بقلم:
إيمان عراقى
رئيس التحرير
مهندس الإصلاح المؤسسى للصحف “عبد الصادق الشوربجى”:
الصحف الورقية وجدان الأمة
لم ينته بعد زمن الصحف الورقية فى العصر الحاضر ولن ينتهى قريبا كما يزعم المتشائمون، فمعظم ما نعرفه عن ماضى البشرية مدون بطرق مختلفة على الأشياء المادية: ألواح الطين، أوراق البردى، الأحجار، الجلود، ثم الورق. ولولا هذا التدوين لضاع تاريخ البشرية ولم يكن بوسع العلماء تفكيك طلاسم اللغات القديمة المندثرة. والأسوأ من ذلك أن التراث الرقمى يمكن تغييره أو تحريفه بسهولة، خلافا للآثار المادية للتأريخ. وثمة إمكانية للوقوف على أى تغيير أو تحوير أو تشويه فى الآثار المكتوبة ومنها المطبوعة، أما فى النصوص الإلكترونية فلا يمكن اكتشاف ذلك أبدا.
ورغم أن حرب المنافسة بين الصحافة الورقية والإلكترونية شرسة وتبدو فيها الصحف الورقية تقاوم وتسبح ضد التيار، إلا أن الصحافة الورقية مازالت تتمتع بقوة شعبية تجعلها ذراعا وصوتا للشعب والدولة معا, هذا الكلام ليس فقط فى مصر ولكن على مستوى العالم «تعافر» الصحف الورقية للبقاء، ويبقى هنا أن أؤكد أن بقاءها مبنى على شروط، من أهمها المصداقية والعمل الجاد وفكر الإدارة وتناول الموضوعات الصحفية بشكل يليق بجمهور الصحافة الورقية، وهذا ما انتبه إليه المهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، عندما تولى منصبه حيث تعامل مع الصحف الورقية بجدية وترك رؤساء التحرير يعملون فى جو عمل متميز وله كلمة مشهورة «المهم النتائج» تلك الكلمة تضع المسئولية على أكتاف رؤساء التحرير وتجعلهم يقومون بأقصى جهد.
الصحافة الورقية لن تنتهى
قال «الشوربجي»، فى تصريح له عقب تجديد الثقة من السيد الرئيس: إن التحدى الكبير الذى يواجه صناعة الصحافة الورقية فى مصر والعالم العربى ليس وليد اليوم، ولكنه يرجع إلى فترات سابقة، وإن الصحافة الورقية لم ولن ينتهى دورها أبدا وستظل تشكل وجدان الأمة، مشيرا إلى أن القادم أفضل للصحافة المصرية القومية وأن كل الملفات التى تعنى بالصحافة تتم دراستها وتطويرها من أجل نهضة الصحافة التى كانت ومازالت وستظل بمثابة القوى الناعمة التى تدعم بما تمتلكه من آليات ومحتوى قوى ثبات الدولة المصرية.
وأضاف أن الصحافة الورقية تواجه منذ بضع سنوات أزمة حقيقية نتيجة ظهور شبكة الإنترنت وثورة الاتصالات والمعلومات، لتتغير خريطة المنافسة فى عالم الصحافة بين صحف ورقية فيما بينها إلى صحف ورقية وأخرى إلكترونية. وقد اكتسب هذا النوع الجديد من الصحافة أهمية بالغة منذ ظهوره فى أوائل تسعينيات القرن العشرين بعد أن لوحظ تغير فى سلوك العادات الاستهلاكية للقراء، خاصة مع ظهور جيل الإنترنت الذى لم يعد يتعامل بنفس شغف تعامله مع الصحف الإلكترونية التى تتميز بسرعة نقلها للمعلومات، ومتابعة الأحداث لحظة وقوعها ونقل المعلومات بالصوت والصورة فى الوقت الذى تضطر فيه الصحف الورقية للانتظار 24 ساعة لطباعة الخبر فتفقد بذلك السبق الصحفى الذى ظل لعدة سنوات أحد مؤشرات نجاح الصحيفة.
هذه التصريحات تنم عن وعى بملف الصحافة وما تواجهه من تحديات كبرى وكيف نجعل من هذه التحديات أداة للنجاح، خاصة أن الصحف القومية على مدى السنوات الماضية أصدرت عددا لا بأس به من المطبوعات المتخصصة التى قد تتشابه فى جمهورها، وهذا ما جعل المهندس عبد الصادق يتدخل بدمج بعض الإصدارات معا وتحمل مسئولية هذا الدمج, كما قام بتحويل بعض الصحف إلى إلكترونية، ورغم أن هذه القرارات فى بداياتها كانت صعبة على العاملين فى هذه الصحف، فإن التحول أثبت أن تلك المطبوعات كان من الأفضل لها أن يتحول مسارها، حيث أصبح لتلك المطبوعات التى تحولت إلى صحف إلكترونية جمهور كبير من محبيها يتابع عبر الإنترنت صدورها ويقرأ من يكتب فيها، كما أن الصحف التى اندمجت معا ثبت أنها أصبحت أقوى وأكثر قدرة على المنافسة.
الوسيط الورقى يحمى نفسه بالتطوير
من خلال عملى فى مهنة الصحافة أستطيع القول إن الصحافة الورقية قادرة على استيعاب التطورات فى مجال الإعلام الرقمى، والقول باختفائها ليس له ما يبرره، بعد أن نجح المطبوع فى التعايش مع الراديو، والتليفزيون لسنوات طويلة، حتى إن الإعلام المرئى والمسموع إلى الآن يعتمد على الصحافة الورقية فى المعلومات ويستعين بكتاب هذه الصحف كمصادر للآراء والتعليق على الأحداث, وهنا تظهر الحاجة إلى حماية الصحافة الورقية لنفسها ذاتيا من خلال تطوير الكتابة ومتابعة الأحداث بشكل مختلف، فالخبر فى حد ذاته لم يعد جديدا على القارئ ولكن ما وراء الخبر من تحليل وبحث هو الأهم، لأنه دائما تبقى التحليلات الاقتصادية والسياسية محل اهتمام القارئ، لأنها تضع أمامه صورة لمستقبل الأحداث. وخروج الصحافة الورقية مرهون بالعمل الدءوب على إعادة بنائها حقلا مستقلا بذاته يتماشى مع التطورات الراهنة. وبلغة الأرقام يبلغ عدد قراء الصحف الورقية فى العالم نحو 1.7 مليار شخص، مقابل نحو 2.5 مليار شخص يتعاملون مع النسخ الإلكترونية. إذًا لدينا جمهور كبير يمكننا إرضاؤه ويمكن للمطبوعات الورقية فعل ذلك ببساطة.
من هو عبد الصادق الشوربجى؟
أثبت المهندس عبد الصادق الشوربجى كفاءته فى إدارة المؤسسات الصحفية القومية خلال الفترة الماضية، فقد استطاع تطويرها والاهتمام بالعنصر البشرى وتدريبه وتأهيله للارتقاء بمستوى الأداء المهنى، هذا إلى جانب جهوده فى الحفاظ على أصول المؤسسات الصحفية القومية واستثمارها، وما شهدته الهيئة فى عهده من قطع شوط كبير فى عمليات التطوير والتحديث وإعادة الهيكلة أكبر دليل على ذلك..
إليكم سيرة ذاتية حافلة بالعمل الجاد والدءوب:
الاسم: عبد الصادق محمد عبد العزيز الشوربجى
رئيس الهيئة الوطنية للصحافة.
المؤهل والدرجات العلمية:
- بكالوريس هندسة 1984.
- حصل على منحة من ألمانيا فى مجال الإدارة والطباعة الصحفية لمدة عامين ونصف العام.
- حصل على دورات تدريبية معتمدة فى مجال الإدارة والطباعة الصحفية من سويسرا وفرنسا وكندا وألمانيا.
المناصب والوظائف:
- مهندس ومدير إدارة بالهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية.
- التدريس فى كلية الفنون التطبيقية من عام 1997 حتى عام 2008.
- مدير عام مؤسسة روزاليوســـف من عام 2006 حتى عام 2012.
- رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف الصحفية من عام 2012 حتى عام 2020.
- رئيس الهيئة الوطنية للصحافة منذ يونيو 2020.
من خلال العمل فقط يمكنك الحكم على البشر وهذا ما أثبته المهندس عبد الصادق الشوربجى الذى يطيب لى أن أتقدم له بالتهنئة على تجديد الثقة الذى صادف أهله وكلى أمل فى أن تجد الصحافة الورقية الجادة فى عهده طريقها نحو الاستمرار والتقدم وأن تستعيد المؤسسات القومية العريقة مكانتها، وطالما قدمت تلك المؤسسات للجمهور عبر السنين مادة مختلفة واستطاعت أن تكون صوت الشعب المصرى لسنوات والقوى الناعمة للدولة.