بقلم:
إيمان عراقى
رئيس التحرير
تُعقد الاجتماعات السنوية واجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولى ومجموعة البنك الدولى سنويا، ويجتمع فيها محافظو البنوك المركزية، ووزراء المالية والتنمية، وكبار المسئولين التنفيذيين فى القطاع الخاص، وممثلو المجتمع المدنى، والأكاديميون، لمناقشة حالة الاقتصاد العالمى والقضايا ذات الاهتمام الدولى، مثل آفاق النمو، والاستقرار المالى، والحد من الفقر. وتُعد هذه الاجتماعات التجمع الوحيد من نوعه فى العالم، ومنتدى فريدا لمناقشة صنع السياسات الاقتصادية.
يتألف مجلس المحافظين من ممثل رفيع المستوى من كل دولة من الدول الأعضاء البالغ عددها 191 دولة، وهو عادة وزير المالية، أو محافظ البنك المركزى، أو وزير التنمية. خلال الاجتماعات، يشارك المحافظون فى جلسة عامة ويناقشون التحديات التى تواجه الاقتصاد العالمى. كما يتخذون قرارات بشأن القضايا الرئيسية المتعلقة بالعمل المستقبلى للمنظمتين، التى تُنفذ لاحقا من قبل مجالسهما التنفيذية.
بالإضافة إلى ذلك، تجتمع اللجنة الدولية للشئون النقدية والمالية التابعة لصندوق النقد الدولى (IMFC) ولجنة التنمية المشتركة بين صندوق النقد الدولى والبنك الدولى (DC) لمناقشة التقدم المحرز فى عمل المنظمتين.
وتضم اللجنة الدولية للشئون النقدية والمالية 25 عضوا من مجلس المحافظين، وتشرف على عمل صندوق النقد الدولى. وتركز المناقشات على الاقتصاد العالمى، وتطورات الأسواق المالية، بالإضافة إلى القضايا الملحة الأخرى التى تقع ضمن اختصاص صندوق النقد الدولى. ومن جانبها، تقدم لجنة التنمية المشورة لمجلس محافظى البنك الدولى بشأن قضايا التنمية الحرجة والموارد المالية اللازمة لتعزيز التنمية الاقتصادية والحد من الفقر فى البلدان النامية.
شارك أحمد كجوك، وزير المالية فى اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، واجتماعات مجموعة العشرين بواشنطن. والتقى عددا من نظرائه بمجموعة العشرين وممثلى كبرى المؤسسات الاقتصادية والمالية والبنوك الدولية، وبحث الأوضاع الراهنة لهيكل الاقتصاد العالمى، وتأثيرها على تدفقات الاستثمار والتجارة وجهود التنمية بالبلدان النامية والإفريقية.

الصندوق يرفع توقعاته
شهدت اجتماعات الصندوق هذا العام رفع التوقعات لنمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى فى مصر بمقدار 0.2 نقطة مئوية للعامين الجارى والمقبل، فى الوقت الذى خفض فيه تقديراته لنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عامة فى العامين.
لم يذكر الصندوق فى تقريره المحدث حول «آفاق الاقتصاد العالمي» سببا لرفع توقعات النمو فى مصر، بينما تشير تقديراته إلى نمو اقتصاد أكبر بلد عربى من حيث عدد السكان بنسبة2.4 % فى 2024. يأتى ذلك بينما توقعت وزيرة التخطيط رانيا المشاط فى وقت سابق من الشهر الماضى نمو الاقتصاد 4 % خلال السنة المالية الجارية التى تنتهى فى 30 يونيه على أن يتسارع النمو إلى 4.5 % فى العام المالى المقبل.
وقال الصندوق إن الاقتصاد المصرى خلال الربع الثانى من السنة المالية الحالية نما بأسرع وتيرة فصلية منذ أكثر من عامين عند4.3 %، بدعم من قطاعى الصناعات التحويلية والسياحة، على الرغم من استمرار تراجع إيرادات قناة السويس بسبب التوترات التجارية فى البحر الأحمر.
ومن المنتظر أن يستفيد الاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة من تراجع أسعار النفط التى يجرى تداولها حاليا عند نحو 67 دولارا للبرميل، نظرا لاعتماده على استيراد المواد البترولية.
تعانى مصر أيضا من ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى الذى بلغ 90.9 % فى السنة المالية التى انتهت فى 30 يونيه 2024 وفق تقرير الصندوق بعد مشاورات المادة الرابعة مع الحكومة المصرية فى مارس الماضى.
وتوقع الصندوق فى أحدث تقاريره ارتفاع متوسط الدين العام فى الاقتصادات الناشئة والنامية من مستواه الحالى البالغ 70 % من الناتج المحلى الإجمالى إلى نحو 83 % فى 2030. كما توقع تباطؤ متوسط معدل التضخم فى مصر إلى 19.7 % خلال 2025و12.5 % خلال 2026 من 33.3 % فى 2024.
فرصة ذهبية
ويمثل وضع الاقتصاد العالمى الآن، فرصة جيدة لمصر لبناء علاقات تجارية أقوى مع دول الجوار، حيث تعمل الحكومة المصرية على تعزيز تنافسية الاقتصاد المصرى بتحفيز القاعدة الصناعية، وزيادة الصادرات وتنويع التجارة. فالوضع الاقتصادى لمصر أصبح أفضل، وسيتحسن بشكل متوازن وملموس خلال السنوات الأربعة المقبلة، هذا ما اكده وزير المالية موضحا أن الحكومة المصرية تعمل بتناغم لإدارة مسار اقتصادى آمن برؤية متكاملة ومحفزة للأنشطة الإنتاجية والتصديرية. ويؤكد ذلك مؤشرات الأداء المالى والاقتصادى خلال الأشهر التسعة الماضية جيدة جدا، ومطمئنة.
وفى لقائه مستثمرى مؤسسة «جولد مان ساكس»، على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، قال إن مؤسسات التمويل الدولية يمكن أن تلعب دورا أكثر تأثيرا فى توسيع مساهمات القطاع الخاص فى الاقتصادات النامية. وأشار إلى أن خفض تكلفة التمويل بالبلدان النامية، يسهم فى توفير فرص استثمارية متنوعة وجاذبة للمستثمرين حول العالم، لافتا إلى أننا متمسكون بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لضمان تنافسية الاقتصاد المصرى. وقال إن اقتصادنا متنوع، ويمتلك بيئة أعمال محفزة للقطاع الخاص المحلى والأجنبى، موضحا أننا نعمل بفكر جديد يدعم الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، ويحقق الانضباط المالى والاستقرار الاقتصادى.
أضاف أننا اخترنا مسار التسهيلات الضريبية والجمركية؛ لخفض الأعباء عن المستثمرين ودفع عجلة النمو فى إطار من الشراكة مع مجتمع الأعمال، مؤكدا أننا نتبنى إستراتيجية فعالة لتحسين إدارة الدين، ترتكز على تنويع مصادر وأدوات التمويل.
القطاع الخاص فى المقدمة
تعمل الدولة المصرية على تمكين القطاع الخاص من قيادة النشاط الاقتصادى بدعم الإنتاج والتصدير، لافتا إلى أننا نستهدف فتح آفاق جديدة للشراكة مع مجتمع الأعمال بمسار ضريبى مبسط وأكثر كفاءة.
وقد شهدت المؤشرات الاقتصادية مقدرة فى الحفاظ على الانضباط المالى وتحقيق مؤشرات اقتصادية جيدة فى ظل التحديات العالمية الراهنة، وتم تحقيق فائض أولى بنسبة 2,5 % من الناتج المحلى، وتراجع العجز الكلى إلى 6,3 % من الناتج المحلى خلال الفترة من يوليو إلى مارس 2025 كما ارتفعت الإيرادات الضريبية خلال الفترة من يوليو إلى مارس 2025 بنسبة 38 % من خلال توسيع القاعدة الضريبية ببناء الثقة والشراكة مع الممولين، والاستفادة بشكل أكبر من النظم الضريبية المميكنة فى التيسير على المجتمع الضريبى.
وعقد أحمد كجوك وزير المالية، سلسلة من اللقاءات على هامش مشاركته فى اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز الاستثمارات، فقد التقى يوسف مورانجوا وزير المالية والتخطيط الاقتصادى الرواندى. وأكد كجوك خلال اللقاء أننا نتطلع لدفع الاستثمارات المتبادلة للقطاع الخاص المصرى والرواندى فى شتى المجالات الاقتصادية والتنموية، بما يلبى طموحات البلدين ويحقق المصالح المشتركة ويعزز من الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة، موضحا أننا حريصون على تبادل الخبرات فى بناء سياسات مالية متوازنة تحفز النشاط الاقتصادى وتضمن الاستقرار والانضباط المالي، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادى الراهن يفرض تسريع وتيرة التكامل الإفريقى لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، بما يساعد فى تحفيز النمو الاقتصادى وزيادة حجم التجارة وخلق فرص استثمارية جديدة. وأكد كجوك، أننا منفتحون على كل الخبرات والتجارب الدولية لاستكشاف أدوات تمويل مبتكرة تساعد فى خفض المديونية وتكلفة خدمتها، لافتا إلى أن الاقتصادات الناشئة تحتاج إلى أدوات تمويلية جديدة لجذب الاستثمارات طويلة الأجل والاستثمارات الخاصة.
خبرات عالمية
وقال كجوك، فى لقائه مع هيروشى ماتانو، نائب الرئيس التنفيذى للوكالة الدولية لضمان الاستثمار«MIGA» ، إننا نتطلع إلى دور أكبر لـ«الضمانات الاستثمارية» فى تعزيز قدرة الدول النامية على توفير التمويل المطلوب لتحقيق التنمية.
أشار إلى أهمية تعزيز التعاون مع الوكالة الدولية لضمان الاستثمار «MIGA» فى ترسيخ ثقة القطاع الخاص المحلى والاجنبى لزيادة استثماراته بالسوق المصرية.
أضاف الوزير، أن الدولة تتبنى رؤية طموحة تستهدف الاستمرار فى تعزيز مسار الانضباط المالى من خلال استكمال الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، وأننا نعمل على تعظيم العوائد الاستثمارية بمبادرات محفزة ونظم ضريبية وجمركية ميسرة وداعمة لمناخ الأعمال.