كتب: مرفت عبدالعزيز
بدلا من شراء عملة البيتكوين مباشرة دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الاحتفاظ بأصول البيتكوين الحالية لدى الحكومة الأمريكية كاحتياطي وإنشاء مخزون منفصل من العملات المشفرة الأخرى.
طرح ترامب الفكرة كوسيلة لتعويض الخسائر في القوة الشرائية الناجمة عن التضخم في الدولار الأمريكي. وأكد مساعدو الرئيس الأمريكي هذا الطرح عبر منصة إكس قائلين: لن تبيع الولايات المتحدة أية عملة بيتكوين مودعة في الاحتياطي، بل سيتم الاحتفاظ بها كمخزن للقيمة.
ترحيب وحذر
وقد لاقت خطة إنشاء احتياطي من العملات الرقمية ترحيبا كبيرا من المؤمنين بالعملات الرقمية، حيث تمنح هذه الخطة شرعية جديدة لصناعتهم، كما أنهم سيحققون استفادة مالية كبيرة بسبب تعهد الحكومة الأمريكية بعدم خفض سعر البيتكوين عن طريق الالتزام بعدم بيع كميات كبيرة من العملة في السوق.
أما الاقتصاديون فلهم رأي آخر فقد سببت لهم الخطة ارتباكا ملحوظا، فهم يؤكدون أن هذه الفكرة تستند إلى افتراضيين خاطئين، الافتراض الأول أن سعر البيتكوين لابد وأن يحقق ارتفاعات متوالية. والافتراض الثاني أنه سيكون بمقدور الحكومة الأمريكية بيع البيتكوين مرة أخرى عندما تريد وتحويلها إلى دولار أمريكي دون أن تدخل السوق إلى مرحلة من الهبوط الحاد. أضف إلى ذلك أن اكتناز البيتكوين بدلا من بيعها يتعارض مع مبدأ تكلفة الفرصة البديلة، فالأصول الأخرى كالأسهم والسندات تدر دخلا بينما لا تدر البيتكوين هذا الدخل مما يجعل الاحتفاظ بها أمر مكلفا.
خطة مكلفة
في هذا السياق يقول جورج سيلجين مدير مركز أبحاث البدائل النقدية والمالية الأمريكي «لا يوجد مبرر منطقي لهذه لخطة، فهي خطة مكلفة رغم أن وجود احتياطي يتكون فقط من عملة البيتكوين أفضل من استخدام أموال الضرائب في شراء عملات إضافية».
تضارب المصالح
من ناحية أخرى أبدى أعضاء الكونجرس من الديمقراطيين قلقهم من تضارب المصالح المحتمل بسبب الاستثمارات السابقة التي قام بها ديفيد ساكس وأعضاء آخرون في إدارة ترامب في العملات الرقمية المقرر إدراجها في المخزون الأمريكي، مشيرين إلى أنهم بهذا يضعون مصالحهم الخاصة فوق المصلحة العامة.
ويؤكد الخبراء أن أحد أهم الآثار المحتملة لتنفيذ خطة ترامب الخاصة باحتياطي العملات الرقمية هي أن حكومات الولايات الأمريكية نفسها والحكومات في الدول الأخرى قد تتخذ نفس المنحي، وتبدأ في تشكيل احتياطي خاص بها، فما دامت الحكومة الأمريكية الفيدرالية قررت الاحتفاظ بهذه العملات الرقمية فإن حكومات الولايات ستقدم على اتخاذ نفس الخطوة، بل وستفعل الحكومات الأخرى في جميع أنحاء العالم نفس الشيء باعتبار أن الولايات المتحدة رائدة في مجال التمويل.
خطوات غير محسوبة
والمثير للقلق أنه حدث ما توقعه الخبراء بالفعل، فقد قدم أعضاء الكونجرس في بعض الولايات ومنها تكساس وأوهايو ونيو هامشير مشروعات قوانين تقوم بمقتضاها حكومات الولايات بشراء البيتكوين، وهو نفس ما أقدم عليه المسئولون في البرازيل وهونج كونج وجمهورية التشيك وبعض الأماكن الأخرى.
ويرى الخبراء أنه لو تم إنشاء هذا المخزون من العملات الرقمية في الولايات المتحدة خاصة إذا نجح ترامب في تقنين الأمر سيكون من الصعب التخلي عنها. وهنا يؤكد جورج سيليجين أنه لن يكون بمقدور أي قوى سياسية التخلي عن هذا الأمر بسبب الضغوط التي سيمارسها أرباب صناعة العملات الرقمية. كما أنه حتى لو ارتفعت قيمة احتياطي هذه العملات الرقمية فليس هناك ما يدل على أن الحكومة ستستفيد من هذا الارتفاع عن طريق البيع، فهؤلاء الذين ضغطوا من أجل إنشائها سيضغطون مرة أخرى من أجل عدم بيعها حرصا على مكاسبهم الخاصة.