كتب: أشرف شهاب
يتطور مشهد الاتصالات الرقمية باستمرار، مدفوعا بمتطلبات المستخدمين المتزايدة والتقدم التكنولوجي. ويتواصل نمو قطاع الاتصالات بسبب زيادة الإقبال على السرعات الأعلى، ولهذا تم نشر تقنية الجيل الخامس للاتصالات المحمولة بهدف إحداث تحول جذري في تجربة استخدام الهواتف المحمولة. ويجرى العمل حاليا على استكشاف إمكانات تطوير الجيل السادس.
قفزة الجيل الخامس
تتميز تقنية الجيل الخامس بأنها تشكل قفزة كبيرة للأمام عن الأجيال السابقة، لأنها توفر:
سرعات فائقة
حيث يمكن للمستخدم تنزيل الأفلام ومقاطع الفيديو في ثوان قليلة، أو الاستمتاع بتجربة ألعاب خالية من التأخير، أو المشاركة فى مؤتمرات فيديو دون انقطاع بفضل معدلات نقل البيانات فائقة السرعة، والتي تتجاوز 10 جيجا في الثانية في الظروف المثالية.
زمن استجابة منخفض
تعد الاستجابة في الوقت الفعلي أمرا بالغ الأهمية للتقنيات الناشئة مثل المركبات ذاتية القيادة، والعمليات الجراحية عن بعد، وتقنيات الواقعين الافتراضي والمعزز. وتمهد أوقات الاستجابة شبه الفورية لشبكة الجيل الخامس الطريق لتنمية وتطوير هذه التقنيات.
السعة الهائلة
مع تقنية الجيل الخامس، تستطيع الشبكة التعامل مع أعداد كبيرة من الأجهزة المتصلة. وهذه السعة تعتبر من الشروط الضرورية لنشر تقنيات إنترنت الأشياء بنجاح، حيث إنها تتيح بذلك تواصل مليارات الأجهزة مع بعضها البعض.
تأثيرات الجيل الخامس
سيكون بتقنية الجيل الخامس تأثيرات هائلة بعيدة المدى على جوانب مختلفة من حياتنا:
المدن الذكية
تتيح تقنية الجيل الخامس تمكين تطوير المدن الذكية، مما يعزز إدارة حركة المرور في الوقت الفعلي، وإدارة المرافق الحيوية بكفاءة كقطاعات الكهرباء، والمياه، والمطافئ، وغيرها.
الثورة الصناعية الرابعة
تعمل تقنية الجيل الخامس على تسهيل نمو الثورة الصناعية الرابعة، مما يتيح اتصالا أسرع بين الآلات في المصانع، مما يؤدي إلى زيادة الأتمتة والإنتاجية.
تحسين تجارب الألعاب
تتيح تقنية الجيل الخامس القيام بتجارب الواقعين الافتراضي، والمعزز، وممارسة الألعاب السحابية التى تحتاج لسعرات نقبل بيانات هائلة مع زمن نقل منخفض للبيانات.
ثورة الجيل السادس
على الرغم من أن تقنية الجيل الخامس لا تزال في سنواتها الأولى، ولم تحظ حتى هذه اللحظة بالانتشار الكافي، ولم تتمكن من الحصول على فرصتها لإثبات قدراتها، إلا أن جهود البحث والتطوير لتقنية الجيل السادس قد بدأت بالفعل. ومن المتوقع أن تكون شبكات الجيل السادس أكثر تقدما، وقدرة على إحداث تحولات ثورية حيث ستقدم:
معدلات خيالية لنقل البيانات
يتوقع الخبراء أن توفر شبكات الجيل السادس معدلات بيانات تتجاوز 1 تيرا في الثانية (أسرع 1000 مرة من سرعات الجيل الخامس).
الاتصال في كل مكان
تهدف شبكة الجيل السادس إلى توفير اتصال سلس وشامل، مما يضمن استفادة الجميع من جميع مميزات العالم الرقمي، بغض النظر عن الموقع الجغرافى، وسواء كان الاتصالا يتم من داخل المباني أم من خارجها.
الذكاء الاصطناعي والروبوتات
ستكون شبكة الجيل السادس فائقة الموثوقية ومنخفضة الزمن نقل البيانات بمدعلات تقترب من الصفر تأخير فى زمن النقل، مما يؤهلها لأن تكون بمثابة العمود الفقري للتقدم في تقنيات واستخدامات الذكاء الاصطناعي والروبوتات.
الطريق إلى الأمام
لقد بدأ عهد الجيل الخامس قبل سنوات قليلة، ويعتبر الاستعداد المبكر لظهور الجيل السادس أحد التحديات التى تجعلنا نفكر فى مستقبل مليء بإمكانيات أكبر، وتطبيقات لا حدود لإمكانياتها.
انفجار إنترنت الأشياء
لم يعد الإنترنت يقتصر على أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية فقط، فنحن نشهد أمام أعيننا بدايات انفجار ثورة إنترنت الأشياء، حيث ستتحول الأشياء اليومية إلى آلات ذكية تتبادل البيانات بسلاسة وتتفاعل مع العالم من حولها. وسيؤدي هذا الانفجار في تواصل الأجهزة إلى تغييرات جذرية في طريقة عيشنا وعملنا وتفاعلنا مع بيئتنا. وهناك عدة عوامل تدفع هذا النمو السريع لإنترنت الأشياء من بينها:
- أجهزة الاستشعار
أدى التقدم في تكنولوجيا أجهزة الاستشعار إلى تطوير أجهزة استشعار أصغر حجما وأرخص وأكثر كفاءة، مما يسمح بدمج الذكاء في الأشياء اليومية بداية من الأجهزة المنزلية وصولا إلى الأجهزة القابلة للارتداء.
- الحوسبة السحابية
تعمل البنية التحتية السحابية المتنامية كمنصة لجمع وتخزين وتحليل الكم الهائل من البيانات التي يتم إنشاؤها بواسطة أجهزة إنترنت الأشياء، وتتيح الأدوات المستندة إلى السحابة أيضا إدارة الأجهزة عن بعد وجمع وتحليل ومعالجة البيانات في الوقت الفعلي.
- انخفاض التكاليف
يسهم انخفاض تكاليف أجهزة الاستشعار، وزيادة قوة المعالجة، والقدرة على الاتصال فى جعل حلول إنترنت الأشياء أكثر سهولة بالنسبة للشركات والمستهلكين على حد سواء.
تطبيقات إنترنت الأشياء
تعتبر تطبيقات إنترنت الأشياء من أكثر التطبيقات القابلة للانتشار مستقبلا لأن السوق ما زال فى مرحلة البدايات، ومن المتوقع أن تؤدى تقنيات إنترنت الأشياء إلى تغيرات هائلة فى مجالات عديد من بينها المنازل الذكية، حيث يمكن التحكم مثلا فى الضبط التلقائي لدرجات الحرارة، أو التحكم في الإضاءة حسب الحركة، وصولا إلى إمكانية قيام الثلاجة بطلب البقالة مباشرة من السوبر ماركت عندما ينخفض المخزون. وينطبق نفس الأمر على تقنيات الأجهزة القابلة للارتداء، التى يمكنها تتبع الحالة الصحية واللياقة البدنية، وجمع البيانات باستمرار حول مستويات صحتنا ونشاطنا.
تحديات العالم المتصل
على الرغم من استحالة إنكار فوائد وإمكانات إنترنت الأشياء، إلا أن هناك تحديات يجب العمل على مواجهتها من بينها:
- الأمان
يعد تأمين شبكة واسعة من الأجهزة المترابطة مهمة معقدة. ولهذا تعد بروتوكولات الأمان القوية وتشفير البيانات أمرا ضروريا لمنع الهجمات الإلكترونية وحماية خصوصية المستخدم.
- توحيد المعايير
يمكن أن يؤدي عدم وجود معايير عالمية موحدة حول الأجهزة والأنظمة الأساسية المختلفة إلى إعاقة إمكانية التشغيل البيني وخلق مشكلات في التوافق.
- خصوصية البيانات
يثير الكم الهائل من البيانات التي تنتجها أجهزة إنترنت الأشياء مخاوف بشأن خصوصية البيانات. ولهذا فمن الضرورى وضع قوانين ولوائح واضحة وآليات التحكم الضرورية لضمان جمع البيانات واستخدامها بشكل مسئول وقانوني.
الاختراقات الأمنية
يمكن أن تكون للاختراقات الأمني في قطاع الاتصالات عواقب خطيرة من بينها:
- الخسائر المالية
يمكن أن تؤدي انتهاكات البيانات إلى خسائر مالية كبيرة للشركات المقدمة لخدمات الاتصالات وعملائهم على حد سواء. ويمكن أن يكون للمعلومات المالية المسروقة وسرقة بطاقات الهوية أو التسبب فى انقطاع الخدمة تأثيرات مدمرة.
- الإضرار بالسمعة
يمكن أن يؤدي الاختراق الأمني إلى تآكل ثقة الجمهور في قدرة شركات الاتصالات على حماية بياناتهم. ويمكن أن تكون إعادة بناء الثقة مع العملاء عملية طويلة وشاقة.
- تعطيل العمليات
يمكن أن تؤدي الهجمات الإلكترونية إلى شل شبكات الاتصالات، مما يؤدي إلى انقطاع الخدمة وتعطلها، مما قد يؤثر على الشركات والأفراد على حد سواء، وخصوصا إذا كانت الهجمات تؤثر على الخدمات المالية التى تقمها تلك الشركات كالمحافظ المالية الإلكترونية.
جهود المكافحة
يجب أن تكون جهود شركات الاتصالات فى طليعة الجهود الرامية إلى مكافحة الجرائم الإلكترونية. ويمكن أن يتم ذلك من خلال:
- الاستثمار في الأمن السيبراني
يعد تنفيذ حلول أمنية قوية، بما في ذلك جدران الحماية، وأنظمة كشف التسلل، وتشفير البيانات، أمرا بالغ الأهمية للحماية من الوصول غير المصرح به.
- الوعي الأمني
يعد تثقيف الموظفين حول التهديدات السيبرانية وأفضل الممارسات للمواجهة أمرا ضروريا لمنع هجمات الهندسة الاجتماعية وعمليات التصيد الاحتيالي.
- المراقبة المستمرة
يجب على شركات الاتصالات مراقبة مشهد التهديدات المتطور بشكل مستمر وتكييف إجراءاتهم الأمنية وفقا لذلك، يتضمن ذلك البقاء على اطلاع على أحدث نقاط الضعف واعتماد تقنيات الأمان الجديدة.
- التعاون المشترك
الأمن السيبراني مسئولية مشتركة بين الجميع، ويعد التعاون بين شركات الاتصالات والحكومات، وأجهزة تنظيم قطاع الاتصالات، وخبراء الأمن السيبراني أمرا بالغ الأهمية لمكافحة التهديدات السيبرانية بشكل فعال.
بناء مستقبل آمن
لا يمكن إنكار الحاجة إلى تعزيز الأمن في مجال الاتصالات، ومن خلال إعطاء الأولوية للتدابير الأمنية القوية، والبقاء يقظين ضد التهديدات المتطورة، وتعزيز التعاون، يمكن لخبراء الاتصالات بناء مستقبل رقمي أكثر أمانا للجميع.