%6 انخفاضا متوقعا فى مؤشر الدولار
إعداد: شريفة عبد الرحيم
تغييرات عدة تشهدها الساحة العالمية اقتصاديا، حيث تشعر الأسواق بالاستياء من الدولار، وما يتعلق بخفض بنك الاحتياطى الفيدرالى لأسعار الفائدة. يتوقع بعض الاستراتيجيين أن تبلغ العملة ذروتها فى منتصف عام 2025، قبل أن تبدأ فى الانخفاض، حيث يتوقع محللون انخفاض مؤشر الدولار الأمريكى بنسبة 6% بنهاية العام الجديد.
فما بين تهديدات الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، وزيادة احتمالات بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، يبدو أن الدولار محتفظ بقوته على المدى المتوسط. ومن ناحية أخرى، هناك مخاطر متعلقة بديون الولايات المتحدة المتزايدة بسرعة وعجز الميزانية، الذى يمثل أكبر تهديد للاستقرار المالى العالمى.
ارتفع الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية فى 2024، حيث ارتفع بنحو 5% مقابل اليورو، و8% مقابل الين، ونحو 16% مقابل البيزو المكسيكى فى أكبر ارتفاع للدولار منذ عام 2015.
وتدور تساؤلات هذه الأيام.. هل بلغ الدولار ذروته؟
كان صعود الدولار واحدا من القصص الكبرى فى السوق عام 2024، حيث اتجه نحو أكبر ارتفاع سنوى له منذ عام 2015. ومع ذلك هناك شعور متزايد فى وول ستريت بأن التفاؤل بشأن العملة الأمريكية من غير المرجح أن يستمر طوال عام 2025.
ومن بين البنوك التى تتوقع ذروة للدولار فى منتصف العام المقبل، «مورجان ستانلي» وجيه بى مورجان تشيس» و»بنك أوف أمريكا». ويتوقع «سوسيتيه جنرال» انخفاض مؤشر الدولار بنسبة 6% بنهاية 2025.
وقال كيت جوكس، رئيس استراتيجية العملة فى «سوسيتيه جنرال»: إن قوة الدولار كانت «مزعجة للغاية»، والذى دفع سعر الأصول إلى مستوى غير مستدام على المدى الطويل.
وما عزز العملة فوز دونالد ترامب فى الانتخابات والاقتصاد الأمريكى المرن الذى يترك الاحتياطى الفيدرالى حاليا مع مساحة أقل لخفض أسعار الفائدة.
من بين عوامل الهبوط فى مرحلة ما برأى المحللين، أن يبدأ العجز فى الميزانية فى التأثير على المستثمرين، وربما يتبين أن تعريفات ترامب غير شاملة مثلما هو معلن. وكذلك صمود الاقتصاد العالمى أيضا، بعد أن خففت البنوك المركزية الأجنبية السياسة النقدية، مما يسمح للمستثمرين بالبحث عن العوائد فى أصول أخرى غير الدولار.
ومن ناحية أخرى، يرى خبراء آخرون مخاطر تدعم صعود الدولار بسبب سياسات ترامب التجارية، فمن الناحية النظرية من شأن التعريفات الجمركية أن ترفع الأسعار لأى سلع مستوردة، تستخدمها الشركات المصنعة الأمريكية، وارتفاع الأسعار، وبالتالى التضخم سوف يثنى الاحتياطى الفيدرالى عن خفض الفائدة، والذى سيعزز قوة العملة.
وقال بارى إيكنجرين، الخبير الاقتصادى فى جامعة كاليفورنيا، والذى أمضى عقودا فى دراسة النظام النقدى العالمى، إنه إذا أدت التعريفات الجمركية إلى ارتفاع تكلفة الصلب والألمنيوم، فسيكون ذلك بمثابة صدمة سلبية فى العرض لصناعة السيارات المحلية التى تستخدم تلك المدخلات المستوردة.
وبالطبع هناك خطر كبير واحد يهدد توقعات الدولار الهبوطية، فربما ينتهى الأمر بمجلس الاحتياطى الفيدرالى إلى الحفاظ على أسعار الفائدة أعلى ولفترة أطول من المتوقع، مما يجعل الاحتفاظ بالدولار فى البنك أكثر ربحية. وفى مذكرة مؤخرا، قال محللو بنك «جولدمان ساكس»: إنه لم يعد يتوقع أن يخفض البنك المركزى أسعار الفائدة فى يناير. وفى الوقت نفسه، تعد الاقتصادات الآسيوية من بين تلك التى تسعى إلى حماية نفسها من تداعيات الدولار القوى.
ومن ثم يركز المستثمرون على الفرص فى شركات تصنيع الرقائق والأسهم المصرفية المختارة، فضلا عن الديون المقومة بالدولار.
الدين الأمريكى يهدد الاستقرار المالى العالمى
يعد تفاقم الديون أكبر تهديد للاستقرار المالى العالمى، بحسب بنك التسويات الدولية. وبرأى كبير خبراء البنك كلاوديو بوريو أن إصلاح المالية العامة يجب أن يكون له الأولوية قبل انتشار الذعر فى الأسواق بين مستثمرى السندات.
فى تقرير المؤسسة التى تتخذ من بازل مقرا لها، حذر المسئولون الحكومات من مخاطر ظهور مؤشرات تحذيرية فى الولايات المتحدة، حيث إن التاثير العالمى أكبر.
وقال بنك التسويات الدولية: إن الاقتراض الحكومى بات يشكل أكبر خطر على الاستقرار الاقتصادى العالمى، وينبغى أن تكون التحولات الأخيرة فى معنويات السوق بمثابة تحذير، ففى الأشهر الثلاثة الماضية، بلغت عائدات الخزانة المتوسط الذى كانت عليه بين عامى 2007 و2008، وذلك وقت اشتعال الأزمة المالية العالمية. وارتفعت فروق مقايضات الائتمان السيادية الأمريكية قبل الانتخابات الرئاسية، قبل انخفاضها مرة أخرى بعد إعلان النتيجة بشكل حاسم.
وقال بوريو: إن هناك استثناء للولايات المتحدة، بسبب مكانة الدولار ودوره فى النظام المالى العالمى. وربما يستغرق ظهور علامات التحذير وقتا أطول، ولكن بمجرد ظهورها يكون التأثير على الاقتصاد العالمى أكبر.
كان بنك التسويات الدولية حذر مرارا وتكرارا من مخاطر تفاقم الدين العام فى جميع أنحاء العالم. وفى يونيو الماضى بدأ تفاقم الخطر الذى ربما تواجهه الدول حال حدوث فقدان مفاجئ لثقة المستثمرين، فمنذ ذلك الحين واجهت فرنسا ارتفاعا حادا فى عائدات السندات السيادية وسط مأزقها السياسى بشأن ميزانية عام 2025، وواجهت المملكة المتحدة اضطرابات بشأن خططها المالية الخاصة.
كما لاحظ بنك التسويات الدولية ظهور علامات على فائض المعروض من السندات الحكومية.
توقعات
مع عودة دونالد ترامب، الذى لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، إلى البيت الأبيض بعد أسابيع قليلة، فلا عجب أن المزيد من البنوك والشركات الاستشارية ترافق توقعاتها الرئيسية بتحليلات لما قد يحدث بشكل مختلف أو خاطئ. ويطلق فريق دويتشه بنك على هذه التوقعات اسم «الكرات المنحنية».
ومن أبرز توقعاتهم للعام الجديد ما يلي:
ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 20% للعام الثالث أو لا.
اتفاق الولايات المتحدة والصين على صفقة تجارية رائعة.
هبوط الدولار.
انتهاء الأمر برفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالى، وعودة التضخم إلى الظهور و/أو خوف المسئولين أخيرا من حجم العجز فى الميزانية الأمريكية.
فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 100%، وتعيين ظل لرئيس الاحتياط الفيدرالى جيروم باول، وأزمة غاز فى أوروبا، واليابان تدعو إلى انتخابات أخرى.
وأخيرا، يشارك إريك روبرتسن من «ستاندرد تشارترد» بمزيد من السيناريوهات التى يعتقد أنها أقل من قيمتها الحقيقية من قبل الأسواق. ومن بينها ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 5.5%، والركود الحاد فى منطقة اليورو، الذى يضطر البنك المركزى الأوروبى لخفض أسعار الفائدة إلى ما دون 1%، وارتفاع سعر برميل النفط برنت إلى 100 دولار، وفوز ترامب بجائزة نوبل للسلام.
والدرس المستفاد من السنوات الماضية هو عدم استبعاد أى شيء. وقال ريد وهنرى ألين من «دويتشه بنك» إن الأمر الأكثر إثارة للدهشة فى الواقع هو عدم حدوث مفاجآت.