إعداد: أشرف شهاب
أدت الطفرة الأخيرة في تطبيقات الهواتف الذكية، وخاصة تلك المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى مناقشات حامية حول التطور المستقبلي للاتصالات اللاسلكية، ففى الوقت الذى يتم فيه نشر تقنية الجيل الخامس للاتصالات المحمولة حول العالم، بدأت جهود المؤسسات الصناعية والأوساط الأكاديمية، تتطلع إلى اتصالات ما بعد الجيل الخامس، فى محاولة لوضع تصورات لمفهوم الجيل السادس للاتصالات المحمولة (6G).
ومن المتوقع أن تتفوق شبكات الجيل السادس بمراحل على أى شبكات أخرى عرفناها بما فى ذلك شبكات الجيل الخامس على وجه الخصوص، لأنها ستتجاوز فكرة سرعات نقل البيانات التى كانت أساس المقارنة بين الشبكات السابقة، لأنها ستعمل بمنهج مختلف يعتمد على الدعم الكامل لخدمات الذكاء الاصطناعي الشاملة بدءا من نواة الشبكة وصولا إلى أجهزة المستخدم النهائي. وفي الوقت نفسه، سيلعب الذكاء الاصطناعي دورًا رئيسيًا في تصميم وتحسين بنية الشبكة، وبروتوكولاتها، وعملياتها.
أبحاث جامعية
كانت جامعة "أولو" الفنلندية University of Oulu، قد أعلنت عام 2018 عن تمويل برنامج رائد لأبحاث الجيل السادس. ورصدت له ميزانية تبلغ 251 مليون يورو لفترة تمتد إلى 8 أعوام. وبدأ البرنامج باستضافة اجتماع فى منتج "ليفى"، وصدرت عن ذلك الاجتماع ورقة تضمنت رؤية أولية ركزت فى جوهرها على العديد من الرسائل الرئيسية كتوفير الاتصالات الذكية فى كل مكان، وخدمات تتبع المستخدمين فى كل مكان بسلاسة، والاتصال اللاسلكى باعتباره جزءا لا يتجزأ من البنية التحتية الحيوية للمجتمعات، والتطبيقات الذكية بمعناها المتطور الذى تعى فيه التطبيقات الواقع المحيط بها، والسياقات التى تدور حولها، وتتفاعل معها Context Aware Smart Services-CASS سواء كانت عناصر هذا الواقع المحيط من البشر أو غير البشر.
مبادرات مبكرة
من ناحية أخرى قامت بعض الشركات كشركة "هواوى" الصينية منذ وقت مبكر البحث فى تقنيات الجيل السادس لشبكات المحمول وفقا لتصريحات مؤسسها "رين زهنغفى" فى 26 سبتمبر 2018 إذ قال: "نقوم بعمل متوازى على الجيلين الخامس والسادس. وقد بدأنا منذ وقت طويل أبحاثنا فى هذا المجال".وكشف تقرير نشره موقع The Logic الاقتصادى المتخصص فى 13 أغسطس 2018 عن بدء شركة "هواوى" أبحاثها فى مجال تقنيات الجيل السادس فى منشأة الأبحاث التابعة لها بالقرب من العاصمة الكندية أوتاوا. ونقل الموقع عن "سونغ زهانج"، نائب رئيس شركة" هواوى" للاستراتيجيات وشراكات الأبحاث فى كندا، قوله إن: "هواوى بدأت فعلا فى محادثات مع الأكاديميين فى بعض أكبر جامعات الأبحاث فى كندا حول تطوير تكنولوجيا الجيل السادس".
أما شركة سامسونج، وهى أكبر شركة مصنعة للهواتف المحمولة فى العالم، فقد أنشأت فى شهر مايو 2019 مجموعة تكنولوجية جديدة تسمى: "مركز أبحاث الاتصالات المتقدمة" فى العاصمة الكورية "سول" بغرض أساسى هو بدء أبحاث الجيل السادس فورا.
شراكة بحثية
وفى العام نفسه أوصت المفوضية الأوروبية بشراكة بحثية مع كبرى شركات الاتصالات العالمية بما فى ذلك نوكيا، وإريكسون، واورنچ، وتاليس، وهواوي، وإل جى، وتيلينور، وتيليكوم إيطاليا، وفيرجينيا تك، وغيرها للتنسيق بشأن الشبكات والخدمات الذكية "التى ستغطى شبكات الجيلين الخامس والسادس حتى عام 2030.
ووصل الحماس بشأن الجيل السادس إلى شركة الأبحاث والتطوير الأمريكية Bell Labs التى أشارت فى ذلك الوقت على لسان "لورى أوكسانين"، نائب رئيس الأبحاث والتكنولوجيا إلى أن "العالم المادى والعالم البيولوجى كانا موجودين منذ بعض الوقت، ولكن فى الآونة الأخيرة أضفنا العالم الرقمى لهذا المزيج. وستسمح لنا تقنيات الجيل السادس بالضغط من أجل حدوث تكامل حقيقى بين الثلاثة".
"ترامب" على الخط
وفى 21 فبراير من 2019 دخل الرئيس الأمريكى (وقتها) دونالد ترامب على الخط عبر منصته المفضلة، تويتر، بالقول: "أريد تقنية الجيل الخامس، بل، والجيل السادس فى الولايات المتحدة فى أسرع وقت ممكن. لا يوجد سبب يجعلنا نتخلف عن الآخرين فى شىء من الواضح أنه المستقبل. أريد أن تفوز الولايات المتحدة من خلال المنافسة، وليس عن طريق حجب التقنيات الأكثر تطورا حاليا. يجب أن نكون دائما القادة فى كل ما نقوم به، خاصة عندما يتعلق الأمر بعالم التكنولوجيا المثير".
تطورات تاريخية
من الناحية التاريخية، يظهر "جيل" جديد من الاتصالات المحمولة كل عشر سنوات تقريبا. فقد بدأ الجيل الأولى فى عام 1979، تلاه الجيل الثانى فى عام 1991، ثم الثالث فى 1998، والرابع فى 2008 ثم الجيل الخامس فى 2018، ومن المتوقع إطلاق الجيل السادس عام 2030.
الاختلافات بين الجيلين الخامس
أولا: زمن تأخير نقل البيانات
يتميز الجيل الخامس بزمن تأخير منخفض للغاية فى نقل المعلومات بمقدار حوالى 4 مللى ثانية (4 أجزاء من ألف جزء من الثانية)، ولكن شبكات الجيل السادس قد تقودنا إلى مزيد من تقليل زمن التأخير، لدرجة أن زمن التأخير المتوقع سيكون صفر / ثانية، أو بمعنى أدق لن يكون هناك زمن تأخير نهائيًا. وستنتقل المعلومات فى الوقت فوريا. وعندها ستكون القيود التى نواجهها خارجة عن إرادة الشبكة لأنها ستكون متعلقة بالوقت الذى يستغرقه جهازك لتشغيلها.
ثانيا: سرعة نقل البيانات
ستكون سرعة نقل البيانات هى الفارق الأكثر وضوحا بين الجيلين الخامس والسادس. وحتى الآن نعرف أن سرعات الجيل الخامس تصل إلى ما يقارب 1 جيجا / ثانية، إلا أن السرعات التى سيقدمها الجيل السادس ستتفوق على ذلك بكثير، إذ نتوقع سرعات ما بين عدة مئات من الجيجا بايت / ثانية وصولا إلى 1 تيرا بايت / ثانية.
وفيما يتعلق بكيفية تحقيق هذه السرعات فى الجيل السادس، يمكننا افتراض أنها ستشمل استخدام ترددات الطيف الفائقة (الموجات الملليمترية). وقد تقترب شبكات الجيل السادس من الحدود العليا للطيف الترددى، وتصل إلى مستويات تردد عالية للغاية تبلغ 300 جيجاهيرتز ، أو نطاقات ما يسمى "التيراهيرتز".
ثالثا: تقليل استهلاك الطاقة
كفاءة عالية جدا في استخدام الطاقة، مع القدرة على دعم أجهزة إنترنت الأشياء التي لا تعمل بالبطاريات.
رابعا: اتصال عالمي موثوق
من الممكن أن توفر شبكات الجيل السادس تغطية عالمية واسعة النطاق عن طريق دمج الاتصالات اللاسلكية الأرضية مع أنظمة الأقمار الصناعية.
خامسا: الذكاء
ستكون شبكات الجيل السادس أقدر من حيث بنيتها الأساسية على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى، والتعلم الآلي الذاتي.
خدمات الجيل الخامس
من المعروف أن شبكات الجيل الخامس تدعم:
- خدمات (Enhanced Mobile Broadband-eMBB) أو "خدمات النطاق العريض المحسن"، وهي إحدى التقنيات الأساسية في شبكات الجيل الخامس، ومهمتها التركيز على تحسين سرعة نقل البيانات وجودة الاتصال بالإنترنت عبر الهاتف المحمول.
- خدمات uRLLC وهى اختصار لعبارة(Ultra-Reliable and Low-Latency Communication) تهتم بتوفير اتصال عالي الموثوقية منخفض زمن التأخير، مما يجعلها مثالية للتطبيقات الحساسة للمدى الزمني التى تتطلب استجابة فورية ودقة عالية.
- خدماتmMTC وهى اختصار لـ (Massive Machine Type Communication) وتختص بتوفير "اتصالات ضخمة للآلات منخفضة التكلفة، وتركز على ربط عدد هائل من الأجهزة البسيطة والمنخفضة التكلفة بالإنترنت، ممهدة الطريق لإنترنت الأشياء (IoT) على نطاق واسع. وتتميز تقنية mMTC باستهلاك طاقة منخفض، مما يجعلها مناسبة للأجهزة التي تعمل على بطاريات وتحتاج إلى عمر بطارية طويل، وتكلفة تشغيل منخفضة للغاية، مما يجعلها جذابة لتطبيقات إنترنت الأشياء واسعة النطاق، بالإضافة إلى قدرتها على نقل كميات صغيرة جدا من البيانات، مما يقلل من استهلاك موارد الشبكة ويحسن الكفاءة.وهذه التقنية مهمة جدا فى المدن الذكية لربط أجهزة استشعار المراقبة البيئية، ومصابيح الشوارع الذكية، وأنظمة قياس مواقف السيارات، وفى المباني الذكية، للتحكم عن بعد بالإضاءة والتكييف وأنظمة الأمن والمرافق الأخرى، والزراعة الذكية، حيث يمكنها مراقبة التربة والري والحصول على بيانات عن صحة المحاصيل، وسلاسل التوريد، لتتبع حركة البضائع والمنتجات وإدارة المخزون بشكل فعال، كما أنها مفيدة فى حالات العدادات ذكية، حيث يمكنها قراءة استهلاك الكهرباء والمياه والغاز عن بعد وإدارة الفواتير بكفاءة.
تقنيات جديدة
بالإضافة إلى هذه التقنيات المتوافرة بالفعل فى شبكات الجيل الخامس، من المتوقع أن تقوم شبكات الجيل السادس بدعم تقنيات جديدة مثل:
- اتصالات موجهة للحوسبة
تتطلب الأجهزة الذكية الجديدة نوعا من الحوسبة الموزعة (Computation Oriented Communications-COC) داخل الشبكة لتمكين الوظائف الرئيسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الموحد والذكاء فى الحافة.
- اتصالات eMBB حسب السياق
من المتوقع أن يكون توفير خدمات خدمات النطاق العريض المحسن eMBB لشبكة الجيل السادس أكثر رشاقة وتكيفا مع سياق الشبكة، بما في ذلك التعامل مع ازدحام الرابط وبينة الشبكة، وسياق البيئة المادية مثل الموقع المحيط والتحركات.
- اتصالات uRLLC المحددة بالحدث
على عكس سيناريو تطبيق الاتصال عالي الموثوقية منخفض زمن التأخير uRLLC فى الجيل الخامس، ستدعم هذه التقنية الواقع الافتراضي والأتمتة الصناعية، حيث تتوفر موارد زائدة للتعامل مع الأحداث الطارئة مع مرونة شديدة فى التعامل مع كثافة الأجهزة المتغيرة مكانيا وزمنيا، والتعرف على أنماط حركة المرور على الشبكة، ومدى توفر الطيف والبنية التحتية، والعمل تبعا للظروف حسب كل حالة.
لماذا الجيل السادس؟
الهدف الأساسى من ترقية الشبكات من جيل إلى جيل، هو تحسين كل شيء يتعلق بحياة الناس، من الترفيه إلى الرعاية الصحية، إلى التعليم، والنقل، وغيرها. ويمكن القول إن التقنيات تتطور بشكل متزايد، وعلى نحو يصعب تخيله. والتوجهات الحالية تشير إلى أن العالم يعتمد على البيانات أكثر فأكثر، وأن العديد من الخدمات المستقبلية المتوقعة، بما فى ذلك الصحة الإلكترونية والمركبات ذاتية الحكم، ستعتمد اعتمادا كبيرا على الاتصال اللاسلكى الفورى. ومن المتوقع أن تتقدم تقنيات الاتصالات المحمولة لدرجة أن التطبيقات التى نستخدمها ستكون ستمتلك الوعى الذاتى بالواقع الحقيقى المحيط بها. ومن الممكن أن يتم توفير خدمات جديدة تماما مثل التواجد عن بعد Telepresence والواقع المختلط Mixed Reality من خلال التصوير عالى الدقة، وتقنيات الاستشعار، وتحديد المواقع بدقة، والشاشات القابلة للارتداء، والروبوتات المتنقلة، والطائرات بدون طيار، والمعالجات المتخصصة.
أشكال الأجهزة
التطورات السريعة التى تشهدها صناعة الهواتف الذكية تجعلنا نتوقع أننا على أبواب مرحلة تكون فيها الأجهزة متكاملة ومندمجة بسلاسة مع الحواس البشرية، بحيث يمكننا التحكم فيها، والتحكم من خلالها فى الأجهزة والآلات، وأن يتم دمج تقنيات "الواقع الافتراضى" Virtual Reality-VR و"الواقع المعزز" Augmented Reality-AR و"الواقع المختلط" Mixed Reality-MR لخلق أوهام الإدراك الحسي، بحيث يتعايش المستخدمون مع نسخة بديلة من الواقع، نسخة تعزز قدرتهم على استكشاف العوالم الحقيقية والافتراضية.
ويمكن أن تشمل التقنيات التى سيدعمها الجيل السادس:
أولا: أجهزة التصوير، والكاميرات البانورامية، والاستشعار عن عمق.
ثانيا: أجهزة استشعار حيوية لمراقبة الحالات الصحية مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم والنشاط العصبي.
ثالثا: معالجات متخصصة لرسومات الكمبيوتر، اندماج المستشعرات، التعلم الآلي، الذكاء الاصطناعى سواء فى الجهاز نفسه أو فى البنية التحتية للشبكة المحيطة.
رابعا: التقنيات اللاسلكية بما فى ذلك تحديد المواقع والاستشعار، حيث يمكن لأجهزة الاستشعار والتصوير التقاط البيئات المادية المحيطة بالتفصيل.
الذكاء الاصطناعي والجيل السادس
إن التحول غير المسبوق للشبكات اللاسلكية، سيجعل شبكة الجيل السادس مختلفة بشكل كبير عن الأجيال السابقة، حيث ستتميز بدرجة عالية من التباين في جوانب متعددة، مثل البنى التحتية للشبكة، وتكنولوجيات الوصول اللاسلكي، وأجهزة الترددات اللاسلكية، وموارد الحوسبة، والتخزين، وأنواع التطبيقات، إلخ. بالإضافة إلى ذلك، فإن توافر مجموعة واسعة من التطبيقات الجديدة سيفرض الاستخدام الذكي لموارد الاتصالات والحوسبة والتحكم والتخزين من حافة الشبكة إلى المركز.
تحليلات البيانات الضخمة
من المعروف أن التطبيق الطبيعي الأول لتقنيات الذكاء الاصطناعي هو تحليلات البيانات الضخمة، وهناك أربعة أنواع من التحليلات يمكن تطبيقها على شبكات الجيل السادس، وهي:
- التحليلات الوصفية
مهمة التحليلات الوصفية Descriptive Analytics هى استخراج البيانات التاريخية المخزونة للحصول على رؤى حول أداء الشبكة وحركة المرور عليها، وسلوكيات المستخدمين، بهدف تعزيز وعي الشبكة ومقدمي الخدمة بما يمكن عمله لتحسين الشبكة.
- التحليلات التشخيصية
تهتم التحليلات التشخيصية Diagnostic Analytics بالكشف الذاتي عن أعطال الشبكة واختلالات الخدمة، وتعمل على تحديد الأسباب الجذرية لأعطال الشبكة، وتحسين موثوقية وأمان أنظمة الجيل السادس اللاسلكية في النهاية.
- التحليلات التنبؤية
تستخدم التحليلات التنبؤيةPredictive Analytics البيانات للتنبؤ بالأحداث المستقبلية مثل أنماط حركة المرور ومواقع المستخدمين وسلوك المستخدم وتفضيلاته.
- التحليلات التوجيهية
تستفيد التحليلات التوجيهية Prescriptive Analyticsمن التنبؤات لاقتراح خيارات القرارات الخاصة بتخصيص الموارد، ووضع التخزين، وحوسبة الحافة، وغيرها. وعلى سبيل المثال، من خلال التنبؤ وتوقع واستنتاج طلبات المستخدم المستقبلية عبر تحليلات البيانات الضخمة، ظهر مفهوم التخزين المؤقت الاستباقي لتخفيف الأحمال التى تحدث فى أوقات الذروة عن طريق إعادة توزيع الموارد.
التواجد عن بعد
ظهر مفهوم "التواجد عن بعد" Telepresence كحل بديل للسفر الفعلى. ويمكن تحقيق الإحساس بالوجود عن بعد من خلال التقاط البيانات فى الوقت الحقيقى، وإرسال تجسيد ثلاثى الأبعاد لكل مشارك فى اجتماع ما، أو عن طريق مجموعات من الرسوم البيانية، مثل الصور الرمزية، وبيانات الحركة التى يتم التقاطها بواسطة المستشعرات. ويتم بعد ذلك إعادة إنشاء الإدراك الحسى بواسطة أجهزة "الواقع المختلط" XR التى تقنع مجموعة من الناس المتباعدين جغرافيا بأنهم متواجدون فى المكان نفسه، الذى يمكن أن يكون بيئة حقيقية أو افتراضية.
الزمن صفر
مع ارتفاع مؤشرات حركة التجارة الإلكترونية والتسوق عبر الإنترنت، تتزايد الحاجة إلى تسليم ملايين الطرود من مستودعات الشركات إلى المشترين. وهنا تعد الكفاءة مهمة ليس فقط لتحسين الإنتاجية العالمية، ولكن أيضا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تقليل استهلاك الوقود. ومن المتوقع مع شبكات الجيل السادس أن يتم تزويد كل مركبة بالعديد من أجهزة الاستشعار، بما فى ذلك الكاميرات وأجهزة المسح الضوئى بالليزر، وأنظمة التصوير ثلاثى الأبعاد، وقياس المسافات، ووحدات القياس بالقصور الذاتي. وهنا سيتوجب على خوارزميات الذكاء الاصطناعى دمج جميع البيانات التى تصلها من مصادر متعددة بسرعة فائقة، واتخاذ قرارات سريعة حول كيفية التحكم فى السيارة أثناء النظر فى خريطة يتم إنشاؤها آنيا للبيئة المحيطة أو لمكانها فى تلك البيئة، بالإضافة إلى المعلومات عن المركبات الأخرى أو الأشخاص أو الحيوانات أو الهياكل الجامدة المتواجدة فى المنطقة المحيطة بالسيارة، وأى أخطار أخرى قد تؤدى للتصادم أو الإصابة. كما يتوجب تطوير واجهات التطبيقات لتنبيه الركاب أو المشرفين بالمخاطر المحتملة حتى يمكن اتخاذ القرارات المناسبة فى الوقت المناسب. ولكى تعمل هذه المنظومة بكفاءة وأمان، من المتوقع أن توفر شبكات الجيل السادس موثوقية عالية جدا، بالإضافة إلى زمن نقل صفرى للمعلومات، وزمن معالجة صفرى، ورد فعل، وقرارات فورية فى الزمن صفر، تضع فى اعتبارها جميع المخاطر والظروف السابق الإشارة إليها.
القيود
قد تواجه شبكات الجيل السادس المستقبلية بعض القيود بموجب قوانين الفيزياء بسبب التقنيات التى ستستخدمها، فعلى سبيل المثال يمكن أن تصبح سرعة الأجهزة فى معالجة الإشارات الرقمية مشكلة، ولذا فمن المتوقع أن تلعب ميكانيكا الكم Quantum Mechanics دورا رائدا فى القيام بالحسابات المعقدة.
كما سيلعب الذكاء الاصطناعى دورا متزايدا، من خلال منهجية التعلم الذاتى للآلات Machine Learning-ML وستعتمد ML على البيانات الضخمة التى سيتم استخراجها للحصول على المعلومات والمعرفة.
وهناك أيضا احتياجات أخرى يمكن أن تنشأ فى شبكات الجيل السادس، إذ ستتطلب الشبكات ذكاء التكوين الذاتى.
ومن التقنيات الأخرى المرشحة للعب دور رائد فى شبكات الجيل السادس، تقنية "سلسلة الكتل" أو "البلوك تشين" Blockchain لأن هذه التقنية بما تتمتع به من ميزة عدم وجود سلطة مركزية، ستسمح بتخزين وتبادل المعلومات، مع الاحتفاظ بالسجل الكامل للتغييرات. وقد يؤدى هذا إلى ظهور آليات جديدة لتنظيم أسواق البيانات يتطلب تعاون مشغلى شبكات الجيل السادس للعمل فى بيئة مشتركة فيما بينهم.
التقنيات المدعومة
إن التحول غير المسبوق للشبكات اللاسلكية سيجعل شبكة الجيل السادس مختلفة بشكل كبير عن الأجيال السابقة، حيث ستتميز بدرجة عالية من التباين في جوانب متعددة، مثل البنى التحتية للشبكة وتكنولوجيات الوصول اللاسلكي وأجهزة الترددات اللاسلكية وموارد الحوسبة والتخزين وأنواع التطبيقات، إلخ. بالإضافة إلى ذلك، فإن مجموعة واسعة من التطبيقات الجديدة ستفرض الاستخدام الذكي لموارد الاتصالات والحوسبة والتحكم والتخزين من حافة الشبكة إلى المركز، وعبر تقنيات راديو متعددة ومنصات شبكية متعددة. وأخيرا وليس آخرا، يتزايد حجم وتنوع البيانات التي يتم إنشاؤها في الشبكات اللاسلكية بشكل ملحوظ، مما يفتح فرصا كبيرة لتخطيط الشبكة وتشغيلها القائم على البيانات للوصول إلى شبكة ديناميكية.
التحديات
حقق الذكاء الاصطناعي نجاحات ملحوظة في العديد من التطبيقات ، كما هو الحال في مجال معالجة اللغات الطبيعية. وبالنظر إلى النمو السريع للأجهزة المحمولة الذكية وأجهزة إنترنت الأشياء، من المتوقع أن يتم نشر عدد كبير من التطبيقات الذكية على حافة شبكات الاتصالات اللاسلكية في المستقبل. وبناء على ذلك، سيتم تصميم شبكة الجيل السادس اللاسلكية للاستفادة من تقنيات الاتصالات اللاسلكية المتقدمة، وتقنيات الحوسبة المتنقلة لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أجهزة الهاتف المحمول.