أظهرت نتائج تقرير أصدرته مؤسسة الأبحاث والاستشارات Fortune Business Insights أن حجم سوق سحابة الاتصالات العالمية وصل إلى 18.81 مليار دولار أمريكي في عام 2023. ومن المتوقع أن تبلغ قيمته بنهاية العام الجاري نحو 23.46 مليار دولار أمريكي. ومن المتوقع أن تصل إلى 139.31 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب 24.9 ٪. ويتم استخدام مصطلح سحابة الاتصالات Telecom Cloud لوصف الخدمات السحابية والبنية التحتية التى تقدمها شركات الاتصالات. ويتضمن عادة مجموعة من الخدمات مثل وظائف الشبكة المرئية Visualized Network Functions-VNF، والشبكات المُعَرفة بالبرمجيات Software Defined Networking-SDN، ومحاكاة وظائف الشبكة Network Function Visualization-NFV، وكلها خدمات يتم تقديمها عبر نظام اتصالات قائم على السحابة. والهدف منه تمكين شركات الاتصالات من إدارة شبكاتها وخفض التكاليف وتقديم خدمات جديدة لعملائها بشكل أكثر فعالية.
كتب: أشرف شهاب
تشكل خدمات الاتصالات المستندة إلى السحابة شبكة حوسبة موزعة تتألف من الشبكات المُعرَفة بالبرمجيات، والمحاكاة الافتراضية لوظائف الشبكة، والتكنولوجيا السحابية الأصلية. ويتم توزيع الشبكة نفسها وموارد الحوسبة على عدة مواقع ويب وسحابات مختلفة، مما يؤدى إلى الحاجة إلى عمليات أتمتة وتنسيق فعالة لإدارة هذه الشبكة.
ويتطلب تحويل البنية التحتية التقليدية لشبكات الاتصالات إلى سحابة اتصالات أن تتبنى شركات الاتصالات تقنيات المحاكاة الافتراضية وترحيل خدماتها وبنيتها التحتية إلى السحابة لتمكين السحابة من القايم بواجبها على أكمل وجه، حتى تتمكن شركات الاتصالات من تقديم خدمات قابلة للتطوير وسريعة ومرنة لعملائها مع تقليل تكاليف رأس المال والتشغيل. وتركز سحابة الاتصالات فى الغالب على إنشاء بنية تحتية افتراضية مشتركة لتمكين إدارة وظائف الشبكة المختلفة المطلوبة لتقديم خدمات الاتصالات.
أهمية السحابة
أحدثت الحلول المستندة إلى السحابة ثورة فى مجال تكنولوجيا المعلومات. وبدأت العديد من الشركات فى تنفيذ منهجية: "السحابة أولا" عند قيامها بنشر التطبيقات الجديدة. ووفقا لتقديرات شركة جارتنر للأبحاث، فإن 85 % من شبكات الاتصالات سوف تعتمد على منهجية: "السحابة أولا" بحلول أوائل العام القادم 2025. ولكن على الرغم من هذه التوقعات المتفائلة، إلا أن الأمور لا تتم بهذه البساطة، لأنه ليس من السهل تحويل البنية التحتية لشركات الاتصالات وتطبيقاتها إلى السحابة، لأن البنية التحتية التى يقوم مقدمو خدمات الاتصالات الحديثة بصيانتها وتشغيلها حاليا تدمج مجموعة واسعة من الخدمات المترابطة مع شبكات الاتصالات الأخرى فى جميع أنحاء العالم. ويتم ربط هذه الشبكات معا بطرق معقدة يمكن مقارنتها بالربط الحادث بين الجهاز العصبى للإنسان والدماغ، حيث تصل النهايات العصبية إلى كل مكان. ويمكن لمشغل شبكة الهاتف المحمول فى بلد واحد فقط أن يمتلك ما يصل إلى 70000 موقع لمحطات المحمول، ومئات مواقع الربط بالشبكة المركزية.
ومن المؤكد أن الكثير من مشغلى الاتصالات يرون لترقية شبكاتهم وتبسيطها أهمية كبيرة. ولكن إذا قارنا شبكة الاتصالات بالجهاز العصبي للإنسان، فإن إعادة تنظيم هذه الشبكات ونقل معظم وظائفها إلى السحابة يشبه إلى حد كبير القيام بجراحة فى الدماغ، مما يعنى أن تنفيذها بنجاح يتطلب دقة قصوى.
ومع ذلك، فإن هذه العقبات تتضاءل يوما بعد يوم مع التقدم السريع فى التكنولوجيا التى تساعد الشركات على اعتماد حلول سحابية للاتصالات، إذ سيؤدى الانتقال إلى السحابة إلى إزالة مجموعة من الحواجز التكنولوجية الحالية التى تمنع مقدمى خدمات الاتصالات من النمو، خصوصا وأن البنية السحابية للاتصالات ستوفر مرونة وقابلية التوسع، وتحسينا للأداء يساعد تلك الشركات على الازدهار فى العصر الرقمي.
فوائد سحابة الاتصالات
من الصعب التقليل من فوائد الحوسبة السحابية فى مجال الاتصالات. يمكن أن تؤدى استراتيجية السحابة السحابية التى يتم تنفيذها بشكل صحيح إلى تقليل التكاليف التشغيلية والإدارية، وتحسين رضا العملاء، والسماح بمزيد من مرونة الأعمال. ومن الميزات التى تقدمها التقنيات السحابية لشركات الاتصالات:
- تنويع الخدمات والتطبيقات
تساعد حلول الاتصالات السحابية الشركات على إنشاء مجموعة متنوعة من الخدمات والتطبيقات التى لا يمكن للمنافسين تكرارها بسهولة. وبصرف النظر عن ذلك، فإن منهجيات تطوير التطبيقات مثل Agile و DevOps، تسمح لشركات الاتصالات عندما يتم استخدامها مع بنية سحابية أصلية بتقصير أوقات النشر وتحسين الوقت اللازم لتحقيق الإيرادات من خلال الدمج السريع للتطبيقات والميزات المستندة إلى السحابة التى تستهدف عملاء محددين.
- حلول B2B جديدة
مع الوصول الكامل إلى الخدمات السحابية العامة، وتوفير الخدمات فى أى وقت وفى أى مكان ومن أى جهاز، ستتمكن شركات الاتصالات من تقديم حلول مؤسسية مخصصة للغاية للسوق بسرعة وكفاءة، إذ تعمل سحابة الاتصالات على تسهيل عملية الإنشاء المشترك مع شركاء خدمة المؤسسات.
- تدفقات إيرادات الجيل الخامس
تعتبر تدفقات الإيرادات ضرورة استراتيجية لمعظم مشغلى شبكات الهاتف المحمول. ومع ذلك، فإن تحقيق الدخل بكفاءة من قدرات شبكة الجيل الخامس لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إمكانات الشبكة الأساسية وخدمات الحافة التى توفرها سحابة الاتصالات.
- حماية العملاء
توفر البنية التحتية السحابية لشركات الاتصالات المحمولة مرونة للخدمة، مع القدرة على الاستجابة السريعة للأخطاء والتقلبات فى الطلب على الخدمات. مما يسمح بدوره للمشغلين بالحفاظ على مستويات الخدمة والأسعار التنافسية، وبالتالى الحفاظ على العملاء وكسب ولائهم.
- علاقات رقمية قوية
تحمل عمليات النشر السحابية الهجينة لشركات الاتصالات ميزة مهمة، إذ تتيح لهم الوصول إلى تحليلات البيانات المتقدمة والذكاء الاصطناعى المتوفر فى المجال السحابى العام. يسمح بالاستخدام الذكى لهذه التقنيات لشركات الاتصالات، كإمكانية التنبؤ بتفضيلات العملاء ومتطلباتهم، والحفاظ على مركزية بيانات العملاء فى السحابة، وإنشاء عروض متكاملة لكل عميل، وتقديم تجربة جذابة متعددة القنوات لتلبية جميع احتياجات العملاء.
- مقياس مرن
تمتد سحابة الاتصالات بشكل منطقى عبر مراكز البيانات والمكاتب المركزية والسحابة العامة والمواقع الطرفية، مما يخلق سعة غير محدودة تقريبا من بيئة هجينة. يتم تمكين الشركات من نقل أعباء العمل بسرعة للتعامل مع ارتفاع حركة المرور على الشبكة، والتغلب على الأخطاء، وضم عملاء جدد، وتدوير التطبيقات لأعلى ولأسفل عند الحاجة.
- تقديم الخدمة للغير
يمكن لشركات الاتصالات أن تعمل كوسيط سحابي، حيث يصبح بمقدورهم تقديم الخدمات السحابية للغير، من خلال توفير خدمات إضافية كخدمات تحليلات البيانات وواجهات برمجة التطبيقات، أو استخدام تلك الخدمات لتعزيز خدمات الاتصالات السحابية الخاصة بهم.
- التكيف مع السوق
نظرا لتغير طلبات العملاء تتغير ظروف السوق باستمرار أيضا. وتصبح قدرة شركات الاتصالات على الاستجابة بسرعة لاحتياجات المستهلكين المتنوعة عامل تميز رئيسيا لتلك الشركات. وهنا تفيدهم السحابة من حيث تمكينهم من تجديد وتحديث خدمات الاتصالات السحابية الخاصة بهم بسهولة، والتوجه نحو اقتناص الفرص الجديدة، مما يعنى حصولهم على ميزة تنافسية تؤدى إلى ربحية أعلى بسبب تدفق العملاء الجدد.
- استقرار العمليات
تتيح سحابة الاتصالات لشركات الاتصالات ميزة إخفاء بعض التعقيدات التشغيلية عن المستخدمين النهائيين. على سبيل المثال، يمكن إجراء عمليات الصيانة والترقيات فى الخلفية. وهذا يساعد الشركة على زيادة تطوير خدماتها ومنتجاتها دون إرهاق العملاء بالتفاصيل الفنية. ومن المعروف فى عالم الاتصالات أن توقف الخدمة ولو لوقت قصير يؤدى إلى خسائر مالية ضخمة، مما يوضح أهمية الاستقرار الذى توفره سحابة الاتصالات للشركات لضمان عمليات مستقرة تحافظ على ولاء العملاء.
- تخصيص الخدمات
بفضل قدرتها الموسعة وقوة الحوسبة، يمكن لسحابة الاتصالات مساعدة الشركات على التعامل بشكل أفضل مع تفضيلات المستخدم المجزأة، بحيث يتم تخصيص الخدمات وفقا لمتطلبات كل عميل من خلال الاستفادة من ميزات مثل معرفة موقع المستخدم، والسمات الشخصية، والتحليلات، وبالتالى تقديم خدمات تركز على احتياجات كل عميل.
تخطيط البنية السحابية
يمكن لمشغلى شبكات الاتصالات الجديدة الذين تكون شبكاتهم منخفضة السعة إنشاء بيئة سحابية أصلية مخصصة من الصفر. وفى هذه الحالة فسيكون بمقدورهم بناء سحابة اتصالات قابلة للتشغيل المتبادل مع بيئات الشبكات القديمة. وهذه الخطوة مهمة جدا نظرا لوجود حاجة إلى التعايش بين الشبكة التقليدية والشبكة السحابية لفترة تسمح للمشغلين بترحيل وظائف الشبكة وخدماتها وتطبيقاتها بالطريقة الأكثر ملاءمة لأعمالهم.
ويتطلب الانتقال إلى بنية الاتصالات السحابية تخطيطا شاملا، لأن التنفيذ وترحيل الخدمات والوظائف يمكن أن يتم على مراحل من خلال ترحيل وظيفة واحدة فى كل مرة أو خدمة واحدة فى كل مرة. ومع ذلك يجب أن تبدأ العملية بأكملها بتقييم وتخطيط شاملين. ويجب أن يشمل التقييم مدى جاهزية البنية التحتية والتطبيقات والخدمات والتنظيم والعمليات للنقل والترحيل.
كما أن التقييم والتخطيط الشاملين يفيدان فى تقدير الحد المقبول من المخاطر، ومؤشرات الأداء الرئيسية، وإدارة العمليات.
البرامج مفتوحة المصدر
إن إنشاء سحابة اتصالات على برامج مفتوحة المصدر يضمن مجموعة واسعة من الفوائد لشركات الاتصالات. فالعمل مع البرامج مفتوحة المصدر يجعل من السهل مزج الحلول المتميزة فى الصناعة ومطابقتها وبحث مدى توافقها مع مجموعة واسعة من البائعين، مما يسمح لفرق التطوير بالابتكار بسرعة وإضافة وظائف وميزات وتقنيات جديدة للشبكة. وبصرف النظر عن ذلك، فإن دعم البرمجيات مفتوحة المصدر يقلل بشكل كبير من الوقت اللازم للتسويق ومن المخاطر، ومن الوقت اللازم لإدارة الشبكة.