رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

دولي

COP29 والعدالة المناخية الغائبة.. الدول الغنية تتنصل من مسئولياتها.. والفقراء يدفعون الثمن

26-11-2024 | 13:48

كتب‭: ‬أشرف‭ ‬شهاب

يجتمع‭ ‬زعماء‭ ‬العالم‭ ‬فى‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬التاسع‭ ‬والعشرين‭ ‬COP29‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الأذربيجانية‭ ‬باكو،‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬نوفمبر‭ ‬حتى‭ ‬22‭ ‬نوفمبر‭ ‬الجارى،‭ ‬بهدف‭ ‬مواصلة‭ ‬جهود‭ ‬التحرك‭ ‬بشأن‭ ‬العمل‭ ‬المناخى‭ ‬وتعزيز‭ ‬أهداف‭ ‬الاستدامة‭ ‬والتحول‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭. ‬ويمثل‭ ‬كل‭ ‬مؤتمر‭ ‬للأطراف‭ ‬لحظة‭ ‬حاسمة‭ ‬فى‭ ‬التقدم‭ ‬والتعاون‭ ‬الدوليين،‭ ‬لتنسيق‭ ‬العمل‭ ‬الجماعى‭ ‬حول‭ ‬الأهداف‭ ‬المشتركة‭. ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬مؤتمر‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬ينفد‭ ‬لمكافحة‭ ‬أسوأ‭ ‬آثار‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬لذا‭ ‬ينعقد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الحالى‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭: ‬‮«‬الاستثمار‭ ‬اليوم‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الغد‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬الحاجة‭ ‬الماسة‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬لتحديات‭ ‬تمويل‭ ‬المناخ،‭ ‬والالتزام‭ ‬الطوعى‭ ‬بالمساهمات‭ ‬الوطنية‭ ‬المحددة‭ ‬وفقا‭ ‬للمادة‭ ‬6‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬باريس‭.‬

تأتى‭ ‬قمة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬وسط‭ ‬تقارير‭ ‬جديدة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مستويات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحرارى‭ ‬العالمى‭ ‬تتسارع،‭ ‬ما‭ ‬ينذر‭ ‬بجلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالمناخ،‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬التمويل‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬الأول‭ ‬COP1‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬فى‭ ‬برلين‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحرارى‭ ‬العالمى‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬1‭.‬5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬لايزال‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بعيد‭ ‬المنال،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬يقترب‭ ‬بشكل‭ ‬خطير‭ ‬من‭ ‬خرق‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬فشلت‭ ‬فى‭ ‬احتواء‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭. ‬كما‭ ‬وصل‭ ‬تراكم‭ ‬ثانى‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬وغاز‭ ‬الميثان‭ ‬فى‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوى‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬مسجل‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬كما‭ ‬يمثل‭ ‬حرق‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفورى‭ ‬نحو‭ ‬90‭ ‬‭% ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الانبعاثات،‭ ‬وطبقا‭ ‬لتصريحات‭ ‬جيم‭ ‬سكيا،‭ ‬رئيس‭ ‬الفريق‭ ‬الحكومى‭ ‬الدولى‭ ‬المعنى‭ ‬بتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬وهو‭ ‬المجموعة‭ ‬العلمية‭ ‬التى‭ ‬تقدم‭ ‬المشورة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬المناخ،‭ ‬فإن‭ ‬الالتزامات‭ ‬غير‭ ‬الكافية‭ ‬ترسم‭ ‬“صورة‭ ‬قاتمة”‭ ‬للمستقبل‭.‬

تضارب‭ ‬المصالح

وقد‭ ‬أثار‭ ‬اختيار‭ ‬أذربيجان‭ ‬كدولة‭ ‬مضيفة‭ ‬للمؤتمر‭ ‬مخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬مصداقية‭ ‬المؤتمر،‭ ‬فهذه‭ ‬المرة‭ ‬تعد‭ ‬الثالثة‭ ‬التى‭ ‬تستضيف‭ ‬فيها‭ ‬دولة‭ ‬منتجة‭ ‬كبيرة‭ ‬للوقود‭ ‬الأحفورى‭ ‬المؤتمر،‭ ‬والمرة‭ ‬الثانية‭ ‬فى‭ ‬غضون‭ ‬عامين،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأذربيجانى‭ ‬إلهام‭ ‬علييف،‭ ‬استبق‭ ‬أعمال‭ ‬المؤتمر‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬خطط‭ ‬لزيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬جزئيا‭ ‬لتلبية‭ ‬مطالب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬احتياطيات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬فى‭ ‬البلاد‭ ‬باعتبارها‭ ‬“هدية‭ ‬من‭ ‬الله”‭. ‬كما‭ ‬أدى‭ ‬اختيار‭ ‬وزير‭ ‬البيئة‭ ‬والموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬الأذربيجانى‭ ‬مختار‭ ‬باباييف،‭ ‬وهو‭ ‬شخصية‭ ‬بارزة‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬النفط‭ ‬فى‭ ‬أذربيجان،‭ ‬كمفاوض‭ ‬رئيسى‭ ‬للمؤتمر،‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬حدوث‭ ‬تضارب‭ ‬فى‭ ‬المصالح‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوض‭ ‬أهداف‭ ‬المؤتمر‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬فوز‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬فى‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬بشدة‭ ‬على‭ ‬المفاوضات،‭ ‬ونتائج‭ ‬التصويت‭ ‬فى‭ ‬المؤتمر،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تؤدى‭ ‬رئاسة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬مرة‭ ‬أخرى‭) ‬من‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬واتفاقية‭ ‬باريس،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تراجعها‭ ‬عن‭ ‬الالتزام‭ ‬بخفض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬محليا،‭ ‬وامتناعها‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بأى‭ ‬التزامات‭ ‬مناخية‭ ‬دولية،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هى‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للانبعاثات‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬مصدرى‭ ‬الغازات‭ ‬المسببة‭ ‬للاحتباس‭ ‬الحرارى‭ ‬العالمى‭ ‬حاليا،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬التزاماتها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوض‭ ‬أى‭ ‬جهود‭ ‬عالمية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أى‭ ‬تقدم‭.‬

تحولات‭ ‬زلزالية

ويشير‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬مؤخرا‭ ‬عن‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادى‭ ‬العالمى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تأثيرات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬باتت‭ ‬واضحة‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنكاره،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬الدمار‭ ‬الذى‭ ‬أحدثته‭ ‬الفيضانات‭ ‬فى‭ ‬إسبانيا،‭ ‬والأعاصير‭ ‬القاتلة‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬المناخية‭ ‬المتطرفة‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬لتوسيع‭ ‬الجهود‭ ‬العالمية‭ ‬لمعالجة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬أصبح‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭: ‬“تحولات‭ ‬زلزالية،‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬تغييرات‭ ‬تدريجية”‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬تطبيقها‭ ‬لمواجهة‭ ‬أزمات‭ ‬المناخ،‭ ‬فإن‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الحلول‭ ‬ينقصها‭ ‬العنصر‭ ‬الأهم‭ ‬للتنفيذ،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬التمويل،‭ ‬فالتمويل‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬الذى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المناخية‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل‭. ‬ولهذا،‭ ‬تم‭ ‬تكليف‭ ‬COP29‭ ‬بصياغة‭ ‬اتفاق‭ ‬لإنشاء‭ ‬هدف‭ ‬جماعى‭ ‬مشترك‭ ‬جديد‭ ‬لتوفير‭ ‬التمويل‭ ‬المناخى‭ ‬المطلوب‭.‬

مصادر‭ ‬التمويل

من‭ ‬البديهى‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬التمويل‭ ‬اللازم‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصدقة‭ ‬أو‭ ‬الكرم‭ ‬بل‭ ‬بالمسئولية‭ ‬والعدالة،‭ ‬ويستند‭ ‬بقوة‭ ‬إلى‭ ‬مبدأ‭ ‬المسئوليات‭ ‬المشتركة‭ ‬ولكن‭ ‬المتباينة‭ ‬والقدرات‭ ‬المتبادلة‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬فى‭ ‬اتفاق‭ ‬باريس‭ ‬واتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬بشأن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬وبالتالى‭ ‬فعلى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬تسببوا‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬فى‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ‭ ‬أن‭ ‬يتحملوا‭ ‬العبء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬تكلفة‭ ‬الحل‭. ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬يواجه‭ ‬صعوبات‭ ‬فى‭ ‬التنفيذ‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أثبتت‭ ‬نتائج‭ ‬القمم‭ ‬الماضية‭ ‬صعوبة‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬التمويل،‭ ‬حيث‭ ‬تلقى‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة‭ ‬بالعبء‭ ‬على‭ ‬بنوك‭ ‬التنمية‭ ‬المتعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬كمصدر‭ ‬للتمويل،‭ ‬لكن‭ ‬معظم‭ ‬التمويلات‭ ‬التى‭ ‬تقدمها‭ ‬تلك‭ ‬البنوك‭ ‬تأتى‭ ‬فى‭ ‬شكل‭ ‬قروض‭. ‬وحاليا‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬69‭ % ‬من‭ ‬إجمالى‭ ‬تمويل‭ ‬المناخ‭ ‬فى‭ ‬شكل‭ ‬قروض،‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تعريض‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬المثقلة‭ ‬بالديون‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬القروض‭ ‬غير‭ ‬عادلة‭ ‬لأنها‭ ‬تجبر‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬على‭ ‬تسديد‭ ‬أموال‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تقترض‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬لم‭ ‬تتسبب‭ ‬فيها‭ ‬أساسا‭.‬

ويتطلب‭ ‬توفير‭ ‬الالتزامات‭ ‬التمويلية‭ ‬المشتركة‭ ‬لمواجهة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬توفير‭ ‬حوالى‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬سنويا،‭ ‬وتوجيهها‭ ‬إلى‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأزمة‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬البعض‭ ‬يتساءل‭: ‬هل‭ ‬توفير‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكى‭ ‬هدف‭ ‬قابل‭ ‬للتحقيق؟‭ ‬والإجابة‭ ‬نعم،‭ ‬بشرط،‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬الاستفادة‭ ‬مما‭ ‬يسمى‭: ‬“المصادر‭ ‬المبتكرة”‭ ‬للتمويل،‭ ‬وإجبار‭ ‬الملوثين‭ ‬والمستغلين‭ ‬على‭ ‬الدفع‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬لدول‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين،‭ ‬فرض‭ ‬ضرائب‭ ‬على‭ ‬الثروات‭ ‬أو‭ ‬المليارديرات‭ ‬تصل‭ ‬فى‭ ‬مجموعها‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬1‭.‬7‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬سنويا‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أرباح‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬120‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لشركات‭ ‬النفط‭ ‬الخمس‭ ‬الكبرى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬يمكن‭ ‬فرض‭ ‬ضرائب‭ ‬عليها‭ ‬لتمويل‭ ‬الأهداف‭ ‬المناخية،‭ ‬تنفيذا‭ ‬لمقررات‭ ‬القمم‭ ‬السابقة،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬قمة‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭.‬

لحظة‭ ‬فارقة

كانت‭ ‬قمة‭ ‬COP27‭ ‬التى‭ ‬استضافتها‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬إلى‭ ‬18‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022‭ ‬بمشاركة‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسى،‭ ‬لحظة‭ ‬فارقة‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬سلسلة‭ ‬مؤتمرات‭ ‬COP،‭ ‬حيث‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تبشر‭ ‬بتحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬معالجة‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ،‭ ‬خصوصا‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭ ‬والمتضررة‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬نتائجها‭: (‬1‭) ‬الإنجاز‭ ‬التاريخى‭ ‬بالاتفاق‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬“الخسائر‭ ‬والأضرار”،‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭ ‬التى‭ ‬طالبت‭ ‬بهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التمويل‭ ‬لمساعدتها‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬للتغير‭ ‬المناخى‭. (‬2‭) ‬أكدت‭ ‬القمة‭ ‬ضرورة‭ ‬زيادة‭ ‬تمويل‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬لمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للخطر‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭. (‬3‭) ‬التشديد‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬استخدام‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفورى‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجى،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭. (‬4‭) ‬تعزيز‭ ‬الالتزامات‭ ‬بزيادة‭ ‬الاستثمار‭ ‬فى‭ ‬مشرعات‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬لتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفورى‭ ‬وخفض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭. (‬5‭) ‬تشديد‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬بتوفير‭ ‬التمويل‭ ‬الذى‭ ‬وعدت‭ ‬به،‭ ‬والمحدد‭ ‬بـ100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويا،‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬تمويل‭ ‬جديد‭ ‬وإضافى‭. (‬6‭) ‬إطلاق‭ ‬مبادرات‭ ‬لدعم‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬التى‭ ‬تعد‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثرا‭ ‬رغم‭ ‬مساهمتها‭ ‬الضئيلة‭ ‬فى‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭. (‬7‭) ‬تأكيدأهمية‭ ‬الحلول‭ ‬الطبيعية‭ ‬لمواجهة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬مثل‭ ‬حماية‭ ‬الغابات‭ ‬والمحيطات‭. (‬8‭) ‬مطالبة‭ ‬الدول‭ ‬بتحديث‭ ‬خططها‭ ‬الوطنية‭ ‬بانتظام‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬اتفاق‭ ‬باريس،‭ ‬وتأكيد‭ ‬أهمية‭ ‬زيادة‭ ‬الطموحات‭ ‬المناخية‭ ‬لتجنب‭ ‬تجاوز‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬بمقدار‭ ‬1‭.‬5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭. (‬9‭) ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تأثير‭ ‬المناخ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائى،‭ ‬ومناقشة‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تعزيز‭ ‬الزراعة‭ ‬المستدامة‭ ‬وزيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الغذائى‭ ‬بطرق‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة‭.‬

فاتورة‭ ‬باهظة

يكشف‭ ‬تنصل‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وفى‭ ‬مقدمتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬من‭ ‬التزاماتها،‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المسئولية‭ ‬واضحة،‭ ‬وأن‭ ‬ثمن‭ ‬التقاعس‭ ‬مرتفع‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬ببساطة‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬التمويل‭ ‬الكافى‭ ‬للمواجهة،‭ ‬فقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬للتوقف‭ ‬عن‭ ‬إختلاق‭ ‬الأعذار،‭ ‬والبدء‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬بحسم‭. ‬وحتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬ورغم‭ ‬بدء‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬والمقترحات‭ ‬العديدة‭ ‬التى‭ ‬قدمتها‭ ‬البلدان‭ ‬النامية،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬تضع‭ ‬أى‭ ‬دولة‭ ‬متقدمة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬رقما‭ ‬فعليا‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭.  ‬وإذا‭ ‬انتهت‭ ‬فعاليات‭ ‬COP29‭ ‬دون‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬فعالة‭ ‬لتوفير‭ ‬التمويل‭ ‬اللازم،‭ ‬فإن‭ ‬العمل‭ ‬المناخى‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬سيترك‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬والأطفال‭ ‬الضعفاء‭ ‬فى‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬تحمل‭ ‬أعباء‭ ‬فاتورة‭ ‬باهظة‭ ‬لن‭ ‬يمكنهم‭ ‬الوفاء‭ ‬بها،‭ ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬سيواصل‭ ‬الملوثون‭ ‬والمستغلون‭ ‬العمل‭ ‬دون‭ ‬عقاب‭.‬

والأكيد،‭ ‬أن‭ ‬كوكبنا‭ ‬لا‭ ‬يتحمل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوعود‭ ‬الفارغة‭ ‬والأهداف‭ ‬التدريجية‭ ‬غير‭ ‬الواضحة،‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬التزام‭ ‬البلدان‭ ‬التى‭ ‬تسببت‭ ‬فى‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ‭ ‬التصرف‭ ‬بجدية‭ ‬وجرأة‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬اتفاق‭ ‬باريس‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.‬

اخر اصدار