رئيس مجلس الإدارة
د.محمد فايز فرحات
رئيس التحرير
إيمان عراقي

تقنيات

هل يصبح الشرق الأوسط قـــوة صـــاعدة في مجال الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات

3-6-2025 | 15:41

كتب : أحمد سيد إمام

 

خلال رحلة استغرقت 3 أيام إلى الشرق الأوسط، حوّل الرئيس ترامب والمرافقين له منطقة الخليج العربي إلى وادي سيليكون، ومن مبتدئ في مجال الذكاء الاصطناعي إلى قوة ضاربة في هذا المجال. وقد توصل إلى صفقة ضخمة مع الإمارات العربية المتحدة لتوريد مئات الآلاف من أحدث الرقائق الإلكترونية من شركة نيفيديا سنويا لبناء أحد أكبر مراكز البيانات في العالم.

وفي خطوة تمثل انقلابا على سياسة الرئيس السابق بايدن لتصدير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي خارج أمريكا، أعلنت شركة نيفيديا والسعودية عن شراكات تهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة عالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وحوسبة المؤسسات، والتوائم الرقمية، والروبوتات، وذلك فى خلال زيارة رسمية لترامب للسعودية ولقائه مع الأمير محمد بن سلمان ولى العهد. وقد صرّح مؤسس شركة نيفيديا ورئيسها التنفيذي، جنسن هوانج، بأن هذا الجهد سيُسخّر البنية التحتية والخبرات السيادية في مجال الذكاء الاصطناعي لدفع السعودية إلى مصاف رواد الذكاء الاصطناعي العالميين.

وخلال أول رحلة دولية للرئيس الأمريكي انضم إليه ما يقرب من 30 رئيسا تنفيذيا لأكبر الشركات الأمريكية، بما في ذلك شركات التكنولوجيا العملاقة التي وقعت صفقات بقيمة 600 مليار دولار وجلبوا معهم بعضا من أكثر العناصر الأساسية المطلوبة في الاقتصاد العالمي رقائق الذكاء الاصطناعي التي ستُشغّل أكبر مشروعات البنية التحتية التكنولوجية في الشرق الأوسط، والتي تُعتبر حاسمة لتأمين مستقبل المنطقة بعد النفط. تسلّط هذه الاتفاقيات الضوء على أهمية عروض الذكاء الاصطناعي الأمريكية كورقة مساومة رئيسية لترامب في سعيه إلى إبراز نفسه كصانع صفقات ودبلوماسي بارع على الساحة العالمية، بالإضافة إلى توطيد العلاقات مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية.

وأعلنت مجموعة من شركات التكنولوجيا الأمريكية عن صفقات في الشرق الأوسط، ومن بين أكبر الصفقات صفقة وقعتها شركة نيفيديا لبيع مئات الآلاف من رقائق الذكاء الاصطناعي للمملكة العربية السعودية، حيث ستذهب الدفعة الأولى المكونة من 18 ألف رقاقة من أحدث رقائق «بلاكويل» إلى شركة هومين، وهي شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي مملوكة لصندوق الثروة السيادي السعودي. كما أعلنت شركة سيسكو أنها وقعت اتفاقية مع شركة جي 42، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي ومقرها الإمارات العربية المتحدة، لمساعدتها في تطوير قطاع الذكاء الاصطناعي في البلاد.

كما أعلن البيت الأبيض أن شركة داتا فولت السعودية سوف تستثمر 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة. وسوف تستثمر شركات جوجل، وداتا فولت، وأوراكل، وسيلزفورس، وأدفانسد مايكرو ديفايسز، وأوبر، التابعة لشركة ألفابت، 80 مليار دولار في التقنيات التحويلية في كلا البلدين. وأعلنت شركة سيسكو أنها توصلت إلى اتفاق مع مجموعة جي 42 الإماراتية «لتقييم إمكانات» العمل معا في تقنيات الأمن السيبراني التي تستخدم الذكاء الاصطناعي الأمريكي، بالإضافة إلى تقنيات مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

 

وتهدف المملكة العربية السعودية، التي تسعى إلى تقليل اعتماد اقتصادها على عائدات النفط، إلى ترسيخ مكانتها كمركز رائد للذكاء الاصطناعي مع إطلاق هيوماين والتي ستطور وتدير تقنيات الذكاء الاصطناعي في السعودية. وقالت إنها سوف تستفيد من منصات نيفيديا لترسيخ مكانة المملكة كشركة رائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية لوحدات معالجة الرسومات، والتحول الرقمي.

 

السعودية.. مستقبل واعد

 

مع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي

 

وانضم الى الرئيس دونالد ترامب أثناء زيارته إلى السعودية رؤساء تنفيذيون لشركات التكنولوجيا، بما في ذلك جينسن هوانج من شركة نيفيديا، وسام ألتمان من شركة أوبن إيه آي، وليزا سو من شركة إيه إم دي، وإيلون ماسك من شركة تيسلا. وكانت طموحات المملكة العربية السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي في مقدمة اهتماماتها، حيث أوضح ترامب أنه يتطلع إلى المزيد من الاستثمارات الأمريكية فى المملكة.

 

وقد أعلنت هيوماين عن شراكات استراتيجية مع نيفيديا و إي إم دي للاستفادة من رقائق الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الخاصة بهما لترسيخ مكانة السعودية كشركة رائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أعلنت شركة هيوماين أنها ستبني مراكز بيانات ضخمة للذكاء الاصطناعي لتدريب ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي السيادية في المملكة. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة ستبني المملكة مراكز بيانات مزودة بمئات الآلاف من أحدث رقاقات نيفيديا بطاقة تصل إلى 500 ميجاوات وستكون أول عملية نشر هي 18 ألفا من أحدث رقاقات نيفيديا لتشغيل حاسوب عملاق سعودي.

 

وتسعى السعودية، من خلال مبادرة رؤية 2030، إلى التخلي عن اعتمادها على النفط، مع اكتساب هيمنة إقليمية كقائدة للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، وقوة ناعمة عالمية في مجال صنع القرار التكنولوجي. ولدى الولايات المتحدة مصلحة كبيرة في المشاركة، إذ تسعى شركات مثل OpenAI- جوجل – Meta- xAI التابعة لإيلون ماسك إلى الحصول على تمويلات طائلة لأبحاثها وتطويرها، ومراكز بياناتها، وتوسعها.

 

وترغب الحكومة الأمريكية في إبقاء المملكة العربية السعودية في فلكها بدلا من جعلها تعتمد على التكنولوجيا الصينية، في وقت تتضمن فيه مبادرة الحزام والطريق الصينية استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

 

فرص كبيرة للشركات الأمريكية

 

في عصر الذكاء الاصطناعي، أصبحت الطموحات التجارية والتحالفات الاستراتيجية والمناورات الجيوسياسية جزءا لا يتجزأ من بعضها. وقد تصدرت شركة نيفيديا جهود الضغط لتخفيف ضوابط التصدير الأمريكية على رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وفي الوقت نفسه، عززت شركة أوبن إيه آي جهودها في هذا المجال في يناير من خلال خطتها الاقتصادية «الذكاء الاصطناعي في أمريكا»، لمطالبة صانعي السياسات بالترحيب بالاستثمارات من دول الشرق الأوسط. وأشار التقرير إلى أنه إذا لم تضخ دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في البنية التحتية التكنولوجية الأمريكية، فإن رؤوس أموالها ستتدفق حتما إلى الصين.

 

وتسعى شركات مثل Scale AI، وهي شركة ناشئة مدعومة من أمازون، قُدّرت قيمتها بأكثر من 13 مليار دولار العام الماضي، إلى إنشاء فروع لها في المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى. وأعلنت أنها ستفتتح مكتبا لها في المملكة العربية السعودية بنهاية العام.

 

ليس الاستثمار في المشهد التكنولوجي الأمريكي جديدا على المملكة العربية السعودية، بالطبع فقد كان صندوق الاستثمارات العامة مستثمرا كبيرا في تويتر وأوبر، على سبيل المثال، وكذلك في صندوق رؤية سوفت بنك وصندوق بلاكستون للبنية التحتية لكن رؤية المملكة في أن تصبح مركزا للذكاء الاصطناعي -ورغبة شركات التكنولوجيا في دعم ذلك- تتضافر الآن لتشكّل هدفا شاملا، وهو ما تجلّى في مبادرة مستقبل الاستثمار التي عُقدت في الرياض في أكتوبر الماضي، والتي غالبا ما تُوصف بـ «دافوس الصحراء».

 

ومع امتلاكها شبكة من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي القوية، تراهن المملكة العربية السعودية على أنها قد تصبح عنصرا لا غنى عنه اقتصاديا في سلاسل التوريد التي ستزداد أهمية لدول مثل الولايات المتحدة.

 

فيما يلي بعض الصفقات التي أُبرمت خلال زيارة ترامب الى السعودية:

 

- تخطط شركة DataVolt السعودية للاستثمار بمبلغ 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة.

 

- تتعهد شركات جوجل، وداتا فولت، وأوراكل، وسيلزفورس، وأيه إم دي، وأوبر، باستثمار 80 مليار دولار في التقنيات التحويلية المتطورة في كلا البلدين.

 

- تقوم شركات أمريكية رائدة، بما في ذلك هيل إنترناشيونال، وجاكوبس، وبارسونز، وإيكوم، ببناء مشاريع البنية التحتية الرئيسية مثل مطار الملك سلمان الدولي، وحديقة الملك سلمان، وذا فولت وغيرها بإجمالي صادرات خدمات أمريكية بقيمة 2 مليار دولار.

 

- وتشمل الصادرات الرئيسية الإضافية توربينات الغاز وحلول الطاقة من شركة GE Vernova بقيمة إجمالية 14.2 مليار دولار وطائرات الركاب من طراز Boeing 737-8 لشركة AviLease بقيمة إجمالية 4.8 مليار دولار.

 

- وفي قطاع الرعاية الصحية، ستستثمر شركة Shamekh IV Solutions, LLC مبلغ 5.8 مليار دولار، بما في ذلك إنشاء مصنع في ميشيغان لإطلاق منشأة سوائل وريدية عالية السعة IV fluid.

 

- وتشمل الشراكات الاستثمارية العديد من الصناديق الخاصة مثل صندوق الاستثمار في الطاقة بقيمة 5 مليارات دولار، وصندوق تكنولوجيا الفضاء والدفاع الجديدة بقيمة 5 مليارات دولار، وصندوق إنفيلد سبورتس العالمي للرياضة بقيمة 4 مليارات دولار.

 

- كما وقعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ - بقيمة تقترب من 142 مليار دولار، لتزويد المملكة العربية السعودية بمعدات وخدمات حربية متطورة من أكثر من 12 شركة دفاعية أمريكية.

 

- وتنقسم المبيعات إلى 5 فئات عريضة:

 

(1) تطوير القوات الجوية والقدرات الفضائية.

 

(2) الدفاع الجوي والصاروخي.

 

(3) الأمن البحري والساحلي.

 

(4) أمن الحدود وتحديث القوات البرية.

 

(5) ترقيات لأنظمة المعلومات والاتصالات.

 

- وتتضمن الحزمة أيضا تدريبا ودعما مكثفا لبناء قدرات القوات المسلحة السعودية، بما في ذلك تعزيز الأكاديميات الخدمية السعودية والخدمات الطبية العسكرية.

 

اخر اصدار