كتبت: د. آيات البطاوى
جاء تخفيض بنك مصر العائد على الشهادات الدولارية لديه كرد فعل طبيعى لخفض الفيدرالى الأمريكى أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2024، وذلك بواقع 25 نقطة أساس لتتراوح بين 4.25 و4.50 %.
ويعكس توجه الفيدرالى الأمريكى لخفض الفائدة التحول من السياسة التقييدية إلى السياسة التيسيرية التى تستهدف التشغيل، وفى التصور العام، فإن توجه البنوك المحلية لخفض عوائد الأوعية الادخارية بالعملة الدولارية لن يؤثر على قوة وجاذبية الطلب على هذه المنتجات، نظرا لأنه مازال هناك فارق كبير بين سعر الفائدة على الدولار فى الخارج ما يقرب من 2 % وبين الأوعية الادخارية فى بنكى الأهلى ومصر، هذا الخفض فى عوائد الأوعية لا يحقق للبنوك خفضا فى تكلفة الأموال بما يعزز إمكانياتها فى خفض تكاليف التمويل للمستثمرين، ولكن من غير المتوقع أن يؤثر توجه البنوك لخفض عوائد الشهادات بالدولار الأمريكى على توجه البنوك الأخرى فى خفض الفائدة على منتجاتها الادخارية الدولارية، لأن أسعارها الحالية فى حدود الأسعار العالمية.
وتشير البيانات الأخيرة الصادرة عن البنك المركزى إلى أن ودائع البنوك بالعملة الدولارية التى تخص العملاء غير «القطاع الحكومى وقطاع الأعمال العام» قد ارتفعت بأكثر من 4 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجارى، لتصل إلى 54.6 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضى، مقابل 50.5 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023.
هذه المؤشرات تؤكد جاذبية أسعار الفائدة واستقرار ومرونة الأسعار كما يأتى نمو الودائع بالنقد الأجنبى، خاصة بعد الحقبة الصعبة التى كانت قد أثرت بالسلب فى معدلات نمو الودائع بالنقد الأجنبى نتيجة الصدمات الخارجية الدولية المتمثلة فى الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة، وأيضا التوترات الجيوسياسية، التى قللت من وتيرة انسياب ودائع النقد الأجنبى من كل المصادر ومنها ودائع الأفراد.
ومثل يوم السادس من مارس 2024 بارقة أمل، حيث تم الإعلان من قبل البنك المركزى عن الإصلاحات الهيكلية والتاريخية، التى بمقتضاها تم تحرير سعر الصرف وتركه حرا لظروف العرض والطلب فى إطار سياسة مرنة لسوق الصرف، وأيضا الرفع التاريخى لسعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، ترتب على هذه القرارات أن تم توحيد سوق النقد وإلغاء الفجوة السعرية التى كانت قائمة بين سعرى السوق الرسمى والموازى.
وفى ضوء تولد بعض الضغوط التضخمية الأمريكية وعدم توحد فكر وقرار أعضاء لجنة السياسة الأمريكية النقدية على استمرار الخفض المتتالى يرى المراقبين أنه سيتم تثبيت أسعار الفائدة فى المرحلة القادمة على الأقل لمدة الأشهر الـ3 القادمة على التوالى، وبالتالى لا يعتقد المراقبون أنه سيتم تخفيض المنتجات الدولارية قبل أن يقوم الفيدرالى باتخاذ قرار آخر للتخفيض.
ومن ناحية أخرى لا يعنى أن تخفيض عوائد المنتجات الادخارية الدولارية الذى تم الإعلان عنه من قبل بنك مصر على شهادتى ادخار “القمة” و”إيليت” بالدولار الأمريكى لمدة ثلاث سنوات بنحو 0.50 %، لتصبح 8 % و6 % سنويا بدلا من 8.5 % و6.5 % سنويا أن يصاحب أو يلازم ذلك تخفيضا محتملا فى الشهادات الثلاثية ذات العوائد المميزة بالعملة المحلية، فليس هناك ثمة علاقة مباشرة أو غير مباشرة بآليات المنتجات الدولارية، حيث لكل منهم إستراتيجية وإدارة تعامل مختلفة.
وفى التصور العام إذا كان خفض أو رفع الفائدة على المنتجات الدولارية طويلة الأجل بالشكل المذكور يعود بالشكل الأساسى على تغيرات الفائدة على الدولار الأمريكى الصادرة من الفيدرالى الأمريكى فإن خفض الفائدة على الجنيه المصرى مرتبط بتغيرات أسعار الفائدة المعلنة من لجنة السياسة النقدية المرتبطة بالكوريدور التى تستهدف السيطرة على معدلات التضخم.
وخفض بنكا الأهلى المصرى ومصر فى أكتوبر الماضى الفائدة بواقع 0.5 % على شهادة الادخار الدولارية الثلاثية ذات العائد المدفوع مقدما بالجنيه إلى 8.5 %، وعلى الشهادة الدولارية الثلاثية إلى 6.5 %، التى يصرف العائد عليها بالدولار كل 3 أشهر.
وطبقت البنوك المصرية فى مارس الماضى زيادة على فائدة الودائع والشهادات الدولارية بعد اتجاه الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى على مدار آخر عامين باتباع سياسة نقدية تشددية وزيادة سعر الفائدة على الدولار إلى 5.5 % بدلا من 0.25 % قبل الزيادات بهدف كبح التضخم.