4 تريليونات دولار حجم الخسائر الاقتصادية بحلول 2035.. وشركات الدواء أكبر المستفيدين
200 مليار دولار حجم سوق أدوية إنقاص الوزن بحلول عام 2031
160.3 مليار دولار خسائر الإنتاجية فى الشركات الأمريكية بسبب مشكلة «السمنة» فى 2023
إعداد: شريفة عبد الرحيم
تشير دراسات إلى ارتفاع معدلات زيادة الوزن إلى ما يقرب من 70 % من السكان فى غضون سنوات، فهل تتحول السمنة إلى وباء؟
فى الوقت نفسه، شركات الأغذية والسوبر ماركت، شركات أدوية «إنقاص الوزن»، مراكز وعيادات «التخسيس»، أكاديميات الرياضة والصالات الرياضية، شركات الأغذية العضوية، وغيرها تمثل صناعة واعدة.
على سبيل المثال، تخطط شركات أغذية عملاقة مثل «نستله» لمستقبل تضعف فيه الأدوية الطلب على الوجبات الخفيفة السكرية.
فهل «السمنة» وباء أو بزنس؟
باستثناء الحالات النادرة التى تكون فيها السمنة وراثية، فهى عادة نتيجة لنظام غذائى يشجع بشدة على تناول الطعام غير الصحى. وبالتالى اذا كانت السمنة إلى حد كبير نظاما منظما من قبل شركات وليست وباء، فربما كان من الممكن تغيير ذلك النظام.
العديد من الدراسات دقت ناقوس خطر بخصوص التداعيات الناجمة عن السمنة صحيا واقتصاديا.
وفقا لدراسة أجراها معهد “ساينسانو” للصحة العامة الأوروبى، تملأ محال السوبر ماركت 75 % من رفوفها بأطعمة غير صحية، ما يمثل مشكلة كبيرة لأن المستهلكين يشترون 85 % من طعامهم من محال السوبر ماركت. فى الوقت نفسه، تشجع منتجات محال السوبر ماركت على الاستهلاك المفرط للسكريات والدهون، من خلال عروضها الترويجية وبيئة التسوق الخاصة بها.
لكن وراء تلك البيئة الغذائية السامة تكمن ديناميكية اقتصادية منهجية. ففى النهاية، تشكل الوجبات السريعة المسببة للإدمان نموذجا تجاريا مثيرا للاهتمام، فالأطعمة فائقة المعالجة تصنع حصريا من قبل شركات تهدف إلى الربح، وهى أكثر ربحية بكثير من أنواع أخرى من الأطعمة.
ومن ثم، فهناك المستفيدون من تفشى السمنة، مثل محال السوبر ماركت وشركات الأغذية الكبرى، بينما يتحمل نظام الرعاية الصحية ومجموعة كبيرة من المواطنين الأفراد، ومعظمهم من ذوى الموارد المالية المحدودة، التكلفة.
يوما بعد يوم، تتفاقم «مشكلة السمنة»، فبحلول عام ٢٠٣٠، من المتوقع أن تعانى امرأة من كل خمس نساء ورجل من كل سبعة رجال من السمنة، بما يعادل أكثر من مليار شخص حول العالم.
وعلى الرغم من التقدم الطبى والعلمى والتكنولوجى، لا تزال صحة المجتمعات تعانى. على سبيل المثال، تواجه الولايات المتحدة تحديا هائلا، فوفقا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، من المتوقع بلوغ معدلات السمنة أكثر من 42 % من السكان بحلول عام 2030.
ولا تقتصر السمنة والمشاكل الصحية المزمنة على كونها مشاكل شخصية فحسب، بل لها آثار اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق. فمع استمرار اتجاهات انتشار السمنة، من المتوقع ارتفاع التكاليف الاقتصادية العالمية للوزن الزائد والسمنة من أقل من 2 تريليون دولار أمريكى فى عام 2020، إلى أكثر من 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030، وأكثر من 18 تريليون دولار بحلول عام 2060 -جميعها بأسعار عام 2019.
فى السياق نفسه، رسم تقرير حديث صادر عن الاتحاد العالمى للسمنة صورة مقلقة، محذرا أنه بحلول عام 2035، سوف يعانى أكثر من نصف سكان العالم من زيادة الوزن أو السمنة، مع تجاوز الخسائر الاقتصادية 4 تريليونات دولار، أى ما يقرب من 3 % من الناتج المحلى الإجمالى العالمى.
وتؤكد تلك الأرقام الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة.
فى عام 2023 وحده، بلغت خسائر الشركات وأصحاب العمل فى الولايات المتحدة بسبب السمنة نحو 425. 5 مليار دولار، وفقا لتقرير جلوبال داتا، «تقييم الأثر الاقتصادى للسمنة على الشركات: تحديد اتجاهات نحو صحة القوى العاملة ورفاهيتها».
الجدير بالذكر هنا أن جزءا كبيرا من تلك الخسائر لم يكن من التكاليف الطبية المباشرة، وتكاليف الإعاقة، وتعويضات العمال. بل من الحضور غير الرسمى، أو انخفاض الإنتاجية الذى بلغت تكلفته 160. 3 مليار دولار. وذلك فى حين أن التغيب عن العمل كبد الشركات 82. 3 مليار دولار.
كما بلغت التكلفة الاقتصادية السنوية لكل عامل بدين 6472 دولارا، وللعامل الذى يعانى من زيادة الوزن 1244 دولارا. وتكشف دراسات أن لكل 10 آلاف موظف، تتراوح تكلفة السمنة والوزن الزائد على أصحاب العمل بين 19. 4 مليون دولار فى قطاع الخدمات المهنية والتجارية و36. 7 مليون دولار فى القطاع الحكومى.
غالبا ما يفشل النهج التقليدى لمعالجة السمنة والمشاكل الصحية المرتبطة بها فى مكان العمل بسبب تركيزه الضيق على السلوكيات الفردية. وينصح خبراء بضرورة تبنى الرؤساء التنفيذيين وصانعى القرار عقلية منهجية لإحداث تغيير هادف، مع مراعاة العوامل المتعددة والمترابطة التى تؤثر على صحة الموظفين.
على سبيل المثال، هناك ارتباط وثيق بين ضغوط العمل والصحة النفسية والرفاهية المالية. ووفقا لدراسة أجرتها جامعة «بيردو» الأمريكية، كانت الموارد المالية السبب الرئيسى للتوتر والقلق لدى الموظفين بنسبة 73 %، مقارنة بالعمل نفسه بنسبة 49 %. ويمكن أن يؤثر التوتر المزمن على جميع أجهزة الجسم، بما فى ذلك جهاز المناعة وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.
ومن ثم كان هناك أهمية لتوفير موارد لإدارة التوتر، والتثقيف الصحى المالى، وأدوات ودعم متنوعة للصحة النفسية، وإزالة العوائق أمام رعاية صحية عالية الجودة لإدارة الوزن، وتوفير بيئات مواتية لاختيارات صحية.
وحتى التحسينات الطفيفة فى صحة الموظفين يمكن أن تحقق فوائد كبيرة. على سبيل المثال، وكما ورد فى تقرير جلوبال داتا، فإن فقدان 5 % فقط من الوزن ربما يؤدى إلى علاج 22 % من العمال الذين يعانون من السمنة.
حرب شركات أدوية إنقاص الوزن
من المتوقع نمو سوق أدوية مكافحة السمنة العالمى من 12. 8 مليار دولار فى عام 2024 إلى 104. 9 مليار دولار بحلول عام 2035، بمعدل نمو سنوى مركب قدره 21. 1 %، وربما يبلغ 200 مليار وفقا لأكثر التوقعات تفاؤلا. ومع استمرار الصراع على سوق أدوية السمنة التى تقدر بمليارات الدولارات، ساعد حماس وول ستريت لأدوية إنقاص الوزن فى جعل شركتين من أكبر الشركات فى العالم من حيث القيمة السوقية، وهما «نوفو نورديسك» و»إيلى ليلى” شركتا الأدوية اللتان تصنعان الأدوية الشائعة لعلاج مرض السكرى والسمنة، واللتان تسيطران مجتمعتين على 68 % من السوق. وعلى سبيل المثال، سجلت «إيلى ليلى « نموا 45 % فى أرباحها عن الربع الأخير من 2024، وحققت «نوفو» 25 % فى أرباحها السنوية عن العام، وذلك بفضل زيادة مبيعات أدوية التخسيس.
غير أنه من المرجح أن يتحدى الوافدون الجدد حصتهما فى السوق، وفقا لتقرير صادر عن «مورنينج ستار» الأمريكية لاستشارات الخدمات المالية.
ويتسابق المنافسون الذين لديهم مجموعة من الأدوية التجريبية، مثل «فايزر» و» فايكينج ثيرابيوتكس انك» و» أمجين انك» فى الولايات المتحدة، و» أسترازينيكا» «و»روش القابضة» و» زيلاند فارما أ/س» فى أوروبا، على محاكاة نجاح «نوفو نورديسك» و»إيلى ليلى”، وتطوير أدوية خاصة بالسمنة، ومن المتوقع طرح 16 دواء جديدا بحلول عام 2029، وفقا للتقرير.
ونتيجة لذلك، تشير تقديرات إلى أن سوق أدوية علاج السمنة ستصل إلى نحو 200 مليار دولار بحلول عام 2031.
وحفاظا على هيمنتهما الحالية فى سوق السمنة المحمومة، تركز الشركتان « نوفو نورديسك» و»إيلى ليلى” على إحراز تقدم فى مجال الجيل الثانى من أدوية السمنة.
وتتنافس شركات تركيب الأدوية والصيادلة على من يصنع أدوية السمنة. وتشهد أدوية علاج داء السكرى من النوع الثانى وفقدان الوزن طلبا كبيرا؛ ما جعل الشركات الكبرى تواجه صعوبة فى مواكبة ذلك الطلب، لذا تدخل صيادلة وشركات تركيب لسد النقص، حيث أنتجت بدائل خاصة بها لتلك الأدوية لأكثر من عامين، وحظيت بشعبية خاصة كبدائل أرخص لمن لا يغطيهم تأمينهم الصحى.
لكن الآن، تجبر الشركتان ذات العلامات التجارية الشركات الأخرى على التوقف عن ذلك.
فتتجه شركتا «نوفو نورديسك» و»إيلى ليلى” إلى وقف تركيب أدوية بديلة نهائيا. وقالت إنه لم يعد هناك نقص فيهما -وهو شرط أساسى للتركيب القانونى فى تلك الحالة.
وكان الصراع على تركيب الأدوية احتدم فى الأشهر الأخيرة. وخلال الصيف، أعلنت شركة «إيلى ليلى” أن أدوية التخسيس «زيباوند» و»مونجارو» متوفران؛ ما يعنى أنهما لم يعودا يعانيان من نقص فيهما. وفى 2 أكتوبر، أزالتهما إدارة الغذاء والدواء الأمريكية رسميا من قائمة الأدوية التى تعانى من نقص.
وذلك معناه أن الشركات التى ستقوم بتركيب تلك الأدوية تخالف القانون.فوفقا لقواعد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، لا يسمح لصيدليات التركيب الصغيرة بنسخ الأدوية ذات العلامات التجارية المتوافرة أكثر من أربع مرات شهريا. ولا يُسمح لشركات تركيب الأدوية بكميات كبيرة، الذين يطلق عليهم اسم «مرافق التعهيد الخارجى”، بتلبية الطلبات بعد 60 يوما من انتهاء النقص.