رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

ملفات

الطاقة النووية..البديل الأمثل لخفض الانبعاثات ودعم التنمية الصناعية

12-2-2025 | 14:41

التنمية المستدامة Sustainable Development هى التنمية التى تلبى احتياجات الحاضر، دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. كما أنها مفهوم شامل يأخذ فى الاعتبار المساواة بين الدول والأجيال، ويتطلب تحقيق التوازن بين العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية المتنافسة فى كثير من الأحيان. حتى ما يقرب من ثلاثين عاما مضت، كان يُنظر إلى الاستدامة من منظور إمدادات الطاقة ببساطة من حيث توافر الوقود بالنسبة لمعدل الاستخدام. اليوم، وفى سياق التنمية المستدامة، وخاصة المخاوف بشأن تغير المناخ والتدهور البيئى، أصبح المشهد أكثر تعقيدا.

 

إن العلاقة بين استهلاك الطاقة والتنمية البشرية واضحة للغاية، فباستهلاك نحو 100 جيجاجول للفرد - وهو مستوى لم يصل إليه بعد 80 % من سكان العالم - تستطيع أى دولة أن تعمل على تعزيز الصحة والمعايير التعليمية والرفاهة العامة لسكانها بشكل أساسى من خلال استهلاك المزيد من الطاقة. ولذلك، فإن أى انتقال نحو مستقبل أكثر عدالة واستدامة، لابد أن يعتمد على توفير فوائد الوصول إلى خدمات الطاقة الحديثة، والميسورة التكلفة والموثوقة للجميع.

 

ولكن القيام بذلك من شأنه أن يزيد من الطلب الإجمالى على الطاقة: ففى الوقت الحاضر، يستهلك أفقر 4 مليارات شخص فى العالم 5 % فقط من كمية الطاقة التى يتمتع بها أولئك الذين يعيشون فى الاقتصادات المتقدمة.. ولكى يرتفع هذا الرقم إلى 15 %، فإن استهلاك الطاقة العالمى سيزيد بما يعادل قيمة إضافية من الطلب فى الولايات المتحدة. والسؤال الأهم هنا: كيف ينبغى توفير هذه الطاقة؟!

 

فى الوقت الحاضر، يأتى أكثر من 80 % من استهلاك الطاقة الأولية من حرق الوقود النفط والغاز والفحم - دون تغيير منذ عام 1990. ومع ذلك، فإن الانبعاثات غير المنظمة الناتجة عن احتراق الوقود تتسبب فى تغير المناخ Climate change، والأضرار البيئية، والوفاة المبكرة لما يُقدر بنحو 7 ملايين شخص كل عام. وبالتالى، فإن الاستخدام المستمر للوقود الأحفورى له آثار اجتماعية واقتصادية وبيئية عميقة بين الأجيال وفيما بينها. والتحدى المزدوج الناتج عن ذلك -الحاجة إلى الحد من الانبعاثات الضارة، مع توفير المزيد من الطاقة لعدد أكبر من الناس- يضع قطاع الطاقة فى قلب تحقيق التنمية المستدامة.

 

 

 

محاذير التقدم:

 

بوجه عام، لا توجد تكنولوجيا خالية تماما من المخاطر على الأشخاص أو البيئة.. على سبيل المثال، فى حين أن مصادر الطاقة منخفضة الكربون لا ينبعث منها ثانى أكسيد الكربون عند نقطة الاستخدام، إلا أنها مسئولة عن الانبعاثات والنفايات فى أثناء البناء والتصنيع وإيقاف التشغيل. لذا، فإن مدى توافق أى تكنولوجيا للطاقة مع أهداف التنمية المستدامة، يجب أن يتم تقييمه بشكل نسبى، فى ضوء البدائل.

 

 

 

خيار موثوق:

 

وباعتبارها مصدر الطاقة المنخفض الكربون الوحيد الذى أثبت نجاحه والقابل للتطوير والموثوق.. فسوف يكون لزاما على الطاقة النووية Nuclear power أن تلعب دورا محوريا فى تقليل اعتماد العالم على الوقود الأحفورى لمعالجة تغير المناخ وتلوث الهواء المزمن. وهنا، تُعد الطاقة النووية مصدرا مستداما للطاقة، لما تتمتع به من خصائص فريدة، مقارنة بأشكال التوليد البديلة. وبالتالى، من خلال توسيع نطاق استخدامها، يصبح من الممكن توفير الطاقة الحديثة وبأسعار معقولة لكل من يفتقرون حاليا إلى القدرة على الوصول إليها، مع الحد من التأثير البشرى على البيئة الطبيعية، وضمان عدم تقليص قدرة العالم على تحقيق أهدافه الأخرى فى مجال التنمية المستدامة.

 

 

 

المزيد من الطاقة النظيفة:

 

لقد أدركت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 أن أهدافها بطبيعتها «متكاملة وغير قابلة للتجزئة».. وعلى هذا النحو، فإن التقدم فى أى هدف من أهداف التنمية المستدامة يعتمد على التقدم فى الأهداف الأخرى. فى هذا الإطار، نجد أن مركزية الطاقة -وبالتالى الهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة- معترف بها على نطاق واسع: فالتقدم فى جميع أهداف التنمية المستدامة يتوقف على توفير إمدادات مستدامة من الطاقة.. ويُعد توفير الوصول إلى طاقة نظيفة وموثوقة وبأسعار معقولة أمرا محوريا للقضاء على الفقر، وتحسين صحة السكان وتعليمهم، والحد من غازات الدفيئة greenhouse gases، مع الاستمرار فى دعم التنمية الصناعية. والسؤال الأهم هنا: ما أفضل السبل لتلبية احتياجات الطاقة المتزايدة؟!

 

يعتمد نظام الطاقة الحالى على الوقود الأحفورى، ولكن احتراقه للحصول على الطاقة يولد انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وهو المساهم الرئيسى فى تغير المناخ. ويُعد قطاع الطاقة مسئولا عن نحو ثلاثة أرباع جميع انبعاثات غازات الدفيئة، وعلى هذا النحو، فإن تحوله بشكل أساسى هو الخطوة الأكثر أهمية لمكافحة تغير المناخ. لقد اعترفت الأمم المتحدة منذ فترة طويلة بتغير المناخ باعتباره القضية الحاسمة فى عصرنا. وعلى الرغم من هذا الاعتراف الصريح، والاستثمار الضخم فى الطاقة المتجددة.. فقد أحرق العالم 66 % من الوقود الأحفورى لإنتاج الطاقة بالقيمة المطلقة فى عام 2021، مقارنة بما كان عليه فى عام 1990. ونتيجة لذلك، كانت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة أعلى بنسبة 63 %.

 

 

 

الاستخدام الآمن للتكنولوجيا:

 

ولمواجهة هذا التحدى، فإن التركيز الرئيسى لابد أن ينصب على نشر تكنولوجيات الطاقة، والتى لا تولد إلا كميات صغيرة من ثانى أكسيد الكربون عن كل وحدة طاقة. وبالنسبة لدورة الحياة، لا تولد «الطاقة النووية» سوى بضعة جرامات من مكافئ ثانى أكسيد الكربون / لكل كيلووات ساعة من الكهرباء المنتجة. وقد تم تقدير قيمة متوسطة تبلغ 12 جرام من مكافئ ثانى أكسيد الكربون / كيلووات ساعة للطاقة النووية - تشبه طاقة الرياح، وأقل من جميع أنواع الطاقة الشمسية.

 

تتمثل التأثيرات الرئيسية لإنتاج الطاقة على النظم البيئية فى «التخثث» (أى زيادة تركيزات العناصر الغذائية الكيميائية، وخاصة النيتروجين والفوسفور، التى تضر بجودة المياه عن طريق التسبب فى استنفاد الأكسجين)، و»التحمض» (أى زيادة تركيزات المواد الكيميائية الحمضية، الناجمة عن امتصاص ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى، التى تضر بجودة المياه، وتضر بالمحاريات والشعاب المرجانية، وتؤدى إلى نمو مفرط للطحالب).

 

ومن بين تقنيات إنتاج الطاقة، يتسم الوقود الأحفورى بأكبر قدرة على التسبب فى التحمض والتخثث.. ويذوب ثانى أكسيد الكربون المنبعث فى الغلاف الجوى فى أثناء احتراق الوقود الأحفورى فى المحيطات، ما يزيد من حموضتها، كما يسهم التعدين والاستخراج والنقل ومعالجة النفايات والانبعاثات المرتبطة باستخدام الوقود الأحفورى فى ارتفاع إمكانات التخثث. وعلى النقيض من ذلك، تشير التقديرات إلى أن كلا من التحمض والتخثث للطاقة النووية، هى من بين أدنى مستويات تكنولوجيا التوليد المتاحة.

 

فى الوقت ذاته، فإن استخدام الأرض والمياه يشكلان معيارين أساسيين لتقييم استدامة مختلف تقنيات إنتاج الطاقة. وهنا، يتنافس قطاع الطاقة على الموارد المحدودة مع قطاعات أخرى، مثل الزراعة والصناعة. وفقا لذلك، تنتج محطات الطاقة النووية كميات هائلة من الطاقة منخفضة الكربون، وتتطلب مساحة أقل من الأرض للقيام بذلك، مقارنة بأى مصدر طاقة آخر. وتتوقع الأمم المتحدة أن يعيش ثلث الناس فى المناطق الحضرية بحلول عام 2050 -أى 2.5 مليار فرد إضافى- حيث تكون الأرض ذات قيمة عالية. وإلى جانب الحاجة إلى الحفاظ على الأرض لمنع فقدان التنوع البيولوجى، فمن المرجح أن تثبت مزايا استخدام الأرض الفريدة للطاقة النووية، أنها حاسمة بشكل متزايد فى المستقبل.

 

 

 

استثمار طويل الأجل:

 

على سبيل المثال، فإن محطة طاقة نووية كبيرة ذات وحدتين، يمكنها توفير الكهرباء لنحو 4 إلى 5 ملايين شخص، وذلك من مساحة توليد تبلغ 2 كيلومتر مربع فقط. أما بالنسبة للتوظيف، فيمكن لمحطات الطاقة النووية أن تعمل لأكثر من 60 عاما، ما يوفر وظائف طويلة الأمد ومرتفعة الأجر للأفراد من مجموعة متنوعة من المجالات والخلفيات التعليمية. وبالتالى، فإن تنفيذ برنامج للطاقة النووية يُمثل استثمارا طويل الأجل فى رأس المال البشرى. فى الوقت ذاته، يميل الاستثمار فى المشروعات كثيفة رأس المال إلى الانتقال إلى صناعات وقطاعات اقتصادية أخرى. وهنا، توظف محطة الطاقة النووية الحديثة التى تعمل بقدرة جيجاوات، ما بين 500 و1000 عامل بشكل مباشر.

 

محطة الضبعة..

 

مصر تدخل

 

عصر الطاقة النووية السلمية

 

بعد أكثر من 60 عاما تحقق الحلم المصرى بامتلاك برنامج نووى سلمى لتوليد الطاقة الكهربائية، فقد شهدت مصر حدثا تاريخيا وصفه الخبراء بـ«شراكة القرن»، وهو استكمال مراحل مشروع محطة الضبعة النووية للاستخدام السلمى للطاقة النووية فى توليد الكهرباء.. ففى عام 2015، وقعت كل من مصر وروسيا على اتفاق مبدئى، بموجبه ستقوم روسيا بناء وتمويل أول محطة للطاقة النووية فى مصر.. وفى عام 2017، تم توقيع العقود الأولية لبناء وحدات VVER-1200 بحضور الرئيس «عبد الفتاح السيسى» ونظيره الروسى «فلاديمير بوتين».. ومع بداية عام 2024، شارك الرئيسان -افتراضيا- عبر تقنية الفيديو كونفرانس، فى مراسم عملية الصبة الخرسانية الأولى التى ستستخدم كأساس للوحدة النووية الرابعة من المحطة.

 

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى: «إن مشروع صب الوحدة الرابعة يسمح لمصر بالبدء فى المرحلة التالية فى بناء المفاعلات النووية».. مشيرا إلى أن «ما يشهده العالم من أزمة فى إمدادات الطاقة العالمية، يؤكد أهمية القرار الاستراتيجى الذى اتخذته مصر بإحياء البرنامج النووى السلمى لإنتاج الطاقة الكهربائية، كونه يُسهم فى توفير إمدادات طاقة آمنة، ورخيصة وطويلة الأجل، ويقلل الاعتماد على الوقود الأحفورى، ويجنب البلاد تقلبات أسعاره». وأكد أن «إضافة الطاقة النووية إلى مزيج الطاقة الذى تعتمد عليه مصر لإنتاج الكهرباء، تكتسب أهمية حيوية للوفاء بالاحتياجات المتزايدة من الكهرباء اللازمة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتُسهم فى زيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة، بما يحقق الاستدامة البيئية والتصدى لتغير المناخ».

 

وقد صرح الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء السابق، بأنه من المخطط وفق الخطة الزمنية المقررة لمشروع الضبعة النووى، أن يتم بدء أعمال اختبارات التدشين للوحدة الأولى فى الربع الرابع من عام 2027، على أن تنطلق أعمال لتدشين هذه الوحدة فى الربع الرابع من عام 2028.

 

 

 

توطين التكنولوجيا النووية:

 

إن طموحات مصر النووية لها تاريخ طويل.. فقد أطلقت برنامجا نوويا مدنيا فى عام 1954، وكان الطموح مبنيا على مزيج من الحداثة التكنولوجية والآمال فى أداء دور قيادى فى العالم العربى. وبالتالى، فإن فكرة البرنامج النووى -وحتى برنامج الطاقة النووية- ترتبط تاريخيا بالفخر الوطنى. واليوم، بعد أكثر من 60 عاما بدأ حلم مصر النووى يتحقق على أرض الواقع.

 

فمنذ تولى الرئيس «عبد الفتاح السيسي» مقاليد الحكم، شهدت مصرا تحولا جذريا فى التنمية الاقتصادية التى ارتكزت على إقامة مشروعات تنموية ضخمة، على سبيل المثال، توسيع قناة السويس (التى تم افتتاحها فى عام 2015)، وتدشين العاصمة الإدارية، هذا بالإضافة إلى عشرات المدن «الجديدة».

 

بالطبع، يوفر هذا النهج، إلى جانب تاريخ مصر الحافل بالمشروعات الطموحة، السياق الذى يجب أن يُفهم فيه مشروع الطاقة النووية. ويتمثل الهدف الرئيسى لمحطة الضبعة النووية فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الطاقة، خاصة فى ظل الطلب المتزايد لعدد متصاعد من السكان. فى الوقت ذاته، تعد محطة الضبعة بمثابة مشروع ذى مكانة وطنية.. فضلا عن أنه فرصة ذهبية لتوطين التكنولوجيا النووية Nuclear technology وإدخال صناعات جديدة، حيث ستوفر المحطة إمكانات واسعة للشركات المصرية المحلية تبعا لطبيعة الأعمال، إذ يُخطط لرفع نسبة دورها من 20 % بحد أدنى فى مرحلة إنشاء وحدة الكهرباء الأولى، وصولا إلى 35 % بحد أدنى خلال إنشاء الوحدة الرابعة.

 

 

 

حجر الزاوية:

 

إن محطة الضبعة للطاقة النووية (NPP)، هى أول مشروع للطاقة النووية فى مصر، قيد الإنشاء فى محافظة مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على بُعد 250 كيلومترا غرب الإسكندرية. وتُعد شركة الطاقة الذرية الحكومية الروسية (روساتوم)، هى المطور لمحطة الطاقة النووية البالغ قيمتها 30 مليار دولار، والتى ستمتلكها وتديرها هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء (NPPA) فى مصر.

 

كما تعد محطة الضبعة أضخم مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية فى القارة الإفريقية.. وستضم أربعة مفاعلات للمياه المضغوطة بقدرة إجمالية تبلغ 4.8 جيجاوات، والتى من المتوقع أن تمثل ما يصل إلى 50 % من قدرة توليد الطاقة فى مصر. وقد بدأت (روساتوم) فى بناء الوحدتين 1، و2 فى يوليو ونوفمبر 2022، تلاها صب الخرسانة الأولى للوحدة 3 فى مايو 2023، وأخيرا صب الخرسانة لوحدة الطاقة 4 فى يناير 2024.

 

electricity-generated-through-solar-panels-blue-sky-generated-by-ai.jpg

أين تكمن أهمية

 

محطة الضبعة النووية

 

أعلى درجات الأمان:

 

إن المفاعل VVER-1200 هو مفاعل الماء المضغوط من الجيل الثالث، ويتمتع بتكنولوجيا جديدة مع إجراءات سلامة قوية تأخذ فى الاعتبار الدروس المستفادة من كارثة فوكوشيما فى اليابان عام 2011.. كما أنه مصمم لتحمل تحطم طائرة بقوة 400 طن أو الزلازل التى تصل شدتها إلى 9 درجات على مقياس ريختر.

 

 

 

خطط التمويل:

 

ستقوم روسيا بتمويل نحو 85 % من تكلفة إنشاء مشروع الضبعة للطاقة النووية، وذلك من خلال تقديم قرض بقيمة 25 مليار دولار بموجب اتفاقية تمويل بين وزارة المالية المصرية ونظيرتها الروسية، وسيتم سداد القرض على مدى 22 عاما بفائدة 30 % سنويا. أما نسبة الـ15 % المتبقية، فستقوم مصر بجمعها من مستثمرى القطاع الخاص. وستبدأ مصر فى سداد القرض فى عام 2029، وهو الوقت الذى ستكون مفاعلات الضبعة النووية قد ولدت 17 مليار دولار من الإيرادات السيادية للحكومة المصرية.

 

 

 

الفوائد الرئيسية:

 

(1) الكهرباء:

 

المشروع لديه القدرة على توفير ما يصل إلى 50 % من قدرة مصر من الطاقة الكهربائية.. فمع بدء التشغيل، ستنتج محطة الضبعة النووية كميات ضخمة من الكهرباء، إذ من المتوقع أن تصل حصتها فى إنتاج الكهرباء بمصر إلى نحو 10 %.

 

(2) مصدر نظيف للطاقة:

 

مفاعل الطاقة النووية بالضبعة لن تنبعث منه أى ملوثات غازية أو يسبب أى ظاهرة دفيئة، وبذلك سيُسهم فى تحقيق أهداف الخطة المناخية. وبفضل محطة الضبعة، من المتوقع أن تنخفض الانبعاثات السنوية من غازات الاحتباس الحرارى فى مصر، بواقع أكثر من 14 مليون طن من مكافئ ثانى أكسيد الكربون.

 

(3) إمدادات المياه:

 

أصبحت ندرة المياه مصدر قلق متزايدا.. فقد أفاد جهاز الإحصاء التابع للدولة فى عام 2014، أن المصريين يحصلون فى المتوسط على 663 مترا مكعبا من المياه النظيفة سنويا، وهو أقل بكثير من عتبة الفقر المائى الدولية.

 

(4) التكنولوجيا النووية:

 

سوف تساعد محطة الضبعة مصر فى الحصول على التكنولوجيا النووية اللازمة، لكى تصبح البلاد رائدة فى هذا المجال على المدى الطويل.

 

(5) النفايات النووية:

 

سيتم التعامل مع النفايات النووية الناتجة عن المحطة من قبل شركة عالمية متخصصة فى هذا المجال.

 

(6) فرص العمل:

 

ستعمل المحطة على توفير أكثر من 50 ألف فرصة عمل.. حيث سيتجاوز العدد الإجمالى للعاملين فى ذروة أعمال البناء والتركيب 25 ألف شخص، أكثر من 11 ألف منهم من الأخصائيين، فضلا عن توظيف 70 % من السكان المحليين فى مرحلة البناء.

 

(7) مصر مركز لتوليد الطاقة:

 

تخطط الحكومة المصرية لتحويل مصر إلى مركزا لتوليد الطاقة، وذلك بهدف توليد الطاقة للتصدير وليس مجرد الاكتفاء الذاتى.

 

يحظى مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية بأهمية قصوى فى مجال الجغرافيا السياسية العالمية، وأمن الطاقة، والعلاقات الثنائية.. ما يؤكد التقاء المصالح الاستراتيجية والاقتصادية لكل من روسيا ومصر، على النحو التالى:

 

الأهمية الاستراتيجية:

 

تُشكل مشاركة روسيا فى إنشاء أول محطة للطاقة النووية فى مصر، خطوة حاسمة فى تعزيز نفوذها الجيوسياسى فى القارة الإفريقية. ولا تشير هذه الخطوة إلى طموح الكرملين لتنويع نفوذه العالمى فحسب، بل أيضا تعزيز دور روسيا كشريك موثوق به للدول الإفريقية التى تسعى إلى تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة.

 

التحول فى التحالفات:

 

إن الجهود التى تبذلها مصر لتعزيز العلاقات مع روسيا، وخاصة فى القطاعات الاقتصادية والعسكرية والطاقة، تُسلط الضوء على تحول ملحوظ بعيدا عن التحالفات الغربية التقليدية. ففى أعقاب العقوبات الغربية ضد موسكو، يُظهر النهج العملى الذى اتبعته مصر لصياغة شراكة استراتيجية مع روسيا، كيف أثر الصراع الأوكرانى على عالم العلاقات الدولية ونشوء عالم متعدد الأقطاب.

 

الآثار الاقتصادية:

 

يعد مشروع محطة الطاقة النووية مساهما كبيرا فى النمو الاقتصادى والتجارة الثنائية، وذلك بالنظر إلى الوضع الاقتصادى الراهن فى مصر. وقد أدى التقدم الناجح والمسبق للجدول الزمنى فى مشروع الضبعة، إلى زيادة التجارة بين روسيا ومصر بنسبة 60 % على مدى السنوات الثلاث الماضية.

 

وبعيدا عن قطاع الطاقة، تؤكد المبادرات التعاونية، مثل المنطقة الصناعية الروسية والتعاون فى شبكة السكك الحديدية، على الطبيعة المتعددة الأوجه للشراكة الاقتصادية بينهما، ما يوفر فرص عمل جديدة، ونقل التكنولوجيا، والتنمية الاقتصادية المستدامة فى كلا البلدين.

 

المصداقية الدولية:

 

يُبرز مشروع الضبعة مصداقية روسيا الدولية فى تقديم مبادرات رفيعة المستوى على الساحة العالمية. فبالطبع، إن البناء الناجح لمحطة الطاقة النووية، قبل الموعد المحدد، يُظهر التزام روسيا وبراعتها التقنية، ما يُعزز سمعتها كشريك موثوق به للمشروعات الدولية واسعة النطاق. وهذا لا يُعزز نفوذ روسيا فى إفريقيا فحسب، بل يجذب أيضا انتباه المناطق الأخرى التى تسعى إلى حلول تكنولوجية متقدمة، ومن ثم توسيع آفاق تعاونها الدولى.

 

اخر اصدار