رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

مقالات

التريند المخادع والإعلام الساذج!!

23-7-2024 | 13:51

بقلم : محمد‭ ‬مختار

فى‭ ‬عصرنا‭ ‬الحالى‭.. ‬باتت‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬ساحة‭ ‬معركة‭ ‬مفتوحة‭ ‬بين‭ ‬الأفكار‭ ‬والمعلومات،‭ ‬حيث‭ ‬يتنافس‭ ‬البلوجرز‭ ‬مع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الساذجة‭ ‬على‭ ‬جذب‭ ‬انتباه‭ ‬الجمهور‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬الرأى‭ ‬العام،‭ ‬ومن‭ ‬سيخرج‭ ‬منتصرا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعركة،‭ ‬ومن‭ ‬اللافت‭ ‬للنظر‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬يعى‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يسعى‭ ‬للتريند‭ ‬ويتحدث‭ ‬ليل‭ ‬نهار‭ ‬عنه،‭ ‬والغريب‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬بسذاجته‭ ‬ودون‭ ‬وعيه‭ ‬وسيلتهم‭ ‬الرئيسية‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭.‬

فتجد‭ ‬البلوجر‭ ‬الذكى‭ ‬ينتقى‭ ‬محتوى‭ ‬مبتكرا‭ ‬وجديدا‭ ‬لم‭ ‬يعرض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدية،‭ ‬ما‭ ‬يجذب‭ ‬انتباه‭ ‬الجمهور‭ ‬ويثير‭ ‬فضولهم،‭ ‬ويتسابق‭ ‬مقدمو‭ ‬البرامج‭ ‬لمقابلتهم‭ ‬أو‭ ‬الحديث‭ ‬عنهم،‭ ‬وذلك‭ ‬يعود‭ ‬لتواصل‭ ‬البلوجر‭ ‬مع‭ ‬متابعيه‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعليقات‭ ‬والرسائل‭ ‬الخاصة،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬شعور‭ ‬المتابعين‭ ‬بقربهم‭ ‬من‭ ‬البلوجر‭ ‬وليس‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعلام‭ ‬يبرزه،‭ ‬لتمتعه‭ ‬بمصداقية‭ ‬عالية‭ ‬لدى‭ ‬جمهوره،‭ ‬ومحافظته‭ ‬على‭ ‬شفافية‭ ‬تامة‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المتابعين‭ ‬وتركيزه‭ ‬على‭ ‬مجال‭ ‬محدد‭ ‬يتقنه،‭ ‬ما‭ ‬يضفى‭ ‬إلى‭ ‬محتواه‭ ‬قيمة‭ ‬وحيوية‭ ‬ويجعله‭ ‬مصدرا‭ ‬موثوقا‭ ‬للمعلومات‭ ‬ويجذب‭ ‬انتباه‭ ‬المشاهدين‭ ‬وبذلك‭ ‬يكون‭ ‬“تريند”‭ ‬بحق‭.‬

يتجلى‭ ‬الاتجاه‭ ‬الآخر‭ ‬فى‭ ‬الإعلام‭ ‬الساذج‭ ‬الذى‭ ‬يقدم‭ ‬محتوى‭ ‬مكررا‭ ‬ومستهلكا‭ ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬أى‭ ‬جديد‭ ‬للمشاهدين،‭ ‬ما‭ ‬يفقد‭ ‬الجمهور‭ ‬اهتمامه‭ ‬ويدفعه‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬أخرى‭ ‬للمعلومات،‭ ‬ما‭ ‬يفقد‭ ‬الجمهور‭ ‬شعورا‭ ‬بالانتماء‭ ‬ببعد‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬عنهم‭ ‬وعن‭ ‬قضاياهم‭ ‬الحقيقية‭ ‬ويتهم‭ ‬أحيانا‭ ‬بنشر‭ ‬معلومات‭ ‬مغلوطة‭ ‬ومضخمة‭ ‬وبتحيزه‭ ‬لوجهات‭ ‬نظر‭ ‬معينة،‭ ‬ما‭ ‬يؤدى‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬محتواه‭ ‬وقلة‭ ‬قيمته‭. ‬وملل‭ ‬المشاهدين‭ ‬منه‭ ‬وفقدانهم‭ ‬للثقة‭ ‬به‭.. ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬يظهر‭ ‬البلوجر‭ ‬المخادع‭ ‬الذى‭ ‬يسعى‭ ‬للتريند‭ ‬بأى‭ ‬وسيلة‭.‬

قد‭ ‬تمثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬فى‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬فى‭ ‬إحدى‭ ‬الطالبات‭ ‬التى‭ ‬خدعت‭ ‬مستخدمى‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬والإعلام‭ ‬الساذج‭ ‬وجعلتهم‭ ‬أدوات‭ ‬لها‭ ‬لتكون‭ ‬“تريند”‭ ‬وحديث‭ ‬التواصل،‭ ‬فقد‭ ‬نشرت‭ ‬فيديو‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬وهى‭ ‬ترقص‭ ‬فى‭ ‬حفل‭ ‬تخرجها،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬موجة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬والنقاش،‭ ‬حيث‭ ‬لاقى‭ ‬الفيديو‭ ‬إعجاب‭ ‬الكثيرين‭ ‬الذين‭ ‬أشادوا‭ ‬بموهبتها‭ ‬لثقتها‭ ‬بنفسها،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬انتقد‭ ‬البعض‭ ‬تصرفاتها‭ ‬واعتبروها‭ ‬غير‭ ‬لائقة،‭ ‬فأصبحت‭ ‬بذلك‭ ‬هدف‭ ‬مقدمى‭ ‬البرامج‭ ‬لتدافع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬وتبرر‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬الذى‭ ‬أراه‭ ‬طبيعيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تعليقها‭ ‬عليه‭. ‬فالمشهد‭ ‬طبيعى‭.. ‬ولكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أصبحت‭ ‬واضحة‭ ‬عندما‭ ‬جاءت‭ ‬تلك‭ ‬الطالبة‭ ‬لتدافع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬وتلوم‭ ‬من‭ ‬انتقدها‭ ‬عبر‭ ‬السوشيال‭ ‬بأسلوب‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬مشهد‭ ‬الرقص‭ ‬أرقى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬تعليقها،‭ ‬وكأنه‭ ‬يكشف‭ ‬المستور‭ ‬كونها‭ ‬“بلوجر”‭ ‬سوقت‭ ‬لنفسها‭ ‬بطريقة‭ ‬خادعة‭ ‬فوقع‭ ‬فيها‭ ‬الإعلام‭ ‬الساذج‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬إلا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سطحى‭ ‬وغير‭ ‬مفيد‭ ‬ويتسول‭ ‬مثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬لأن‭ ‬مصدره‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا،‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬أذكر‭ ‬اسمها‭ ‬أو‭ ‬جامعتها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬أكون‭ ‬أداة‭ ‬لشهرتها‭ ‬كما‭ ‬أرادت،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬أحد‭ ‬أصبحت‭ ‬حديث‭ ‬التواصل‭ ‬بهذا‭ ‬المشهد‭ ‬البسيط‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬تلام‭ ‬عليه‭ ‬طالبة‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬فرحتها‭ ‬يوم‭ ‬تخرجها‭ ‬ولكن‭ ‬للسوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬والتريند‭ ‬المخادع‭ ‬رأى‭ ‬آخر‭!!‬

اخر اصدار