البنك الدولى: 80 مليار دولار تكلفة إعادة الإعمار فى غزة
50 مليون طن حجم الأنقاض الناتجة عن التفجيرات الإسرائيلية تحتاج 20 عاما لرفعها
%96 من إجمالى مبانى القطاع دمرت والحرب أعادت التنمية للوراء 60 عاما
%70 الأراضى الزراعية المتضررة
انهيار كامل لقطاع الصحة و 10 مليارات دولار لإعادة تأهيله
تقرير: زينب فتحى أبو العلا
بعد أن انطلقت صافرة انتهاء الدمار جاء صوت إعادة الإعمار، لقطاع غزة الذى يعد مهمة ثقيلة للغاية، لعدة أسباب أهمها ضخامة الأضرار فالضربات الإسرائيلية على القطاع أتت على الأخضر واليابس، وحسب تقديرات الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية فإن عملية إعادة البناء للقطاع تتطلب عقودا زمنية فضلا عن تقديرات تكلفته الباهظة التى تصل إلى 80 مليار دولار، لكن ما يزيد الأمر صعوبة هى الآلية التى تتم من خلالها عملية الإعمار والمشرف على تلك المهام، وعدم اليقين بالنسبة للوسيط من الجانب الفلسطينى بين المستثمرين والدول الأجنبية المانحة للمعونات لعملية الإعمار، وتؤكد التقارير والخبراء الدوليون أن الأمر لايزال يتسم بالضبابية فى هذا الشأن، ويحتاج الوقت للكشف عنه مستقبلا.
دمار غير مسبوق
وفقا لتقديرات الأمم المتحدة التى نشرتها هذا الشهر عن الخسائر فى قطاع غزة، فإن الأنقاض الناتجة عن التفجيرات الإسرائيلية بلغ حجمها نحو 50 مليون طن، وتتطلب نحو 21 عاما لرفعها، كما تتطلب وجود 100 شاحنة تعمل على مدار اليوم، قد تمتد إلى 30 عاما لإزالة مخلفات الحرب فى غزة من أنقاض المبانى والطرق المدمرة، وتصل تكلفة هذا النقل إلى نحو 1. 2 مليار دولار، علما بأن تكلفة نقل هذا الركام وحدها تبلغ نحو 700 مليون دولار، وأفاد التقديرات أيضا أن الحطام يحتمل أن يكون ملوثا بالأسبوتس المستخدم فى مواد بناء المخيمات لأهل غزة، مشيرا إلى أن أعمال إزالة الأنقاض قد تكون معقدة لاحتوائها على كميات هائلة من الذخائر غير المنفجرة والمواد الضارة ناهيك بالبقايا البشرية، حيث يعتقد وجود الآلاف تحت الأنقاض ومن المرجح أن تضم هذه الأنقاض جثثا لشهداء من القطاع، حيث أشار وزير الصحة الفلسطينى إلى أنه لايزال رفات نحو 10 آلاف شخص تحت الأنقاض، من ناحية أخرى فإن فكرة التخلص من الركام فى البحر تثير تعقيدات سياسية، حيث يمكن أن تؤدى إلى تغيير جغرافى لتوسيع مساحة قطاع غزة، كما أعلن مسئول برنامج الأمم المتحدة الإغاثى أن الصراعات أعادت التنمية فى غزة إلى الوراء لأكثر من 69 عاما، كما أشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن عملية إعادة إعمار غزة، سوف تستمر على الأقل حتى عام 2040، بل من المحتمل حسب التقرير أن تستمر عدة عقود، ووفقا للأرقام الصادرة عن مركز الأرقام الصناعية «يونوسات» فى ديسمبر، فإن 96 % من إجمالى مبانى قطاع غزة دمرت أو تضررت، وتضم الأنقاض نحو 245 ألف وحدة سكنية كان يسكنها نحو 1. 8 مليون شخص وهم فى حاجة عاجلة لملاذ آمن وفقا لتقدير مكتب الشئون الإنسانية للأمم المتحدة، وقد قدرت الأمم المتحدة والبنك الدولى خسائر البنية التحتية بنحو 18. 5 مليار دولار وذلك حتى نهاية يناير 2024، حيث تضررت المبانى السكنية والتجارية والصناعية والخدمات الأساسية، أيضا المبانى التعليمية والصحية، كما تضررت 70 فى المائة من شبكة الطرق بنحو 1190 كيلومترا من الشوارع، من بينها 415 كلم تضررت بشدة و1440 كيلومترا تضررت بشكل متوسط، وتم تدمير أجزاء واسعة من القطاع الساحلى. وفقا لـ»تحليل أولى» أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية «يونوسات» فى أغسطس من 2024.
الدمار شمل الأخضر واليابس
وأشار مكتب الشئون الإنسانية إلى أن ربع احتياطى المياه كان متوافرا قبل الحرب، فى حين أنه فى الوقت الحالى 68 % من شبكات المياه تضررت، وما يقرب من نصف الأراضى الزراعية فى غزة التى توفر المواد الغذائية للمواطنين دمرت وجرفت بسبب القصف الإسرائيلى.
وفق ما كشفت عنه صور الأقمار الصناعية، فقد دمرت الزراعات والمحاصيل الحقلية وانتشر الجوع فى كل القطاع، بعد ما يقرب من 15 شهرا من الضربات الإسرائيلية، وكشفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة عن نفوق 15 ألف رأس من الماشية بما يعادل 95 % من الإنتاج، ونصف الأغنام الموجودة بالقطاع، وفى محافظة شمال غزة بلغت نسبة الأراضى الزراعية المتضررة 79 % وفى محافظة رفح 57 % وحسب صور التقطها مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة فى 26 سبتمبر 2024، فإن نحو 70 % من الأراضى الزراعية فى القطاع، أى ما يعادل 103 كلم مربع، تضررت من جراء الحرب، وفى محافظة شمال غزة بلغت نسبة الأراضى الزراعية المتضررة 79 % وفى محافظة رفح 57 % .
من يشرف على الإعمار فى غزة؟
وفقا لموقع إيكو الفرنسى فإن احتياجات قطاع غزة ضخمة للغاية، لكن ما يزيد الأمر صعوبة، هو عدم معرفة من سيكون على رأس السلطة فى قطاع غزة فى الوقت الحالى، وأن يتمتع بالشرعية السياسية الكافية للحصول على تمويل دولى، ويشرف بالتالى على مهام إعادة الإعمار، وحسب الموقع يرى عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين أنه من العبث إقناع المانحين الأجانب فى هذا الموقف الذى يتسم بعدم اليقين، دون أن يكونوا متأكدين أن ما سوف يتم تمويله، لن يدمر مرة أخرى فى حالة استئناف الحرب مرة أخرى. وقد أعلن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أنه على استعداد لتحمل كامل المسئولية فى القطاع وقد التقى محمد مصطفى رئيس الوزراء الفلسطينى يوم الجمعة السابق فى بروكسيل بممثلين عن الاتحاد الأوروبى، وقاموا بوضع خطة لمدة 100 يوم، تشمل مشروعات لإصلاح البنية الأساسية، مثل شبكات المياه، تعتمد على تمويل أوروبى وعدد من الدول العربية مثل دول الخليج مثل قطر والمملكة العربية السعودية وكذلك مصر، وحسب الموقع فإن السلطة الفلسطينية لا تمتلك الموارد المالية اللازمة لسداد مرتبات الموظفين، حيث يعمل فى القطاع ما يقرب من 145 ألف موظف ولم يحصلوا على سوى 30 % إلى 50 % من رواتبهم منذ 15 شهرا.
تحديات سياسية وقانونية
ويشير الموقع إلى أن دعوة عباس تواجه مأزقا كبيرا، فالسلطة الفلسطينية لم تشارك فى اتفاق وقف إطلاق النار المبرم الأسبوع الماضى بين إسرائيل وحماس، من جانبه يرفض نتنياهو هذا الأمر بصورة مطلقة وحسب الموقع فإنه يسعى لفعل أى شىء حتى لا يترأس الرئيس الفلسطينى على السلطة فى القطاع، بسبب مخاوفه من اتساع الدولة الفلسطينية، وبصورة موجزة يرى الدبلوماسيون الأوربيون أنه من الصعب تحديد من سيتقلد زمام السلطة فى القطاع، أو سيكون حلقة الاتصال من جانب الفلسطينيين مع المستثمرين المحتملين فى القطاع، ويشير الموقع إلى أن ضبابية الوضع تجعل من المستحيل المضى قدما فى إعادة إعمار غزة، وما يزيد الأمر تعقيدا، أن الفلسطينيين أنفسهم ليسوا فقط من يرغبون فى المساندة الدولية جراء الدمار الإسرائيلى، فقد تطالب كل من لبنان وسوريا كل المانحين والمستثمرين الدوليين، بيد أن التدخل الدولى فى عملية إعادة إعمار غزة ربما يقترن بشروط سياسية، ونقلت رويترز عن عدد من الدبلوماسيين الأجانب والمسئولين الغربيين قولهم إن مناقشات تجرى خلف الأبواب المغلقة تشمل إمكانية أن تشرف الإمارات والولايات المتحدة إلى جانب دول أخرى بشكل مؤقت على الإدارة والأمن وعملية إعادة الإعمار فى قطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلى منه وحتى تتمكن إدارة فلسطينية من تسلم المسئولية.
ومن التحديات الرئيسية التى تواجه إعادة الإعمار تتمثل فى النزاعات القانونية حول تحديد الملكيات. وقد تعطل النزاعات القانونية عملية البناء، خاصة فى ظل غياب إطار قانونى واضح يعالج هذه الإشكاليات. وتعتبر إعادة إعمار غزة ليست مجرد عملية بناء، بل هى معركة اقتصادية وسياسية تتطلب تعاونا دوليا وجهودا مشتركة، فالتعامل مع هذه التحديات الهائلة يستدعى حلولا مبتكرة ودعما مستداما لإعادة الأمل إلى القطاع وسكانه.
الاقتصاد يعود للخمسينيات
يقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، إن الحرب فى غزة دمرت الاقتصاد الفلسطينى إذ انخفض الناتج المحلى الإجمالى 35 % منذ بداية الحرب قبل عام فى حين انهارت مستويات التنمية فى القطاع نفسه لتعود إلى ما كانت عليه فى الخمسينيات من القرن الماضى.
وقالت المسئولة بالبرنامج تشيتوسى نوجوتشى فى أكتوبر الماضى فى أثناء إطلاق دراسة جديدة حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية للحرب إنه استنادا إلى بعض المعايير اقترب مستوى الفقر فى قطاع غزة الآن من 100 % نتيجة للاضطرابات فى حين بلغ معدل البطالة 80 % ، وتشير تقديرات الأمم المتحدة، إلى أنه حتى فى السيناريو الأكثر تفاؤلا، بافتراض أن يبلغ النمو معدل النمو الاقتصادى السنوى 10 فى المائة، تحتاج غزة لعشرات السنوات للتعافى، وعلى افتراض عدم تجدد العمليات العسكرية، والوصول لحالة من حرية الحركة والسلع والأفراد، ترجح منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» أن يعود نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى إلى مستويات 2022، بحلول عام 2050، أما التقديرات المتشائمة، فتظهر أن إعادة الإعمار ستكون باهظة جدا وتحتاج لعقود، ما يعنى أن المعاناة ستبقى مستمرة لأجيال فى غزة.
هل تصبح إندونيسيا ملجأ للاجئين؟!
فى حين أشار موقع صوت الشمال عن مصير قاطنى القطاع والبالغ عددهم نحو 2.4 مليون مواطن أثناء عملية الإعمار، أحد الحلول المطروحة، ويتم بحثها أن يتم نقل جزء من اللاجئين إلى إندونيسيا حسب ما أشار تقرير لقناةABC ، ولم تشر القناة إلى أسباب اختيار إندونيسيا كملجأ للفلسطينيين، التى يصل عدد سكانها نحو 270 مليون نسمة 87 % من سكانها مسلمون، ولم يذكر التقرير دولا أخرى مطروحة ومرجح أن تفتح أبوابها لأهل غزة لكن حسب الموقع فإن هذا الانتقال لابد أن يحظى بقبول الفلسطينيين أولا، حيث إن مقترح انتقال أهل غزة من القطاع يقابل بمعارضة واسعة من جانبهم، ومن جانب جيرانهم من دول الجوار، فيرى معظمهم أن هذا الانتقال هو الخطوة الأولى لسياسة الإقصاء والطرد لأهل غزة وتصفية للقضية الفلسطينية.