كتبت: د. آيات البطاوى
شهدت الأيام العشرة الأولى من مطلع هذا الشهر حالة من عدم اليقين نتيجة التوترات والتداعيات التى ترتبت على قرارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وفرضه رسوما جمركية جديدة.
هذه التوجهات من قبل الرئيس الأمريكى كانت حدثا فريدا من نوعه فى غرابته وعدم توقع أبعاده بالإضافة إلى تغيير قراراته. وبالطبع انعكس ذلك على اضطراب شديد فى كل الأوساط الاقتصادية العالمية من بورصات وأسهم وذهب، وامتدت إلى العملات المشفرة وعملات كل دول العالم دون استثناء.
وأمام هذا لاحظنا كيف تأثر الجنيه المصرى هابطا بنحو 2 % أمام الدولار نتيجة الخروج الجزئى لبعض الأموال الساخنة والتى سرعان ما عادت بعد يومين مرة أخرى ليسترد الجنيه بدوره معظم خسائره التى سبق أن فقدها.
وهنا يثار السؤال: هل كانت عودة الجنيه وتماسكه واسترداد خسائره بسرعة بسبب تعليق الرسوم الجمركية مؤقتا؟
فى التصور العام كان تعليق تلك الرسوم أحد الأسباب الشكلية أو الفرعية، ولكن كانت الأسباب الحقيقية والفعلية موجودة وشارحة لنفسها عبر فعاليات أخرى أعمق وأكثر تأثيرا وكانت تمثل درعا واقية للعملة المحلية ومساعدة لها لامتصاص مثل تلك الصدمات الخارجية.
يمكن الإشارة إلى تلك العوامل من خلال عدة محاور تمثلت فى رحلة رئيس الجمهورية إلى كل من قطر والكويت والتى لم تكن فقط لمناقشة المصالح المتبادلة على المدى المتوسط والطويل أو تبادل الرؤى حول الأوضاع الراهنة فى العالم والمنطقة، بل امتدت المناقشات إلى وسائل دعم كل من البلدين للاقتصاد المصرى عن طريق زيادة الاستثمار المباشر خلال الفترة المقبلة، وهو ما يعنى زيادة النمو الاقتصادى وزيادة التشغيل ومقاومة أى مظاهر للركود الاقتصادى.
على الجانب الآخر يبرز محور مهم تمثل فى لقاء محافظ البنك المركزى حسن عبد الله لوفد اتحاد الغرف السعودية، حيث مثلت تصريحات المحافظ جانبا كبيرا من الأهمية، لأنها حددت وأكدت مسارات سياسة إدارة سعر الصرف والتى ستقوم على حرية الجنيه الذى يتم تداوله فى الأسواق وتحديد سعره بمرونة كبيرة خاضعة لظروف العرض والطلب أسوة بالجنيه الإسترلينى واليورو، كما أن تقلبات الجنيه لم تخضع لمفاجآت وتقلبات سعرية لا تعكسها ظروف العرض والطلب الحقيقية.
وكان من أهم ما أبرزه هذا الاجتماع تعرضه لتطور أهم المؤشرات الاقتصادية كيف كانت وكيف أصبحت والتى أكدت للحضور من المستثمرين السعوديين وللعالم كله مدى نجاح الدولة المصرية فى تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادى. وكان من أهم ما أكده المحافظ انخفاض معدل التضخم فى مصر إلى 13 % وأن الوضع الاقتصادى الكلى مستقر، كما ارتفع الاحتياطى النقدى لمصر إلى 47 مليار دولار، مضيفا: “لدينا جهاز مصرفى قوى وسنقدم للمستثمرين السعوديين أسعارا تنافسية للودائع”.
كما أشار محافظ البنك المركزى إلى استحداث الخدمة المصرفية تتمثل فى إنشاء إدارة متخصصة للثروات داخل الجهاز المصرفى بأسعار تنافسية مميزة تناسب تطلعات المستثمرين المحليين والدوليين.
وقدم المحافظ شهادة نجاح مصر فى القضاء على التراكمات المالية السلبية التى كانت تبلغ مليارات الدولارات فى 2022، كما تم تجاوز أزمة تكدّس البضائع فى الموانئ بالكامل، بالإضافة إلى تحول البنوك المصرية من مديونية تُقدّر بنحو 30 مليار دولار إلى فائض قدره 10 مليارات دولار أمام العالم الخارجى.
وعلى المستوى الرسمى رأينا كيف تكلل الأسبوع الماضى بصدور تقرير البنك المركزى بالإفصاح عن مؤشرات إيجابية تمثلت على سبيل المثال وليس الحصر فى ارتفاع أصول القطاع المصرفى إلى 20.799 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2024، مقابل 14.200 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2023، بزيادة 6.599 تريليون جنيه.
وأبرزت البيانات ارتفاع أرصدة الإقراض المقدمة للعملاء من البنوك إلى 8.309 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2024، مقابل 5.286 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2023. بنسبة نمو 57.2 %.
وكشف المركزى عن ارتفاع ودائع العملاء بالبنوك لتسجل 13.599 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2024، مقابل 10.163 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2023، بارتفاع بقيمة 3.436 تريليون جنيه.
وتضمنت المؤشرات الإيجابية تحقيق صافى الأصول الأجنبية للبنك المركزى فائضا بقيمة 12.499 مليار دولار بما يعادل 632.826 مليار جنيه بنهاية مارس 20245، مقابل 12.090 مليار دولار بما يعادل 613.108 مليار جنيه بنهاية فبراير 2025.
وكشف البنك المركزى عن ضخ تمويلات بقيمة 55.5 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ضمن مبادرة حياة كريمة خلال الفترة من يوليو 2021 حتى ديسمبر 2024.
وارتفعت معاملات الهاتف المحمول بالسوق المصرية إلى 2.7 تريليون جنيه خلال عام 2024، بمعدل زيادة سنوية 108 % فى قيمة معاملات الهاتف المحمول.