رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

مقالات

صفقة بنك القاهرة

27-4-2025 | 13:47

بقلم: محمود‭ ‬عبد‭ ‬العظيم‭ ‬

حسنا‭ ‬فعل‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬مدبولى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬عندما‭ ‬خرج‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬بتصريحات‭ ‬واضحة‭ ‬وقاطعة‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬أثير‭ ‬حول‭ ‬صفقة‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬القاهرة‭ ‬لبنك‭ ‬الإمارات‭ ‬دبى‭ ‬بمليار‭ ‬دولار‭.‬

 

ذلك‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬أدت‭ ‬دورا‭ ‬فى‭ ‬طمأنة‭ ‬وتهدئة‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة،‭ ‬وأحاطته‭ ‬علما‭ ‬بالإجراءات‭ ‬المالية‭ ‬والقانونية‭ ‬والفنية‭ ‬التى‭ ‬اتخذتها‭ ‬الحكومة‭ ‬ضمانا‭ ‬للشفافية‭ ‬واتباعا‭ ‬لقواعد‭ ‬بيع‭ ‬الأصول‭ ‬العامة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أنها‭ ‬قطعت‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬سيل‭ ‬الأنباء‭ ‬والمعلومات‭ ‬المغلوطة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬التي‭ ‬صنعت‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الضبابية‭ ‬والتشكيك‭ ‬فى‭ ‬الموضوع‭ ‬إجمالا‭. ‬

ملخص‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وما‭ ‬فهمه‭ ‬المتابعون‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬بيع‭ ‬البنك‭ ‬بالأمر‭ ‬المباشر‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬قيمة‭ ‬الصفقة‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

فالرجل‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬بنك‭ ‬الإمارات‭ ‬دبى‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عملية‭ ‬فحص‭ ‬نافية‭ ‬للجهالة‭ ‬بموجب‭ ‬موافقة‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬المركزى‭ ‬يحق‭ ‬بعدها‭ ‬لبنك‭ ‬الإمارات‭ ‬تقديم‭ ‬عرض‭ ‬مالى‭ ‬وفنى‭ ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تقبله‭ ‬أو‭ ‬ترفضه‭.‬

قال‭ ‬أيضا‭ ‬إن‭ ‬الحكومة‭ -‬على‭ ‬مسار‭ ‬مواز‭- ‬كلفت‭ ‬جهات‭ ‬استشارية‭ ‬محترفة‭ ‬وموثوقا‭ ‬بها‭ ‬بإجراء‭ ‬عملية‭ ‬تقييم‭ ‬شاملة‭ ‬للبنك‭ ‬لتحديد‭ ‬سعره‭ ‬العادل‭ ‬وإن‭ ‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬سيناريوهات‭ ‬تتعلق‭ ‬بمستقبل‭ ‬البنك،‭ ‬منها‭ ‬الطرح‭ ‬فى‭ ‬بورصة‭ ‬الأوراق‭ ‬المالية‭ ‬أو‭ ‬الاكتفاء‭ ‬ببيع‭ ‬حصة‭ ‬لمستثمر‭ ‬استراتيجى‭ ‬مع‭ ‬طرح‭ ‬حصة‭ ‬أخرى‭ ‬فى‭ ‬البورصة‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المستثمر‭ ‬الاستراتيجى‭ ‬بنك‭ ‬الإمارات‭ ‬دبى‭ ‬أو‭ ‬غيره‭.‬

إذن‭ ‬الكلام‭ ‬واضح‭ ‬تماما،‭ ‬لا‭ ‬بيع‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ولا‭ ‬إسناد‭ ‬بالأمر‭ ‬المباشر‭ ‬لأى‭ ‬طرف‭.‬

يبقى‭ ‬جوهر‭ ‬القضية‭ ‬وهو‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬القاهرة‭.‬

بدايةً‭ ‬البنك‭ ‬مدرج‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬الطروحات‭ ‬الحكومية‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬أى‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬البيع‭ ‬معلومة‭ ‬للكافة‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭. ‬أيضا‭ ‬هذا‭ ‬البنك‭ ‬عُرض‭ ‬للبيع‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ضغوط‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬وتدخل‭ ‬إحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬السيادية‭ ‬بالدولة‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬إتمام‭ ‬الصفقة‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬الجهة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تريد‭ ‬الشراء‭ ‬هى‭ ‬البنك‭ ‬الأهلى‭ ‬اليونانى‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬موجودا‭ ‬بقوة‭ ‬فى‭ ‬السوق‭ ‬المصرى‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وعرض‭ ‬مبلغ‭ ‬مليارى‭ ‬دولار‭ ‬قيمة‭ ‬للصفقة‭.‬

السؤال‭.. ‬هل‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬بيع‭ ‬بنك‭ ‬القاهرة؟

هل‭ ‬قيمة‭ ‬الصفقة‭ -‬مهما‭ ‬كانت–‭ ‬سوف‭ ‬تحل‭ ‬مشكلة‭ ‬كبرى؟

هل‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفى‭ ‬انتقال‭ ‬ملكية‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬بنك‭ ‬حكومى‭ ‬إلى‭ ‬يد‭ ‬مستثمر‭ ‬خارجى؟

هل‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬السوق‭ ‬حدوث‭ ‬أى‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬تركيز‭ ‬الملكية؟

الإجابة‭ ‬القاطعة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬فى‭ ‬اعتقادى‭ ‬هى‭ ‬لا‭.‬

هنا‭ ‬لن‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬الأداء‭ ‬التشغيلى‭ ‬الجيد‭ ‬للبنك‭ ‬والتطور‭ ‬الحادث‭ ‬فيه‭ ‬ووصول‭ ‬أرباحه‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬الأخير‭ ‬إلى‭ ‬12‭,‬4‭ ‬مليار‭ ‬جنيه،‭ ‬لكن‭ ‬سوف‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬واحدة‭ ‬وهى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البنك‭ ‬أدى‭ ‬فى‭ ‬السنوات‭ ‬العشرين‭ ‬الأخيرة‭ ‬دورا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬ذا‭ ‬بعد‭ ‬اجتماعى‭ ‬مهم،‭ ‬وهو‭ ‬الدخول‭ ‬بقوة‭ ‬فى‭ ‬تمويل‭ ‬المشروعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬ومتناهية‭ ‬الصغر‭ ‬وهو‭ ‬التوجه‭ ‬الذى‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬العمل‭ ‬الحر‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭ ‬وصنع‭ ‬جيلا‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬الأعمال‭ -‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬بالمعنى‭ ‬التقليدى‭- ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صنع‭ ‬جيل‭ ‬ملهم‭ ‬من‭ ‬شباب‭ ‬المصرفيين‭ ‬الذين‭ ‬أخذوا‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬تأسيس‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية‭ ‬غير‭ ‬المصرفية‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬وهو‭ ‬القطاع‭ ‬الذى‭ ‬يشهد‭ ‬حاليا‭ ‬ازدهارا‭ ‬وتقدما‭ ‬مستمرا‭.‬

هذا‭ ‬الدور‭ ‬الاقتصادى‭ ‬الاجتماعى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليؤديه‭ ‬سوى‭ ‬بنك‭ ‬حكومى‭ ‬مهمته‭ ‬دعم‭ ‬النمو‭ ‬العام‭ ‬والتشغيل‭ ‬فى‭ ‬البلد‭ ‬وفتح‭ ‬أبواب‭ ‬الأمل‭ ‬أمام‭ ‬ملايين‭ ‬المواطنين‭.‬

لذلك‭ ‬فإن‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬تقتضى‭ ‬ترجيح‭ ‬كفة‭ ‬السيناريو‭ ‬الذى‭ ‬طرحه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وهو‭ ‬طرح‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬فى‭ ‬البورصة‭ ‬لعموم‭ ‬المصريين‭ ‬بشرط‭ ‬ألا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬30‭ % ‬من‭ ‬إجمالى‭ ‬الأسهم،‭ ‬ولا‭ ‬مانع‭ ‬من‭ ‬طرح‭ ‬حصة‭ ‬أخرى‭ ‬لمستثمر‭ ‬استراتيجى‭ ‬بتولى‭ ‬الإدارة‭ ‬مع‭ ‬احتفاظ‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬بحصة‭ ‬أقلية‭ ‬تمكن‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬مراقبة‭ ‬التجربة‭ ‬فى‭ ‬مراحلها‭ ‬الأولى‭ ‬ثم‭ ‬التخارج‭ ‬بسعر‭ ‬أكبر‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭.‬

وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬سيكون‭ ‬مرضيا‭ ‬لكل‭ ‬الأطراف‭ ‬خاصة‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬الذى‭ ‬أصبح‭ ‬شديد‭ ‬الحساسية‭ ‬تجاه‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬القضايا‭.‬

نؤيد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬فيما‭ ‬قاله‭ ‬حول‭ ‬الصفقة‭ ‬وننتظر‭ ‬مسارات‭ ‬الأحداث‭.‬

اخر اصدار