رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

دولي

خريطة جديدة للاقتصاد الدولي..“الجنوب العـــــــالمى” نجم صاعد والأسواق الناشئة تفقد بريقها

4-9-2024 | 16:23

100 مليار‭ ‬يورو‭  ‬تمويلات‭ ‬قدمتها‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬لـ225‭ ‬مشروعا‭ ‬لمنافسة‭ ‬“الحزام‭ ‬والطريق”‭ ‬

تريليون يورو‭  ‬قدمتها‭ ‬الصين‭ ‬لـ125‭ ‬دولة‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬مبادرة‭ ‬“الحزام‭ ‬والطريق”‭ ‬

اعداد‭: ‬شريفة‭ ‬عبد‭ ‬الرحيم

من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬الشعور‭ ‬بالهوية‭ ‬والتضامن‭ ‬بشكل‭ ‬متنام،‭ ‬تعمل‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬النظام‭ ‬الاقتصادى‭ ‬الدولى،‭ ‬ويرى‭ ‬محللون،‭ ‬أن‭ ‬صعود‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بدول‭ ‬“الجنوب‭ ‬العالمى”‭ ‬يعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬خريطة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمى،‭ ‬ويعزز‭ ‬تحولات‭ ‬مهمة‭. ‬

ويمثل‭ ‬ذلك‭ ‬“إعادة‭ ‬للعولمة”‭ ‬المتوازنة‭ ‬عالميا،‭ ‬وصعود‭ ‬النجم‭ ‬الاقتصادى‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭. ‬ويعمل‭ ‬بطريقة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬نظام‭ ‬اقتصادى‭ ‬جديد،‭ ‬بحسب‭ ‬الورقة‭ ‬البحثية‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬وانج‭ ‬دونج‭ ‬الأستاذ‭ ‬فى‭ ‬كلية‭ ‬الدراسات‭ ‬الدولية‭ ‬بجامعة‭ ‬بكين،‭ ‬والمدير‭ ‬التنفيذى‭ ‬لمعهد‭ ‬التعاون‭ ‬والتفاهم‭ ‬العالمى‭ ‬فى‭ ‬جامعة‭ ‬بكين،‭ ‬و‭ ‬جاو‭ ‬دان‭ ‬زميل‭ ‬فى‭ ‬كلية‭ ‬الدراسات‭ ‬الدولية‭ ‬بجامعة‭ ‬بكين‭. ‬

 

ويشير‭ ‬مراقبون‭ ‬إلى‭ ‬احتدام‭ ‬المنافسة‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬العالمية‭. ‬وفى‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬اعترف‭ ‬نائب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الامريكى‭ ‬كيرت‭ ‬كامبل،‭ ‬فى‭ ‬خطابه‭ ‬أمام‭ ‬لجنة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬بمجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬مؤخرا،‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تفوقت‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجهود‭. ‬

فمن‭ ‬بين‭ ‬المصطلحات‭ ‬العديدة‭ ‬التى‭ ‬استُخدِمَت‭ ‬لوصف‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الأقل‭ ‬تقدما‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬“الجنوب‭ ‬العالمى”‭ ‬أصبح‭ ‬رائجا‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭. ‬وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فقدت‭ ‬العلامات‭ ‬التجارية‭ ‬للأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬بريقها‭ ‬فى‭ ‬رأى‭ ‬اقتصاديين‭. ‬

كان‭ ‬توسع‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬صعود‭ ‬نجم‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى،‭ ‬وتعزيز‭ ‬قدرتها‭ ‬التفاوضية،‭ ‬ومرونتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬كلها‭. ‬

لكن‭ ‬ماذا‭ ‬يعنى‭ ‬صعود‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬المال‭ ‬والمستثمرين؟‭ ‬

يعكس‭ ‬التحول‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬اختفاء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بسبب‭ ‬السياسة،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬محللون‭ ‬إن‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬سياسية‭ ‬كبيرة‭ ‬وليس‭ ‬اقتصادية‭ ‬فحسب‭. ‬

ففى‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬امتلك‭ ‬المستثمرون‭ ‬الدوليون‭ ‬ما‭ ‬معدله‭ ‬21‭ % ‬من‭ ‬السندات‭ ‬بالعملة‭ ‬المحلية‭ ‬فى‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة‭. ‬والآن‭ ‬انخفض‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬إلى‭ ‬13‭ % ‬فقط‭. ‬“دول‭ ‬الجنوب”‭ ‬تشمل‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬بريكس،‭ ‬ماليزيا‭ ‬وكمبوديا،‭ ‬وجزر‭ ‬سليمان‭ -‬حيث‭ ‬سارعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬فتح‭ ‬سفارتها‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬بعد‭ ‬توقيع‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬أمنية‭. ‬وكذلك‭ ‬دول‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الدخل‭ ‬المتوسط‭ ‬إلى‭ ‬المنخفض،‭ ‬التى‭ ‬أطلقت‭ ‬عليها‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬“دول‭ ‬المتفرجين”‭ -‬التى‭ ‬تلقى‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الغذاء‭ ‬والطاقة‭. ‬

تكشف‭ ‬بيانات‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولى‭ ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬شكل‭ ‬الناتج‭ ‬المحلى‭ ‬الإجمالى‭ ‬للاقتصادات‭ ‬الناشئة‭ ‬والاقتصادات‭ ‬النامية‭ ‬58‭.‬9‭ % ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمى،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬7‭.‬6‭ %‬،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تجاوزت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2008‭. ‬ومن‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬بلغ‭ ‬متوسط‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادى‭ ‬للاقتصادات‭ ‬الناشئة‭ ‬والاقتصادات‭ ‬النامية‭ ‬5‭.‬2‭ %‬،‭ ‬أى‭ ‬أعلى‭ ‬بنحو‭ ‬3‭.‬3‭ ‬نقطة‭ ‬مئوية‭ ‬من‭ ‬متوسط‭ ‬نمو‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭.‬‭ ‬

وساهم‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادى‭ ‬السريع‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬ومناطق‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى‭ ‬فى‭ ‬تنويع‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادى‭ ‬العالمى،‭ ‬ولعب‭ ‬دورا‭ ‬رئيسيا‭ ‬فى‭ ‬تعزيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمى،‭ ‬حيث‭ ‬ساهم‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى،‭ ‬ممثلا‭ ‬فى‭ ‬مجموعة‭ ‬بريكس،‭ ‬فى‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادى‭ ‬العالمى‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬ممثلة‭ ‬فى‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭. ‬

ووفقا‭ ‬للإحصاءات،‭ ‬استمرت‭ ‬الصين‭ ‬فى‭ ‬المساهمة‭ ‬بنسبة‭ ‬30‭ % ‬من‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادى‭ ‬العالمى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وستظل‭ ‬المساهم‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬المقبلة‭. ‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتجارة‭ ‬السلع،‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬شكلت‭ ‬صادرات‭ ‬وواردات‭ ‬السلع‭ ‬فى‭ ‬الاقتصادات‭ ‬النامية‭ ‬45‭.‬1‭ % ‬و40‭.‬4‭ % ‬من‭ ‬الإجمالى‭ ‬العالمى‭ ‬على‭ ‬التوالى،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬تقلصت‭ ‬نسبة‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬

على‭ ‬صعيد‭ ‬الاستثمار،‭ ‬شكل‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبى‭ ‬المباشر‭ ‬فى‭ ‬الاقتصادات‭ ‬النامية،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬4‭.‬0‭ %‬،نحو‭ ‬70‭.‬8‭ % ‬من‭ ‬إجمالى‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبى‭ ‬المباشر‭ ‬فى‭ ‬العالم‭. ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬لتحسين‭ ‬الشراكات‭ ‬الإقليمية‭ ‬فى‭ ‬مجالات‭ ‬التجارة‭ ‬والاستثمار،‭ ‬وقعت‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬الثنائية‭ ‬والمتعددة‭ ‬الأطراف‭. ‬وربما‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬إزالة‭ ‬الحواجز‭ ‬التجارية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬طرق‭ ‬تجارية‭ ‬دولية‭ ‬جديدة‭ ‬ونماذج‭ ‬جديدة‭ ‬لتدفق‭ ‬رأس‭ ‬المال،‭ ‬وتعزيز‭ ‬تطور‭ ‬واتساع‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادى‭ ‬العالمى‭. ‬

ويأمل‭ ‬كثيرون‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دول‭ ‬بريكس‭ ‬دورا‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬فى‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادى‭ ‬العالمى‭ ‬والحوكمة‭. ‬

وباعتبارها‭ ‬ممثلا‭ ‬رائدا‭ ‬للأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬والاقتصادات‭ ‬النامية،‭ ‬ارتفعت‭ ‬حصة‭ ‬دول‭ ‬بريكس‭ ‬من‭ ‬10‭.‬4‭ % ‬من‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1980،‭ ‬إلى‭ ‬31‭ % ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬السبع‭. ‬

الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬قمة‭ ‬بريكس‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬فى‭ ‬أغسطس‭ ‬2023،‭ ‬دعت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ومصر‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والأرجنتين‭ ‬وإيران‭ ‬وإثيوبيا،‭ ‬لتصبح‭ ‬أعضاء‭ ‬جددا‭ ‬فى‭ ‬المجموعة‭. ‬

وفى‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬أصبحت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ومصر‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران‭ ‬وإثيوبيا‭ ‬أعضاء‭ ‬رسميين‭ ‬فى‭ ‬بريكس،‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬المجموعة‭ ‬تضم‭ ‬حاليا‭ ‬10‭ ‬أعضاء،‭ ‬يمثل‭ ‬مجموعهم‭ ‬الاقتصادى‭ ‬36‭ % ‬من‭ ‬الإجمالى‭ ‬الاقتصادى‭ ‬العالمى‭. ‬

ولعبت‭ ‬دول‭ ‬المجموعة‭ ‬دورا‭ ‬نشطا‭ ‬فى‭ ‬الدورة‭ ‬السابعة‭ ‬والعشرين‭ ‬لمؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬فى‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬بشأن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬كوب‭ ‬27،‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬وقمة‭ ‬مجموعة‭ ‬“الـ77‭ ‬زائد‭ ‬الصين”‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وتعهدت‭ ‬بتعزيز‭ ‬الوحدة‭ ‬والتعاون‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬للتعامل‭ ‬بشكل‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬الدولية‭. ‬

يذكر‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬قادت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬العولمة‭ ‬الليبرالية‭ ‬الجديدة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬كشف‭ ‬ذلك‭ ‬النموذج‭ ‬عن‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬العيوب‭ ‬وزاد‭ ‬من‭ ‬عجز‭ ‬الحوكمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية،‭ ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬طرحت‭ ‬الصين‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬ورؤيتها‭ ‬للحوكمة‭ ‬العالمية‭. ‬

وتشير‭ ‬إحصاءات‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬تفوق‭ ‬الصيت،‭ ‬ففى‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬صدرت‭ ‬4‭.‬91‭ ‬مليون‭ ‬سيارة،‭ ‬منها‭ ‬1‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬سيارة‭ ‬تعمل‭ ‬بالكهرباء،‭ ‬بزيادة‭ ‬سنوية‭ ‬77‭.‬6‭ %‬،‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬العام‭ ‬التاسع‭ ‬على‭ ‬التوالى‭ ‬لتصدر‭ ‬حجم‭ ‬إنتاج‭ ‬ومبيعات‭ ‬السيارات‭ ‬الصينية‭ ‬الكهربائية‭ ‬العالم‭. ‬

مخاوف‭ ‬أوروبية‭ ‬

 

حذرت‭ ‬مسئولة‭ ‬التنمية‭ ‬فى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والنفوذ‭ ‬المتزايد‭ ‬للصين‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬بكين‭ ‬فى‭ ‬تمويل‭ ‬مشروعات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للدول‭ ‬فى‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى‭. ‬

وقالت‭ ‬جوتا‭ ‬أوربيلاينن،‭ ‬المفوضة‭ ‬الأوروبية‭ ‬للشراكات‭ ‬الدولية،‭ ‬إن‭ ‬البيروقراطية‭ ‬المعقدة‭ ‬والظروف‭ ‬البيئية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المرتبطة،‭ ‬بتمويل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى،‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬إستراتيجية‭ ‬الاستثمار‭ ‬الدولية‭ ‬للكتلة‭ ‬موازنة‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬الصينية‭. ‬

وأضافت‭ ‬لصحيفة‭ ‬فاينانشال‭ ‬تايمز‭ ‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬تواجه‭ ‬“معركة‭ ‬عروض”،‭ ‬فى‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬تعهدات‭ ‬الصين‭ ‬بالتمويل‭ ‬السريع‭ ‬للمشاريع‭. ‬

ووفقا‭ ‬لمؤسسة‭ ‬أبحاث‭ ‬معهد‭ ‬أمريكان‭ ‬إنتربرايز،‭ ‬استثمرت‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬الصينية‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬تريليون‭ ‬يورو‭ ‬فى‭ ‬152‭ ‬دولة‭ ‬بين‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬ومنتصف‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬انخفض‭ ‬تمويلها‭ ‬السنوى‭ ‬بشكل‭ ‬حاد‭ ‬بعد‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬المقترضين‭ ‬المتخلفين‭ ‬عن‭ ‬السداد‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬وبين‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬ومارس‭ ‬2023،‭ ‬أعادت‭ ‬الصين‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬قروض‭ ‬بقيمة‭ ‬78‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أو‭ ‬ألغت‭ ‬نحو‭ ‬78‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬القروض‭. ‬

ويهدف‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى،‭ ‬الذى‭ ‬صمم‭ ‬برنامجا‭ ‬يعمل‭ ‬بين‭ ‬عامى‭ ‬2021‭ ‬و2027،‭ ‬إلى‭ ‬حشد‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬300‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬فى‭ ‬مشاريع‭ ‬البنية‭ ‬الأساسية‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬المنخفضة‭ ‬الدخل‭. ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬شراكات‭ ‬دولية‭. ‬

 

الصين‭ ‬ومحاولات‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى‭ ‬

 

منذ‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬أصبحت‭ ‬شركات‭ ‬العالم‭ ‬الغنى‭ ‬العملاقة‭ ‬هى‭ ‬القوة‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭. ‬واليوم،‭ ‬أصبح‭ ‬المستهلكون‭ ‬والعمال‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬بلد‭ ‬تقريبا‭ ‬متأثرين‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬بالنشاط‭ ‬الدولى‭ ‬الذى‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الشركات‭ ‬المتعددة‭ ‬الجنسيات‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬وبدرجة‭ ‬أقل‭ ‬اليابان‭. ‬

لكن‭ ‬تلك‭ ‬الشركات‭ ‬العملاقة‭ ‬باتت‭ ‬مهددة‭ ‬حاليا‭ ‬بتوسع‭ ‬الشركات‭ ‬الصينية‭ ‬فى‭ ‬صناعات‭ ‬مختلفة‭ -‬من‭ ‬السيارات‭ ‬إلى‭ ‬الملابس‭- ‬فى‭ ‬الخارج‭ ‬بسرعة‭ ‬مذهلة‭. ‬وبدأت‭ ‬منافسة‭ ‬تجارية‭ ‬جديدة،‭ ‬ساحة‭ ‬معركتها‭ ‬ليست‭ ‬الصين‭ ‬ولا‭ ‬العالم‭ ‬الغنى،‭ ‬وإنما‭ ‬الاقتصادات‭ ‬سريعة‭ ‬النمو‭ ‬فى‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمى‭. ‬

ففى‭ ‬ظل‭ ‬تزايد‭ ‬عزلة‭ ‬الصين‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬المتحالفة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬وبروكسل،‭ ‬تواصل‭ ‬بكين‭ ‬حملة‭ ‬متعمدة‭ ‬لخطب‭ ‬ود‭ ‬الدول‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬النامى‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬أحيانا‭ ‬بالجنوب‭ ‬العالمى،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الأمنية‭ ‬والدعم‭ ‬الجيوسياسى‭ ‬فى‭ ‬المنتديات‭ ‬الدولية‭. ‬

ويقول‭ ‬المحللون‭ ‬الذين‭ ‬يدرسون‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للصين‭ ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬تكتسب‭ ‬زخما‭. ‬بجانب‭ ‬روسيا،‭ ‬تسعى‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬وتقديم‭ ‬نظام‭ ‬بديل‭ ‬للنظام‭ ‬الذى‭ ‬تقوده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وفى‭ ‬حين‭ ‬قلصت‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‭ -‬القروض‭ ‬والاستثمارات‭ ‬السخية‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تشكل‭ ‬فى‭ ‬السابق‭ ‬المحور‭ ‬الرئيسى‭ ‬لجهودها‭ ‬لبناء‭ ‬النفوذ‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭- ‬عززت‭ ‬مشاركتها‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬شعرت‭ ‬بالإهمال‭ ‬أو‭ ‬التعارض‭ ‬مع‭ ‬الأجندة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭. ‬

الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬أنحاء‭ ‬إفريقيا،‭ ‬تكافح‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬لسداد‭ ‬الديون‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمشروعات‭ ‬الموانى‭ ‬والسدود‭ ‬الممولة‭ ‬من‭ ‬الصين،‭ ‬التى‭ ‬تمت‭ ‬الموافقة‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق،‭ ‬الذى‭ ‬آثار‭ ‬اتهامات‭ ‬باستخدام‭ ‬بكين‭ ‬القروض‭ ‬الخارجية‭ ‬فى‭ ‬استغلال‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬والضغط‭ ‬عليها‭. ‬

 

اخر اصدار