رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

ملفات

المرأة “حصن” الأسرة

26-3-2025 | 21:28

89 % من تكافل وكرامة تحصل عليها سيدات

 

تغييرات جذرية فى دور المرأة لتصبح شريكا وليس تابعا

 

6 مراكز تتقدمها مصر فى مؤشر المساواة بين الجنسين

 

كتبت: نهلة أبو العز

 

تغيرت الصورة الذهنية للمرأة على مدى عقود مضت للتحول من فكرة أن المرأة مجرد زوجة فقط وربما تكون زوجة ثانية أو ثالثة ليس لها دور حقيقى فى اختيار حياتها إلى أن أصبحت شريكا حقيقيا فى المجتمع، هذا الدور الذى أصبح واقعا ملموسا ساهم فى عدة أمور من أهمها تربية أفضل للأبناء، فبدلا من أن تكون الأم كائنا مقهورا ينتظر من يعطيه أصبحت فردا منتجا ومصدرا مهما لتحسين التعليم والحياة الاجتماعية للأسرة، ليس فقط لأنها تعمل هناك الكثير من السيدات لا يعملن ولكن لأنها تعلمت وأدركت أهمية العلم.

 

وللحق فإن المرأة المصرية بصفة خاصة لها بصمات فى حياة من حولها وأياد بيضاء عليهم لأنها تقدس معنى الأسرة والأولاد وتمنح لهم حياة مختلفة.

فى السنوات الأخيرة حرصت الدولة المصرية على إطلاق الإستراتيجيات والمبادرات والبرامج المجتمعية الداعمة للمرأة؛ ما أسهم فى بناء قدراتها وتمكينها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وإدماجها بوصفها عنصرا فاعلا ورائدا فى خطط التنمية المستدامة، فضلا عن الحفاظ على تلك المكتسبات من خلال وضع إطار تشريعى ومؤسسى داعم لحقوقها، مع الحرص على الارتقاء بدورها فى شتى المجالات، وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات من خلال تحفيز المساواة فى المجتمع وتكافؤ الفرص، لتعكس تلك الجهود حجم رهان الدولة على المرأة المصرية وقدرتها على الاضطلاع بدورها بجدارة وتحقيق العديد من الإنجازات، إلى جانب الحفاظ على نسيج المجتمع وروابطه.

مساندة سياسية

 

تجسدت الإرادة السياسية الداعمة للمرأة والحريصة على حقوقها والنهوض بأوضاعها فى إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى عام 2017 عاما للمرأة المصرية.

 

واتساقا مع هذا التوجه، تعيش المرأة المصرية أزهى عصورها فى ظل الجمهورية الجديدة حيث تبوأت أعلى المناصب فى إطار تمكينها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

 

وهنا أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن المرأة المصرية كانت دائما سندا للدولة وليس أدل على ذلك من دورها فى ثورة 2013 حيث كان للمرأة المصرية دورها البارز فى كل المواقف التى مرت بها مصر. ويكرر الرئيس السيسى دائما دعمه للمرأة فى خطاباته وتصريحاته، مؤكدا أن المرأة المصرية جزء لا يتجزأ من خطط التنمية التى تشهدها الجمهورية الجديدة.

 

وتجدر الإشارة إلى أنه بعد انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية، كان للمرأة دور وطنى كبير بمشاركتها بجدارة ووطنية خالصة فى الحياة السياسية المصرية، فكان من أولى مبادرات الرئيس أنه تحدث فى وضوح بأن المرأة المصرية لابد أن يكون لها فى الدستور من الضمانات والحقوق التى تليق بها.

 

وفى إطار الترجمة القانونية والواقعية لهذا الاهتمام، فقد أفرد دستور 2014 جانبا مهما من مواده للمرأة إذ خصص 24 مادة للمرأة، تقديرا لدورها الوطنى؛ ما يشير إلى وضع الإستراتيجية الوطنية للمرأة من أجل تمكينها 2030.

 

مكتسبات وحقوق

 

يحتاج التحول السياسى والاجتماعى للمرأة إلى عدة قوانين وتشريعات لوضعها على الطريق الصحيح وهذا ما حدث بالفعل من خلال :

 

• تعديل القانون الذى ينظم صندوق التأمين الأسرى (القانون رقم 113 لعام 2015) لزيادة موارده لتلبية احتياجات النساء.

 

• تعديل قانون العقوبات (2016) (المادة 242) الخاصة بختان الإناث، حيث تم رفع الجريمة من جنحة إلى جناية.

 

• قانون الاستثمار الجديد (المادة 2) يضمن تكافؤ فرص الاستثمار لكل من الرجال والنساء على السواء.

 

• تعديل قانون المواريث (القانون رقم 219 لسنة 2017) واستحداث نص يعاقب من يحجب الميراث عن كل من له الحق فى هذا الميراث.

 

• صدر القانون المنظم لعمل المجلس القومى للمرأة (القانون رقم 30 لعام 2018) لترقية رئيس المجلس إلى منصب وزير والإقرار بدور سياسى أوسع فيما يتعلق بتمكين المرأة.

 

• اعتراف قانون الضرائب المصرية بالمرأة كعائل للأسرة بموجب قانون الضرائب الموحد.

 

• تعديل قانون الخدمة المدنية لعام 2016 الذى يمنح مزايا للأمهات العاملات مثل إجازة أمومة لمدة 4 أشهر بدلا من 3 أشهر، بالإضافة إلى مميزات أخرى.

 

•إصدار قانون الـتأمينات الاجتماعية والمعاشات لعام 2019.

 

•إصدار مرسوم هيئة الرقابة المالية لعام 2019، الذى نص على تمثيل امرأة واحدة على الأقل فى مجالس إدارة الشركات المالية.

 

• التعديلات الدستورية لعام 2019، وتحديدا تعديل المادة 102 من الدستور بشأن تخصيص 25 % من مقاعد البرلمان للنساء.

 

•إصدار قانون رقم 6 لسنة 2020 بشأن التهرب من دفع النفقة.

 

• وتخصيص مادة تضمن تكافؤ فرص الاستثمار بقانون الاستثمار الجديد، واعتراف قانون الضرائب المصرية بالمرأة كعائل للأسرة بموجب قانون الضرائب الموحد، بالإضافة إلى قانون حفظ سرية بيانات المجنى عليهن فى جرائم التحرش والاعتداء.

 

شريك فاعل

 

لم تعد المرأة المصرية حاضرة فحسب على رأس مستهدفات خطط الدولة التنموية، بل أصبحت شريكا أساسيا فى وضعها وصاحبة دور فاعل فى تنفيذها، فى ظل الإيمان الراسخ لدى الدولة والقيادة السياسية بأن الاستقرار والتقدم لن يتحقق فى الجمهورية الجديدة إلا من خلال ضمان مشاركة المرأة فى جميع أوجه العمل الوطنى، والاستمرار فى بناء قدراتها، بما يضمن توسيع نطاق مشاركتها وتمكينها على كل الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهو ما بدا جليا فى المكتسبات التى حصلت عليها المرأة مؤخرا، بشكل أسهم فى ترسيخ المساواة فى الحقوق، والتكافؤ فى الفرص، وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة، والقضاء على جميع أشكال التمييز، وتغيير ثقافة المجتمع نحوها، فضلا عن كفالة الحقوق الأساسية والحماية والرعاية لها، باعتبار هذه الثوابت أركانا رئيسية لا غنى عنها لبناء مجتمع قوى ومتماسك وقادر على تحقيق مستهدفات التنمية الشاملة، وهو ما عزز النظرة الدولية الإيجابية لوضع المرأة المصرية وحقوقها.

 

 وبعد سنوات من تعزيز مشاركة المرأة المصرية فى العمل الوطنى، تقدمت مصر 6 مراكز فى مؤشر المساواة بين الجنسين فى التحصيل العلمى، الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى، حيث احتلت المركز 103 عام 2022، مقابل المركز 109 عام 2014.

 

تقدمت مصر مركزين فى مؤشر المرأة والسلام والأمن الصادر عن GIWPS، الذى يقيس التمكين الاقتصادى والاجتماعى والسياسى للمرأة وعدالة القوانين وعدم التمييز ضدها وأمنها على المستوى الفردى والمجتمعى، محتلة المركز 136 عام 2021، مقابل المركز 138 عام 2017.

 

زادت نسبة الإناث الحاصلات على جزء من التعليم الثانوى على الأقل (من الفئة العمرية 25 سنة وأكثر)، وفقا لـ UNDP، حيث بلغت 81.6 % عام 2021، مقابل 43.9 % عام 2014، حيث تعكس البيانات الفترة من 2005 إلى 2014، بالإضافة إلى انخفاض وفيات الأمهات لكل 100 ألف ولادة حية، وفقا لـUNDP، حيث سجلت 37 حالة وفاة عام 2021، مقابل 45 حالة وفاة عام 2014.

 

تقدمت مصر 11 مركزا بمؤشر we world الصادر عن مؤسسة تحالف تمويل الطفل الأمريكية، حيث شغلت المركز 103 عام 2022، مقابل المركز 114 عام 2015، علما بأن المؤشر يقيس حالة الظروف المعيشية للسيدات والأطفال، من خلال قياس الحقوق الخاصة بالطفل والمرأة داخل كل دولة.

 

حماية اجتماعية

 

المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومى للمرأة أكدت أن المرأة المصرية لعبت أدوارا قيادية فى مختلف العصور، بداية من العصر الفرعونى وصولا للجمهورية الجديدة، العصر الذهبى للمرأة المصرية مدفوعة بإرادة سياسية داعمة نحو تمكين المرأة فى جميع المجالات، فضلا عن إطلاق الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030، التى تعد خارطة طريق لتحقيق التنمية المستدامة.

 

وتابعت: فمن حيث التمثيل السياسى فضلا عن 20 مادة بدستور 2014 لتمكين المرأة فقد ضمن لها تخصيص 25 % من مقاعد البرلمان لتصل نسبة تمثيلها فى مجلس النواب لـ27 % متجاوزة المتوسط العالمى، و14 % فى مجلس الشيوخ، كما تولت المرأة الكثير من المناصب كسرا للحاجز الزجاجى منها مستشارة للأمن القومى ونائبا لمحافظ البنك المركزى، ومناصب وزارية ومنصب محافظ ونواب الوزراء وتم تعيينها قاضية فى مجلس الدولة والنيابة العامة لأول مرة.

 

وأضافت: وعن التمكين الاقتصادى تستحوذ المرأة على 45 % من إجمالى مشروعات جهاز تنمية المشروعات وبلغ نصيب المرأة فى صندوق التنمية المحلية 65 % من المستفيدين، وفى إطار أول شراكة على مستوى العالم بين البنك المركزى والمجلس القومى للمرأة تم إطلاق برنامج تحويشة للادخار والإقراض الرقمى، كما أطلق أول نموذج محاكاة مع بنك مصر لتشجيع المرأة الريفية على استخدام الخدمات البنكية.

 

وعن الحماية الاجتماعية تستفيد النساء من 89 % من البرامج مع زيادة ميزانية برنامج تكافل وكرامة بنسبة 235 % ومثلت النساء 65 % من المستفيدين من برامج التدريب للعاملين بالجهات الحكومية.

 

وأضافت: فى إطار الاستثمار فى الفتيات تم إطلاق برنامج نورة فى العديد من المحافظات ليشمل تمكين الفتيات من سن 10 إلى 14 سنة لإمدادهن بالمعرفة والمهارات لتنمية قدراتهن وتم الاحتفال بتخريج 6125 فتاة.

 

وبالنسبة لمجال الرعاية الصحية للمرأة، أطلقت مبادرات 100 مليون صحة للكشف المبكر عن الأمراض وبرامج التوعية بالصحة الإنجابية، لضمان حياة صحية وآمنة للمرأة، كما تم تكثيف الجهود للقضاء على زواج الأطفال وختان الإناث من خلال التشريعات وبرامج التوعية، ومنع تسربهن من المدارس وخاصة فى الأماكن الريفية.

 

وفيما يتعلق بمحور الحماية فقد صدرت حزمة تشريعية تحمى المرأة من صور العنف داخل الأسرة وخارجها والنجاح فى تطوير نظام التنسيق الوطنى بالتوسع فى أعداد وحدات الحماية من العنف بالجامعات والمستشفيات الجامعية وأقسام الشرطة وأماكن العمل، كما تم إنشاء أول وحدة مجمعة لحماية المرأة من العنف فضلا عن مكتب شكاوى المرأة الذى يقدم الدعم القانونى والنفسى والاجتماعى لها.

 

بناء اقتصادى واجتماعى

 

الدكتورة مها إسماعيل رئيس مركز القاهرة لقياسات التنمية تقول إن دور المرأة فى تنمية المجتمع مستمر منذ القدم وليس مستحدثا ولكنه تطور، موضحة أن المرأة المصرية تبذل الجهد لتحسين أحوال الأسرة بشكل واضح وتوثق الإحصاءات الرسمية وجود نحو 12 مليون امرأة معيلة تقوم على رئاسة الأسرة لأى سبب من إجمالى عدد السكان، هذا العدد يوضح دورا حقيقيا للسيدات وإن كان هناك دور آخر خاص بالحفاظ على الأسرة مجتمعيا من التحولات الأخلاقية فى المجتمع، فهى بمنزلة حصن يقف فى وجه هذه التغيرات ويعينها على مواجهة التحديات.

 

وأشارت إلى أن المجتمع المصرى شديد الخصوصية فى التعامل مع المرأة فهو يمنحها حقوقا اجتماعية واقتصادية كبيرة ومن دون قوانين حيث تقوم السيدات بإدارة شئون الأسرة حتى لو كانت الأقل تعليما فهى مدير ناجح يقتصد النفقات ويقدم الدعم ويقوم بتحويل كل شىء إلى حياة.

 

وهذا لا يمنع كما تقول د. مها من دعم الدولة للسيدات حيث صدرت عدة قوانين مهمة تبرز دور المرأة وتضعها فى مكانها الحقيقى فليس أهم من الدور الاجتماعى إلا الدور الاقتصادى والسياسى وتصعيد السيدات إلى صدارة المشهد، لأن حضارة الدول تقاس بحقوق المرأة.

 

 

اخر اصدار