بقلم : إيمان العراقي - رئيس التحرير
قرار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، بعدم غلق أي منشأة صناعية إلا بقرار منه شخصيا، قرار جرىء جاء فى توقيته المناسب لدعم الصناعة الوطنية التى طالما عانت من الإجراءات البيروقراطية.. كما تضمن القرار أنه لن يتم التفتيش على المصانع بصورة منفردة، أو من خلال أشخاص، أو من خلال مفتشين من الجهات المعنية، مع مراعاة الالتزام بأن يتم المرور من خلال اللجنة المشكلة بوزارة الصناعة برئاسة رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية وعضوية عدد من الوزارات والجهات المعنية.
هذا القرار بداية لتصحيح أوضاع كثيرة عانى منها القطاع الصناعي منذ عقود، والمتمثلة فى عشوائية وتضارب القرارات الإدارية للجهات والمصالح الحكومية المعنية بإدارة منظومة الصناعة، والتي أصبحت بمثابة الطوق الحديدي القابض على عنق الصناع. أيضا تعدد جهات الرقابة وعدم التنسيق بينها أسهم فى وجود أبواب كثيرة للفساد نتيجة لكثرة تدخل العنصر البشري فى الكثير من التفاصيل، وبدلا من أن يخدم الجهاز الحكومي عليهم أصبح عائقا كبيرا، مما دعا لخروج الكثيرين من السوق الصناعي، وعزوف عدد كبير منهم عن خوض التجربة والتوجه بشكل كبير للاستثمار فى التجارة والخدمات.
القرار سيسهم أيضا فى تصحيح أوضاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ويمنحها فرصة لحل مشكلاتها وتعديل أوضاعها وتعويض ما لحق بها من خسائر، وفي الوقت نفسه سيحمي حقوق العمال وأصحاب رءوس الأموال، ويعزز الثقة بمناخ الاستثمار، ويسهم في زيادة تدفقات الاستثمارات المحلية الجديدة.
إن لم تنجح سياسة الدولة فى حل مشكلات أبنائها وتشجيعهم على الاستثمار فى بلدهم فلن تنجح أبدا فى إقناع رءوس الأموال الأجنبية على الاستثمار فى مصر، فالبداية الصحيحة هي ترتيب المنزل من الداخل، وحل مشكلات المقيمين فيه قبل استقبال الزوار.
إن حل مشاكل المستثمرين الصناعيين وتوفير الدعم لهم وتذليل العقبات أمامهم ومساعدتهم على تحسين منتجاتهم وزيادة جودتها يسهم فى زيادة الصادرات الصناعية، ومن ثم الصادرات المصرية بشكل عام، وتقليل فاتورة الواردات وزيادة دخل مصر من العملة الصعبة، كما أنه يحفز ضخ الأموال في مجال الصناعة التى تمثل قاطرة التنمية الاقتصادية وتحويل مصر إلى مركز صناعى إقليمى ودولى.
خطوه أخري مهمة اتخذتها الدولة مؤخرا على طريق توطين صناعة التكنولوجيا فى مصر، وهي تشكيل المجلس الوطني لتوطين تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، الذي يختص بإقرار استراتيجية تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، ومتابعة تحديثها كل عام، أو كلما اقتضى الأمر، ومتابعة تنفيذ أجهزة الدولة المعنية لخطط وسياسات استراتيجية تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، وكذلك متابعه تطور العمل بالاستثمارات القائمة وبحث المشكلات والمعوقات التي تواجهها وإقرار الحلول اللازمة لها.
هذا الحراك الإيجابي يعكس إصرار الدولة على النهوض بالقطاع الصناعي بصفة عامة، وتحسين جودة المنتج المحلي للاعتماد عليه للحد من الواردات أولا، ثم يأتي فى المرتبة الثانية زيادة الصادرات، خاصة بعد أن كشفت أزمة الدولار الأخيرة الحجم المرعب للواردات لأكثر من 70 % من حجم استهلاكنا من السلع والخدمات، لذا أصبح من الضروري بل الحتمي الاعتماد على المنتج المحلي لوقف نزيف استخدام العملة الأجنبية وضغطها العنيف على الاقتصاد ككل.