بقلم: إيمان عراقي رئيس التحرير
مع الربيع تأتى احتفالات المرأة، وليس من قبيل المصادفة أن يرتبط الربيع بالمرأة فهى الربيع وهى الحياة، وهى كل الدنيا وليس نصفها، فهى نصف المجتمع وتربى النصف الآخر. وفى 8 مارس من كل عام يحتفل العالم بـ«اليوم العالمى للمرأة»، وهو احتفال سنوى يقام للتعبير عن احترام وتقدير المرأة والإشادة بإنجازاتها على جميع الصعد، ودورها فى المشاركة مع الرجل فى عمليات البناء والتنمية والنهوض بالبلاد.
حكاية اليوم العالمى للمرأة
لاختيار هذا اليوم حكاية حدثت قبل ما يقارب 200 عام حين خرج آلاف النساء الأمريكيات فى عام 1856 للاحتجاج على الظروف غير الإنسانية والقاسية التى كان يتم إجبارهن على العمل تحتها. وتدخلت الشرطة بالفعل لتفريق التظاهرات، إلا أن الاحتجاجات أجبرت المسئولين على طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال والاستماع لمشكلاتهن وحلها. وكان اختيار يوم 8 مارس من كل عام للاحتفال باليوم العالمى للمرأة على إثر ما حدث فى اليوم نفسه من عام 1908، حيث خرجت 15 ألف امرأة فى مسيرة بمدينة نيويورك للمطالبة بتخفيض عدد ساعات العمل، وزيادة الأجور، وبالحق فى الإدلاء بأصواتهن فى الانتخابات.
وفى العام التالى 1909 احتفل العالم لأول مرة باليوم العالمى للمرأة بعد انتصارها فى الحصول على حقوقها. ولم توافق منظمة الأمم المتحدة على تبنى تلك المناسبة إلا فى عام 1977، عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أى يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة، فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس.

عيد الأم
كانت مصر هى أول دولة تحتفل بعيد الأم فى 21 مارس، وكانت البداية عام 1956 عندما قامت إحدى الأمهات بزيارة الصحفى الراحل مصطفى أمين فى مكتبه بصحيفة أخبار اليوم وقصت عليه قصتها، وكيف أنها صارت أرملة وأولادها صغار، ولم تتزوج وكرست حياتها من أجلهم حتى تخرجوا فى الجامعة، وتزوجوا واستقلوا بحياتهم وانصرفوا عنها تماما فكتب مصطفى أمين وعلى أمين فى عمودهما الشهير «فكرة» يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمنزلة يوم لرد الجميل وتذكيرا بفضلها. وفى الولايات المتحدة أقر الرئيس الأمريكى ويلسون 2 مايو 1914 عيدا للأم وهو يوم عطلة عامة.
3 وزيرات و4 نائبات ومحافظة
أعلن المجلس القومى للمرأة عن نجاح ملف تمكين المرأة المصرية الذى شهد طفرة غير مسبوقة محليا ودوليا بفضل إرادة سياسية واعية داعمة للمرأة. وفى التشكيل الوزارى الأخير، الذى صدر 3 يوليو 2024، كانت المرأة المصرية مشاركة فى مناصب الوزيرة والمحافظين، حيث ضمت الحكومة الجديدة 4 وزيرات هن: مايا مرسى وزيرا للتضامن الاجتماعى، ورانيا المشاط وزيرا للتخطيط والتعاون الدولى، وياسمين فؤاد وزيرا للبيئة، ومنال عوض ميخائيل وزيرا للتنمية المحلية.
وضمت القائمة الكاملة لمناصب نواب الوزراء فى الحكومة الجديدة، 4 سيدات تولين منصب نائبات للوزراء وهن: عبلة الألفى نائبا لوزير الصحة، ومارجريت صاروفيم نائبا لوزير التضامن، وصباح عبد اللطيف مشالى نائبا لوزير الكهرباء، وغادة عبد الغنى نائبا لوزير الاتصالات.
ولم تخل قائمة المحافظين ونواب المحافظين أيضا من تمثيل المرأة، حيث ضمت القائمة جاكلين عازر محافظا للبحيرة، 9 نائبات للمحافظين، وهن: منى البطراوى نائبا لمحافظ القاهرة، وأميرة عبد الحكيم نائبا لمحافظ الإسكندرية، وهند عبد الحليم نائبا لمحافظ الجيزة، وإيمان عمر ريان نائبا لمحافظ القليوبية، وشيماء محمد الصديق نائبا لمحافظ دمياط، ولبنى عبد العزيز نائبا لمحافظ الشرقية، وماجدة بباوى نائبا لمحافظ البحر الأحمر، وإيناس سمير نائبا لمحافظ جنوب سيناء، وحنان مجدى نور الدين نائبا لمحافظ الوادى الجديد.
162 امرأة فى البرلمان
كشف تقرير للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية أن نسبة تمثيل المرأة المصرية على مستوى مجلس النواب، زادت فى البرلمان الحالى حيث حصلت المرأة المصرية على 162 مقعدا، وهن 14 امرأة بنظام التعيين، و148 امرأة بالانتخاب، بنسبة 27 %، وبذلك يضم المجلس الحالى أكبر عدد لتمثيل المرأة فى مجلس نيابى فى تاريخ مصر، ما يجعل البرلمان المصرى يحتل مرتبة متقدمة بين أكثر البرلمانات تمثيلا للمرأة.

أفضل 30 امرأة رائدة
وفى إنجاز جديد للمرأة المصرية، أعلن المجلس القومى للمرأة، اختيار الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتعاون الدولى ضمن أفضل 30 امرأة رائدة فى قيادة التغيير بمنطقة الشرق الأوسط، وذلك وفقا لتصنيف مجلة «إيكونومى ميدل ايست» Economy Middle East. وأكدت رئيسة المجلس القومى للمرأة، المستشارة أمل عمار، أن اختيار وزيرة التخطيط المصرية، ضمن قائمة أفضل 30 امرأة رائدة فى قيادة التغيير بمنطقة الشرق الأوسط، يعد استمرارا وتقديرا لمسيرتها الحافلة بالإنجازات ودورها البارز فى تعزيز مكانة المرأة فى القطاعات الاقتصادية والتنموية. كما أن اختيار الوزيرة انعكاس لريادة المرأة المصرية وقدرتها على إحداث تأثير إيجابى على المستويين الإقليمى والدولى، مشيرة إلى أن المشاط تمثل نموذجا ملهما يحتذى به للمرأة المصرية.
مسيرة نجاح وتمكين
شهدت المرأة المصرية خلال العقود الأخيرة إنجازات كبيرة فى مختلف المجالات، بفضل جهودها المستمرة ودعم الدولة لتمكينها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وقد انعكست هذه الإنجازات على مستوى تمثيل المرأة فى المناصب القيادية، والمشاركة فى سوق العمل، ودورها فى تحقيق التنمية المستدامة.
- التمكين السياسى
حققت المرأة المصرية تقدما كبيرا فى الحياة السياسية، حيث وصلت إلى أعلى المناصب، مثل رئاسة المجلس القومى للمرأة، وتولى حقائب وزارية مهمة كالتخطيط والتعاون الدولى والصحة. حاليا، تمثل النساء نحو 28 % من مجلس النواب، وهى نسبة غير مسبوقة، كما تقلدت مناصب قيادية فى القضاء والنيابة العامة.
- النجاح الاقتصادى وريادة الأعمال
برزت سيدات الأعمال المصريات فى العديد من القطاعات، حيث زادت نسبة مشاركة المرأة فى سوق العمل، كما دعمت الدولة المشروعات الصغيرة والمتوسطة المملوكة لهن من خلال مبادرات تمويلية وبرامج تدريبية. وتساهم المرأة فى قطاعات مثل التكنولوجيا، والصناعة، والخدمات المالية؛ ما يعزز النمو الاقتصادى.
- الإنجازات فى التعليم والبحث العلمى
حققت المرأة المصرية نجاحا فى المجال الأكاديمى والعلمى، حيث تحتل نسبة كبيرة من الباحثين فى مجالات الطب، والهندسة، والعلوم الاجتماعية. كما حصلت بعض المصريات على جوائز عالمية فى مجالات الابتكار والتكنولوجيا.
- التأثير المجتمعى والحقوقى
شاركت المرأة المصرية فى قيادة حملات توعوية لحماية حقوق المرأة والطفل، مثل مكافحة العنف الأسرى والتحرش، وتعزيز دور المرأة فى التنمية المجتمعية. وساهمت الإعلاميات والناشطات فى نشر الوعى بالقضايا الاجتماعية وتعزيز المساواة بين الجنسين.
- الإنجازات الرياضية والثقافية
أثبتت الرياضيات المصريات تفوقهن فى البطولات العالمية والأولمبية فى ألعاب مثل السباحة، والتايكوندو، وكمال الأجسام. كما برزت النساء فى مجالات الأدب، والسينما، والفن، حيث وصل بعضهن للعالمية بإبداعاتهن.
وتواصل المرأة المصرية تحقيق النجاحات، مدعومة بسياسات تمكينها ودعمها فى جميع المجالات؛ ما يعزز مكانتها كعنصر أساسى فى بناء مستقبل مصر وتحقيق رؤيتها التنموية. هذا فضلا عن دور المرأة المعيلة التى تعول أسرا بأكملها وتحمل فوق كتفيها الأسرة. لا تكفى الكلمات للتعبير عما تبذله المرأة بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة من جهد للنهوض بالأسرة والمجتمع ولن تتوقف مسيرة المرأة ما دامت الحياة مستمرة فهى خلقت للعطاء.