بقلم : إيمان عراقي - رئيس التحرير
نحتفل اليوم بمرور ١١ عاما على ثورة ٣٠ يونيو المجيدة، تلك الثورة التى غيرت تاريخ مصر الحديث، وأعادت الدولة المسروقة إلى أبنائها، جموع الشعب المصري بكل طوائفه ودياناته وأعماره وثقافاته، فى ساحة المعركة التى امتدت فى كل شوارع وميادين مصر من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، واسمحوا لي أن أصفها بـ”المعركة”؛ لأنها فعلا كانت معركة التحمت فيها أجساد المصريين وذابت أرواحهم وكأنها روح واحدة فى جسد واحد صوت واحد هتاف واحد هدف واحد: استرداد البلد من خاطفيها ودون ذلك الموت.
تحول المشهد فى الشارع وكأنه فيلم سينمائي يصور حالة أم ذهب عقلها حينما شعرت بالخوف الحقيقي على أعز وأغلى أبنائها من الضياع، من الاختطاف على يد عصابة مسلحة “إرهابية”، للزج به إلى طريق مظلم يوصل إلى نفق أكثر ظلمة، شعاره الإرهاب والدمار وتغليب المصلحة الخاصة على حساب الوطن، الكل يموت ليس مهما، المهم أن تعيش جماعة الإخوان الإرهابية، طريق كله كذب ونفاق والتواء، لا توجد به حقيقة واحدة، حتى الدين لم يسلم منهم، استخدموه وفسروا آياته الكريمة وفقا لمصالحهم الخاصة وأهوائهم الشخصية.
ولأنها أم واعية ومدركة لخطورة الموقف ثارت وخرجت عن هدوئها المألوف، أجبرت عجلات الزمن على التوقف لمدة ٤ أيام حتى ٣ يوليو، يوم هز العالم كله بيان الثورة الذي ألقاه المشير عبدالفتاح السيسي فى ذلك الوقت، ليجعل لثورة الأم المكلومة التى لم يكن أمامها سوى خيارين لا ثالث لهما، إما أن تنقذ ابنها أعز ما تملك “الوطن”، أو تموت دون ذلك. وبفضل الله ثم جيش مصر الأبي القوي الشجاع ومساندته لها عاد الابن إلى حضن أمه، وعادت الروح للجسد، ودارت عجلة الحياة مرة أخرى، لتسجل تاريخ مصر الحديث، وكانت هذه نهاية ثورة وبداية لتاريخ مصر الحديث.
وكأن مصر ولدت من جديد من رحم الشعب، الشعب المخلص الواعي، الشعب الذي صبر وتحمل الكثير حتى يحافظ على بلده، على مولوده الجديد.
١١ عاما من التعب والجهد لبناء الدولة مرة أخرى، فلم يكن هدف الثورة استعادة الابن فقط والحفاظ عليه بحالته المريضة فى كل شيء، سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا، على كل الأصعدة داخليا وخارجيا، بل كان الهدف أسمي وأكبر، وهو بناء الدولة الحديثة بكل ما تحمله الكلمة من معني، التحدي كان كبيرا، ووصفه البعض بأنه شبه مستحيل، فكل التجارب المماثلة لدول الجوار أثبتت أن ما فُقد لا يعوض أو بالأحري ما كُسر يصعب إصلاحه.
أما بلدنا البهية القوية الأبية مصر فهى كانت ومازالت حالة خاصة، حالة فريدة تدرس فى كتب التاريخ، نهضت وقامت وعادت أقوى من السابق بمراحل، وعوضت ما فات، وحققت مكاسب ونجاحات أكثر، لم يكن الطريق ممهدا، ولم يكن الثمن قليلا، بالعكس؛ الطريق كان مليئا بالتحديات والصعوبات، ومحاولات عرقلة الخطى من الداخل والخارج، ولكن الإرادة القوية للشعب المصري البطل، وبدعم ومساندة كل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة التى يتسق دورها فعلا على الأرض مع شعارها “يد تبني ويد تحمل السلاح”؛ فلا يخفى على الجميع الدور الأمني والمادى والعملي الذي قامت به خلال الأعوام الماضية فى مسيرة بناء مصر الحديثة، وفوق كل ما سبق حبى الله مصر بالقيادة الحكيمة الواعية للرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي سطر بدمه وروحه منذ عام ٢٠١٣ وحتى الآن ملحمة حب وإخلاص وعمل لا ينقطع وتفان لأقصى درجة فى خدمة البلاد والعباد، وبدأ بناء مصر الحديثة، ومازال لديه الكثير من الأحلام والطموحات لبلدنا الحبيبة مصر، وبإذن الله القادم أفضل. حفظ الله الوطن شعبا وقيادة.