رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

مقالات

قراءة في مذكرات صلاح دياب

6-4-2025 | 13:21

الرحلـــــــة عندمـا تكــون خصبـــة وثريـــة تصل للهــــــدف

 

بقلم: إيمان عراقي رئيس تحرير

 

نصوص السير الذاتية أعتبرها وثيقة للتعلم المجانى؛ فمنها تعرف كيف خطا الكبار خطواتهم الأولى وكيف انتهى بهم الحال، وقد أرسل لى رجل الأعمال المعروف صلاح دياب كتابه «مذكرات صلاح دياب هذا أنا» وقررت أن أتصفحه فجذبنى أسلوب الحكى البسيط الذى يجعلك تنتقل بين صفحاته من دون ملل، والحقيقة أن الكتاب يرصد الرحلة التى قام بها دياب منذ ميلاده وحتى الآن فى هذه الحياة، ولأنها رحلة كان بها عثرات وانتصارات واتهامات وضعها دياب بين أيدينا فى 400 صفحة موثقة بالصور.

 

صلاح دياب هو صلاح الدين أحمد توفيق دياب وشهرته «صلاح دياب»، رجل أعمال مصرى ينتمى لعائلة دياب التى ترجع أصولها إلى قرية سنهوت البرك بمركز منيا القمح فى محافظة الشرقية، والتى ينتمى إليها أيضا جده محمد توفيق دياب الصحفى خلال العصر الملكى الذى أسس عدة صحف كان آخرها جريدة الجهاد التى توقفت عن الصدور سنة 1938م، وخاله رجل الأعمال كامل دياب، وابنه رجل الأعمال توفيق دياب.

 

يرأس صلاح دياب مجلس إدارة مجموعة بيكو التى تعمل فى مجالات عدة، منها خدمات وإنتاج البترول والزراعة والصناعات الغذائية والتطوير العقارى، وأسس كذلك صحيفة المصرى اليوم سنة 2004، وظل دياب يكتب عمودا صحفيا بالمصرى اليوم بتوقيع «نيوتن» حتى عام 2020.

البدايات

 

تحدث عن نشأته وعن عائلته التى تعود جذورها إلى أرض الحجاز، عن جده الصحفى (توفيق دياب) الذى كان بمنزلة الأب له وهو من ربَّاه.

 

تناول مرحلة طفولته ثم مرحلة شبابه التى شهدت تجربته فى الكلية الفنية العسكرية التى لم يستطع التأقلم معها بسبب جموحه، ثم التحاقه بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، التى كاد يتعثر فيها إلى أن تدخل خاله (كامل دياب) ليساعد فى انتقال (صلاح) الشاب من التعثر الدراسى إلى قمة التفوق، وهنا استوقفنى مشهد جموح الشباب الذى كاد يعصف به لولا تدخل خاله، ففى فترات الشباب يحتاج الأبناء إلى من يمنحهم القدرة على الاستمرار ومعرفة الطريق ويكبح جماح فكرهم المتشدد.

 

استكمالا لجموحه تم تعيينه معيداً بكلية الهندسة، ولكنه ترك هذه الوظيفة التى لم تكن تغازل أفكاره، وبدأ صلاح دياب رحلة من نوع آخر فى عالم التجارة الذى وافق فكره وهواه.

 

ولعله من الكافى ذكر بعض أسماء المشروعات التى كان رجل الأعمال (صلاح دياب) صاحبها مثل سلسلة محال “لابوار” وجريدة “المصرى اليوم” على سبيل المثال لا الحصر.

 

نصا يقول دياب: «لن تجد فى هذه المذكرات شخصا مثاليا، فقد كانت لى أخطاء وحماقات، كما كانت لى أفعال أفخر بها... غامرت حتى الثمالة، ودفعت ثمن مغامراتى كاملا»، بهذه العبارات استهل رجل الأعمال ومؤسس «المصرى اليوم» المهندس صلاح دياب، فى مذكراته أبزر محطات حياته، منذ نشأته حتى اليوم.

 

يقول رجل الأعمال الشهير فى المقدمة: «قد تكون هذه المرة الأولى التى أتحدث فيها عن نفسى، فأنا لست محترفا فى فن الكلام، لكننى، وللمرة الأولى -وربما الأخيرة- أجدنى بحاجة إلى البوح بما يعرفه بعض المقربين منى، وبما لم يعرفه أحد من قبل».

المصرى اليوم

 

تحدث بإسهاب عن تجربة جريدة المصرى اليوم والتنقل بين رؤساء التحرير والنجاح الذى مرت به الجريدة، ولكن استوقفنى حديثه عن معاناة أغلب الصحف سواء كانت قومية أو خاصة.

 

يقول: «فى غفلة، زاد عدد المحررين والمصورين والإداريين، وتثبتت الأوضاع وتراجع التوزيع، وانخفضت الأرباح، ثم جاءت أزمة الإعلانات لتضع المؤسسة فى موقف حرج. لم تكن تلك آخر الأزمات التى شهدتها «المصرى اليوم» ، إلا أننى لم أفكر فى التخلى عنها، على الرغم من نصائح الأصدقاء الذين تحدثوا معى كثيرا فى شأن إغلاقها.

 

يضيف: وحرصت على أن تكون «المصرى اليوم» جريدة جديدة ومبتكرة، وتحقق ذلك إلى حد بعيد، فقد أنفقنا أموالا كثيرة على عقود الكتاب الكبار، لكن مع اكتمال هذه «اللوحة الصحفية الوطنية»، بدأت المشاكل كلما بات المشهد السياسىاكثر تعقيدا.

 

من هنا يبدو اهتمام دياب بالرأي وان يكون رأيا حرا يتناول المشهد من كل الزوايا، لذا فإن الجريدة استدعت كبار الكتاب لصفحات الرأى.

 

الاخوان كذابون

 

هذا العنوان من قلب مذكرات صلاح دياب يؤكد حقيقة كلنا نعرفها، بل هو توثيق لتلك الحقيقة حيث تناول بإسهاب الحقبة الأخيرة فى حكم الرئيس مبارك وما حدث بعدها وكيف ارتبط المصريون بالرئيس عبد الفتاح السيسى واطمأنوا لوعده عندما قال فى عز حكم الإخوان إنه لن يخذل المصريين، وقال دياب إنه لو استطاع مقابلة الرئيس مرة أخرى فسوف يتحدث معه عن الإعلام وكيف أن السوشيال ميديا سحبت البساط منه وقال إن الإعلام الحر المفتوح يغنينا عن وجود الأحزاب السياسية.

 

تناول الكتاب الحديث عن شخصيات عامة كثيرة مثل الدكتور أسامة الباز والدكتور زكريا عزمى والمشير أبوغزالة والمشير طنطاوى وكمال الجنزورى، وغيرهم، كما تناول أيضا الحديث عن شخصيات عربية وعالمية بارزة مثل الشيخ محمد بن زايد والملك حسين وعبد الرحمن الشربتلى وتونى بلير وديك تشينى.

 

محطة سيدى جابر

 

فى هذا المقطع من الكتاب عرض دياب لرحلته إلى أسوان لإجراء عملية تغيير الصمام الأورطى على يد الجراح العالمى الدكتور مجدى يعقوب وكيف أنه فى الطريق لأسوان هاجته بعض الأفكار وأن قطار العمر أوشك على الوصول للمحطة الأخيرة واستشهد بكلمة للأديب العالمى نجيب محفوظ: القطار الآن فى محطة سيدى جابر ولم يتبق غير الوصول للمحطة الأخيرة.

 

وفى نهاية الكتاب تحدث عن 30 يونيه وكيف أنها كانت الخلاص بعد عام من حكم الإخوان واستمرار الأزمات والاحتقان بين فئات الشعب المصرى فكل الطرق كانت سوف تؤدى إلى 30 يونيه.

 

لم ينس صلاح دياب الحديث عن أسرته، الذى كان حديثا صادقا فعندما نصل إلى ما نصبو ونخلد للراحة قليلا لا نجد غير الأسرة، الأبناء والأحفاد والشريك هم الكنز الحقيقى.

 

استمتعت بقراءة الرحلة التى بالقطع بها جوانب خفية فلا يستطيع كتاب أيا كان حجمه أن يرصد تفاصيل الحياة كاملة بما تحمله من مشاعر وأحداث وتقلبات فهى الحياة، ولكن يبقى أن كل سيرة ذاتية هى خطوة فى مشوار الحياة علينا أن نقرأها بعناية.

اخر اصدار