إعداد: شريفة عبد الرحيم
حاولت دراسات وتقارير مختلفة من شركات استشارية ومنظمات بحثية ومراكز أبحاث تقدير القيمة الدولارية التى سيضيفها الذكاء الاصطناعى إلى الاقتصاد العالمي. وبينما تختلف الأرقام اعتمادا على المنهج المستخدم، فإن حجم سوق الذكاء الاصطناعى سوف يتجاوز تريليون دولار، بحلول عام 2027 أو ربما 15.7 تريليون دولار يضيفها الذكاء الاصطناعى إلى الاقتصاد العالمى بحلول 2030.
مساهمة الذكاء الاصطناعى فى الاقتصاد العالمى هائلة، مع توقعات تصل إلى عشرات تريليونات الدولارات بحلول عام 2030، فالتكنولوجيا لديها القدرة على إعادة تشكيل المشهد الاقتصادى العالمى بشكل كبير فى السنوات القادمة.
مبدئيا من المتوقع مكاسب تصل إلى 6.6 تريليون دولار، فى زيادة الإنتاجية بفضل الذكاء الاصطناعى، التى تتحقق من الأتمتة وزيادة الكفاءة، وتحسين عملية اتخاذ القرار. ومن المرجح مكاسب أخرى بقيمة 9.1 تريليون دولار من زيادة الإنفاق الاستهلاكي. وفقا لتقرير لـ«ووترهاوس كوبرز» يمكن أن يضيف الذكاء الاصطناعى نحو 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمى بحلول عام 2030.ويستند هذا التقدير إلى الزيادة المتوقعة فى الإنتاجية والاستهلاك، حيث تعمل الأتمتة والابتكارات التى تعتمد على الذكاء الاصطناعى على تعزيز الكفاءة عبر مختلف الصناعات.
فيما يلى كيف يمكن أن تؤثر استثمارات الذكاء الاصطناعى على الاقتصاد العالمي.
اقتصاديات الذكاء الاصطناعى:
ويؤكد الخبراء أن خدمات الذكاء الاصطناعى ستكون محركا رئيسيا للنمو الاقتصادى فى السنوات المقبلة، فوفقا لدراسة حديثة أجرتها شركة خدمات واستشارات تكنولوجيا المعلومات «يوبرا ستيريا»، نمو السوق سوف يزيد على ثلاثة أضعاف معدل نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات، خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك بمتوسط 19 % سنويا حتى عام 2028. ومن ثم سوف يرتفع حجم سوق الذكاء الاصطناعى من 540 مليار دولار حاليا إلى 1.27 تريليون دولار فى 2028، لتزيد حصته من إجمالى سوق تكنولوجيــــــا المعلومات من 6 % إلى 10 %. وبحلول 2030، ربما يبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعى 1.35 تريليون دولار.
وتوصلت الدراسة إلى أن قطاع الخدمات المالية هو الأكثر اعتناقا لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، يليه الرعاية الصحية والاتصالات. وتمثل تلك القطاعات الثلاثة 45 % من سوق الذكاء الاصطناعى.
القطاعات الأكثر أهمية:
تشير الدراسة إلى أهمية أربعة قطاعات رئيسية فى سوق الذكاء الاصطناعى. ويرتبط أكبر قطاعين بأدوات الذكاء الاصطناعى المستخدمة فى عمليات تشغيل، مثل التعدين، التى يستخدمها الأفراد مثل وسائل المساعدة الذكية. ومن المتوقع نمو تلك القطاعات بنسبتى 18 % و24 % سنويا على التوالى وحتى عام 2028، ليصل حجم السوق إلى 390 مليار دولار و380 مليار.
فى الوقت نفسه، من المتوقع نمو قطاع «الذكاء الاصطناعى للآلات»، الذى يشمل على سبيل المثال أدوات الذكاء الاصطناعى داخل المصانع وسلاسل التوريد، إلى 330 مليار دولار بحلول 2028، بمعدل نمو سنوى مركب 13 %.
وأخيرا، من المتوقع تضاعف قطاع «الذكاء الاصطناعى للبرمجة» ثلاث مرات إلى 170 مليار دولار بحلول 2028، بمعدل نمو سنوى مركب 25 %، وهو القطاع الذى يتضمن أدوات الذكاء الاصطناعى التى تعمل على أتمتة وتسريع تطوير التطبيقات وبرامج البرمجة.
أما فيما يتعلق بأتمتة الوظائف، فيتوقع الخبراء أن 30 % من الوظائف ستتم أتمتتها بواسطة الذكاء الاصطناعى.
التأثير الاقتصادى للذكاء الاصطناعى فى أهم القطاعات:
الرعاية الصحية: من المتوقع أن يكون للتكنولوجيا تأثير كبير، من خلال تحسين عمليات التشخيص والعلاج والأبحاث الدوائية. ووفقا لدراسة أجرتها «أكسنتشر»، سوف توفر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى نحو 150 مليار دولار لنظام الرعاية الصحية الأمريكى بحلول العام المقبل.
التصنيع: الأتمتة بواسطة الذكاء الاصطناعى يمكن أن تزيد الإنتاجية وتقلل التكاليف. وفى تقدير شركة «ماكينزى» الاستشارية أن الذكاء الاصطناعى سوف تبلغ قيمته المضافة إلى قطاع التصنيع العالمى ما بين 2.6 تريليون دولار و4.4 تريليون دولار بحلول 2030.
التجزئة وخدمات المستهلك: من المتوقع أن يخلق الذكاء الاصطناعى فى قطاع التجزئة -على سبيل المثال، أنظمة التوصية، وخدمة العملاء الآلية، وتحسين سلسلة التوريد- قيمة كبيرة. وتشير دراسة لشركة «برايس ووترهاوس كوبرز» إلى أن الذكاء الاصطناعى ربما يساهم بما يصل إلى تريليونى دولار فى قطاعى التجزئة والجملة بحلول عام 2030.
التمويل: يمكن أن يظهر تأثير الذكاء الاصطناعى على صناعة التمويل من خلال تحسين عملية اتخاذ القرار، واكتشاف عمليات الاحتيال وخدمة العملاء، وبما يضيف قيمة سنوية تصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2030، وفقا لبعض التقديرات.
التوظيف مقابل خسائر وظائف: فى حين أن الذكاء الاصطناعى سيؤدى إلى الاستغناء عن وظائف فى قطاعات معينة، فإنه سيخلق أيضا وظائف وصناعات جديدة. وقدر المنتدى الاقتصادى العالمى قبل سنوات أنه بحلول عام 2025، سيخلق الذكاء الاصطناعى والأتمتة 133 مليون وظيفة جديدة فى أنحاء العالم. ولكن فى الوقت نفسه، ربما يتم خسارة 75 مليون وظيفة على مستوى العالم أيضا بسبب الذكاء الاصطناعى والأتمتة.
سباق عالمى:
يعد الاهتمام بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى إستراتيجية طويلة المدى، حيث تدرك الدول الكبرى الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية طويلة المدى لها، وتعمل معظمها على وضع إستراتيجيات وطنية شاملة لضمان بقائها قادرة على المنافسة على الساحة العالمية.
وتتسابق الدول العظمى على ريادة قطاع الذكاء الاصطناعى، فتستثمر دول مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبى مليارات الدولارات لتطوير التكنولوجيا، سواء من حيث الإنفاق الحكومى أو استثمارات القطاع الخاص.
والتركيز على الاستثمار فى قطاعات محددة غالبا يرتبط بالمجالات التى تتوافق مع نقاط القوة فى كل دولة، مثل السيارات ذاتية القيادة فى الولايات المتحدة والصين، والروبوتات فى اليابان، والذكاء الاصطناعى فى مجال الرعاية الصحية فى المملكة المتحدة وكندا.
ومن المتوقع أن تكون الولايات المتحدة، الصين وأوروبا أبرز المستفيدين من التطورات فى قطاع الذكاء الاصطناعى. وتسعى الصين لتكون الدولة الرائدة عالميا فى مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى.
كانت إحصاءات شركة «ستاتستا دوت كوم» قد أشارت إلى بلوغ حجم الاستثمار العالمى فى الذكاء الاصطناعى 250 ألف مليار دولار بنهاية 2025، الذى يعكس التأثير الاقتصادى المحتمل لها.
تحديات:
يعد التفاوت الاقتصادى والفجوة الرقمية من أبرز المخاطر التى تكتنف قطاع الذكاء الاصطناعى، فربما تؤدى استثمارات الذكاء الاصطناعى إلى تفاقم التفاوت الاقتصادى، سواء داخل الدول أو على مستوى العالم.
وربما تستفيد الشركات الكبرى والاقتصادات المتقدمة ذات الموارد الكبيرة بشكل غير متساو من الذكاء الاصطناعى، ما يؤدى إلى توزيع غير متساو للمكاسب الاقتصادية للذكاء الاصطناعى. على سبيل المثال، ربما تمكن تكنولوجيات الذكاء الاصطناعى المتقدمة شركات التكنولوجيا العملاقة مثل «أمازون» و«جوجل» و»على بابا» من اكتساب المزيد من الهيمنة على السوق، ما يضر باللاعبين الأصغر حجما.
وربما تكافح الدول النامية، التى تفتقر إلى البنية الأساسية والموارد المالية للاستثمار فى الذكاء الاصطناعى، من أجل مواكبة التقدم التكنولوجى فى الدول الأكثر ثراء. وسوف يؤدى ذلك إلى تعميق الفجوة الاقتصادية العالمية ويؤدى إلى اختلال التوازن فى قدرات الذكاء الاصطناعى بين المناطق.
من ناحية أخرى، يرى خبراء أن عزوف كثير من الشركات عن اعتناق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى تحد رئيسى لنمو السوق، الأمر رصدته بعض الدراسات، فعلى الرغم من المكاسب التى توفرها التكنولوجيا تبدى شركات عدة اعتراضها على اللجوء إلى الذكاء الاصطناعى، وكان أبرز المخاوف وفقا لدراسة أجرتها جامعة «ستانفورد» فى عام 2022، هو الأمن السيبرانى بنسبة 59 % والقيود التنظيمية 45 % وكذلك بسبب الرغبة فى الحفاظ على الخصوصية الشخصية 40 % والسمعة 32 %، وسلامة مكان العمل 20 %.
إحصاءات
>> 57933 شركة ذكاء اصطناعى تعمل فى أرجاء العالم.
>> 25 % من شركات الذكاء الاصطناعى تعمل فى الولايات المتحدة.
>> 154 مليار دولار متوسط حجم الإنفاق السنوى على حلول الذكاء الاصطناعى.
>> 35 % من الشركات فى العالم تستخدم الذكاء الاصطناعى.
التأثير الاقتصادى للذكاء الاصطناعى بالدولار:
>>7 . 15 تريليون دولار التأثير الاقتصادى العالمى الإجمالى بحلول عام 2030 «برايس ووتر هاوس كوبرز».
>> 6.6 تريليون دولار مساهمة الذكاء الاصطناعى فى الاقتصاد الأمريكى بحلول عام 2030«برايس ووتر هاوس كوبرز».
>> 7 تريليونات دولار مساهمة الذكاء الاصطناعى فى الناتج المحلى الإجمالى للصين بحلول عام 2030 «تراكتيكا».
>> 2 تريليون دولار مساهمة الذكاء الاصطناعى فى قطاع التجزئة بحلول عام 2030 «برايس ووتر هاوس كوبرز»..
>> تريليون دولار تأثير الذكاء الاصطناعى على قطاع الخدمات المالية بحلول عام 2030«أكسنتشر».
>> تريليونا دولار تأثير الذكاء الاصطناعى على النقل والخدمات اللوجستية العالمية بحلول عام 2030 «ماكينزي».
>> 1. 3 تريليون دولار مساهمة الذكاء الاصطناعى فى قطاع الطاقة بحلول عام 2030 «برايس ووتر هاوس كوبرز».
استثمارات الشركات الأمريكية
أعلنت شركة «ميتا بلاتفورمز» المالكة لـ»فيسبوك» استثمار ما يصل إلى 65 مليار دولار فى الذكاء الاصطناعى خلال العام الجارى، بما فى ذلك بناء مركز بيانات عملاق جديد وزيادة التوظيف فى فرق الذكاء الاصطناعى. وهى زيادة ملحوظة فى الانفاق للشركة، وتصويت كبير بالثقة فى مستقبل حوسبة الذكاء الاصطناعى.
جاء إعلان الرئيس التنفيذى مارك زوكربيرج بعد أيام من إعلان ترامب إلى جانب مسئولين تنفيذيين من «أوبن أيه أي»، «سوفت بنك» و»أوراكل» عن مشروع مشترك بقيمة 100 مليار دولار، يسمى «ستارجيت» لبناء مراكز بيانات ومشاريع البنية التحتية للذكاء الاصطناعى فى جميع أنحاء الولايات المتحدة.