رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

دولي

حقق نموا سنويا تجاوز 40 % اليوان الصينى يتحدى هيمنة الدولار

28-5-2025 | 13:44

40 % نسبة النمو السنوى فى استخدام اليوان فى المعاملات الدولية فى 2024

 

 1.2 تريليون دولارقيمة حيازات الصين من سندات الخزانة الأمريكية

 

 

إعداد: شريفة عبد الرحيم

 

توقع محللون زيادة إقبال البنوك المركزية على شراء اليوان والدولار السنغافورى، فمن المرجح أن تكون عملات كوريا الجنوبية وسنغافورة والصين أكبر المستفيدين الآسيويين من الاضطرابات الجديدة التى تسبب فيها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حيث تسعى البنوك المركزية إلى تنويع احتياطياتها بعيدا عن الدولار، وفقا لمجموعة “جولدمان ساكس”.

 

وفى حين أن الدولار الأمريكى واليورو لا يزالان من أبرز الأصول التى تحتفظ بها البنوك المركزية ضمن احتياطياتها الاجنبية، فإن هناك مجالا لزيادة مخصصات “غير تقليدية” -مثل عملات كوريا وسنغافورة والصين- مع استمرار تراجع هيمنة الدولار، وفقا لتقرير وكالة بلومبرج مؤخرا، الذى لفت إلى أن الروابط التجارية للصين مع العالم تجعل اليوان “مرشحا طبيعيا” لإعادة تخصيص الاحتياطيات المحتملة.

 

تكتسب عملية التخلى عن الدولرة زخما فى آسيا مع تنامى التوترات التجارية وتنويع العملات، حيث يسرع تصاعد الاحتكاكات التجارية من الابتعاد عن الدولار الأمريكى فى أسواق العملات.

 

وتشهد البنوك وشركات الوساطة طلبا متزايدا على مشتقات العملات التى تتجاوز الدولار، حيث تعزز التوترات التجارية اتجاه بالعزوف عن الدولار، الذى بدأ قبل سنوات.

 

ففى العام الماضى، بلغ حجم المعاملات السنوية عبر نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود نحو 175 تريليون يوان -بما يساوى 24 تريليون دولار- وهو ما يمثل نموا سنويا يزيد على 40 %.

 

ووفقا لتقرير لوكالة بلومبرج، تتلقى الشركات المزيد من الطلبات لإجراء معاملات، بما فى ذلك عمليات تحوط تتجاوز الدولار وتشمل عملات مثل اليوان الصينى، ودولار هونج كونج، والدرهم الإماراتى، واليورو. كما رصد طلبا على القروض المقومة باليوان، ويقوم بنك فى إندونيسيا بإنشاء مكتب للعملة الصينية.

 

يذكر أن معظم تداولات العملات الاجنبية تعتمد على الدولار كوسيط، حتى بين عملتين غير أمريكيتين. غير أنه فى الآونة الأخيرة، اتجهت الشركات بشكل متزايد لاستكشاف إستراتيجيات لتبادل العملات مباشرة، ما يعمل على تهميش الدور التقليدى للدولار.

 

ويشير ذلك التوجه نحو البدائل إلى قلق متزايد إزاء هيمنة الدولار كعملة احتياط عالمية. وربما شهد الدولار مؤخرا موجة بيع وسط توقعات متقلبة بشأن اتفاقيات التجارة العالمية. وبينما يعزو بعض المحللين ذلك إلى مخاوف قصيرة الأجل، يشير آخرون إلى تحولات جوهرية فى كيفية استخدام الدولار.

 

يضفى التقدم التكنولوجى وزيادة السيولة فى العملات غير الدولارية جاذبية أكبر على المعاملات المباشرة. فوفقا لجين ما من معهد التمويل الدولى، فإن التبادلات المباشرة يمكن أن تكون بفاعلية استخدام الدولار الأمريكى نفسها من حيث التكلفة.

 

وتشير استطلاعات رأى مع خبراء ماليين فى جميع أنحاء آسيا إلى زخم متزايد وراء ذلك الاتجاه نحو التخلى عن الدولرة. على سبيل المثال، تزيد شركات صناعة السيارات الأوروبية من طلبها على حلول التحوط من تقلبات اليورو واليوان. كما أن تقارب العلاقات الاقتصادية بين الصين وإندونيسيا ودول الخليج يدفع الحاجة إلى حلول غير الدولار.

 

فى حين أن الدولار لا يزال العملة المهيمنة فى المدفوعات العالمية، فإن حصته تتآكل تدريجيا. ودأبت الصين على الترويج لاستخدام اليوان دوليا، وربما عززت الأحداث الجيوسياسية الأخيرة الاهتمام بتنويع الاقتصاد بعيدا

 

عن الدولار. وعلى الرغم من أنه لا توجد عملة واحدة على وشك أن تحل محل الدولار فى المستقبل القريب، فإن الوضع الحالى يشير إلى اتجاه طويل الأجل نحو تقليل الاعتماد على الدولار فى التجارة والتمويل العالميين

 

يعمل بعض المصدرين الصينيين على تحويل دخلهم بالدولار إلى اليوان، مراهنين على أن أسوأ خسائر العملة المحلية بسبب الرسوم الجمركية ربما انتهت.

 

ويتوقع محللو بنك “جولدمان ساكس” أن يصل سعر الصرف 7 يوانات للدولار، فى الظل تقدم محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين.

 

وفى استطلاع أجرته بلومبرج لـ18 مصدرا صينيا، أفاد جميعهم بأنهم حولوا بالفعل احتياطياتهم من الدولار إلى اليوان، إذ يرون أن سعر صرف اليوان الحالى، البالغ نحو 7.3 يوان للدولار، جيد.

 

أجرى الاستطلاع على هامش معرض كانتون بمقاطعة قوانجدونج فى وقت سابق من شهر مايو، ولشركات فى قطاعات مختلفة، تتراوح بين الأثاث والسيراميك والإضاءة الزخرفية والبستنة. وهى التى تقدر عائدات التصدير السنوية لها بين 10 ملايين دولار و300 مليون دولار.

 

يكشف التقلب الحاد فى العملات الآسيوية الأسبوع الماضى، نهاية حقبة الاستثناء الأمريكية، وهو ما يحدث آثارا سلبية فى جميع أنحاء العالم.

 

فى حين كان الدولار التايوانى محط الأنظار، حيث أجبرت تقلباته الحادة البنك المركزى على عقد إحاطة طارئة، وشهد الين اليابانى والرينجيت الماليزى أيضا ارتفاعات قوية.

 

ويؤدى كل ذلك الضغط إلى دفع بعض السلطات إلى مقاومة أى ارتفاع سريع فى قيمة عملاتها. وأبدت بكين عزمها على الحفاظ على استقرار اليوان نسبيا، حيث أبقى بنك الشعب الصينى سعره المرجعى اليومى ثابتا. وفى هونج كونج، كثفت السلطات جهودها للدفاع عن ربط العملة.

 

الجدير بالذكر أن تنامى الطلب على اليوان يعكس النفوذ الاقتصادى للصين واعتباره ملاذا للعملات فى جميع أنحاء آسيا، حيث يعمل استقرار اليوان على تقليل من احتمالات حدوث تحركات حادة فى اماكن أخرى من آسيا.

 

وبرأى رئيس أبحاث آسيا فى مجموعة “أستراليا ونيوزيلندا المصرفية” أنه لا توجد رغبة فى السماح لليوان بالارتفاع تحسبا لاتفاق تجارى ربما لا يتحقق، أو على الأقل لا يزال بعيدا بعض الشىء. ويبدو أن تلك الجهود تؤتى ثمارها فى الوقت الحالى.

 

كما أوضحت مارى نيكولا، الخبيرة الإستراتيجية فى “بلومبرج”، يؤكد سوق العملات الآسيوية حقيقة مألوفة، أن أى ارتفاع مستدام فى سوق الصرف الأجنبى فى المنطقة يتوقف على قوة اليوان الصينى.

 

وأشارت إلى أن التثبيت المتواضع للعملة ربما ساعد فى دفع تراجع أوسع نطاقا. وقاد الرينجيت الماليزى -أحد أكبر الرابحين مؤخرا- الانخفاضات فى جميع أنحاء آسيا. كما كان الدولار التايوانى أكثر هدوءا.

 

ومع ذلك، تسلط تلك الأحداث الضوء على كيفية استمرار التحول الواسع بعيدا عن الأصول الأمريكية، مع إمكانية إثارة بعض التحركات الحادة للغاية.

 

يتوافق ذلك مع رأى خبراء بنك “آى أن جى” وتوقعات هبوطية أكثر إثارة للقلق بشأن الدولار. ويفتح الباب أمام احتمال أن تتحول فترة من الصفقات التجارية المفترضة مع الدول الآسيوية، التى تعتبر إيجابية للدولار، إلى فرصة للدول الآسيوية الغنية بالدولار لتقليل انكشافها عليه.

 

أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال “ فى أحدث تقاريرها إلى الأسلحة المالية الصينية، وهى اليوان وسندات الخزانة الأمريكية.

 

فتصاعد النزاع التجارى بين الولايات المتحدة والصين أثار مخاوف من احتمال استخدام بكين للأسواق المالية للرد على واشنطن.

 

وتعد الصين من أكبر مالكى ديون الحكومة الأمريكية فى الخارج. ولطالما سادت مخاوف من احتمال تخلى الصين عن سندات الخزانة الأمريكية التى تشكل جزءا كبيرا من احتياطياتها من النقد الأجنبى.

 

وتقدر حيازات الصين بنحو 1.2 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية فى يناير الماضى، وفقا لتقديرات براد سيتسر، الزميل البارز فى مجلس العلاقات الخارجية.

 

الجدير بالذكر أنه من الصعوبة تتبع محفظة الصين من السندات الأمريكية، نظرا إلى لجوء الحكومة إلى أطراف ثالثة وأمناء فى دول مثل بلجيكا يخفى ملكيتها.

 

تكشف بيانات الحكومة الأمريكية أن الصين ثانى أكبر حائز لسندات الخزانة حتى يناير، متخلفة عن اليابان فقط. وتغطى تلك البيانات سندات الخزانة التى يمتلكها كل من الحكومة والمستثمرين من القطاع الخاص.

 

ودارت تكهنات حول إذا ما كانت الصين وراء عمليات بيع سندات الخزانة الأسبوع الماضى. وأعرب محللو “جولدمان ساكس” عن شكوكهم. وأوضحوا أنه لو قامت بكين أو غيرها من البنوك المركزية ببيع سندات الخزانة، لكان الدولار سيواجه ضغوطا أكبر. ومع ذلك، أشاروا إلى أن “التحولات فى مزيج الأصول الاحتياطية” تشكل خطرا على الطلب على سندات الخزانة على المدى المتوسط.

 

فى الوقت نفسه، ربما تستخدم الصين عملتها أيضا كسلاح فى مواجهة الحرب التجارية. فربما تخفض بكين قيمة اليوان للمساعدة فى تعويض أثر الرسوم الجمركية. ويخضع اليوان لرقابة مشددة من البنك المركزى، ويراقب المستثمرون “التثبيت” اليومى، حيث تحدد قيمة العملة المحلية، بحثا عن مؤشرات على أن صانعى السياسات يوجهونه نحو مستويات أقل. وانخفض اليوان إلى أضعف مستوى له منذ أكثر من 17 عاما فى وقت سابق من الأسبوع الماضى، على الرغم من ارتفاعه قليلا فى الأيام الأخيرة.

 

ربما يحدث خفض قيمة اليوان اهتزازا فى الأسواق العالمية ويشجع دولا أخرى على اتباع نهج مماثل، ما يخفض قيمة عملاتها للمساعدة فى الحفاظ على تنافسية صادراتها. ومن المرجح أيضا أن يثير خفض قيمة اليوان غضب إدارة ترامب، لأنه سيعزز قيمة الدولار.

 

اخر اصدار