اليوم، يسعى العديد من الدول إلى الاستفادة من إمكانات الطاقة النظيفة ودمجها فى استراتيجياتها الوطنية للطاقة، خاصة أن الوقود الأحفورى على وشك النضوب عاجلا أم آجلا، ولن يكون قادرا على تلبية الطلب فى المستقبل، بالإضافة إلى كونه مصدرا رئيسيا للانبعاثات التى تسهم فى تغير المناخ. وهنا، تُعد طاقة الرياح Wind Power أحد أكثر مصادر الطاقة المتجددة ازدهارا وفاعلية من حيث التكلفة والنضوج التقنى، حيث تُمثل 8 % من إجمالى توليد الكهرباء، وشهدت نموا بنسبة 12 % على مدى العقد الماضى، وحققت 1021 جيجاوات من القدرة المركبة فى جميع أنحاء العالم.
فرص واعدة:
وبطبيعة الحال، أدت القيود المرتبطة بجائحة كوفيد- 19 إلى تعطيل سلاسل التوريد، وتسببت فى البطالة، وتأخير أو تأجيل الاستثمارات، وأسفرت عن إلغاء المشروعات، وخاصة مزارع الرياح البرية. وعلى الرغم من هذه التحديات، تكيفت طاقة الرياح ونمت فى بعض أجزاء العالم، بل من المتوقع أن تؤدى دورا حاسما فى التحول العالمى للكهرباء، ما يعطى فوائد بيئية واجتماعية واقتصادية كبيرة. وبحلول عام 2050، ستوفر طاقة الرياح أكثر من ثلث الطلب الإجمالى على الكهرباء، وستسهم بأكثر من 25 % من إجمالى انخفاض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، ما يحد بدروه من آثار تغير المناخ. علاوة على ذلك، من المتوقع أن توفر أكثر من 6 ملايين فرصة عمل، ما يستلزم الاهتمام ببناء القدرات فى العالم من أجل التعامل مع نمو صناعة الرياح.
هناك عوامل عديدة تؤثر على نشر طاقة الرياح، بما فى ذلك السياسات الحكومية، والتمويل، وأسعار النفط، والمخاطر الجيوسياسية، والاستقرار السياسى، والانفتاح التجارى، وانبعاثات ثانى أكسيد الكربون، والظروف المناخية، والاستثمار فى البنية التحتية الصناعية، والطلب على الطاقة، والآثار البيئية، ومشاركة الناس. وفى السنوات الأخيرة، أسهم انخفاض التكلفة بسبب التحسينات التكنولوجية المستمرة وسياسات الدعم، فى نشر مزارع الرياح wind farm فى معظم أنحاء العالم. لكن، لاتزال تواجه طاقة الرياح بعض التحديات، مثل البنية التحتية للشبكة والنقل، ومدة الترخيص الطويلة، وعدم اليقين فى السياسات، والقبول الاجتماعى.
استراتيجية طموحة:
تمتلك مصر مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة المتجددة، بما فى ذلك الطاقة الكهرومائية، وطاقة الرياح البرية، والطاقة الشمسية الكهروضوئية، والكتلة الحيوية.. ومع ذلك، تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفورى، حيث يُمثل أكثر من 85 % من إجمالى توليد الطاقة. وقد نجحت مصر فى إضافة أكثر من 3 جيجاوات إلى قدرتها المركبة للطاقة المتجددة، فضلا عن الجهود المبذولة لتعزيز بيئة الاستثمار فى البلاد وسياسات التحول فى مجال الطاقة. فمن أجل تلبية الطلب المتزايد على الطاقة لأغراض التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن الاهتمامات البيئية.. تم تطوير استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة (ISES)، والتى تأخذ فى اعتبارها تنويع مصادر الطاقة، وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، وترشيد استخدام الطاقة، وتهدف إلى إنتاج 42 % بحلول 2035 من إجمالى الكهرباء من مصادر متجددة.
قدرات التصنيع:
تتمتع مصر بظروف مواتية لتنمية طاقة الرياح، بما فى ذلك وفرة موارد الرياح التى تُعد الأفضل فى العالم، وخاصة فى منطقة خليج السويس، حيث يصل متوسط كثافة طاقة الرياح إلى 600 واط/م2 على ارتفاع 50 متر، وتوافر مناطق صحراوية كبيرة غير مأهولة، ودعم الجهات المانحة. وفقا لذلك، تمتلك مصر القدرة على تصنيع مكونات توربينات الرياح، نظرا لانخفاض تكاليف العمالة، والطاقة الصناعية غير المكلفة، وسهولة الوصول إلى الفولاذ والزجاج.
وكما ذكرنا، تعتمد مصر على الوقود الأحفورى لتوليد الطاقة، على الرغم من أنه المصدر الرئيسى لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، حيث يُمثل 88.51 مليون طن. لذا، هناك ضرورة قصوى لتنفيذ سياسات التحول فى مجال الطاقة، للتخلص التدريجى من الوقود الأحفورى والحد من الانبعاثات. وهنا، تساعد الإمكانات العالية لإشعاع الرياح والشمس فى تحقيق ذلك. من ناحية أخرى، مع نمو السكان، ستكون هناك حاجة متزايدة لإنتاج الطاقة لتلبية الطلب المتزايد، حيث زاد استهلاك الطاقة للفرد بنسبة 8 % بين عامى 2020 و2022.
أهداف الاستدامة:
بوجه عام، فإن النهج الاستراتيجى لأى دولة له أهداف أخرى إلى جانب أمن الطاقة، بما فى ذلك الاستدامة البيئية والقدرة التنافسية الاقتصادية. ونتيجة لذلك، طورت مصر «استراتيجية تطوير الطاقة» فى عام 2015 بـ4 أهداف: ضمان أمن إمدادات الطاقة، وضمان الاستدامة، وتحسين الحوكمة المؤسسية، وتعزيز الأسواق التنافسية والتنظيم. يتم تنفيذ المشروعات التى تنطوى على هذه الاستراتيجية من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص. أيضا، تتضمن الاستراتيجية سياسات تتعلق بكفاءة الطاقة، وإضافة الطاقة النووية، وتحسين استخدام الغاز الطبيعى، وإصلاح دعم الطاقة، وإدراج توليد الطاقة بالفحم مع عواقبه البيئية المصاحبة.
أهداف الطاقة المتجددة فى مصر
بحلول عام 2035
سياسات تحفيزية:
تم إصدار قانون الطاقة المتجددة رقم 203 لعام 2014، واعتماد بعض أدوات السياسة لدعم نشر الطاقة المتجددة ودفع الاستثمار، كالآتى:
(1) المناقصات التنافسية
وهى دعوة لتقديم عطاءات تصدرها هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة (NREA)، لتثبيت عدد محدد من الميجاوات من المصادر المتجددة.
(2) تعريفة التغذية (FIT)
تهدف إلى تحديد سعر الطاقة، ومدة الشراء لكل نوع من أنواع الطاقة، ودعم المنتجين بسعر أعلى من السوق. كما أنها تضمن سعرا ثابتا لمنتجى الطاقة، وعادةً ما تنطوى على فترة طويلة الأجل من 20 إلى 25 عاما.
وبالتالى، فإن تعريفة التغذية لديها القدرة على تقليل المخاوف الاقتصادية مع زيادة الحوافز الاستثمارية.
(3) منتجو الطاقة المستقلون (IPP)
يمكن لمطوريهم استخدام الكهرباء المولدة لتشغيل أحمالهم الخاصة أو تزويد مرافق التوزيع حسب الاستهلاك.
(4) استخدام عادل = أسعار عادلة
يلتزم مشتركو الكهرباء باستخدام نسبة معينة من الطاقة المتجددة بأسعار معقولة.