حنان رمسيس: نجاح الطرح أفضل ترويج للشركات
محمد عبدالهادي:بعض الشركات لا ترغب في الإفصاح التام عن مخططها
كتبت: منال فايز
يعتبر توسيع عمق السوق وتنويع قطاعاته وجذب أكبر عدد من المستثمرين من أبرز أهداف سوق المال في عام 2025، حيث أعلن أحمد الشيخ، رئيس البورصة، أن محاور استراتيجية تطوير البورصة خلال العام الحالي ترتكز على زيادة عدد الشركات المقيدة وإعادة هيكلة وتسعير الشركات، بما ينعكس على كفاءة السوق، وجاهزيته لبرنامج الطروحات الحكومية، حيث ينتظر طرح 6 شركات مقيدة أسهمها مؤقتا في البورصة خلال النصف الأول من العام الحالي. في السطور التالية يستعرض الخبراء ومحللو السوق أهم التحديات التي تواجه الشركات عند القيد بالبورصة، وكيفية مواجهتها.
مردود إيجابي للقيد بالبورصة
وأكدت حنان رمسيس، خبيرة سوق المال، ضرورة الترويج الجيد للبورصة والتوعية بأدوارها وأهميتها كمنصة للتمويل منعدم التكلفة، بخلاف القروض من البنوك التي تعتبر تمويلا مكلفا لأنه يشمل سداد المبلغ علي أقساط محددة الموعد، وكذلك الفوائد، ومن الممكن أن يحمل القرض بغرامات أخرى في حاله التأخير عن السداد.
وأشار إلى ضرورة توضيح المردود الإيجابي للقيد في البورصة، فهو يعتبر ترويجا مجانيا للشركات ويفتح لها أسواقا جديدة من خلال المتداولين الجدد على أسهم الشركة، وخاصة إذا قيدت مثلا في سوق الأسهم الصغيرة، واهتمت بدعم موقفها المالي وزيادة رأس مالها عن طريق الاكتتاب، ووجدت الشركة في السوق الرئيسي، وبدأت في إجراءات وجودها في المؤشرات، فالفائدة التي تعود علي الشركة من الطرح كبيرة، وعند نجاح الطرح سيكون الترويج أفضل من خلال سعر التداول واهتمام صناديق الاستثمار في التداول في هذا السهم ومتابعه تحركاته.
عدم التقيد بميزانيتين رابحتين
وتقترح رمسيس دعم الشركات الصغيرة للقيد في بورصة النيل بدون تكلفة، ومن ثم يتم احتساب التكلفة بعد نجاح القيد وبدء التداول علي أسهم الشركة، فالمستثمر يخاف من ارتفاع تكلفة القيد وأن يكون القيد ومكاسبه غير متوافق مع تلك التكلفة، فلابد من توعية المستثمر بأنه يوجد مستشارين للطرح مؤهلين يقومون بتلك المهمة عن فهم وإدراك لكل المتطلبات القانونية والمالية اللازمة للقيد، وأن هناك شركات تقوم بمستشار للطرح، وهي التي تقوم بالتعاون مع أطراف السوق والترويج للطرح لضمان نجاحه. ويتم تشجيع الشركات علي قيد أوراقها في البورصة بعدم التقيد بوجود ميزانيتين رابحتين، فالمهم الرغبة والقدرة علي النجاح واستمرارية هذا النجاح.
وتضيف: من الضروري العمل على تبسيط إجراءات القيد، وتفعيل الشباك الواحد، ووجود مسئول علاقات مستثمرين في منطقة الاستثمار، وسهولة استخراج الأوراق وتوضيح الأوراق المطلوبة، لأن الشركات كانت تعزف عن القيد بسبب البيروقراطية وكثرة المراحل وصعوبة إجراءات استخراج الأوراق المطلوبة بل صعوبة شروط القيد ذاتها. ومن أهم العوائق أيضا صعوبة التواصل مع هيئة الرقابة المالية، وخاصة عند الإفصاح، وشروط هذا الإفصاح وقانونيته للقبول من قبل الهيئة.
وتسعي البورصة لزيادة أعداد الشركات المقيدة سنويا لتنفيذ وثيقة ملكية الدولة بنجاح، والتخارج من العديد من الأنشطة، ومتوقع أن يصل عدد الشركات المقيدة خلال 2025 إلى 11 شركة، لكن أرى أنه رقم أعلى من طاقة السوق الذي يفتقر السيولة التي لها القدرة على إنعاش التداول، فالأموال التي أضيفت للسوق وتظهر في إجمالي قيم التداول، معظمها يتركز في تعاملات أذون الخزانة وليس في الاستثمار في شراء أوراق مالية، حيث تصل قيم التداول الفعلي إلى 3.7 مليار جنيه بالكاد. وفي اكتتاب المصرف المتحد ظهر الوضع جليا، حيث تم تسييل العديد من الأسهم لتوفير سيولة للاكتتاب سواء في الطرح الخاص أو العام، مما أدي إلي تراجع المؤشرات واستمرار أدائها السلبي إلا أن انتهي الاكتتاب. لذا مع التزامن عن إعلان طرح 11 شركة للاكتتاب، من الأفضل أن يتم ذلك من خلال مزيج بين الطرح لمستثمر استراتيجي وطرح حصة للجمهور وطروحات خاصة وقيد مباشر، وأن يتم تسعير السهم بسعر تنافسي عند الطرح.
ربط متعاملي الطروحات الأولية بالبورصة
أما عن انعكاس زيادة عدد الشركات المقيدة على سوق المال فهو يحقق عمق واتساع السوق ويوسع دائرة الاختيار للمتعامل، سواء علي مستوي الشركات أو علي مستوي نفس القطاع. كما أنه يربط متعاملي الطروحات الأولية بالبورصة، حيث تخرج الأموال من سوق التداول أو من حساب العميل البنكي ويتم تدويرها في التداول في البورصة بين القطاعات المتنوعة المتداولة، فيزيد ذلك من سرعه دوران النقود فينعكس علي البورصة في زيادة رأس مالها السوقي ويزيد من نصيبها ومساهمتها في الناتج القومي الإجمالي.
محمد عبدالهادي، خبير سوق المال، يقول: لابد أولا أن نحدد أهمية بورصة الأوراق المالية ومدى تأثيرها على الاقتصاد ككل، حيث إنها تسهم في تمويل المشروعات الاستثمارية وتجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، مما يسهم في تنويع مصادر التمويل وزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى أنها تخدم المواطنين في تنويع استثماراتهم ومدخراتهم.
تعويض الانخفاض فى عدد الشركات
وتأتي قوة البورصة في قوة الشركات المقيدة بها وزيادة عددها، ولذلك تسعى الحكومة إلى زيادة عدد الشركات المقيدة، وأعلن رئيس البورصة مؤخرا عن قيد عدد من الشركات خاصة أن عدد الشركات المدرجة بالسوق يعد منخفضا، في ظل تخارج عدد من الشركات خلال الفترة السابقة مثال تخارج شركة موبينيل والمهن الطبية وفودافون، وأخيرا شركة الإسكندرية الدخيلة، وشركة حديد عز التي تطلب الشطب الاختياري من البورصة. وتخارج سهم عز حديد التي تعتبر نسبته في قطاع الموارد الأساسية نحو 22.5% له تأثير سلبي على السوق، حيث إن الشركة مقيدة في بورصة لندن وتجذب استثمارات كبيرة.
ولتعويض انخفاض عدد الشركات المقيدة بالسوق يتم تشجيع القيد في السوق الأولي، وهو يعتبر سوق الطرح، وهذا السوق بمثابة تحضير للسوق الثانوي وينتظر فقط الموافقات على عملية الطرح، مثال على ذلك سهم بنك القاهرة التي تم قيده في السوق الأولي منذ أكثر من سنتين ولم يتم طرحه حتى الآن في السوق الثانوي، نظرا لانخفاض قيم التداول خلال الفترة السابقة، وبالتالي تراءت الحكومة تأجيل الطرح حتى يتم تنشيط سوق الأوراق المالية لنجاح عملية الطرح.
ضعف الحوافز التشجيعية
وتخضع عملية الطرح لمجموعة من الضوابط والشروط منها الالتزام باللوائح، حيث تلتزم الشركات التي يتم قيدها في سوق المال بقانون سوق رأس المال المصري واللوائح الصادرة عن البورصة المصرية وهيئة الرقابة المالية، ومجموعة من المتطلبات المالية الأخرى، حيث حددت المادة رقم 7 من القرار رقم 11 لسنه 2014 تقديم الشركة القوائم المالية كل 3 شهور للبورصة مع الالتزام التام بالإفصاح عن أي متغيرات تحدث في الشركة أو أحداث جوهرية. أما بالنسبة لهيكل المساهمين فيجب ألا يقل عدد المساهمين في الشركة بعد الطرح عن 300 مساهم مع مراعاة توزيع الأسهم المخصصة وفقا للقواعد التي تحددها البورصة، ولذلك نجد أن بعض الشركات تعزف عن عملية القيد في البورصة نظرا لمجموعة من الأسباب، أهمها، ارتفاع تكاليف القيد ومتطلباته، بعض الشركات لا ترغب في الإفصاح التام عن مخططات الشركة ولا ترغب في الإفصاح عن قوائمها المالية بالصورة التي يتطلبها القيد بالبورصة، لعدة أسباب، منها الخوف من تعرضها للمسائلة الضريبية. كما أن العديد من الشركات الموجودة في السوق المصري تجهل أهمية القيد بالبورصة، والبعض الآخر ليس مستعدا لمتطلبات الوجود في سوق الأوراق المالية، أيضا يعزف البعض عن القيد بالبورصة لعدم وجود حوافز تشجيعية للقيد. بالإضافة إلى أن الكثير من الشركات الموجودة هي شركات عائلية لا تفضل وجودها تحت مجهر الرقابة.
والبعض يتخوف من انخفاض قيمة السهم بالبورصة، نظرا للتقلبات السعرية التي تحدث نتيجة للمتغيرات الاقتصادية العالمية والتي تنعكس على السوق المصري.
ومن أهم المحفزات الضرورية لتشجيع الشركات على إدراج أسهمها بالبورصة، تخفيف الإجراءات الخاصة بعملية القيد، بالإضافة إلى توسيع دائرة الإعلام المرئي والمسموع وعقد الندوات في كل المحافظات لتعريف الشركات بأهمية القيد بالبورصة مع إزالة كل المعوقات، وأهمها الضرائب، خاصة ضريبة الأرباح الرأسمالية وإعطاء الشركات محفزات ضريبية لعمليات القيد مثلا إعفاء ضريبي لمدة 5 سنوات من تاريخ القيد، وهذا كان يحدث في الفترة السابقة في أواخر التسعينيات، عندما أرادت إدارة البورصة رفع عدد الشركات المقيدة فتم إعطاء محفزات ضريبية للشركات.