%30 ضريبة على أرباح العملات المشفرة فى الهند
77 ألف دولار سعر عملة «بيتكوين» يوم 11 مارس
إعداد: شريفة عبد الرحيم
يراهن دونالد ترامب على العملات المشفرة مرة أخرى. حيث أصدر أمرا تنفيذيا لإنشاء احتياطى إستراتيجى للعملات المشفرة، وترأس أول قمة لها فى البيت الابيض.
كيف تحول ترامب إلى مؤيد للعملات المشفرة، بعد أن سخر ذات مرة من الأصول الرقمية ووصفها بأنها «عملة احتيال»؟ وما التداعيات العالمية؟
بعد سنوات من الانتقاد، تبنى الرئيس الأمريكى العملات الرقمية، وراهن بشكل كبير على عملة «بيتكوين»، بكل قوة حكومة الولايات المتحدة.
وعشية مؤتمر العملات الرقمية الاسبوع الماضى، وقع ترامب على أمرا تنفيذيا، لإنشاء احتياطى إستراتيجى من عملة «بيتكوين» للولايات المتحدة؛ ما يضع العملة المشفرة على قدم المساواة مع النفط والذهب، كأصول إستراتيجية تحتفظ بها واشنطن.
وقال رجل الأعمال ديفيد ساكس، قيصر البيت الابيض للعملات المشفرة والذكاء الاصطناعى، إن الاحتياطى بمنزلة «فورت نوكس الرقمى” للعملة المشفرة، التى غالبا ما تسمى «الذهب الرقمى” -فورت نوكس هو الخزانة الرئيسية لاحتياطى الذهب الأمريكى.
«احتياطى بيتكوين الإستراتيجى» من شأنه أن يراجع احتياطيات الحكومة من العملة الرقمية التى تم تجميعها بشكل أساسى من قبل سلطات إنفاذ القانون من عمليات المصادرة القضائية.
وقال ترامب فى كلمته الافتتاحية: «لسوء الحظ، فى السنوات الأخيرة، باعت الحكومة الأمريكية بحماقة عشرات الآلاف من «بيتكوين» الإضافية التى كانت قيمتها مليارات ومليارات الدولارات لو لم تبيعها».
«بيتكوين» العملة المشفرة الأكثر تداولا فى العالم، يشيد بها المؤيدون كبديل للذهب أو تحوط ضد انخفاض قيمة العملة وعدم الاستقرار السياسى.
وبحسب ديفيد ساكس، إذا احتفظت الإدارات السابقة بممتلكاتها الرقمية على مدى العقد الماضى، بدلا من بيعها، فإنها كانت لتبلغ قيمتها 17 مليار دولار اليوم.
ضمت قائمة ضيوف القمة التوأمين كاميرون وتايلر وينكليفوس، مؤسسى منصة التشفير «جيمينى”، بالإضافة إلى بريان أرمسترونج من «كوين بيس» ومايكل سيلور، رئيس شركة «مايكروستراتيجى”، المستثمرة الرئيسية فى «بيتكوين».
وكان ترامب عين المؤيد للعملات المشفرة بول أتكينز لرئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصات، وتحت قيادته، أسقطت اللجنة الإجراءات القانونية ضد منصات رئيسية، مثل «كوين بيس» و»كراكن»، التى بدأت خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن.
يذكر أن إدارة بايدن فرضت قيودا على البنوك التى تحتفظ بالعملات المشفرة، لكن بعد تولى ترامب تم رفعها.
وأوضح ساكس أن إدارة بايدن تعاملت مع صناعة العملات المشفرة «مثل المجرمين» وبدأت تحقيقات عندما لم تكن هناك قواعد واضحة.
لكن بالنسبة للمؤيدين، تمثل العملات المشفرة ثورة مالية، تقلل من الاعتماد على السلطات المركزية، فى حين تقدم للأفراد بديلا للأنظمة المصرفية التقليدية.
من ناحية أخرى، يزعم المنتقدون أن تلك الأصول تعمل، فى المقام الأول، كاستثمارات مضاربة ذات فائدة مشكوك فيها فى العالم الحقيقى.
كما أن انتشار «عملات ميمى” -العملات المشفرة القائمة على المشاهير أو ميمات الانترنت أو عناصر الثقافة الشعبية -يمثل تحديا آخر.
ويعارض جزء كبير من صناعة العملات المشفرة تلك الرموز، خوفا من أنها تشوه مصداقية القطاع، وسط تقارير عن مخططات الضخ والإغراق السريع التى تترك المشترين يدفعون ثمن أصول تنتهى بلا قيمة.
وبسؤاله عن الطبيعة الخطرة للاستثمار فى العملات المشفرة، قال ساكس إن احتضان الحكومة للصناعة لا يرقى إلى مستوى تقديم المشورة الاستثمارية وحذر من أن العملات الرقمية شديدة التقلب، وشجع الأمريكيين على التحدث إلى مستشار قبل دخول السوق.
وأضاف لدى وصوله إلى البيت الأبيض، أن وظيفته ليست تشجيع الناس على شراء العملات المشفرة، وإنما إنشاء اطار عمل ابتكارى للولايات المتحدة.
على الرغم من موقف القمة المؤيد للعملات المشفرة، كانت ردود أفعال السوق متباينة. فبعدما شهدت عملة «بيتكوين» فى البداية ارتفاعا حادا بعد إعلان ترامب عن خطته بشأن الاحتياطى الإستراتيجى منها، انخفضت منذ ذلك الحين باكثر من 25 %، مع خسارة العملات المشفرة الأخرى معظم مكاسبها. وتسلط التقلبات الضوء على عدم اليقين المحيط باتجاه سياسة الإدارة وتداعياتها طويلة الأجل على مستثمرى العملات المشفرة.
وواصلت أسعار العملات المشفرة انخفاضها؛ ما دفع عملة «بيتكوين» إلى أدنى مستوى لها فى أربعة أشهر، وبلغ سعرها نحو 77 ألف دولار، الاسبوع الماضى، مع تصاعد التوترات بشأن حرب التعريفات الجمركية، التى أثارت مخاوف بشأن الاقتصاد، وهو ما عوض موجة الإعلانات المؤيدة للعملات المشفرة من قبل الرئيس دونالد ترامب.
وتتعرض الأصول الخطرة مثل العملات المشفرة لضغوط وسط القلق من أن التعريفات الجمركية التى فرضها ترامب وطرد المسئولين الحكوميين من شأنه أن يقوض النمو فى أكبر اقتصاد فى العالم.
أشار موقع «بوليسى سيركل» إلى تناقض تبنى حكومة الولايات المتحدة للعملات المشفرة بشكل صارخ، مع النهج الذى اتخذته دول أخرى. ففى حين قامت دول، مثل اليابان وسويسرا وتايلاند، بدمج العملات المشفرة كطريقة للدفع، فرضت دول أخرى مثل الصين حظرا صارما على العملات الرقمية. وفى الوقت نفسه، اتخذت الهند موقفا حذرا من خلال فرض ضريبة على ارباح العملات المشفرة بنسبة 30 % فى أثناء تطوير عملتها الرقمية للبنك المركزى.
وربما يشكل الدفع العدوانى الذى يبذله ترامب لإنشاء احتياطى وطنى لـ»بيتكوين» وإلغاء القيود التنظيمية سابقة للدول الأخرى، وخاصة تلك التى تتطلع إلى جذب استثمارات العملات المشفرة. ولكن فى غياب إطار تنظيمى قوى، فإن المخاطر المرتبطة بالعملات المشفرة ــمثل الاحتيال المالى، والتهرب الضريبى، والتهديدات السيبرانيةــ ربما تردع التبنى السائد.
من المؤكد أن قمة العملات المشفرة 2025 أعادت تشكيل المشهد المتعلق بالأصول الرقمية فى الولايات المتحدة. وربما مهدت رؤية ترامب لجعل أمريكا المركز العالمى للعملات المشفرة الطريق لعصر جديد من الابتكار المالى. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة. ويشكل الافتقار إلى المبادئ التوجيهية التنظيمية الواضحة، والمخاوف بشأن الجرائم المالية، وتقلب أسواق العملات المشفرة مخاطر خطيرة لابد من معالجتها.
وفى حين يراقب العالم تطور سياسة إدارة ترامب فى التعامل مع العملات المشفرة، هناك امر واحد واضح: وهو أن الجدل حول مستقبل الأصول الرقمية مستمر. وما اذا كانت تلك الخطوة الجريئة ستؤدى إلى الرخاء الاقتصادى أو عدم الاستقرار المالى، فهو أمر غير واضح، ولكن فى الوقت الحالى، وضعت الولايات المتحدة نفسها بقوة فى طليعة الثورة العالمية للعملات المشفرة.
قريبا فى الأسواق..اليورو الرقمى
مشروع اليورو الرقمى مبادرة أوروبية، حيث يتطلع البنك المركزى الأوروبى لإنشاء نظام دفع يعتمد على تقنية «بلوكتشين» أو سلاسل الكتل، الذى يسمح للمؤسسات المالية بتسوية المعاملات بأموال البنك المركزى.
كان اليورو الرقمى موضوع نقاش منذ أكثر من خمس سنوات. ومع ذلك، مع اقتراب مرحلة التحضير ببطء من نهايتها، يبدو أن الدول الأعضاء والمشاركين فى السوق يركزون بشكل متزايد على التأثير الذى ربما يخلفه على الاقتصاد.
فإنشاء عملة رقمية للبنك المركزى فى منطقة اليورو، من شأنه أن يضمن مكان لليورو فى المستقبل الرقمى الذى لا مفر منه. وسيصاحب ذلك توسع آليات التحويلات. ويأمل البعض أن تبنى معدل مرتفع لاستخدام اليورو الرقمى، يمكن أن يعزز أيضا «الاستقلال الإستراتيجى» للاتحاد الأوروبى من خلال الاستخدام الأوسع للعملة، وتقليل الاعتماد على خدمات الدفع غير الأوروبية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اليورو الرقمى الذى يمكن الوصول إليه من قبل جميع الأوروبيين، من شأنه أن يعزز الشمول المالى، من خلال تقديم وسائل الدفع الرقمية لأولئك المستبعدين من القطاع المصرفى. ويعتقد خبراء أيضا أنه يعزز الابتكار من خلال إنشاء محافظ رقمية يقدمها مقدمو خدمات الدفع الأوروبية.
من ناحية أخرى، تجدر الإشارة هنا إلى العديد من المخاطر. أولا وقبل كل شىء، يمكن أن يؤثر تدفق الودائع الكبير، من القطاع المصرفى نحو اليورو الرقمى، بشكل كبير على مؤسسات الائتمان الأوروبية. وربما يمتد ذلك إلى الاقتصاد الحقيقى من خلال خفض قدرة البنوك على الإقراض. وعلاوة على ذلك، ربما يشهد القطاع المصرفى تكاليف إضافية تتعلق بتنفيذ العملة الرقمية الجديدة.
ومع ذلك، بالنظر إلى العملات الرقمية الثلاث للبنوك المركزية المتوافرة حاليا -فى جزر الباهاما ونيجيريا وجامايكا- يتبين أن معدل التبنى كان محدودا. وفى معظم الحالات، قررت الحكومة حتى تقديم حوافز مالية لزيادة اهتمام المواطنين بالعملة الرقمية.
فى حين يهدف البنك المركزى الأوروبى إلى احتواء تلك المخاطر من خلال تضمين حدود الحيازة الفردية وقيود التكلفة، سيتحدد فى الاشهر المقبلة مستقبل اليورو الرقمى. ففى الواقع، لا تزال النقاط الأكثر إثارة للجدل فى المشروع، مثل مستوى الحد الأقصى للحيازة، فضلا عن التحكم فيه، قيد المناقشة. وربما يؤدى الخطأ فى حساب الحد المذكور إلى صدمة للقطاع المصرفى الاوروبى.
يذكر أن البنك المركزى الأوروبى نشر التقرير الثانى بشأن مرحلة إعداد اليورو الرقمى، فى ديسمبر الماضى. وكان التقرير الأول الذى صدر فى نوفمبر 2023، بمنزلة الأساس للإصدار المحتمل لليورو الرقمى.
ومنذ نشر التقرير الاول، قام البنك المركزى الأوروبى بتحديث كتاب قواعد مخطط اليورو الرقمى، بهدف توحيد مدفوعات اليورو الرقمية فى جميع أنحاء منطقة اليورو. وجاء ذلك بعد مراجعة مؤقتة أجراها أعضاء مجموعة تطوير كتاب القواعد، التى تمثل آراء المستهلكين وتجار التجزئة ومقدمى خدمات الدفع.
فى الوقت نفسه، تجرى الآن أنشطة بحث وتجريب جديدة للمستخدمين لجمع رؤى حول آراء المستخدمين. ومن المتوقع إجراء مشاركات كمية ونوعية فى الأشهر المقبلة، بما فى ذلك إجراء استطلاعات رأى ومقابلات عبر الإنترنت. وستركز على مجموعات مستهدفة خاصة، مثل التجار الصغار والمستهلكين المعرضين للخطر. وسيتم نشر النتائج فى منتصف عام 2025.
وبالتوازى مع ذلك، يعمل البنك المركزى الأوروبى مع خبراء، من البنوك المركزية الاوروبية، فى نظام اليورو والسلطات المختصة، لتطوير منهجية لتحديد حدود الاحتفاظ باليورو الرقمى، وموازنة تجربة المستخدم مع السياسة النقدية وتداعيات الاستقرار المالى.