رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

بنوك

بيع بنك القاهرة بين مؤيد ومعارض

6-4-2025 | 13:21

‭  ‬كتبت‭: ‬د‭. ‬آيات‭ ‬البطاوى‭ ‬‬

أثار‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬صفقة‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬القاهرة‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬البنوك‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المحلي‭ ‬والمملوك‭ ‬للدولة‭ ‬،‭ ‬والذي‭ ‬يمتلك‭ ‬بنك‭ ‬مصر‭ ‬مجمل‭ ‬اسهمه‭ ‬تباينا‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬حيث‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬الإعلان‭ ‬الجدي‭ ‬لعملية‭ ‬البيع‭ ‬لمستثمر‭ ‬استراتيجي‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬الإمارات‭ ‬دبي‭ ‬الوطني‭ ‬تعدد‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬بعضها‭ ‬معارض‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬مؤيد‭ .‬

‮ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬المعارضين‭ ‬قد‭ ‬لاتكون‭ ‬منطقية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬القاهرة‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬وليس‭ ‬حديث‭ ‬عهد‭ ‬بالسوق‭ ‬المحلي‭ ‬،‭ ‬فمن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬تسعى‭ ‬لبيع‭ ‬هذا‭ ‬البنك‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬محاولة‭ ‬للبيع‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬ويقال‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬وقفها‭ ‬قبل‭ ‬اتمامها‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬محاولة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‮ ‬‭ ‬لكنها‭ ‬أيضا‭ ‬لم‭ ‬تخرج‭ ‬إلى‭ ‬النور‭ .‬

ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬والتوترات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬التي‭ ‬تلاحقت‭ ‬منذ‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ ‬والحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ثم‭ ‬التوترات‭ ‬الإقليمية‭ ‬الخاصة‭ ‬بغزة‭ ‬كانت‭ ‬كلها‭ ‬غير‭ ‬مشجعة‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬فقط‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬امتدت‭ ‬لتؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬تنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬بعض‭ ‬الأصول‭ ‬المصرية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬مقررا‭ ‬بيعها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

‮ ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬تلك‭ ‬الظروف‭ ‬غير‭ ‬المواتية‭ ‬جاءت‭ ‬الإصلاحات‭ ‬النقدية‭ ‬والهيكلية‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المصري‭ ‬والقطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تحسن‭ ‬البيئة‭ ‬الاستثمارية‭ ‬ثم‭ ‬تلت‭ ‬ذلك‮ ‬‭ ‬صفقة‭ ‬رأس‭ ‬الحكمة‭ ‬والتي‭ ‬أفرزت‭ ‬زخما‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬جاذبية‭ ‬الأصول‭ ‬المصرية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭.‬‮ ‬

وتلازم‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬إصدار‭ ‬مصر‭ ‬وثيقة‭ ‬ملكية‭ ‬الدولة‭ ‬،‭ ‬وتشجيع‭ ‬انتقال‭ ‬الأصول‭ ‬المملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬،‮ ‬‭ ‬والإعلان‭ ‬عن‭ ‬برنامج‭ ‬الطروحات‭ ‬المنسق‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬والذي‭ ‬تضمن‭ ‬بيع‭ ‬20‭% ‬من‭ ‬بنك‭ ‬الإسكندرية‭ ‬وبيع‭ ‬بنك‭ ‬المصرف‭ ‬المتحد‭ ‬عبر‭ ‬طرح‭ ‬اسهمه‭ ‬في‭ ‬البورصة‭ ‬وأخيرا‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬القاهرة‭ ‬لمستثمر‭ ‬استيراتيجي‭.‬‮ ‬

يتضح‭ ‬مما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬القاهرة‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مدروس‭ ‬وبات‭ ‬مرتبطا‭ ‬بفلسفة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬نقل‭ ‬الأصول‭ ‬المملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬إلى‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬الحكومي‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬وطني‭ ‬أو‭ ‬أجنبي‭ .‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ماسبق‭ ‬يكون‭ ‬رؤية‭ ‬معارضي‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬القاهرة‮ ‬‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬البيع‭ ‬والالتزام‭ ‬الحكومي‭ ‬بها‭ ‬كانت‭ ‬قائمة‭ ‬ومازالت‭ ‬حتى‭ ‬وقتنا‭ ‬هذا‭ .‬‮ ‬

وهنا‭ ‬يثار‭ ‬موضوع‭ ‬سعر‭ ‬الصفقة‭ ‬حيث‭ ‬يردد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬السعر‭ ‬المعروض‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬وأن‮ ‬‭ ‬‮ ‬البنك‭ ‬يستحق‭ ‬سعرا‭ ‬أضعاف‭ ‬ذلك‭ ‬وهنا‭ ‬يتعين‭ ‬التدقيق‭ ‬العميق‭ ‬في‭ ‬أسلوب‭ ‬تحديد‭ ‬السعر‭ ‬العادل‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الصفقات‭ ‬،‭ ‬فدائما‭ ‬حينما‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬صفقة‭ ‬مثل‭ ‬عملية‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬كبنك‭ ‬القاهرة‭ ‬يقوم‭ ‬البنك‭ ‬بعمل‭ ‬دراسات‭ ‬كاملة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مستشارين‭ ‬للطرح‭ ‬ويقوم‭ ‬بإعداد‭ ‬كتيب‭ ‬كامل‭ ‬يتضمن‭ ‬كافة‭ ‬المعلومات‭ ‬المالية‭ ‬والقانونية‭ ‬مثل‭ ‬حجم‭ ‬الأصول‭ ‬والخصوم‭ ‬وعدد‭ ‬الفروع‭ ‬ومستوى‭ ‬الانتشار‭ ‬الجغرافي‭ ‬وموقف‭ ‬العمالة‭ ‬والموقف‭ ‬الضرائبي‭ ‬والائتماني‭ ‬ويسلم‭ ‬هذا‭ ‬الكتيب‭ ‬للمشتريين‭ ‬المرشحين‭ ‬فقط‭ .‬

على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬يقوم‭ ‬المشتري‭ ‬بطلب‭ ‬السماح‭ ‬له‭ ‬بعمل‭ ‬مايسمى‭ ‬بالفحص‭ ‬النافي‭ ‬للجهالة‭ ‬والذي‭ ‬يقوم‭ ‬فيه‭ ‬بدراسة‭ ‬كل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬داخل‭ ‬البنك‭ ‬ويساعده‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المستشارين‭ ‬العالميين‭ ‬والمحليين‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬البنوك‭ ‬الاستثمارية‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬الدراسات‭ ‬المحايدة‭ ‬الدقيقة‭ ‬لتقييم‭ ‬أصول‭ ‬البنك‭ ‬وتحديد‭ ‬سعره‭ ‬العادل‭ ‬الذي‭ ‬لايمكن‭ ‬ان‭ ‬يتحدد‭ ‬مسبقا‭ ‬قبل‭ ‬اتمام‭ ‬كل‭ ‬الخطوات‭ ‬السابقة‭.‬

وهناك‭ ‬طرق‭ ‬متعددة‭ ‬ومعتمدة‭ ‬وعالميا‭ ‬تتبعها‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬والمالية‭  ‬تستخدمها‭ ‬وتطبقها‭ ‬للمساعدة‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬سعر‭ ‬دقيق‭ ‬وعادل‭ ‬ومتوازن‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬القيمة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للأصل‭ ‬المطلوب‭ ‬شرائه‭.‬

‮ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وليس‭ ‬الحصر‭ : ‬أسلوب‭ ‬تقييم‭ ‬الأصول‭ ‬الملموسة‭ ‬وغير‭ ‬الملموسة‭ ‬وتحديد‭ ‬صافي‭ ‬القيمة‭ ‬العالية‭ ‬لها‭ ‬وهناك‭ ‬أسلوب‭ ‬دراسة‭ ‬السوق‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬تحليل‭ ‬حالات‭ ‬مماثلة‭ ‬لعمليات‮ ‬‭ ‬الاستحواذ‭ ‬أو‭ ‬البيع‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬لتقدير‭ ‬سعر‭ ‬البنك‭ ‬الحالي‭ .‬

‮ ‬ومن‭ ‬أشهر‭ ‬الطرق‭ ‬أيضا‭ ‬هو‭ ‬نموذج‮ ‬‭ ‬نموذج‭ ‬خصم‭ ‬التدفقات‭ ‬المستقبلية‭ ‬المتوقعة‭ ‬للبنك‭ ‬وخصمها‭ ‬إلى‭ ‬القيمة‭ ‬الحالية‭ ‬بإستخدام‭ ‬معدل‭ ‬خصم‭ ‬مناسب‭ ‬وبالتالي‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬البائع‭ ‬والمشتري‭ ‬تصور‭ ‬مسبق‭ ‬للسعر‭ ‬المقبول‭ ‬والعادل‭ ‬الذي‭ ‬يحقق‭ ‬مصلحة‭ ‬البائع‭ ‬والمشتري‭ ‬ويحقق‭ ‬نقطة‭ ‬التوازن‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬لاتمام‭ ‬الصفقة‭ ‬بدون‭ ‬تطرف‭ ‬سعري‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭ ‬لصالح‭ ‬أيا‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬البائع‭ ‬والمشتري‭.‬

اخر اصدار