كتبت: د. آيات البطاوى
كان انخفاض استثمارات الأجانب تزامنا مع الحرب الروسية الأوكرانية خلال الفترة الماضية أحد أهم الأسباب التى دفعت معظم وكالات التصنيف الائتمانى العالمية إلى تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر، حيث خرجت فى خلال أسابيع قليلة ما يقرب من 22 مليار دولار آنذاك.
وكان من أهم نتائج هذا النزوح بداية انخفاض فائض أصول النقد الأجنبى مع بداية تحوله إلى عجز، حيث بدأ فى التراجع منذ أكتوبر 2021، ثم تحول إلى قيمة سالبة بما يعنى أن التزاماته بالعملات الأجنبية تجاوزت الأصول التى يمتلكها من غير العملة المحلية، بداية من شهر فبراير 2022، بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية.
وتفاقم عجز صافى الأصول الأجنبية للبنوك بمصر شاملة البنك المركزى قرب 30 مليار دولار بنهاية يناير الماضى قبل أن يبدأ فى التحسن والتحول لفائض لدى المركزى.
والأصول الأجنبية للبنوك هى ما تمتلكه من ودائع ومدخرات بالعملة الأجنبية، وتكون قابلة للتسييل فى الأوقات التى يحتاج فيها البنك إلى سيولة لسداد التزاماته.
وفى مارس 2024 قام البنك المركزى باتخاذ إجراءات إصلاحية مهمة كان من أهمها تحرير سعر الصرف وتوحيده ورفع أسعار الفائدة بأكبر رفع تاريخى غير مسبوق.
تزامنت تلك الإجراءات مع إتمام صفقة رأس الحكمة التى وفرت لمصر دفعة نقدية قوية بلغت 24 مليار دولار بالإضافة إلى تنازل الإمارات عن وديعتها الدولارية.
كان من تأثير هذه الصفقة بالإضافة إلى الإصلاحات الهيكلية التى تمت فى سعر الصرف وأسعار الفائدة السابق الإشارة إليها أن استقبلت مصر تدفقات نقدية بلغت نحو 60 مليار دولار ظهر تأثير هذا المبلغ فى تحسن مصادر واستخدامات النقد الأجنبى فى مصر من ارتفاع الاحتياطى النقدى ومن تحسن تحويلات المصريين بالخارج ومن تحسن استمرار الأجنبى غير المباشر وأيضا وبشكل أساسى تحول عجز صافى أصول النقد الأجنبى للجهاز المصرفى والذى سجل فى يناير من هذا العام 29 مليار دولار ليتحول إلى فائض مستقر ومستمر للشهر الثالث على التوالى إلى 13.3 مليار دولار، مقسمة بين 10.46 مليار دولار لدى البنك المركزى، و2.799 مليار دولار لدى البنوك التجارية، بحسب بيانات البنك المركزى.
وسجل احتياطى النقد الأجنبى لمصر أعلى مستوياته على الإطلاق فى يوليو الماضى ليبلغ 46.48 مليار دولار، فيما ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال مايو الماضى، وذلك للشهر الثالث على التوالى، بنسبة 73 % لتصل إلى 2.7 مليار دولار وفق بيانات البنك المركزى.
وقد يرى المراقبون أنه مع استمرار تدفقات النقد الأجنبى من كل مصادره، وتحت تأثير صفقة رأس الحكمة التى تمت بين مصر ودولة الإمارات والتى سوف يترتب عليها حتما استمرار فائض أصول النقد الأجنبى “البنك المركزى والبنوك التجارية”، وهو ما توقع أن يدفع فى القريب العاجل وكالات التصنيف الائتمانى من دراسة رفع التصنيف الائتمانى لمصر والبنوك المصرية.
يشار إلى أن وكالة التصنيف الائتمانى فيتش عدلت نظرتها المستقبلية لبنوك الأهلى المصرى، ومصر، والقاهرة، والتجارى الدولى من مستقرة إلى إيجابية.