رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

مقالات

​«بلد بتاعت شهادات صحيح»

19-8-2024 | 16:33

بقلم : إيمـــان‭ ‬عراقـــــــى - رئيس التحرير

“بلد‭ ‬بتاعت‭ ‬شهادات‭ ‬صحيح”‭ ‬جملة‭ ‬شهيرة‭ ‬للفنان‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬فى‭ ‬مسرحية‭ ‬“أنا‭ ‬وهو‭ ‬وهى”‭ ‬التى‭ ‬عرضت‭ ‬سنة‭ ‬1963،‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬عشناه‭ ‬عشرات‭ ‬السنين‭ ‬ومازلنا‭ ‬نعيشه،‭ ‬فكرة‭ ‬غلط‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬توارثناها‭ ‬ووَرَّثناها‭ ‬لأولادنا،‭ ‬وهى‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬الإنسان‭ ‬بشهادته‭ ‬الجامعية‭ ‬التى‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬وباسم‭ ‬الكلية‭ ‬التى‭ ‬تخرج‭ ‬فيها‭.‬

‭ ‬هذه‭ ‬الشهادة‭ ‬التى‭ ‬ينتهى‭ ‬بها‭ ‬الحال‭ ‬فى‭ ‬برواز‭ ‬على‭ ‬الحائط‭ ‬أو‭ ‬ورقة‭ ‬مهملة‭ ‬ضمن‭ ‬أوراق‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬أدراج‭ ‬المكاتب‭ ‬والدولايب‭ ‬الحكومية،‭ ‬حددت‭ ‬مصير‭ ‬أجيال‭ ‬وأثرت‭ ‬فى‭ ‬مستقبل‭ ‬بلد‭ ‬بحجم‭ ‬مصر‭ ‬عندما‭ ‬توهم‭ ‬شبابه‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعى‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬الأهم‭ ‬وهو‭ ‬الضمانة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للمستقبل‭ ‬الوردى‭ ‬الذى‭ ‬يحلم‭ ‬الشباب‭ ‬بتحقيقه،‭ ‬أما‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬فهذا‭ ‬الوهم‭ ‬خلف‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بلا‭ ‬عمل‭ ‬وبلا‭ ‬مستقبل‭ ‬وردى‭ ‬ولا‭ ‬أى‭ ‬لون‭ ‬ثان،‭ ‬فقط‭ ‬تحولوا‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬يزيد‭ ‬سنويا‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭. ‬

أعوام‭ ‬كثيرة‭ ‬عشناها‭ ‬وعاشها‭ ‬أولادنا‭ ‬فى‭ ‬وهم‭ ‬اسمه‭ ‬كليات‭ ‬القمة،‭ ‬ولم‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬هى‭ ‬أن‭ ‬تتفوق‭ ‬فيما‭ ‬تدرسه،‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭.‬

نصيحة‭ ‬لأولادنا‭ ‬الحاصلين‭ ‬على‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬وما‭ ‬يعادلها‭: ‬لا‭ ‬تدع‭ ‬مجموعك‭ ‬يحدد‭ ‬مصيرك‭ ‬ويقيد‭ ‬مستقبلك،‭ ‬تحرر‭ ‬من‭ ‬قيد‭ ‬المجموع،‭ ‬ادخل‭ ‬أى‭ ‬كلية‭ ‬أو‭ ‬معهد،‭ ‬لا‭ ‬يهم،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تحب‭ ‬ما‭ ‬تدرس،‭ ‬ذاكر‭  ‬بجد‭ ‬واجتهاد،‭ ‬واجعل‭ ‬هدفك‭ ‬أنك‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬الأوائل‭ ‬لسببين‭: ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬مهم‭ ‬ويوسع‭ ‬مداركك‭ ‬ويصقل‭ ‬شخصيتك‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الحياة،‭ ‬والسبب‭ ‬الثانى‭ ‬أن‭ ‬التفوق‭ ‬سيضمن‭ ‬لك‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تقليدية‭.‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نسير‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬فعلينا‭ ‬أن‭ ‬نغير‭ ‬نحن‭ ‬الآباء‭ ‬مفاهيمنا،‭ ‬ونحرر‭ ‬أنفسنا‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬التعليم‭ ‬التقليدى‭ ‬والوظيفة‭ ‬الميرى،‭ ‬وأن‭ ‬نوجه‭ ‬أبناءنا‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬ميولهم‭ ‬ورغباتهم‭ ‬الفعلية‭ ‬وليست‭ ‬رغبات‭ ‬مكتب‭ ‬التنسيق‭. ‬

‭ ‬وأن‭ ‬تستحدث‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬تخصصات‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬احتياجات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬سواء‭ ‬المحلي‭  ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬الوطن‭ ‬وان‭ ‬تدرس‭ ‬الجامعات‭ ‬مؤشرات‭ ‬البطالة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكل‭ ‬تخصص‭ ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الاساس‭ ‬تحدد‭ ‬عدد‭ ‬المقبولين‭ ‬فقد‭ ‬أصبحت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكليات‭ ‬التى‭ ‬كنا‭ ‬نعدها‭ ‬من‭  ‬كليات‭ ‬القمة‭ ‬تخرج‭ ‬الآلاف‭ ‬الذين‭ ‬يتنافسون‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬محدودة،‭ ‬بسبب‭ ‬تشبع‭ ‬السوق‭ ‬بآلاف‭ ‬الخريجين،‭ ‬بجانب‭ ‬أننا‭ ‬نجد‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخريجين‭ ‬يضطرون‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬فى‭ ‬وظائف‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬تخصصاتهم‭. ‬

‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬“التكنولوجيا”‭ ‬واستخداماتها‭ ‬هى‭ ‬المستقبل،‭ ‬لذلك‭ ‬التوسع‭ ‬فى‭ ‬دراستها‭ ‬أصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬ويجب‭ ‬ان‭ ‬تحتل‭ ‬المركز‭ ‬الاول‭ ‬فى‭ ‬سياسة‭ ‬الدولة‭ ‬التعليمية‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭  ‬أيضا‭. ‬يأتي‭  ‬فى‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬التعليم‭ ‬الفنى‭ ‬بتخصصاته‭ ‬المختلفة‭ ‬مثل‭ ‬التمريض‭ ‬والزراعة‭ ‬والصناعة‭ ‬والتشييد‭ ‬والبناء‭ ‬وغيرها‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬التعليم‭ ‬النظرى‭ ‬التقليدى،‭ ‬ففرصه‭ ‬فى‭ ‬الوظائف‭ ‬تتضاءل‭ ‬وقيمته‭ ‬فى‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬أصبحت‭ ‬محدودة‭ ‬جدا،‭ ‬فالدول‭ ‬تتقدم‭ ‬بالزارع‭ ‬والصانع‭ ‬والبنَّاء‭ ‬والدكتور‭ ‬والمهندس‭ ‬والمخترع‭ ‬والمفكر‭ ‬لا‭ ‬بالشهادات‭ ‬المعلقة‭ ‬على‭ ‬الجدران‭.‬

اخر اصدار