- بوابة مصر للاستكشاف تجذب استثمارات جديدة
كتب: د. محمود جلالة
فرضت التكنولوجيا الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعى نفسها على صناعة النفط والغاز ابتداء من عمليات جمع البيانات والمسح السيزمى مرورا بالبحث والاستكشاف والحفر وصولا إلى الإنتاج والتوزيع، حيث يمكن حفظ عدد لانهائى من البيانات، بجانب تحليلها بدقة وسرعة، وهو ما يؤدى إلى قرارات أفضل. كما يمكن تنفيذ الأعمال فى الأماكن التى تشكل خطورة على الإنسان مثل الأماكن الوعرة أو المياه العميقة، بجانب الإسهام فى صيانة الآبار والتنبؤ بالمشكلات قبل حدوثها، بالإضافة للتنفيذ الذاتى، وهو ما يؤدى إلى زيادة الإنتاج وتحقيق الاستدامة والسلامة فى صناعة النفط والغاز. ومن المتوقع أن يتضاعف حجم الذكاء الاصطناعى فى سوق النفط والغاز تقريبا بحلول عام 2029، ليصل إلى 5.7 مليار دولار، وهو ما حدا بكثير من الدول ومنها مصر إلى التوسع فى تلك التكنولوجيا، حيث نفذت وزارة البترول بوابة مصر للاستكشاف، كما استعانت بأنماط من الذكاء الاصطناعى فى مجال الصحة والسلامة والبيئة.

دورة النجاح
أكد المهندس محمود أبو الفتوح، خبير البترول الدولى، أن للتطور التكنولوجى فضلا عظيما على مجالات صناعية متعددة من زيادة الإنتاج وتعظيم الاكتشافات والاقتصاد فى التكاليف.
وأضاف أن جميع الشركات الكبرى فى مجال النفط تتخذ من نظرية تقسيم الوقت وتوزيع الجهد والتركيز على العناصر أساسا لصناعة أفكارها والوصول لأهدافها، وهذه المنظومه تعرف بـVlue Loop أو دورة النجاح والتفوق، وهى منظومة بحثية أكاديمية التقطتها الشركات وطورت نهجها لتخدم مصالحها فى الحياة العملية.
وأوضح أن النظرية تعتمد على وضع هدف فى وقت محدد ومن أجله تجمع المعلومات وأوقات تطبيقه فى المكان وفى العالم من حولهم، ثم تراجع المعلومات وتلخص، ثم تحلل البيانات والمعلومات ثم الانتقال لمرحلة التصميم المناسب ثم الميزانية المناسبة وبدء مرحلة التنفيذ ومن ثم نستقبل الإنتاج أو النتائج.
وتابع أن الشركات الكبرى لا تكتفى بالنتائج وحصاد الجهد، ولكن تستمر فى إعادة النظرية بمعلومات تشغيل جديدة وتطوير للتصميم وتنفيذ الجديد مع الصيانة لزيادة الإنتاج، ولا تتوقف عند هدف ثابت ولكن تجعلها منظومة ديناميكية لا تتوقف أبدا وتستمر فى المكاسب وجنى الأرباح. ولفت إلى أن جمع البيانات وتحليلها والتصميمات وخطوات التنفيذ جميعها كانت تعتمد على ذاكرة العقل البشرى ومقدرته على الاستيعاب.

تطويع الآلة
وأشار إلى أنه منذ بداية الألفية الجديدة تطورت تكنولوجيا الحاسب الآلى، وإضافة ذاكرة صلبة لحفظ مئات المليارات من المعلومات، ووضع أكواد سهلة لاسترجاعها، ثم تطورت الأمور آخر 10 سنوات لتنفيذ الأفضل من المعلومات المخزنة. وهنا ظهرت عبقرية العقل البشرى فى صياغة الفكرة، ولكن ظهرت أيضا محدوديته فى المتابعة والتنفيذ لانشغاله بآلاف الأمور الحياتية التى لا تتعلق بالصناعة.
وأردف أنه كلما ظهرت منطقة يعجز الإنسان عن مجاراتها بذاكرته المشغولة طوع الإنسان الآلة لتذكيره بها، بل وصلت لحد تنفيذها كما يطلب منها الإنسان، ومساعدته آليا فى التنفيذ الذاتى دون طلب مادامت تدخل فى حدود الحيز الذى حدده لها. وهذا ما يسمى الذكاء الاصطناعى AI، وهذه التكنولوجيا خطورتها فى ضبطها والتحكم فى حدود تنفيذها للأوامر، فإذا تُركت حدودها مفتوحة لجميع الاحتمالات دون تحديد limit أو حدود نهاية لها، فعندئذ ربما ينقلب نفعها إلى ضرر.
واستنتج أبو الفتوح أن الذكاء الاصطناعى لا يمكن أن يكون بديلا للإنسان، ولكنه عامل مكمل لذاكرة الإنسان ويده الطولى التى تصل به لإنجاز العمل ذاتيا وقت انشغال الإنسان بأوامر أو شئون أخرى.

واستطرد أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى وجدا فقط لأمرين:
أولهما: جمع البيانات وتخزينها بأمان فى ذاكرة صلبة لانهائية محددة الأكواد لسهولة الاسترجاع.
والثانى: تنفيذ الأوامر ذاتيا أو عند طلبها بواسطة الإنسان دون الحاجة لأيدي بشرية للتنفيذ وخاصة فى الظروف الصعبة. وهنا تظهر عبقرية التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى فى عمليات المسح الجيولوجى أو السيزمى للمناطق الوعرة أو تحت مياه المحيطات العميقة وتخفيض معاملات تشويش المياه على الموجات الصوتية المستخدمة فى جمع البيانات وفى مناطق النزاعات خاصة لو مفخخة بألغام أرضية وفيها مخاطر.
وأضاف أن نتائج التكنولوجيا والذكاء الصناعى تتعاظم فى قياس وتحليل البيانات داخل خزانات أو مصائد وآبار النفط والغاز من توجيه لأدوات الحفر وضبط سوائل التبريد والأمان والتحكم فى بناء ميول الآبار لاستهداف أماكن الثروات من خلال ضبط سرعة ضخ سائل الطفلة.
تحليل البيانات
وأشار أبو الفتوح إلى أن التكنولوجيا تساعد فى تحليل بيانات الإنتاج وصيانة الآبار وتذكير الانسان بمواعيد الصيانة، وهذا ما يسمى نقل أسلوب الإدارة والتشغيل من شركة تعتمد رد الفعل لصيانة معداتها إلى شركة تستبق المشكلات وتتوقعها وتتدخل بصيانة بسيطة تمنع تعطل إنتاج وخروج ماكينات من مود التشغيل وتقلل تكاليف العمليات والتشغيل بأرقام ضخمة، إلى جانب أهميتها فى تخفيض وقت توقف الإنتاج.
وأفاد بأن التكنولوجيا وتحليل البيانات تعمل أيضا على إضافة الكثير من الفرص المشابهة وتعظيم الإنتاج لمجرد تطابق ظروف التشغيل فى حقول وآبار قديمة مع آبار استكشافية أولية، وهذا ينقل إلى محاكاة التكنولوجيا وأخذ النصيحة من المعلومات المخزنة، لافتا إلى أن التكنولوجيا لن تتوقف عن مساعدة البشر فى جميع المجالات، ففى حالة وجود قصور لدى عقل الإنسان فإنه سيطوع الآله لتنفيذ المهام بشكل أدق. وشدد على أنه رغم تعدد مزايا تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فإنه لا غنى عن الإنسان الذكى المحترف أو الخبير بشئون عمله وفرص تطويره.
التحكم والسيطرة
وقال المهندس معتز عاطف، المتحدث الرسمى لوزارة البترول: إن قطاع الطاقة على الصعيدين العالمى والمحلى يمر بمرحلة تحول كبيرة فى ضوء المتغيرات العالمية الأخيرة وما فرضته التطورات التكنولوجية والرقمية من تأثيرات كبيرة على سوق الطاقة على مستوى العالم.
وأشار إلى وجود تقديرات بتأثير الذكاء الاصطناعى على حجم الطاقة اللازم توفيرها فى المستقبل، بإمكانية تأثيره فى حدوث زيادة بنسبة 4 % فى حجم الطاقة المستخدمة عالميا بحلول عام 2026 بحجم الطاقة المطلوبة لدولة مثل اليابان، متوقعا أن تستغرق عملية التحول وقتا طويلا بما يتطلب توفير المزيد من الطاقة.
وأضاف أن الأعوام الثلاثة الماضية شهدت تزايد حجم مشاركة قواعد البيانات والمعرفة على مستوى القطاع محليا. كما أنشأت الوزارة مركزا للتحكم والسيطرة فى العاصمة الإدارية الجديدة يمكنه تجميع البيانات من جميع المواقع، مشيرا إلى توسع الدولة كذلك فى استخدام العديد من أنماط الذكاء الاصطناعى لتحسين العمل بمشروعات الطاقة المختلفة.
وأشار عاطف إلى صياغة الوزارة خطة للأداء فى مجال الصحة والسلامة والبيئة، استعانت خلالها بأنماط عديدة من الذكاء الاصطناعى فى محاكاة السيناريوهات ووضع وقياس بعض مؤشرات الأداء.

بوابة مصر للاستكشاف
ولمواكبة أحدث وأفضل الطرق العالمية فى تسويق المناطق وجذب استثمارات جديدة، وكذلك جذب الشركات العالمية الكبرى للعمل فى مصر، دشنت وزارة البترول بوابة مصر للاستكشاف والإنتاج بهدف إصدار خريطة استثمارية لتكثيف أنشطة البحث والاستكشاف، وما يترتب عليها من تنمية الحقول المكتشفة وإتاحة جميع البيانات الجيولوجية والجيوفيزيقية
وبيانات المشروعات والتسهيلات المتاحة فى مناطق البحث والاستكشاف والتنمية ومناطق المزايدات من خلال بنك معلومات وطنى للإسهام فى تشجيع وجذب استثمارات جديدة وترويج مناطق البحث والاستكشاف.
وتم توقيع عقد المشروع بمؤتمر إيجبس فبراير 2020 مع شركة شلمبرجير العالمية، ونفذ المشروع فى 12 شهرا من خلال فرق عمل متكاملة فى جميع التخصصات. وفى فبراير 2021 كانت أول مزايدة رقمية فى مصر بمناطق البحر المتوسط وخليج السويس والصحراء الغربية عبر البوابة.
والتقى فريق بوابة مصر للاستكشاف مؤخرا مجموعة من الشركات العالمية مثل شركة واينى، وتوتال، وأباتشى، وإن بى سى، والقحطانى، ودراجون أويل، وشلمبرجير، وبيكرهيوز، بالإضافة إلى عدد من الشركات المحلية مثل عز الدخيلة، والنيل للطاقة لاستعراض الخدمات التقنية المبتكرة التى تقدمها البوابة، والتى شملت تحليل البيانات باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوفير منصة رقمية متكاملة تتيح للمستثمرين الاطلاع على البيانات بسهولة، إلى جانب تقديم حلول مبتكرة تدعم عمليات البحث والاستكشاف والإنتاج بكفاءة عالية. بجانب توضيح معدلات العائد على الاستثمار والآليات الفنية والاقتصادية المتبعة لتقديم العروض للمناطق الاستثمارية عبر عضوية بوابة مصر للاستكشاف والإنتاج (EUG).
وأعلنت وزارة البترول الأسبوع الماضى عن طرح فرص استثمارية جديدة لـ 7 حقول غير منماة بالبحر المتوسط و6 من المناطق الاستكشافية بخليج السويس والصحراء الغربية عبر بوابة مصر للاستكشاف والإنتاج، وسيتم فتح التزايد عليها لمدة شهرين وسيكون موعد الإغلاق 4 مايو 2025.
ويأتي هذا الإعلان بعد إغلاق باب التزايد على 13 منطقة استكشافية وحقول متقادمة، تم استلام العروض المتعلقة بها وجار تقييم العروض لها باستثمارات متوقعة تتجاوز 700 مليون دولار وتتضاعف فى حالة تحقيق كشف تجارى.
مدرسة للذكاء
ولضمان استمراية توافر الكوادر القادرة على استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى وقعت شركة انبى، مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، الأسبوع الماضى، بروتوكول تعاون مشترك لإنشاء «مدرسة إنــبى للتكنولوجيا التطبيقية فى مجال الذكاء الاصطناعي»، التابعة لإدارة شرق مدينة نصر التعليمية بمحافظة القاهرة.