إعداد: أشرف شهاب
وصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي في قطاع الاتصالات إلى نحو 1.2 مليار دولار في عام 2021، طبقا لتقديرات مركز أبحاث السوق المتحالفة وأبحاث السوق المستقبلية Allied Market Research and Market Research Future ومن المتوقع أن يصل إلى 38.8 مليار دولار بحلول عام 2031، بمعدل نمو سنوي مركب 41.4 ٪. كما وصلت قيمة سوق خدمات اتصالات إنترنت الأشياء إلى 17.3 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو من 24.1 مليار دولار في عام 2023 إلى 191.3 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب 34.28 ٪ خلال الفترة من 2024 إلى 2030. ومن هنا يتضح أن دمج الذكاء الاصطناعي (AI) وإنترنت الأشياء (IoT) في الاتصالات ليس مجرد اتجاه مواكب للموضة، بل هو أداة كبيرة لتحولت جذرية فى صناعة الاتصالات الثابتة والمحمولة. كما أن هذا الدمج سيعيد تشكيل كيفية عمل الشركات وطريقة تفاعلها مع العملاء، مما يبشر بعصر جديد من النظم البيئية الرقمية.
يؤدى تقدم إنترنت الأشياء إلى تمكين جمع البيانات والتحليلات في الوقت الفعلي، والتي تعد ضرورية لتحقيق الكفاءة التشغيلية وتقديم الخدمات الشخصية. ومع ذلك، فإن التغيير الحقيقي في قواعد اللعبة يكمن في دمج إنترنت الأشياء مع الذكاء الاصطناعي. ومن خلال دمج الذكاء الاصطناعي في شبكات إنترنت الأشياء، حيث يمكن لشركات الاتصالات تحويل كميات البيانات الضخمة إلى رؤى قابلة للتنفيذ، وتسهيل التشغيل الذكي، وتمكين قيادات شركات الاتصالات من اتخاذ القرارات المستقلة بأقل حد من التدخل البشري.
ولذا، فمن المتوقع أن تؤثر التطورات السريعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على الوظائف والمهارات المطلوبة واستراتيجيات الموارد البشرية عبر مختلف الصناعات والقطاعات الخدمية. بالنسبة لقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، يرتبط النظام البيئي ببعضه البعض من خلال تبادل البيانات المستمر والفوري، مما يجعل من دمج الذكاء الاصطناعي فى هذه القطاعات ليس مفيدا فحسب، بل ضروريا للحفاظ على الميزات التنافسية وسرعة التشغيل.
وسيحدد التقارب بين الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في مجال الاتصالات مدى التقدم الذى يمكن أن نشهده فى الابتكارات والتقنيات الجديدة. مما يستوجب قيام شركات الاتصالات التسريع بتنفيذ استراتيجياتها لتسخير هذا الاندماج الثنائي القوي لتجنب التخلف عن الركب في مستقبل رقمي سريع التطور.
مزايا الدمج
يوفر تكامل ودمج الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء فوائد تحويلية جمة خصوصا في قطاع الاتصالات، حيث يمكن من خلال هذا الدمج تقديم العديد من المزايا من بينها:
- إدارة الشبكة المستقلة:
يعمل الذكاء الاصطناعي على تمكين أجهزة إنترنت الأشياء من إدارة شبكات الاتصالات وتحسينها بشكل مستقل. فمن خلال تحليل البيانات الواردة من أجهزة استشعار الشبكة في الوقت الفعلي، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالمشكلات وحلها دون تدخل بشري، مما يضمن جودة خدمة متسقة ويقلل وقت التوقف عن العمل.
- تحليلات البيانات:
تنتج شبكات الاتصالات كميات هائلة من البيانات. ويمكن للتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تصنيف وتحليل هذه البيانات للكشف عن الأنماط والاتجاهات واتجاهات الخلل التي قد لا يمكن إدراكها الطرق التقليدية. وهذا يؤدي إلى تنبؤ أكثر دقة بالطلب وتخطيط أفضل لقدرة الشبكة.
- الكفاءة التشغيلية:
يتيح دمج الذكاء الاصطناعي مع إنترنت الأشياء في عمليات الاتصالات إجراء صيانة تنبؤية للبنية التحتية للشبكة، إذ بمقدور الذكاء الاصطناعي تحديد الأعطال المحتملة للمعدات قبل حدوثها، مما يقلل من انقطاعات الخدمة غير المخطط لها وتكاليف الصيانة.
- تجارب العملاء:
يستخدم الذكاء الاصطناعي البيانات الواردة من الأجهزة التي تدعم إنترنت الأشياء للحصول على رؤى حول سلوك العملاء وتفضيلاتهم، مما يمنح مزودي خدمات الاتصالات الفرصة للاستفادة من هذه الأفكار لتقديم خدمات مخصصة وعروض ترويجية مستهدفة ودعم مخصص للعملاء، مما يعزز رضا العملاء وولاءهم.
- تحسين الشبكة:
يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من مستشعرات إنترنت الأشياء لتحسين أداء الشبكة ديناميكيا، ويتضمن ذلك ضبط وتخصيص الترددات، وإدارة الأحمال على الشبكة، وإدارة حركة المرور، مما يؤدي إلى شبكة أكثر كفاءة وموثوقية.
- كفاءة استخدام الطاقة:
تعمل أجهزة إنترنت الأشياء الخاصة بكفاءة استخدام الطاقة على مراقبة استهلاك الطاقة عبر مختلف مرافق الاتصالات. ويقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل هذه البيانات لتحسين استخدام الطاقة، وتقليل تكاليف التشغيل، وتعزيز الممارسات المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة، مما يدعم جهود شركات الاتصالات التي تسعى إلى تقليل تأثيرها البيئي.
- إدارة البنية التحتية الذكية:
تقوم أجهزة استشعار إنترنت الأشياء بجمع البيانات حول حالة البنية التحتية للاتصالات، مثل أبراج المحمول، ومراكز البيانات، ثم يقوم الذكاء الاصطناعي بمعالجة هذه البيانات لتحسين جداول الصيانة، وتحسين استخدام الأصول، وإطالة عمر البنية التحتية الحيوية.
- مكافحة الاحتيال:
يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من أجهزة إنترنت الأشياء للكشف عن الأنماط غير العادية التي قد تشير إلى أنشطة احتيالية. ومن خلال تحديد هذه التهديدات والاستجابة لها في الوقت الفعلي، يمكن لمزودي الاتصالات حماية شبكاتهم وعملائهم من الاحتيال المحتمل.
- إدارة سلسلة التوريد:
توفر الأجهزة التي تدعم إنترنت الأشياء تتبعا فوريا للمعدات والمخزون. ويقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل هذه البيانات لتبسيط الخدمات اللوجستية، وتحسين عمليات سلسلة التوريد، وتقليل التأخير، وضمان تسليم الخدمات والمنتجات في الوقت المناسب.
تحديات التكامل
يوفر دمج الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في قطاع الاتصالات فرصا عديدة، ولكنه يحمل معه أيضا بعض التتحديات الكبيرة، ومن بينها:
- خصوصية البيانات:
يؤدي تكامل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء إلى توليد كميات هائلة من البيانات، ومعظمها حساس. ويعد ضمان خصوصية وأمن هذه البيانات أمرا بالغ الأهمية، مما يتطلب قيام شركات الاتصالات بتنفيذ تدابير قوية لحماية البيانات للامتثال للمتطلبات التنظيمية والحفاظ على ثقة العملاء.
- تعقيد التكامل:
يعد الجمع بين الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في قطاع الاتصالات مهمة معقدة. فهو يتطلب تطوير بنية تحتية قوية، وتوظيف قوة عاملة ماهرة، وتخطيط دقيق. ويتضمن التكامل التغلب على التحديات المتعلقة بتوافق الأجهزة، وتطوير البرامج، وقابلية التشغيل البيني للنظام، مما يتطلب جهدا وتنسيقا كبيرا.
- الآثار الأخلاقية والمجتمعية:
يثير نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء مخاوف أخلاقية ومجتمعية. وتحتاج قضايا مثل الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في عمليات صنع القرار وإمكانية استبدال الوظائف بسبب الأتمتة إلى دراسة متأنية لتهدئة المخاوف بهذا الشأن. ولذا يعد الاستخدام المسئول لهذه التقنيات أمرا حتميا للتخفيف من الآثار المجتمعية السلبية.
- الأمن السيبراني:
يعد الأمن السيبراني مصدر قلق رئيسي. وتمثل حماية أجهزة إنترنت الأشياء وأنظمة الذكاء الاصطناعي من التهديدات السيبرانية تحديا مستمرا لشركات الاتصالات. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الأمن السيبراني، ولكنه أيضا معرض لأن يتم استغلاله من قبل مجرمي الإنترنت. ولها يجب على شركات الاتصالات تحديث إجراءات الأمن السيبراني الخاصة بها بشكل مستمر لتظل يقظة في مواجهة التهديدات المحتملة.
- المعايير وقابلية التشغيل البيني:
يمثل ضمان قدرة أجهزة الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء من مختلف الشركات المصنعة على التواصل والعمل بسلاسة تحديا كبيرا. ولهذا يعد وضع معايير مشتركة والتأكد من قابلية التشغيل البيني أمرا بالغ الأهمية لنجاح التكامل بين الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. وهذا مهم بشكل خاص في قطاع الاتصالات، حيث يجب أن تعمل الأجهزة والأنظمة معا في نظام بيئي متناسق ومتماسك.
- تخصيص الموارد:
يحتاج تخصيص الموارد بشكل صحيح لتحقيق تكامل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء إلى التنفيذ بتوازن دقيق. ويتعين على شركات الاتصالات أن تقوم بحساب تكاليف التنفيذ في مقابل الفوائد المتوقعة. ويؤثر هذا الاعتبار المالي على عملية صنع القرار الاستراتيجي، مما قد يؤثر على وتيرة وحجم تبني هذه التقنيات.