رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

مقالات

إطلاق العنان للاقتصاد المصرى لتحقيق التنمية الاقتصادية

18-3-2025 | 21:16

بقلم:د‭. ‬محمد‭ ‬البنا - أستاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمالية‭ ‬العامة‭ - ‬جامعة‭ ‬المنوفية

يحتاج‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصرى‭ ‬إلى‭ ‬تضافر‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬المحدقة‭ ‬به‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية،‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬انطلاقة‭ ‬اقتصادية‭ ‬ينعكس‭ ‬أثرها‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭.‬‮ ‬وتشمل‭ ‬العوامل‭ ‬الرئيسية‭ ‬لإطلاق‭ ‬العنان‭ ‬لتحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬اقتصادية‭ ‬مستقلة‭ ‬ونمو‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والصادرات‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬ما‭ ‬يلى‭:‬

 

‭(‬1‭) ‬إعادة‭ ‬توجيه‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬كداعم‭ ‬لنشاط‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وليس‭ ‬بديلا‭ ‬عنه،‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬أمرا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬لاستدامة‭ ‬المالية‭ ‬العامة‭ ‬والمركز‭ ‬الخارجي،‭ ‬وعدم‭ ‬تورط‭ ‬الحكومة‭ ‬فى‭ ‬مشروعات‭ ‬تنموية‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬لها‭ ‬عوامل‭ ‬النجاح‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الرشيدة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬لدى‭ ‬موظفى‭ ‬الحكومة‭.‬

وسوف‭ ‬يوفر‭ ‬ذلك‭ ‬للحكومة‭ ‬مجالا‭ ‬لتحسين‭ ‬خدماتها‭ ‬الأساسية‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬والأمن‭ ‬والعدالة،‭ ‬وكسب‭ ‬ثقة‭ ‬الأفراد،‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬الادخار‭ ‬والاستثمار‭ ‬الحقيقى‭ ‬وبناء‭ ‬طاقات‭ ‬إنتاجية‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادى‭.‬

‭(‬2‭) ‬تهيئة‭ ‬بيئة‭ ‬مواتية‭ ‬لأنشطة‭ ‬الأعمال،‭ ‬تقليص‭ ‬دور‭ ‬الحكومة‭ ‬فى‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬البيروقراطية‭ ‬المتجذرة‭ ‬فى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصرى‭ ‬والتى‭ ‬تأتى‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬معوقات‭ ‬التنمية‭ ‬وانخفاض‭ ‬مؤشر‭ ‬أداء‭ ‬الأعمال‭ ‬لمصر‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬وإصلاح‭ ‬النظام‭ ‬الضريبى،‭ ‬والسعى‭ ‬لكسب‭ ‬ثقة‭ ‬الممولين‭ ‬بالحكومة‭.‬

وفى‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬نقترح‭ ‬منهجا‭ ‬مختلفا‭ ‬وأكثر‭ ‬استدامة‭ ‬لزيادة‭ ‬الإيرادات‭ ‬المحلية‭ ‬فى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصرى،‭ ‬ويرتكز‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬العَقد‭ ‬الاجتماعى‭ ‬وتشجيع‭ ‬الأفراد‭ ‬ومنشآت‭ ‬الأعمال‭ ‬على‭ ‬إضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الرسمى‭ ‬على‭ ‬أنشطتهما‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وبذل‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬بغية‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬الإنفاذ،‭ ‬وبناء‭ ‬الثقة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬توليد‭ ‬قيمة‭ ‬اجتماعية‭ ‬لمواطنيها،‭ ‬نظرا‭ ‬لضعف‭ ‬الثقة‭ ‬بالسلطات‭ ‬الضريبية،‭ ‬وضعف‭ ‬الامتثال‭.‬

‭(‬3‭) ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬ويمثل‭ ‬مدخلا‭ ‬غير‭ ‬مكلف‭ ‬للخزانة‭ ‬العامة،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬يحقق‭ ‬مردودا‭ ‬مهما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة،‭ ‬وأول‭ ‬هذه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬يتمثل‭ ‬فى‭ ‬إصلاح‭ ‬التعليم،‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬تنموى،‭ ‬بمعنى‭ ‬تحقيق‭ ‬مجانية‭ ‬ملزمة‭ ‬للتعليم‭ ‬الأساسى‭ ‬لضمان‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتكافؤ‭ ‬الفرص،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬أمام‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إكسابهم‭ ‬قدرا‭ ‬مناسبا‭ ‬من‭ ‬المعرفة‭ ‬والمهارات‭ ‬الأساسية‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬العمرية‭. ‬وضبط‭ ‬التوسع‭ ‬فى‭ ‬الاتجاه‭ ‬التجارى‭ ‬فى‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬منافعه‭ ‬على‭ ‬الأفراد،‭ ‬بل‭ ‬له‭ ‬مردود‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مخاطره‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مخاطر‭ ‬الأنشطة‭ ‬الانتاجية‭ ‬والخدمية‭ ‬الأخرى‭.‬

ثانى‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬هو‭ ‬نظام‭ ‬التأمين‭ ‬الصحى‭ ‬الشامل،‭ ‬الذى‭ ‬يعتمد‭ ‬فى‭ ‬تمويله‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬اشتراكات‭ ‬الأفراد،‭ ‬ومساهمات‭ ‬أرباب‭ ‬الأعمال‭ (‬والحكومة‭ ‬كرب‭ ‬عمل‭) ‬وتوفيره‭ ‬للفقراء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نظم‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعى،‭ ‬والنظر‭ ‬فى‭ ‬تغيير‭ ‬منهجية‭ ‬التطبيق‭ ‬لتسريع‭ ‬التطبيق‭ ‬نظرا‭ ‬لأهميته‭ ‬القصوى‭ ‬فى‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬وبناء‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشرى‭ ‬كمدخل‭ ‬مهم‭ ‬للتنمية‭.‬

ثالث‭ ‬هذا‭ ‬المجالات‭ ‬هو‭ ‬شبكة‭ ‬الأمان‭ ‬الاجتماعى‭ ‬وتشمل‭ ‬نظم‭ ‬التأمينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ودعم‭ ‬الفقراء،‭ ‬فالأول‭ ‬يحتاج‭ ‬تطوير‭ ‬جذرى‭ ‬والتحول‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬التمويل‭ ‬الكلى‭ ‬الذى‭ ‬تطبقه‭ ‬شركات‭ ‬التامين‭ ‬الخاصة،‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬الدفع‭ ‬عند‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الذى‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬نظم‭ ‬التأمينات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تحرير‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬أرصدة‭ ‬صناديق‭ ‬التامينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لرفع‭ ‬مستويات‭ ‬المعاشات‭ ‬وانتشال‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬هوة‭ ‬الفقر‭.‬

أما‭ ‬المجال‭ ‬الثانى‭ ‬فيتمثل‭ ‬فى‭ ‬التوسع‭ ‬فى‭ ‬تطبيق‭ ‬نظام‭ ‬دعم‭ ‬الفقراء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نظام‭ ‬تكافل‭ ‬وكرامة،‭ ‬وهو‭ ‬مصمم‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬حيث‭ ‬يستهدف‭ ‬الفقراء‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬ويوفر‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬التحفيز‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬وكسب‭ ‬العيش‭ ‬للمؤهلين‭ ‬لذلك،‭ ‬والاستغناء‭ ‬تماما‭ ‬عند‭ ‬الدعم‭ ‬السلعى‭ ‬الذى‭ ‬يدعم‭ ‬السلع‭ ‬ثم‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬مستحقيه‭.‬

اخر اصدار