ‬يونيو‭ ‬المجيدة،‭ ‬تلك‭ ‬الثورة‭ ‬التى‭ ‬غيرت‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭ ‬الحديث،‭ ‬وأعادت‭ ‬الدولة‭ ‬المسروقة‭ ‬إلى‭ ‬أبنائها،‭ ‬جموع‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬بكل‭ ‬طوائفه‭ ‬ودياناته‭ ‬وأعماره‭ ‬وثقافاته،‭ ‬فى‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬التى‭ ‬امتدت‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬شوارع‭ ‬وميادين‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب،‭ ‬ومن‭ ‬الشرق‭ ‬إلى‭ ‬الغرب،‭ ‬واسمحوا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أصفها‭ ‬بـ”المعركة”؛‭ ‬لأنها‭ ‬فعلا‭ ‬كانت‭ ‬معركة‭ ‬التحمت‭ ‬فيها‭ ‬أجساد‭ ‬المصريين‭ ‬وذابت‭ ‬أرواحهم‭ ‬وكأنها‭ ‬روح‭ ‬واحدة‭ ‬فى‭ ‬جسد‭ ‬واحد‭ ‬صوت‭ ‬واحد‭ ‬هتاف‭ ‬واحد‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭: ‬استرداد‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬خاطفيها‭ ‬ودون‭ ‬ذلك‭ ‬الموت‭.‬

تحول‭ ‬المشهد‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭ ‬وكأنه‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي‭ ‬يصور‭ ‬حالة‭ ‬أم‭ ‬ذهب‭ ‬عقلها‭ ‬حينما‭ ‬شعرت‭ ‬بالخوف‭ ‬الحقيقي‭ ‬على‭ ‬أعز‭ ‬وأغلى‭ ‬أبنائها‭ ‬من‭ ‬الضياع،‭ ‬من‭ ‬الاختطاف‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬عصابة‭ ‬مسلحة‭ ‬“إرهابية”،‭ ‬للزج‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مظلم‭ ‬يوصل‭ ‬إلى‭ ‬نفق‭ ‬أكثر‭ ‬ظلمة،‭ ‬شعاره‭ ‬الإرهاب‭ ‬والدمار‭ ‬وتغليب‭ ‬المصلحة‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الوطن،‭ ‬الكل‭ ‬يموت‭ ‬ليس‭ ‬مهما،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية،‭ ‬طريق‭ ‬كله‭ ‬كذب‭ ‬ونفاق‭ ‬والتواء،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬به‭ ‬حقيقة‭ ‬واحدة،‭ ‬حتى‭ ‬الدين‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬منهم،‭ ‬استخدموه‭ ‬وفسروا‭ ‬آياته‭ ‬الكريمة‭ ‬وفقا‭ ‬لمصالحهم‭ ‬الخاصة‭ ‬وأهوائهم‭ ‬الشخصية‭. ‬

ولأنها‭ ‬أم‭ ‬واعية‭ ‬ومدركة‭ ‬لخطورة‭ ‬الموقف‭ ‬ثارت‭ ‬وخرجت‭ ‬عن‭ ‬هدوئها‭ ‬المألوف،‭ ‬أجبرت‭ ‬عجلات‭ ‬الزمن‭ ‬على‭ ‬التوقف‭ ‬لمدة‭ ‬‮٤‬‭ ‬أيام‭ ‬حتى‭ ‬‮٣‬‭ ‬يوليو،‭ ‬يوم‭ ‬هز‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بيان‭ ‬الثورة‭ ‬الذي‭ ‬ألقاه‭ ‬المشير‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬ليجعل‭ ‬لثورة‭ ‬الأم‭ ‬المكلومة‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أمامها‭ ‬سوى‭ ‬خيارين‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تنقذ‭ ‬ابنها‭ ‬أعز‭ ‬ما‭ ‬تملك‭ ‬“الوطن”،‭ ‬أو‭ ‬تموت‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭. ‬وبفضل‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬جيش‭ ‬مصر‭ ‬الأبي‭ ‬القوي‭ ‬الشجاع‭ ‬ومساندته‭ ‬لها‭ ‬عاد‭ ‬الابن‭ ‬إلى‭ ‬حضن‭ ‬أمه،‭ ‬وعادت‭ ‬الروح‭ ‬للجسد،‭ ‬ودارت‭ ‬عجلة‭ ‬الحياة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬لتسجل‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭ ‬الحديث،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬نهاية‭ ‬ثورة‭ ‬وبداية‭ ‬لتاريخ‭ ‬مصر‭ ‬الحديث‭.‬

وكأن‭ ‬مصر‭ ‬ولدت‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الشعب،‭ ‬الشعب‭ ‬المخلص‭ ‬الواعي،‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬صبر‭ ‬وتحمل‭ ‬الكثير‭ ‬حتى‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬بلده،‭ ‬على‭ ‬مولوده‭ ‬الجديد‭.‬

‮١١‬‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬التعب‭ ‬والجهد‭ ‬لبناء‭ ‬الدولة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬هدف‭ ‬الثورة‭ ‬استعادة‭ ‬الابن‭ ‬فقط‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬بحالته‭ ‬المريضة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬سياسيا‭ ‬وأمنيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬واجتماعيا،‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأصعدة‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬أسمي‭ ‬وأكبر،‭ ‬وهو‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬معني،‭ ‬التحدي‭ ‬كان‭ ‬كبيرا،‭ ‬ووصفه‭ ‬البعض‭ ‬بأنه‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل،‭ ‬فكل‭ ‬التجارب‭ ‬المماثلة‭ ‬لدول‭ ‬الجوار‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬فُقد‭ ‬لا‭ ‬يعوض‭ ‬أو‭ ‬بالأحري‭ ‬ما‭ ‬كُسر‭ ‬يصعب‭ ‬إصلاحه‭.‬

أما‭ ‬بلدنا‭ ‬البهية‭ ‬القوية‭ ‬الأبية‭ ‬مصر‭ ‬فهى‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬حالة‭ ‬خاصة،‭ ‬حالة‭ ‬فريدة‭ ‬تدرس‭ ‬فى‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ،‭ ‬نهضت‭ ‬وقامت‭ ‬وعادت‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬السابق‭ ‬بمراحل،‭ ‬وعوضت‭ ‬ما‭ ‬فات،‭ ‬وحققت‭ ‬مكاسب‭ ‬ونجاحات‭ ‬أكثر،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الطريق‭ ‬ممهدا،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الثمن‭ ‬قليلا،‭ ‬بالعكس؛‭ ‬الطريق‭ ‬كان‭ ‬مليئا‭ ‬بالتحديات‭ ‬والصعوبات،‭ ‬ومحاولات‭ ‬عرقلة‭ ‬الخطى‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬ولكن‭ ‬الإرادة‭ ‬القوية‭ ‬للشعب‭ ‬المصري‭ ‬البطل،‭ ‬وبدعم‭ ‬ومساندة‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬التى‭ ‬يتسق‭ ‬دورها‭ ‬فعلا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬مع‭ ‬شعارها‭ ‬“يد‭ ‬تبني‭ ‬ويد‭ ‬تحمل‭ ‬السلاح”؛‭ ‬فلا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬الدور‭ ‬الأمني‭ ‬والمادى‭ ‬والعملي‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الماضية‭ ‬فى‭ ‬مسيرة‭ ‬بناء‭ ‬مصر‭ ‬الحديثة،‭ ‬وفوق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬حبى‭ ‬الله‭ ‬مصر‭ ‬بالقيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬الواعية‭ ‬للرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي،‭ ‬الذي‭ ‬سطر‭ ‬بدمه‭ ‬وروحه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠١٣‬‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬ملحمة‭ ‬حب‭ ‬وإخلاص‭ ‬وعمل‭ ‬لا‭ ‬ينقطع‭ ‬وتفان‭ ‬لأقصى‭ ‬درجة‭ ‬فى‭ ‬خدمة‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد،‭ ‬وبدأ‭ ‬بناء‭ ‬مصر‭ ‬الحديثة،‭ ‬ومازال‭ ‬لديه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحلام‭ ‬والطموحات‭ ‬لبلدنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬مصر،‭ ‬وبإذن‭ ‬الله‭ ‬القادم‭ ‬أفضل‭. ‬حفظ‭ ‬الله‭ ‬الوطن‭ ‬شعبا‭ ‬وقيادة‭.‬

اخر اصدار