رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

دولي

تحت شعار «أمريكا صِحِّية مرة أخرى»..ترامب يشن حربا على شركات الأغذية الكبرى

28-4-2025 | 14:04

 26.7 مليون دولار حجم إنفاق شركات تصنيع وبيع الأغذية على اللوبى الأمريكى فى عام 2024

 

70 %  من إمدادات الغذاء فى الولايات المتحدة فى مرمى نيران الإدارة الجديدة

 

 

إعداد: شريفة عبد الرحيم

 

«90 % من الأغذية فى محال السوبر ماركت اليوم لم تكن موجودة قبل 90 عاما. و90 % من الأمراض المنتشرة هذه الأيام لم تكن أيضا!».

 

وراء تلك البيئة الغذائية السامة تكمن ديناميكية اقتصادية منهجية. فبعد كل شىء، تشكل الوجبات السريعة المسببة للإدمان نموذجا تجاريا مثيرا للاهتمام.

 

الجدير بالذكر، أنه فى الوقت الذى انطلقت فيه شرارة الحرب ضد شركات الوجبات السريعة فى الدول المتقدمة -على إثر صحوة صحية- تعمل تلك الشركات على التوسع بقوة فى الدول النامية، حفاظا على مستويات أرباحها الطائلة.

 

من المتوقع أن يصل حجم سوق الوجبات السريعة العالمى إلى 1.25 تريليون دولار أمريكى بحلول عام 2033، ارتفاعا من 788.72 مليار دولار فى عام 2024، بمعدل نمو سنوى مركب قدره 5.28٪ بين عامى2025 و2033، وذلك وفقا لأحدث تقارير موقع «ريسيرش أند ماركتس دوت كوم».

 

فمع تزايد شعبية الوجبات السريعة بين الشباب، تسعى سلاسل مطاعم الوجبات السريعة العالمية إلى التوسع فى الأسواق الخارجية. كما يشهد القطاع نموا ملحوظا نتيجة لتزايد الاستثمار الأجنبى، وارتفاع دخل الأسر، وتزايد أعداد جيل الألفية، وازدهار السياحة، وتغير أنماط شراء المستهلكين.

 

وهكذا من المتوقع أن يعانى 3.8 مليار بالغ من زيادة الوزن أو السمنة بحلول عام 2050، مقارنة بـ2.1 مليار فى عام 2021، وفقا لدراسة نشرتها مجلة «لانسيت» الطبية، لكن، لماذا تمثل مطاعم الوجبات السريعة الهدف التالى لإدارة ترامب؟

 

يأمل كثيرون أن الهجوم الثلاثى -من قبل محامين، والكونجرس، وإدارة ترامب- وهى جهات مهتمة بخوض المعركة ضد السمنة، ربما يؤدى إلى الضغط الكافى لتحدى شركات الأغذية الكبرى، وربما يحفز نتائج صحية أفضل فى الولايات المتحدة، التى لديها أدنى متوسط عمر متوقع بين الدول ذات الدخل المرتفع.

 

وبحسب مراقبين، باتت شركات الأغذية الكبرى فى مرمى نيران روبرت كينيدى الابن، وزير الصحة الأمريكى.

 

الأمر بدأ فى سبتمبر الماضى، بدعوة من السيناتور الجمهورى عن ولاية ويسكونسن، رون جونسون، إلى مناقشة الصحة والتغذية، فيما كان الاجتماع الافتتاحى لحركة «استعادة الصحة فى أمريكا». وجاء ذلك بعد أسبوعين فقط من كتابة روبرت إف. كينيدى الابن مقال رأى تحت ذلك العنوان فى صحيفة «وول ستريت جورنال»، مقترحا فيه أجندة لإدارة ترامب. وفى ذلك الحدث، أدلى أطباء ونشطاء ومؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعى بشهاداتهم، حول ما يسبب الأمراض للأمريكيين وما يمكن أن يشفيهم.

 

كان كينيدى -قبل أشهر من اختياره مرشحا من الرئيس دونالد ترامب لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية- يقدم نفسه قائدا لتحالف واسع النطاق يشمل خبراء الصحة ومؤيدى الزراعة العضوية ومنتقدى الأغذية واللقاحات المعدلة وراثيا. وأطلق كينيدى تشخيصه بأن الأمريكيين أكثر مرضا، واكتئابا، ووزنا، وعقما بمعدلات متزايدة، فى الوقت نفسه يتسببون فى شلل الأمن القومى للبلاد، وإفلاس ميزانيتها الوطنية بتكاليف الرعاية الصحية. ويقدر حجم إنفاق الولايات المتحدة على الرعاية الصحية بنحو تريليون دولار سنويا.

 

بالإضافة إلى ذلك، ركز كينيدى على تحسين الصحة والتغذية، محذرا من استخدام أدوية إنقاص الوزن لعلاج السمنة لدى الاطفال الصغار للغاية، فى حين أن وباء السمنة فى الولايات المتحدة يمكن علاجه بـ»الطعام الصحى».

 

يقود المحافظون، الذين تبنوا قضية لطالما حظيت باهتمام اليسار، حملة لإصلاح النظام الغذائى الأمريكى. ومن ثم، فإن إدارة ترامب فى طريقها لاستهداف الوجبات الخفيفة.

 

ذلك فى حين أنه لسنوات، تجنبت الحكومة الفيدرالية تنظيم صناعة الوجبات السريعة والأطعمة فائقة التصنيع.

 

وهذه الأيام، تتغير المواقف. فيستعد بعض أعضاء الدائرة المقربة للرئيس دونالد ترامب لمحاربة «شركات الأغذية الكبرى»، أو الشركات التى تصنع معظم الأطعمة والمشروبات فى الولايات المتحدة. ويستهدف المسئولون فى وكالات الصحة الأطعمة فائقة التصنيع التى تمثل ما يقدر بنحو 70 % من إمدادات الغذاء فى البلاد.

 

وبناء على التصريحات الأخيرة، ربما يتم طرح مجموعة متنوعة من الخيارات السياسية لتنظيم القطاع، بما فى ذلك ملصقات التحذير، وتغييرات فى دعم الأعمال الزراعية، وقيود على المنتجات التى يمكن للمستهلكين شراؤها من خلال المساعدات الغذائية الحكومية.

 

هى حركة أطلقوا عليها اسم «جعل أمريكا صحية مرة أخرى».

 

ومن المرجح أن تكون المعركة ضد شركات الأغذية حامية، لأن صناعة الأغذية تتمتع بنفوذ سياسى هائل، ونجحت فى إحباط جهود سابقة لتنظيم منتجاتها أو تسويقها. فبلغ إنفاق شركات «تصنيع وبيع الأغذية»، التى تضم «تايسون فودز» و»نستله»، 26.7 مليون دولار على اللوبى الأمريكى فى عام 2024، وفقا لـموقع «أوبن سيكريت». وذلك مقارنة بما يقرب من 10 ملايين دولار فى عام 1998.

 

فى مؤشر على تنامى الاهتمام بالصحة، شاع استخدام مصطلح «الأطعمة فائقة المعالجة»، والمعنى بمنتجات تتراوح بين المشروبات الغازية والعديد من الوجبات المجمدة. وغالبا ما تحتوى تلك المنتجات على دهون ونشويات وسكريات. ويحذر الباحثون من استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة لأنها ترتبط -بدرجات متفاوتة- بأمراض مزمنة مثل داء السكرى والسرطان ومشكلات الصحة العقلية والوفاة المبكرة.

 

تلك الأجواء أثارت تفاؤل خبراء التغذية والصحة، حيث تعهد كينيدى بمنع الأطعمة المصنعة من وجبات الغداء المدرسية، وتقييد بعض الإضافات الغذائية مثل الأصباغ فى الحبوب، ومنع الدعم الزراعى الفيدرالى المخصص للمحاصيل المستخدمة على نطاق واسع فى الأطعمة فائقة المعالجة.

 

يثير التركيز المتزايد فى واشنطن مستوى جديدا من الاهتمام على الصعيد القانونى، حيث يدرس محامون قضايا لمقاضاة شركات تصنيع الأغذية الكبرى لبيعها منتجات تسبب أمراضا مزمنة.

 

على سبيل المثال، تنظر محكمة فلادلفيا دعوى برايس مارتينيز، البالغ من العمر 18 عاما، ضد ما يقرب من اثنتى عشرة شركة مصنعة للأغذية، مثل «كرافت هاينز»، و» كوكاكولا»، و»نستله» فى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد إصابته بداء السكرى ومرض الكبد الدهنى غير الكحولى فى سن السادسة عشرة، ويسعى إلى محاسبتهم على أمراضه.

 

فى الوقت نفسه، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية فى 14 يناير الماضى، عن اقتراحها وضع ملصق على معظم الأطعمة المعبأة، لتسهيل رؤية المستهلكين لمعلومات عن محتوى الدهون المشبعة والصوديوم والسكر المضاف.

 

وفى ظل وجود «أدلة متزايدة على أن تلك الأطعمة مصممة عمدا لتكون مسببة للإدمان»، يحذر العديد من أعضاء الكونجرس من الأطعمة فائقة التصنيع. وقدم أحدهم مقترح تشريعى فى عام 2024، ربما يؤدى إلى حظر فيدرالى على إعلانات الوجبات السريعة للأطفال، وإطلاق حملة توعية وطنية، ووضع ملصقات على الأطعمة فائقة التصنيع تشير إلى أن تلك المنتجات غير موصى بها للأطفال.

 

الجدير بالذكر أن الاتهامات الموجهة لشركات الأغذية الكبرى بتصنيع وبيع منتجات تسبب الإدمان والضرر، تشبه الادعاءات التى وجهت لشركات التبغ الكبرى، قبل التوصل إلى تسوية تاريخية بقيمة 206 مليار دولار فى عام 1998.

 

حماس إدارة ترامب فى مواجهة شركات الأغذية الكبرى ربما يواجه تحديات فريدة. وأبرزها التمويل الذى يحد من قدرة إدارة الغذاء والدواء على فرض اللوائح التنظيمية جزئيا. فبينما يحصل قسم الأدوية فى الوكالة على رسوم من مصنعى الدواء، يعتمد قسم الأغذية على ميزانية محدودة يحددها الكونجرس.

 

وربما يستغرق التغيير وقتا طويلا، فالوكالة تتحرك بوتيرة بطيئة، كما يصفها بعض النقاد. ففى العام الماضى، ألغت إدارة الغذاء والدواء لائحة تسمح باستخدام الزيت النباتى المبروم فى المنتجات الغذائية، بعدما كانت قررت عام 1970 أن تلك المادة غير آمنة بشكل عام.

318 مليار دولار حجم سوق الأغذية العضوية العالمى فى 2025

 

سجل سوق الأغذية العضوية العالمى نموا سريعا فى السنوات الماضية. ومن المتوقع أن يصل إلى 318.37 مليار دولار فى العام الجارى، مقارنة بـ279.19 مليار فى 2024، بمعدل نمو سنوى مركب 14 %. ومن المتوقع أن يبلغ 568.82 مليار دولار بحلول عام 2029.

 

ويرجع الفضل فى صعود نجم الصناعة إلى زيادة الوعى والاهتمام بالصحة، وكذلك تنامى المخاوف من ارتفاع معدلات السمنة، بالإضافة إلى النمو الاقتصادى القوى فى الاقتصادات الناشئة، والاهتمام بالزراعات العضوية.

 

وتعد الولايات المتحدة أكبر سوق للأغذية العضوية فى العالم، تليها أوروبا الغربية.

 

ويكشف مسح صناعة المنتجات العضوية لعام 2024، الذى أجرته رابطة التجارة العضوية، أن مبيعات المنتجات العضوية المعتمدة فى الولايات المتحدة بلغت فى عام 2023 ما يقارب 70 مليار دولار بزيادة قدرها 3.4 %، محققة رقما قياسيا جديدا للصناعة.

 

 

حرب أدوية السمنة بين أيرلندا والولايات المتحدة

 

 

أثارت أرباح أيرلندا من أدوية إنقاص الوزن «استياء» ترامب، فمؤخرا، انتقد الرئيس الأمريكى العجز التجارى الكبير مع أيرلندا، والناجم معظمه بسبب واردات الأدوية، وفى مقدمتها دواء شركة «إيلى ليلي» للتخسيس.

 

ومن ثم، جاء إعلان شركة «ليلى» عن استثمار نحو 27 مليار دولار فى قطاع التصنيع فى الولايات المتحدة، استعدادا لفرض رسوم جمركية محتملة.

 

لكن ربما كانت أيرلندا على وشك التأثر بالفعل، ففرض واشنطن رسوما جمركية أوسع على سلع الاتحاد الأوروبى بنسبة 10 % -وهى النسبة الأقل من بين الرسوم المتداولة- يعنى رسوما غير مسبوقة بالنسبة لأيرلندا.

 

 

 

 

 

 

اخر اصدار