كتبت: شريفة عبد الرحيم
مع انطلاق موسم أرباح شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للربع الأول، كشفت 90 % منها عن تداعيات الرسوم الجمركية، بما فى ذلك التكاليف وتوقعات الأرباح.
وتعمل الشركات الأمريكية على تقدير تكلفة الحرب التجارية التى شنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حيث حذر المسئولون التنفيذيون من ارتفاع النفقات، وتعطيل سلاسل التوريد، وضربة لأكبر اقتصاد فى العالم.
ويتوقع المحللون حدوث نقص فى المعروض من السلع بسبب رسوم ترامب الجمركية على الصين، الذى ربما يمتد حتى نهاية العام. وفى غضون أسابيع قليلة، ستحتاج إلى آلاف الشركات إلى تجديد مخزوناتها، فى تحد ربما يسفر عن متاجر فارغة وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى تسريح عمال فى قطاعات متنوعة، من النقل بالشاحنات إلى تجارة التجزئة.
على سبيل المثال، فى مؤشر واضح على التأثير المحتمل للحرب التجارية على المستهلك الأمريكى، رفعت شركة «شى إن» أسعارها فى الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 377 % قبل فرض الرسوم الجمركية على الطرود الصغيرة.
سجلت الأسهم الأمريكية مكاسب مؤخرا دفعت مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أطول سلسلة مكاسب له منذ أكثر من 20 عاما. وبذلك، تمكنت الأسهم من محو جميع خسائر الشهر الماضى، وتراجعت قليلا المخاوف بشأن الآثار الوشيكة للرسوم الجمركية -التى ربما تؤثر على أرباح الشركات بالإضافة إلى الاقتصاد العالمى.
على سبيل المثال، استعادت أسهم شركة «آبل» جزءا كبيرا من خسائرها خلال موجة البيع التاريخية التى سببتها الرسوم الجمركية الشهر الماضى، لكن ذلك لا يعنى أيضا أن المستثمرين بمأمن من تداعيات الحرب التجارية.
وبحسب محللين، لا يكمن الخطر فى تخلف الولايات المتحدة بين عشية وضحاها. ولن يظهر ذلك بالضرورة فى أرباح الربع القادم، وإنما فى إعادة تقييم المستثمرين للولايات المتحدة، لتصبح تدريجيا كأى سوق أخرى.
فحذر جون زيتو الرئيس المشارك فى إدارة الاصول فى شركة «أبولو جلوبال مانجمنت» من أن الولايات المتحدة تخاطر بتآكل هيمنتها على أسواق رأس المال، ويوشك الضرر الناجم عن ثلاثة أشهر من اضطرابات الرسوم الجمركية أن يبدأ بالتأثير على المستهلكين الأمريكيين بشدة. كان مؤشر ستاندرد آند بورز بدأ شهر مايو منخفضا بنسبة 6 % منذ تنصيب ترامب.
الجدير بالذكر أن شركتى «مايكروسوفت» و»ميتا» خففت نتائج أعمالهما من المخاوف بشأن تأثير الحرب التجارية على الشركات، فارتفع سهم «مايكروسوفت» بنسبة 7.8 % بفضل مبيعات ربع سنوية ونمو فى الأرباح فاق التوقعات، بينما ارتفع سهم «ميتا» بنسبة 6.2 % بعد تجاوز الإيرادات التوقعات وتوقعات بزيادة الإنفاق.
ومهدت الأرباح القوية لشركات التكنولوجيا الطريق لارتفاع الأسهم الأمريكية، حيث ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 1 %.
ومع ذلك، فإن نصف عدد شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 فقط أعلنت نتائجها للربع الأول من العام الجارى، ومن المتوقع صدور نتائج نحو 200 شركة أخرى خلال الأسابيع المقبلة، الذى سيحدد مدى تأثير الحرب التجارية.
وتسعى الأسواق لتحديد مدى خسائر الشركات والاقتصاد بسبب الحرب التجارية، حيث يشير سجل أداء شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على مدى العقدين الماضيين إلى هشاشة قدرتها على تحمل الرسوم الإضافية.
ووفقا لـ»بلومبرج إنتليجنس»، فإن معظم نمو هامش الربح الذى حققته مبيعات الشركات على المؤشر منذ عام 2004 كان مصدره قطاع التكنولوجيا المزدهر، وباستبعاد تلك المجموعة، لم ترتفع الربحية إلا قليلا.
وتعد تداعيات الرسوم الجمركية المقترحة على الاقتصاد الأمريكى وعلى أرباح الشركات من أبرز مخاوف المستثمرين هذه الأيام.
ويعكس موسم نتائج الأعمال للربع الأول من العام الجارى، تنامى حالة عدم اليقين بين الشركات إزاء تداعيات الحرب التجارية.
وحذر بول نولت، إستراتيجى السوق ومدير الثروات فى شركة «مورفى آند سيلفست» لإدارة الاصول أن قطاع التكنولوجيا يجعل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أكثر عرضة للرسوم الجمركية. وقال إن التوسع غير الملحوظ فى هوامش التشغيل فى بقية شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على مدار العقدين الماضيين يعنى أنه إذا تحولت الرسوم الجمركية إلى عقبة كبيرة، فإن غالبية الشركات الأمريكية المتبقية فى المؤشر لن يكون لديها أى احتياطى كاف لامتصاص التاثير ومواصلة النمو.
من المتوقع أن تحقق شركات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 هامش ربح تشغيلى بنسبة 16.4 % فى عام 2025، وينخفض الى 13.5 % عند استبعاد قطاع التكنولوجيا، مع أن تلك التقديرات لا تعكس على الأرجح التأثير الكامل لنظام التجارة الجديد المحتمل. ومن المتوقع أن يحقق قطاع التكنولوجيا وحده هامش ربح بنسبة 34.1 % العام الجارى.