رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

دولي

بنكنوت للبيع فى إفريقيا 20 % فقط من تعاملات الأوروبيين بالكاش

20-11-2024 | 15:47

تنزانيا‭ ‬وكينيا‭ ‬والصومال تتحول‭ ‬للتعامل‭ ‬الإلكترونى‭ ‬وتتخلى‭ ‬عن‭ ‬النقدى

كتبت‭: ‬زينب‭ ‬فتحى‭ ‬أبو‭ ‬العلا‭ ‬

فى‭ ‬ظل‭ ‬سيطرة‭ ‬أنظمة‭ ‬الشمول‭ ‬المالى‭ ‬على‭ ‬اقتصاديات‭ ‬العالم،‭ ‬فقد‭ ‬استحوذت‭ ‬التعاملات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬العمليات‭ ‬المالية‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات،‭ ‬وساهمت‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬فى‭ ‬إحداث‭ ‬طفرة‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬المعاملات،‭ ‬كبديل‭ ‬للتعامل‭ ‬النقدى،‭ ‬كما‭ ‬ساهمت‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الأمنية‭ ‬فى‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬التعامل‭ ‬المالى‭ ‬الإلكترونى‭ ‬لتعقب‭ ‬عمليات‭ ‬غسيل‭ ‬الأموال‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬اعتبارات‭ ‬الغش‭ ‬والتزييف‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭ ‬للتعامل‭ ‬الإلكترونى‭ ‬المالى‭ ‬وتضييق‭ ‬نطاق‭ ‬التعامل‭ ‬النقدى‭.‬

 

وفقا‭ ‬لموقع‭ ‬“لاليبر‭ ‬الفرنسى”،‭ ‬تسعى‭ ‬المؤسسات‭ ‬المصرفية‭ ‬لإنهاء‭ ‬التعامل‭ ‬بالسيولة‭ ‬النقدية،‭ ‬لأسباب‭ ‬متعلقة‭ ‬بارتفاع‭ ‬التكلفة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بإصدار‭ ‬العملة‭ ‬وتوزيعها‭ ‬والنقل‭ ‬والتأمين،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تجنب‭ ‬عمليات‭ ‬الغش‭ ‬والتزييف‭ ‬للعملة،‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الأخرى‭ ‬للتخلى‭ ‬عن‭ ‬العملة‭ ‬النقدية،‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬استخدامها‭ ‬فى‭ ‬أنشطة‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬مثل‭ ‬غسيل‭ ‬الأموال،‭ ‬وكذا‭ ‬التهرب‭ ‬الضريبى،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تعقبها،‭ ‬فالعمليات‭ ‬النقدية‭ ‬الرقمية،‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات‭ ‬البنكية‭ ‬يمكنها‭ ‬بذلك‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬الحكومات‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٢٧‬،‭ ‬فإن‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬النامية‭ ‬التى‭ ‬تعتمد‭ ‬بصورة‭ ‬أساسية‭ ‬على‭ ‬السيولة‭ ‬النقدية،‭ ‬عمليات‭ ‬السداد‭ ‬الإلكترونية‭ ‬زادت‭ ‬بمعدل‭ ‬مرتين‭ ‬ونصف‭ ‬المرة‭ ‬إلى‭ ‬‮٣‬‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬‮٢٠٢٢‬،‭ ‬وعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بدأت‭ ‬فى‭ ‬التخلى‭ ‬عن‭ ‬السيولة‭ ‬النقدية،‭ ‬ففى‭ ‬الدنمارك‭ ‬‮١٢‬‭  % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الشراء،‭ ‬تتم‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النقد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الدنمارك‭ ‬متمسكون‭ ‬بالتعامل‭ ‬بالكاش‭.‬

التخلى‭ ‬عن‭ ‬النقد

وتعد‭ ‬فنلندا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مجتمعات‭ ‬دون‭ ‬تعاملات‭ ‬نقدية،‭ ‬وفى‭ ‬المقابل‭ ‬فإن‭ ‬بولونيا‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬مشروعها‭ ‬المرتبط‭ ‬بتحجيم‭ ‬التعاملات‭ ‬النقدية‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬الحرية‭ ‬والاختيار‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا،‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وهونج‭ ‬كونج‭ ‬والهند‭ ‬واليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬وسنغافورة‭ ‬وأستراليا،‭ ‬فإنهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬القائدة‭ ‬فى‭ ‬التعاملات‭ ‬الرقمية‭ ‬المالية،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬العملات‭ ‬النقدية‭ ‬وهذا‭ ‬بمنزلة‭ ‬حماية‭ ‬ضد‭ ‬الأمور‭ ‬غير‭ ‬المستقرة‭.‬

ويطرح‭ ‬الموقع‭ ‬تساؤلا،‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬للمجتمعات‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عملات‭ ‬نقدية؟‭! ‬يرى‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬السريع‭ ‬لنظريات‭ ‬الدفع‭ ‬الرقمى،‭ ‬فإن‭ ‬المجتمعات‭ ‬التى‭ ‬تتعامل‭ ‬بنسبة‭ ‬‮١٠٠‬‭ % ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدفع‭ ‬الرقمى،‭ ‬أمر‭ ‬سوف‭ ‬يستغرق‭ ‬وقتا‭ ‬أطول‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد،‭ ‬فالأموال‭ ‬النقدية،‭ ‬تعد‭ ‬آلية‭ ‬للدفع‭ ‬ضعيفة‭ ‬وأقل‭ ‬يقينا‭ ‬ولايزال‭ ‬يعتبر‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬أنها‭ ‬آلية‭ ‬للدفع‭ ‬لإدارة‭ ‬ميزانية‭ ‬بسيطة‭. ‬

فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬التعامل‭ ‬بالسيولة‭ ‬النقدية‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬التعاملات‭ ‬يمكن‭ ‬تعقبها‭ ‬أو‭ ‬لها‭ ‬أثر،‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬شراؤه‭ ‬أو‭ ‬بيعه‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يتواءم‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الناس‭ ‬فبعض‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬أو‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬بتتبع‭ ‬عمليات‭ ‬شرائه‭ ‬وتعقبه‭.‬

ويعد‭ ‬بنك‭ ‬ماكورى‭ ‬الأسترالى‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬البنوك‭ ‬التى‭ ‬تتبنى‭ ‬سياسة‭ ‬السداد‭ ‬دون‭ ‬العملات‭ ‬النقدية،‭ ‬ويرى‭ ‬بعض‭ ‬المنتقدين‭ ‬أن‭ ‬البنك‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يصمد‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬وأمان‭ ‬العمليات‭ ‬الرقمية‭. ‬ويرى‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬سوف‭ ‬تتحول‭ ‬العملات‭ ‬النقدية‭ ‬إلى‭ ‬رقمية‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬سوف‭ ‬تتحول‭ ‬بأدوات‭ ‬للدفع،‭ ‬بصورة‭ ‬أكثر‭ ‬أمانا‭ ‬مثل‭ ‬الشيكات‭ ‬وكروت‭ ‬الدفع،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬سوف‭ ‬يستمر‭ ‬فى‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭. ‬

موقع‭ ‬إكسبريس‭ ‬الفرنسى‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأموال‭ ‬النقدية‭ ‬أصبحت‭ ‬مهددة‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬ففى‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬البرنامج‭ ‬الجديد‭ ‬للدفع‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬wero‭ ‬وهو‭ ‬يخلف‭ ‬لنظام‭ ‬pylib‭ ‬وهو‭ ‬نظام‭ ‬للدفع‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬الهواتف‭ ‬الذكية‭ ‬وتعمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البنوك‭ ‬الرئيسية‭ ‬الفرنسية‭ ‬BNP‭ ‬برى‭ ‬با‭ ‬وسوسيته‭ ‬جنرال،‭ ‬يسمح‭ ‬بإرسال‭ ‬واستقبال‭ ‬الأموال‭ ‬فى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬‮١٠‬‭ ‬ثوان‭ ‬من‭ ‬حساب‭ ‬بنكى‭ ‬إلى‭ ‬حساب‭ ‬بنكى‭ ‬آخر،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬الأوروبيين‭ ‬أصبحوا‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬معتمدين‭ ‬على‭ ‬السداد‭ ‬الإلكترونى‭ ‬ويبتعدون‭ ‬عن‭ ‬السداد‭ ‬النقدى،‭ ‬وفقا‭ ‬لدراسة‭ ‬أجريت‭ ‬فى‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٢٢٣‬‭ ‬فإن‭ ‬‮٢٠‬‭  % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬تعاملاتهم‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬السداد‭ ‬النقدى‭ ‬مقابل‭ ‬‮٣٤‬‭  % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬التعاملات‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠١٢‬،‭ ‬وأصبحت‭ ‬البطاقات‭ ‬البنكية‭ ‬الوسيلة‭ ‬المركزية‭ ‬لدفع‭ ‬النفقات‭ ‬بنسبة‭ ‬‮٦٩‬‭  % ‬من‭ ‬نفقاتهم‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكترونى‭ ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬“كوفيد‭ ‬‮١٩‬”‭ ‬فى‭ ‬التخلى‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬العملات‭ ‬النقدية‭ ‬وخلال‭ ‬الجائحة‭ ‬فإن‭ ‬التعاملات‭ ‬النقدية‭ ‬زادت‭ ‬بنسبة‭ ‬‮٤٠‬‭ %. ‬

ووفقا‭ ‬لدراسة‭ ‬صدرت‭ ‬فى‭ ‬مارس‭ ‬‮٢٠٢٤‬،‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬‮٣٤‬‭ % ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬فى‭ ‬العمر‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬‮١٨‬‭ ‬و‮٢٥‬‭ ‬عاما‭ ‬لا‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬السيولة‭ ‬النقدية‭ ‬إلا‭ ‬بنسبة‭ ‬‮١٧‬‭  ‬‭% ‬فقط‭.‬

وتقترب‭ ‬نحو‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬المعاملات‭ ‬المالية‭ ‬فى‭ ‬سويسرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬التعاملات‭ ‬الالكترونية‭ ‬و‮٣٢‬‭ % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬يتعاملون‭ ‬بالعملات‭ ‬النقدية،‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٢٢‬‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬نحو‭ ‬‮٣٨٦‬‭ ‬مليون‭ ‬عملية‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬منصة‭ ‬TWINT‭ ‬وهو‭ ‬برنامج‭ ‬يتيح‭ ‬الدفع‭ ‬بسرعة‭ ‬وسهولة‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬وفى‭ ‬المتاجر‭ ‬وإرسال‭ ‬الأموال،‭ ‬كما‭ ‬تجاوز‭ ‬الدفع‭ ‬بالوسائل‭ ‬الالكترونية‭ ‬فى‭ ‬متاجر‭ ‬وأسواق‭ ‬هولندا‭ ‬الدفع‭ ‬نقدا‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬ويوجد‭ ‬تحرك‭ ‬نشط‭ ‬لمجموعة‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬وباعة‭ ‬التجزئة‭ ‬الهولنديين‭ ‬ممن‭ ‬يريدون‭ ‬زيادة‭ ‬نسبة‭ ‬الدفع‭ ‬بالوسائل‭ ‬الالكترونية‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬60‭ ‬فى‭ ‬المائة‭ ‬مقابل‭ ‬40‭ ‬فى‭ ‬المائة‭ ‬للعملة‭ ‬النقدية‭ ‬المتداولة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2018‭. ‬ويقولون‭ ‬إن‭ ‬الدفع‭ ‬غير‭ ‬النقدى‭ ‬هو‭ ‬أرخص‭ ‬وأكثر‭ ‬أمانا‭ ‬وملائمة‭.‬

ونظرا‭ ‬للنفقات‭ ‬الباهضة‭ ‬للتعامل‭ ‬بالنقد،‭ ‬والمخاوف‭ ‬الأمنية،‭ ‬تخلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتاجر‭ ‬السويدية‭ ‬فعلا‭ ‬عن‭ ‬أجهزة‭ ‬التعامل‭ ‬بالنقود،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬شركة‭ ‬“تيليا”‭ ‬العملاقة‭ ‬للاتصالات،‭ ‬حيث‭ ‬توقفت‭ ‬مراكزها‭ ‬الـ86‭ ‬المنتشرة‭ ‬بطول‭ ‬البلد‭ ‬وعرضه‭ ‬عن‭ ‬قبول‭ ‬النقد‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2013‭.‬

تفاوت‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال

رغم‭ ‬ما‭ ‬ذكر،‭ ‬نرى‭ ‬تفاوتا‭ ‬كبيرا‭ ‬فى‭ ‬السلوكيات‭ ‬والمواقف‭ ‬عبر‭ ‬أوروبا‭ ‬والعالم‭. ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بعض‭ ‬المجتمعات‭ ‬والثقافات‭ ‬مترددة‭ ‬بقوة‭ ‬بشأن‭ ‬التخلى‭ ‬عن‭ ‬النقد،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬ألمانيا‭ ‬التى‭ ‬يعتقد‭ ‬المستهلكون‭ ‬فيها،‭ ‬حسب‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة‭ ‬أجراها‭ ‬البنك‭ ‬المركزى‭ ‬للبلد،‭ ‬أن‭ ‬استعمال‭ ‬النقود‭ ‬يعطيهم‭ ‬تحكما‭ ‬أفضل‭ ‬فى‭ ‬عملية‭ ‬الإنفاق‭ ‬ففى‭ ‬بلد‭ ‬يعتبر‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العظمى‭ ‬لأوروبا،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬فى‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬المدفوعات‭ ‬تجرى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬العملة‭ ‬النقدية‭. ‬أما‭ ‬فى‭ ‬إيطاليا،‭ ‬حيث‭ ‬تمتد‭ ‬جذور‭ ‬عميقة‭ ‬للتعامل‭ ‬بالنقود،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬النسبة‭ ‬تقفز‭ ‬إلى‭ ‬83‭ ‬فى‭ ‬المائة‭.‬

وبقدر‭ ‬ولع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بعملة‭ ‬الدولار‭ ‬حتى‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر،‭ ‬فإن‭ ‬السير‭ ‬خطوة‭ ‬نحو‭ ‬التخلى‭ ‬عن‭ ‬النقد‭ ‬بدأ‭ ‬يترسخ،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬بطاقات‭ ‬الائتمان‭ ‬المحتوية‭ ‬على‭ ‬شريحة‭ ‬إلكترونية‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬فقط‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بعد‭ ‬عقد‭ ‬كامل‭ ‬مما‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وفى‭ ‬يناير‭ ‬توقفت‭ ‬عدة‭ ‬فروع‭ ‬لسلسلة‭ ‬مطاعم‭ ‬“سويتجرين”،‭ ‬الشهيرة‭ ‬المتألفة‭ ‬من‭ ‬48‭ ‬فرعا،‭ ‬عن‭ ‬قبول‭ ‬الدفع‭ ‬نقدا،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬فرعها‭ ‬فى‭ ‬“وول‭ ‬ستريت”،‭ ‬ويقول‭  ‬أحد‭ ‬المواطنين‭ ‬“أعتقد‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الجماهير‭ ‬الشبابية‭ ‬الغفيرة‭ ‬فى‭ ‬’وول‭ ‬ستريت‘‭ ‬لتطبيقات‭ ‬هواتفهم‭ ‬الذكية،‭ ‬مثل‭ ‬’أبل‭ ‬باي‘،‭ ‬لشراء‭ ‬أغراضهم‭. ‬أعلم‭ ‬أن‭ ‬ابنتى‭ ‬تستعمل‭ ‬تطبيق‭ ‬’فينمو‘‭ ‬لشراء‭ ‬كل‭ ‬شىء‭. ‬وبصراحة،‭ ‬يجعلنى‭ ‬ذلك‭ ‬أشعر‭ ‬وكأننى‭ ‬طاعن‭ ‬فى‭ ‬السن،‭ ‬وعفى‭ ‬على‭ ‬الدهر”‭.‬

إفريقيا‭ ‬فى‭ ‬طريق‭ ‬التخلى‭ ‬عن‭ ‬العملة

إن‭ ‬التقدم‭ ‬الحاصل‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬التقنيات‭ ‬المتنقلة‭ ‬جعل‭ ‬المصارف‭ ‬تتقدم‭ ‬بقفزات‭ ‬لتسبق‭ ‬طرق‭ ‬الدفع‭ ‬نقدا‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬المصارف‭ ‬تتقدم‭ ‬بقفزات‭ ‬لتسبق‭ ‬طرق‭ ‬الدفع‭ ‬نقدا‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭.‬

ففى‭ ‬كينيا‭ ‬وتنزانيا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬دفعت‭ ‬منظومة‭ ‬“إم‭- ‬بيزا”‭ ‬البنكية‭ ‬المتنقلة‭ ‬للدفع‭ ‬غير‭ ‬النقدى‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لدفع‭ ‬الفواتير،‭ ‬وتسلم‭ ‬رواتبهم،‭ ‬وشراء‭ ‬الدواجن‭ ‬والمواشى،‭ ‬وحتى‭ ‬القيام‭ ‬بتعاملات‭ ‬بسيطة‭ ‬فى‭ ‬الأسواق‭ ‬المحلية،‭ ‬عبر‭ ‬حسابات‭ ‬بنكية‭ ‬تجرى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تطبيقات‭ ‬هواتفهم‭ ‬النقالة‭.‬

حالة‭ ‬الصومال

وتعد‭ ‬الصومال،‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التى‭ ‬لديها‭ ‬طريقة‭ ‬مثيرة‭ ‬للاهتمام‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المال،‭ ‬حيث‭ ‬تواجه‭ ‬العملة‭ ‬الصومالية‭ ‬“الشيلينغ”‭ ‬مخاطر‭ ‬حقيقية‭ ‬قد‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬انقراضها،‭ ‬بعد‭ ‬امتناع‭ ‬التجار‭ ‬والمصالح‭ ‬الحكومية‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬بها،‭ ‬وسط‭ ‬غياب‭ ‬كامل‭ ‬لدور‭ ‬البنك‭ ‬المركزى‭ ‬فى‭ ‬سوق‭ ‬لا‭ ‬تتحكم‭ ‬به‭ ‬جهة‭ ‬رسمية‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬وتداول‭ ‬العملات‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬لتعامل‭ ‬التجار‭ ‬بالدولار‭ ‬الأمريكى‭ ‬بنسبة‭ ‬90‭ % ‬الدور‭ ‬الكبير‭ ‬فى‭ ‬وصول‭ ‬العملة‭ ‬الصومالية‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى،‭ ‬وفقدانها‭ ‬قيمتها‭ ‬الرمزية،‭ ‬فأصبح‭ ‬الشيلينغ‭ ‬مقتصرا‭ ‬على‭ ‬التعاملات‭ ‬الهامشية‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬الصومالى،‭ ‬ويدفع‭ ‬الفقراء‭ ‬وأصحاب‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬ثمن‭ ‬ذلك،‭ ‬وتسعى‭ ‬حاليا‭ ‬الحكومة‭ ‬الصومالية‭ ‬إلى‭ ‬تدشين‭ ‬العملة‭ ‬الجديدة‭ ‬للبلاد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬وتكاد‭ ‬عملة‭ ‬”‭ ‬الشيلينغ”‭ ‬الصومالية‭ ‬تختفى‭ ‬من‭ ‬التداول،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بقيت‭ ‬فئة‭ ‬واحدة‭ ‬منها‭ ‬فقط‭ ‬وهى‭ ‬فئة‭ ‬الـ‭ ‬“ألف”‭ ‬شلن‭. ‬وتساوى‭ ‬قيمة‭ ‬الشلن‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و30‭ ‬ألفا‭ ‬نحو‭ ‬دولار‭ ‬واحد‭.‬

ويستعد‭ ‬البنك‭ ‬الصومالى‭ ‬المركزى‭ ‬لتغيير‭ ‬العملة‭ ‬الصومالية‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬الخاصة‭ ‬بعملة‭ ‬الشيلينغ‭ (‬SH‭) ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬فى‭ ‬أعقاب‭ ‬التضخم‭ ‬الشديد‭ ‬الذى‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬اقتصاد‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬سقوط‭ ‬الدولة‭ ‬المركزية‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٩١‬‭.‬

ووفقا‭ ‬لتصريحات‭ ‬محافظ‭ ‬البنك‭ ‬المركزى‭ ‬فى‭ ‬الصومال،‭ ‬فإن‭ ‬الحكومة‭ ‬الصومالية‭ ‬تسعى‭ ‬لاستبدال‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬بأخرى‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجديد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتعاون‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولى‭ ‬والبنك‭ ‬الدولى‭. ‬

قال‭ ‬المحافظ‭ ‬السابق‭ ‬لبنك‭ ‬سنترا،‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬عمر‭ ‬هادلى،‭ ‬فى‭ ‬تصريحات‭ ‬سابقة‭:‬إن‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬المطبوعة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركة‭ ‬ألمانية‭ ‬مخزنة‭ ‬فى‭ ‬مستودع‭ ‬فى‭ ‬السودان،‭ ‬وقال‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬إن‭ ‬الحكومة‭ ‬السودانية‭ ‬دفعت‭ ‬49‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لشركة‭ ‬ألمانية‭ ‬لطباعة‭ ‬أوراق‭ ‬العملة‭ ‬الصومالية‭ ‬الجديدة‭. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬الجديدة‭ ‬لها‭ ‬ميزات‭ ‬أمان‭ ‬خاصة‭ ‬تجعلها‭ ‬أكثر‭ ‬أمانا‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭ ‬القديمة،‭ ‬وقال‭: ‬“تحتوى‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المميزات‭ ‬الأمنية‭ ‬التى‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬نسخها‭ ‬أو‭ ‬تزويرها‭ ‬أمرا‭ ‬فى‭ ‬غاية‭ ‬الصعوبة”،‭ ‬وأوضح‭ ‬المحافظ‭ ‬السابق‭ ‬أن‭ ‬العملة‭ ‬فى‭ ‬الصومال‭ ‬لا‭ ‬تساوى‭ ‬شيئا‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭ ‬لأن‭ ‬الحكومة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬والدول‭ ‬الإقليمية‭ ‬المختلفة‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬معا‭.‬

ويقدر‭ ‬البنك‭ ‬الدولى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬98‭ % ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬المتداولة‭ ‬فى‭ ‬الصومال‭ ‬مزورة‭ ‬بحسب‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭. ‬حيث‭ ‬طبع‭ ‬البنك‭ ‬المركزى‭ ‬آخر‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬قبل‭ ‬انهيار‭ ‬الحكومة‭.‬

وتعتبر‭ ‬الورقة‭ ‬النقدية‭ ‬الجديدة‭ ‬نبأ‭ ‬سارا،‭ ‬لكن‭ ‬الناس‭ ‬قلقون‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الصومال‭ ‬مستعدة‭ ‬لبدء‭ ‬إصدار‭ ‬أموال‭ ‬جديدة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬العملة‭ ‬الصومالية‭ ‬الورقية‭ ‬الوحيدة‭ ‬المستخدمة‭ ‬حاليا‭ ‬هى‭ ‬فئة‭ ‬1000‭ ‬شلن‭ ‬صومالى،‭ ‬التى‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الحرب،‭ ‬وفئات‭ ‬أصغر‭ ‬مثل‭ ‬فئة‭ ‬500‭ ‬و‭ ‬50‭ ‬و‭ ‬20‭ ‬شلن‭ ‬التى‭ ‬توقف‭ ‬استخدامها‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭. ‬وقد‭ ‬بدأ‭ ‬المواطنون‭ ‬فى‭ ‬بيع‭ ‬العملات‭ ‬القديمة‭ ‬فى‭ ‬الأسواق،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬الأشخاص‭ ‬فى‭ ‬استخدام‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وكان‭ ‬للبنك‭ ‬المركزى‭ ‬قبل‭ ‬انهيار‭ ‬الدولة‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬مكاتب‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬تخزين‭ ‬الأوراق‭ ‬النقدية‭ ‬هناك‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬مكاتب‭ ‬البنك‭ ‬المركزى‭ ‬الإقليمية‭ ‬البلاد‭ ‬على‭ ‬تحصيل‭ ‬الضرائب‭ ‬وتخزين‭ ‬الأموال‭ ‬بسهولة‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬تسعى‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬معايير‭ ‬جديدة‭ ‬للعملة‭.‬

كما‭ ‬يحظى‭ ‬نظام‭ ‬تحويل‭ ‬الأموال‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬المحمول‭ ‬بشعبية‭ ‬فى‭ ‬الصومال‭ ‬الآن‭ ‬لأنه‭ ‬طريقة‭ ‬لدفع‭ ‬فواتيرك‭ ‬أو‭ ‬شراء‭ ‬الأشياء‭ ‬أو‭ ‬إرسال‭ ‬الأموال‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬بسهولة‭.‬

اخر اصدار