51 مليار دولار تكلفة إعادة المبانى المهدمة
مصر قادرة على تبنى إعادة الإعمار ولديها خبرات سابقة
دعوة مصرية للبدء فى مشروعات التعافى المبكر
.. ودور مصرى بارز فى التوصل لوقف إطلاق النار
جهود مكثفة للهلال الأحمر المصري لتجميع المساعدات وضمان وصولها
مراكز لوجستية لدعم القطاع بمشاركة المنظمات المصرية
نهلة أبو العز
انتهت الحرب ولكن لم تنتهِ آثارها المدمرة على قطاع غزة, وإذا كنا نريد توصيف المشهد بدقة فعلينا أن نقول إعادة بناء غزة فما حدث من تخريب على مدى عام ونصف العام يحتاج وفقا لتقديرات الأمم المتحدة إلى 35 عاما من البناء المتواصل حتى تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب، هذا المشهد المروع يحتاج إلى تكاتف جميع الدول لمساندة غزة والإسراع بإعادة الإعمار.
وفق المعلومات المتاحة مصر ستعقد مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار غزة بعد بدء الهدنة ومن المعروف أن مصر كان لها دور بارز فى الوصول للاتفاق وفى إيصال المساعدات طوال فترة الحرب.
هنا تحقيق موسع عن غزة بعد الهدنة.
مدينة غزة الواقعة شمالى القطاع، التى كان عدد سكانها 600 ألف نسمة قبل الحرب، تعرض ما يقرب من ثلاثة أرباع المبانى 74 % للقصف. وتكشف تقديرات خبراء أن نحو 70 % من مبانى قطاع غزة متضررة أو مدمرة جراء الحرب التى دامت أكثر من 15 شهرا.
لعبت مصر دورا مهما مع الوسطاء الدوليين فى التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وأبدت استعدادها «لاستضافة مؤتمر دولى» من أجل إعادة إعمار غزة. ودعت الخارجية المصرية فى بيان المجتمع الدولى إلى «البدء فى مشروعات التعافى المبكر» تمهيدا لإعادة الإعمار، إلى جانب دعم الجهود الإنسانية. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن إعادة إعمار القطاع من ناحية البنية التحتية والمبانى ستستغرق ما يصل إلى 15 عاما، وستكلف أكثر من 51 مليار دولار.
دانييل إيغل الخبير الاقتصادى فى مؤسسة «راند»، يقدر تكاليف إعادة إعمار غزة بأكثر من 80 مليار دولار، إذا ما تم احتساب جميع النفقات المباشرة وغير المباشرة، وفقا لما أكده لوكالة بلومبرج. وقال «يمكن إعادة بناء مبنى، ولكن كيف يمكن إعادة بناء حياة مليون طفل؟» وقال «إن 172 ألف مبنى متضرر جزئيا أو كليا فى القطاع حتى 11 يناير الجارى، أى ما يعادل، وفق حساباتهما، 60 % من مبانى القطاع الفلسطينى.
أما فى مدينة رفح الواقعة فى أقصى جنوب غزة، فقد أظهرت تحليلات الباحثين أن 48. 7 % من مبانيها تضررت بالقصف.
خسائر بالجملة
أظهرت صور أقمار اصطناعية قطاع غزة قبل وبعد الحرب مع إسرائيل التى أسفرت عن مقتل نحو 46 ألف فلسطينى وتدمير أجزاء واسعة من القطاع الساحلي. وتضررت 70 % من شبكة الطرق بنحو 1190 كلم من الشوارع، من بينها 415 كلم تضررت بشدة و1440 كلم تضررت بشكل متوسط، وفقا لـ»تحليل أولى» أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية «يونوسات» فى أغسطس من 2024.
ولإزالة مخلفات الحرب فى غزة من أنقاض المبانى والطرق المدمرة، نحتاج إلى 15 عاما، بسيناريو وجود 100 شاحنة تعمل على مدار اليوم، وقد تمتد إلى 30 عاما.
وتقدر الأمم المتحدة أن الحرب خلفت أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض، أى ما يعادل 12 ضعف حجم أكبر هرم فى مصر.
المرافق العامة
تقول منظمة العفو الدولية إن أكثر من 90 % من المنشآت المبنية على مساحة تزيد على 58 كيلومترا مربعا والواقعة على طول الحدود بين القطاع الفلسطينى وإسرائيل، «دمرت أو تضررت بشدة» على ما يبدو بين أكتوبر 2023 ومايو 2024. وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية القليلة فى شمال قطاع غزة التى لا يزال ممكنا تشغيلها، أصبح «فارغا» و»خارج الخدمة» منذ استهدفته عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة فى أواخر ديسمبر. وتقول المنظمة الصحية الأممية أيضا إن 18 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى 50 فى المائة تعمل «جزئيا»، بقدرة إجمالية تبلغ 1800 سرير.
أما بالنسبة لأماكن العبادة، فمن خلال الجمع بين بيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية وقاعدة بيانات أوبن ستريت ماب الدولية يتبين أن 83 % من مساجد القطاع تضررت جزئيا أو كليا.
دفعت مدارس القطاع التى تستخدم منذ بدء الحرب مراكز إيواء للنازحين، بما فى ذلك تلك التى ترفع علم الأمم المتحدة الأزرق، ثمنا باهظا أيضا فى الحرب،إذ تعرضت للقصف.
أحصت اليونيسف تضرر ما لا يقل عن 496 مدرسة، أى ما يقرب من 88 فى المائة من أصل 564 منشأة مسجلة. ومن بين هذه المدارس هناك 396 مدرسة أصيبت بقصف مباشر.
المساحات الزراعية
بالنسبة إلى الدمار الذى لحق بالأصول الزراعية بما فى ذلك أنظمة رى ومزارع مواش وبساتين وآلات ومرافق تخزين فالنسبة أكبر من ذلك بكثير، إذ راوحت حتى مطلع 2024 بين 80 فى المائة و96 فى المائة، وفقا لتقرير نشره فى سبتمبر مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة، أنه حتى فى السيناريو الأكثر تفاؤلا، بافتراض أن يبلغ النمو معدل النمو الاقتصادى السنوى 10 %، تحتاج غزة لعشرات السنوات للتعافى. وعلى افتراض عدم تجدد العمليات العسكرية، والوصول لحالة من حرية الحركة والسلع والأفراد، ترجح منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» أن يعود نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى إلى مستويات 2022، بحلول عام 2050.
إعادة الحياة لغزة
الدكتور رامى عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، أكد أن إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلى الغاشم الذى استمر قرابة 15 شهرا يعد المرحلة اللاحقة لنجاح المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة، موضحا أنه حال مرت هذه المرحلة وتم تنفيذ كل البنود التى جاءت بها سيتم الانتقال لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق وهو الوصول للاتفاق النهائى لوقف إطلاق النار.
وقال إنه مع الوصول للاتفاق النهائى لوقف الحرب سيصبح هناك حديث أو بداية تنفيذ جهود إعادة إعمار قطاع غزة الذى يعد إعادة الحياة للأرض التى شهدت تدمير وخراب واستشهاد الفلسطينيين، مؤكدا أن إعادة الإعمار يعنى الحفاظ على استمرار الشرعية الفلسطينية وعدم سيطرة وعدم تحقيق إسرائيل أهدافها الحقيقية.
ونوه بأن الوصول لهذه المراحل من اتفاق التهدئة مرهون بشكل كبير بالتزام الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى للوصول إلى بر الأمان بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، مؤكدا أن الهدنة بمنزلة ضياع جنى الثمار لإسرائيل بعد 15 شهرا من الحرب والعدوان على قطاع غزة.
التضامن الاجتماعى حجر الزاوية
أعلنت الدكتورة مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى نائب رئيس الهلال الأحمر المصرى، جاهزية مصر الكاملة للبدء فى التحركات الخاصة بالهدنة فور سريانها رسميا، مشيرة إلى أن الهلال الأحمر المصرى هو الجهة التنسيقية الأساسية مع الجهات الدولية والهلال الأحمر الفلسطينى، والمسئول أيضا عن تنسيق تجميع المساعدات داخل مصر واستقبالها من الخارج، لضمان إدخالها بشكل سريع وفعال إلى أهالينا فى غزة. وأضافت الدكتورة مايا مرسى خلال زيارتها لمحافظة شمال سيناء بحضور الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان، أنها اطمأنت على جاهزية دخول المساعدات الإنسانية إلى أشقائنا فى غزة؛ مع استمرارها طوال الفترة الماضية تنفيذا لتكليفات القيادة السياسية بتكثيف الجهود الإنسانية، فيما تعمل اليوم على تسريع وتيرة الدخول لضمان وصول الإمدادات فى الوقت المناسب.
وقالت وزيرة التضامن الاجتماعى إن مخازن الهلال الأحمر تحتوى على كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، بينما تقف الشاحنات على أهبة الاستعداد بطول الطريق بانتظار الإشارة لبدء دخولها إلى غزة، مضيفة أن الهدف الأول الآن هو تكثيف المساعدات وضمان وصولها لأكبر عدد ممكن من المستفيدين، مع تحديد أنواع المساعدات بما يلبى احتياجات الأهالى، سواء كانت غذائية، طبية، أو وقود لتحقيق أقصى استفادة لأهالى غزة.
ولفتت الدكتورة مايا مرسى إلى أن وزارة التضامن الاجتماعى تعمل بالتنسيق مع وزارة الصحة والهلال الأحمر المصرى على تجهيز جميع الأماكن لاستقبال المرضى والمصابين، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسى من خلال متطوعينا، وتوحيد الجهود مع الجهات الدولية لضمان إدخال المساعدات بشكل منظم وفعال لضمان تلبية كل الاحتياجات الأساسية، فيما يقدم متطوعو الهلال الأحمر فى العريش ورفح، والبالغ عددهم 1500 متطوع، الدعم النفسى والميدانى للمصابين بالتنسيق مع الهلال الأحمر الفلسطينى.
وقالت الدكتورة مايا مرسى: «نؤكد مجددا أن مصر ستظل دائما سندا لأشقائنا فى غزة، وستبذل كل جهد ممكن لدعمهم فى هذه الأوقات الحرجة، حتى يعود السلام والأمان إلى ربوعهم».
المساعدات تحت رعاية مصرية
قالت مايا مرسى، إنه بناء على توجيهات القيادة السياسية فإن آلية إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة تتم تحت رعاية الدولة المصرية، حيث تقوم منظمات المجتمع الأهلى المصرية والمنظمات التنموية والتحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى بالتعاون مع المنظمات الدولية والأممية وبالتنسيق مع الهلال الأحمر المصرى لادخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وإن عملية إرسال المساعدات تتم بالتنسيق الكامل للمساهمة فى توفير الاحتياجات العاجلة للقطاع.
وذلك استمرارا لجهود الدولة المصرية وبتوجيهات القيادة السياسية التى استمرت منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اللحظة، وأكدت الدكتورة مايا مرسى على هامش زيارتها لشمال سيناء أن المنظمات الإغاثية والتنموية والخيرية المصرية أقامت بالتعاون مع الهلال الأحمر المراكز اللوجيستية خصيصا لدعم قطاع غزة، وتشرف هذه المراكز اللوجيستية على استقبال الشاحنات الإغاثية التى تحمل كل المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة من مؤسسات المجتمع المدنى والمنظمات الدولية والدول الصديقة.
سلامة الشحنات
كما تتولى المنظمات بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصرى استقبال جميع الشحنات الواردة برا وبحرا وجوا، ويتم داخلها التأكد من سلامة مشمول الشحنات ومطابقتها للمعايير المعتمدة و تكويدها تمهيدا لإدخالها للقطاع، حيث لم يتوقف هذا الجهد حتى اللحظة. وتابعت وزيرة التضامن الاجتماعى أن المخازن بها كميات من المساعدات الغذائية والإغاثية جاهزة لإنفاذها إلى غزة، كما أكدت الدور المهم الذى تلعبه مؤسسات المجتمع فى تكثيف إنفاذ المساعدات وتوفير كل المتطلبات الإنسانية اللازمة للأشقاء فى قطاع غزة.
يأتى ذلك فى إطار الوقوف على جهود الهلال الأحمر المصرى فى إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، التى استمرت منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اللحظة، حيث أقيمت تلك المراكز اللوجيستية خصيصا لدعم قطاع غزة، وتشرف هذه المراكز اللوجيستية على استقبال الشاحنات الإغاثية التى تحمل كل المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة.
وتابعت وزيرة التضامن الاجتماعى جاهزية المساعدات الغذائية والإغاثية الموجودة فى المراكز اللوجستية، كما حرصت على لقاء كوادر الهلال الأحمر المصرى والمتطوعين الموجودين فى محافظة شمال سيناء، مثنية على جهودهم المبذولة منذ بدء الحرب على قطاع عزة والعمل فى ظل ظروف استثنائية، مؤكدة كفاءة وقدرة الهلال الأحمر المصرى على تكثيف إنفاذ مزيد من المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع أجهزة الدولة المصرية. وأوضحت الدكتورة مايا مرسى أن الهلال الأحمر بكوادره المختلفة ومراكزه اللوجيستية يعمل منذ بداية الحرب على غزة، ولم يتوقف عن التنسيق مع كل الشركاء والجهات المحلية والدولية لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
مصر وإعادة الإعمار
أكد د. محمد عز العرب الخبير الاقتصادى أن مصر تحظى بخبرات متراكمة فى إعادة الإعمار بالعديد من مناطق الصراعات فى المنطقة العربية وإفريقيا موضحا أن مصر تملك مؤهلات وأدوات متنوعة تدعم دورها فى إعادة الإعمار خاصة فى الدول العربية حيث توفر العمالة الماهرة لديها وقلة تكلفتها فى مجالات البناء والتشييد، ما يمنحها ميزة نسبية مقارنة بدول أخرى، ويساهم ذلك فى خفض تكلفة عمليات إعادة الإعمار حيث تحتاج مثل هذه المشروعات لعمالة كثيفة، ما يرفع حجم عمليات التكلفة إلى جانب الوقت اللازم لإنجازها، حيث إنها تتطلب مدى زمنيا قصيرا من أجل احتواء الأزمة.
وتمتلك مصر خبرات فنية متقدمة وكبيرة فى مجالات البنية التحتية والتشييد والبناء مقارنة بدول المنطقة، ما يساعد فى تحسين فرصها، خاصة أنها لا تعتمد على الخبرات الأجنبية فى العديد من مشروعات البنية التحتية، مثل الكهرباء والمياه والإسكان والصرف الصحى والجسور والطرق، وعزز هذه الخبرات تاريخ مصر الممتد نسبيا بباقى دول المنطقة فى البناء الحديث مقارنة بدول المنطقة، ما أوجد كفاءات بشرية قادرة على تنفيذ هذه المشروعات، هذا بجانب توافر كوادر بشرية مدربة ومتعلمة فى كليات ومعاهد متخصصة موجودة منذ عقود، علاوة على وجود وحدة داخل اتحاد الغرف التجارية مختصة فقط بمتابعة مشاريع إعمار العراق مثلا.
هذا بالإضافة إلى قوة العلاقات مع الدول العربية حيث لا تتبع مصر سياسة التدخل فى صراعات دول المنطقة بل ترفض مثل هذا النهج باعتباره خطرا على وحدة الدولة الوطنية واستقرارها فى المنطقة، وهو ما أوجد لديها قدرا من العلاقات السياسية المقبولة من معظم الأطراف، الأمر الذى يدعم فرصها فى مشروعات إعادة الإعمار التى يتم البدء فيها عقب انتهاء الحروب الأهلية أو تهدئة الصراعات الداخلية. وفى هذا السياق، أصدر رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى، فى أغسطس 2018، قرارا بتشكيل مجموعة عمل من خبراء مختصين بإعادة الإعمار فى كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين، ما يعكس الوعى الحكومى بأهمية العمل فى إعادة إعمار الدول المدمرة.
وأضاف عز العرب أن العديد من شركات البناء والتشييد والمقاولات وإنتاج مواد البناء فى مصر تحظى بخبرات وإمكانيات متقدمة، خصوصا بعد التوسع فى نشاطها خلال السنوات الماضية بالداخل نتيجة تركيز مصر على مشروعات البنية التحتية وعمليات بناء الطرق والجسور والمنشآت السكنية وشبكات القطارات ومترو الأنفاق ومحطات الكهرباء، بخلاف بناء العاصمة الإدارية الجديدة، والعديد من مدن الجيل الرابع، وسيكون لدى تلك الشركات رغبة فى تحقيق أرباح من خلال التوجه للخارج والمشاركة فى أى مشروعات إعادة إعمار بدول الجوار.
توجد العديد من المعوقات التى تهدد عمليات إعادة إعمار قطاع غزة بشكل أساسى، سواء عن طريق مصر أو بمشاركة أطراف أخرى، وتتمثل فى التالى:
ترفض إسرائيل أى محاولات حتى الآن لوقف إطلاق النار حتى القضاء على القوة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية وتحديدا حركة حماس، بجانب منع أى دور سياسى أو إدارى لها فى القطاع، وبجانب ذلك تتمسك إسرائيل بالبقاء فى قطاع غزة عسكريا وأمنيا، الأمر الذى ترفضه دول الجوار ومنها مصر، بجانب رفض الفصائل الفلسطينية سواء فتح أو حماس وتعهد فصائل المقاومة بمحاربة الاحتلال ما يعنى استمرار الحرب ومنع أى جهود لعمليات الإعمار.
ما يزال الانقسام الفلسطينى الأبرز فى مسار القضية الفلسطينية بعد الاحتلال الإسرائيلى فى ظل عدم الاتفاق على إنهاء هذا الانقسام المستمر منذ عام 2006، وتشكيل حكومة موحدة تتولى حكم الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. فالسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أبدت موافقتها على تولى إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، لكن فصائل المقاومة لم تعلن موقفها من هذا الأمر حتى الآن رغم أنه الحل الأكثر قبولا بشأن مستقبل القطاع وإنهاء الحرب، وبالتالى يساهم الانقسام فى عدم وجود سلطة موحدة أو متفق عليها يمكن لها إدارة القطاع وتسلم المشروعات التى سيتم إعادة بنائها، فهذه المسألة ستعرقل أى مفاوضات بشأن عمليات الإعمار أن انتهت الحرب ولو جزئيا وحصرها فى نطاق محدد مثل الشمال.
التخوف من إعادة تدمير إسرائيل للقطاع بعد إعادة الإعمار حيث أكدت تقارير غربية موافقة العديد من الدول العربية وتحديدا دول الخليج على إعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، لكن مع ضمان عدم تدمير إسرائيل للقطاع مجددا وتحميلهم فاتورة تصرفات إسرائيل، وقد أكد هذا الأمر وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، يوم 17 يناير 2024، فى تصريحات له على هامش منتدى دافوس الاقتصادى، موضحا أن الدول العربية من بينها السعودية ليست حريصة على المشاركة فى إعادة إعمار غزة إذا كان القطاع الفلسطينى “سيسوى بالأرض” مجددا فى بضعة أعوام ثم يُطلب منهم إعادة إعمار القطاع من جديد.