كتبت: شريفة عبد الرحيم
بحسب التقديرات فإنه بحلول عام 2035، من المتوقع ارتفاع المساهمة الاقتصادية العالمية لقطاع السياحة إلى 16.5 تريليون دولار، بما يمثل 11.5 % من الناتج الإجمالى العالمى. ويتوقع المجلس العالمى للسفر والسياحة أن يصل إنفاق السياح الدوليين إلى 2.9 تريليون دولار، بمعدل نمو سنوى مركب يبلغ نحو 3.4 %، ليوفر القطاع أكثر من 460 مليون وظيفة بحلول 2035، بما يعادل وظيفة واحدة من كل 8 وظائف جديدة على مستوى العالم.
وفى ظل تنامى الأهمية الاقتصادية للسياحة وتأثيرها على التوظيف، تستحوذ استثماراتها على اهتمام واسع النطاق.
ارتفعت عائدات السياحة الدولية فى الربع الاول من 2025 بنسبة 11 % بالقيمة الحقيقية، لتصل إلى 1.7 تريليون دولار.
وكانت عائدات السياحة -التى تشمل كلا من العائدات والنقل– بلغت رقما قياسيا قدر بتريليونى دولار لعام 2024 بأكمله، مسجلة زيادة حقيقية بنسبة 11 %، ونحو 15 % فوق مستويات ما قبل الوباء.
وأبدت توقعات مؤشر ثقة السياحة التابع للأمم المتحدة ولجان الخبراء الأخرى تفاؤلا حذرا لعام 2025 بأكمله، بنمو يتراوح بين 3 % و5 % فى عدد الوافدين الدوليين.
توقعات السياحة العالمية:
من المتوقع أن يسهم قطاع السفر والسياحة بمبلغ 11.7 تريليون دولار فى الاقتصاد العالمى فى عام 2025، بما يمثل 10.3 % من الناتج الإجمالى العالمى، وهو رقم قياسى، بحسب إحصاءات المجلس العالمى للسفر والسياحة.
وفى عام 2024، ساهم القطاع بمبلغ 10.9 تريليون دولار، أى نحو 10 % من الناتج الإجمالى العالمى، بزيادة قدرها 8.5 % عن عام 2023.
ومن المتوقع أن يسجل الإنفاق السياحى الدولى رقما قياسيا قدره 2.1 تريليون دولار فى عام 2025، متجاوزا ذروة عام 2019 قبل وباء كورونا البالغة 1.9 تريليون دولار بمقدار 164 مليار دولار.
أما فيما يتعلق بتأثير قطاع السياحة على التوظيف، فمن المتوقع أن تبلغ وظائف السياحة 371 مليون عالميا فى 2025، بزيادة قدرها 14 مليون وظيفة سنويا، وفقا للمجلس العالمى للسفر والسياحة.
استثمارات قطاع السياحة:
يبرز دور الشرق الأوسط فى صناعة السياحة العالمية، ولا سيما المملكة العربية السعودية ودبى، حيث تستثمر المملكة العربية السعودية بكثافة فى قطاع السياحة، لتصل إلى 800 مليار دولار بحلول عام 2030، ما يضعها فى صدارة دول العالم فى ذلك المجال.
ومن أبرز المشاريع السياحية فى المملكة “نيوم”. فبهدف تحفيز تنويع الاقتصاد السعودى وتطوير قطاع السياحة، انطلق مشروع تطوير عدة مناطق بتكلفة تزيد على 500 مليار دولار -ذا لاين، سندلة، تروجينا، أوكساجون.
ووفقا لتقرير وكالة “بلومبرج “، تمت إعادة تقييم نطاق المشروع والجداول الزمنية، بما يتيح إعطاء الأولوية لضخ رأس المال للمشاريع التى تحقق إيرادات على المدى القصير، مثل سياحة سندلة، الهيدروجين الأخضر وأصول للفعاليات الحيوية.
ويقدر مشروع نيوم بنحو 500 مليار دولار بتمويل من صندوق الاستثمارات العامة ومستثمرين محليين ودوليين.
إستراتيجية دبى للتوسع السياحى 2025-2030
واستقبل مطار دبى الدولى رقما قياسيا بلغ 92 مليون مسافر فى عام 2024، بزيادة قدرها 6 % عن عام 2023.
ويجرى حاليا إنشاء مبنى ركاب فى مطار آل مكتوم الدولى بتكلفة 128 مليار درهم إماراتى - نحو 35 مليار دولار- بهدف استيعاب 260 مليون مسافر سنويا، ليصبح بذلك أكبر مطار فى العالم.
وتخطط دبى لإضافة أكثر من 11300 غرفة فندقية بحلول عام 2027، بما فى ذلك 4620 غرفة فى عام 2025 وحده.
بحلول نهاية عام 2027، من المتوقع أن يتجاوز إجمالى العرض 162600 غرفة فى 769 عقارا.
الجدير بالذكر أن نحو 70 % من الغرف الجديدة فى عام 2025 مخصصة للفئات الفاخرة والراقية، ما يدعم طموح دبى لتصبح وجهة سياحية من الدرجة الأولى.
وتتميز دبى بشعاب مرجانية تعد أكبر شعاب مرجانية اصطناعية فى العالم -600 كيلومتر مربع- ومنتجعات صديقة للبيئة، ومركز أبحاث بحرية، وسياحة قائمة على الحفاظ على البيئة.
هناك أيضا مشروع تطويرى من خمس جزر يضم أكثر من 80 فندقا ومنتجعا ومناطق ترفيهية، وشواطئ بطول 20 كيلومترا، بعضها حاصل على شهادة العلم الأزرق -شهادة من مؤسسة التعليم البيئى بأنه يطابق معاييرها الصارمة فى مجالات جودة المياه، والسلامة، والتثقيف البيئى، والإدارة البيئية المستدامة.
فمع زيادة مساهمة قطاع السياحة بشكل كبير فى الانبعاثات العالمية، التى بلغت 6.5 % فى عام 2023، تبرز أهمية قضية الاستدامة فى ملف السياحة.
وأعيد اطلاق نخلة جبل على فى عام 2024 -أكبر بنسبة 50 % من نخلة جميرا- وتضم مراسى، ومتنزها مائيا.
كما سجلت دبى 1872 مليون زائر لليلة واحدة فى عام 2024 -وهو عام قياسى آخر.
وتواصل دبى سعيها نحو سياحة أكثر تنوعا، بالاستفادة من مغامرات الصحراء، والمناطق التراثية، والتجارب المائية، وغيرها.
يعد تأخير المشاريع الضخمة أمرا شائعا -حتى فى دبي، ما يستدعى تحديثات عامة منتظمة لمتابعة التسليم.
ويمثل السوق تحديا آخر، فربما تشكل الزيادات السريعة فى المعروض الفندقى ضغطا على أسعار الغرف ما لم يستمر الطلب فى النمو. وربما تخفض الصدمات الجيوسياسية أو الاقتصادية الطلب.
يوصى الخبراء بأن تقدم المشاريع البيئية حماية حقيقية، لا مجرد واجهات فاخرة، لتلبية التوقعات العالمية.
فى المقابل، تتخلف أسواق رئيسية أخرى، مثل الولايات المتحدة والصين وألمانيا، عن الركب. ولا يزال التعافى الاقتصادى غير مكتمل -وخاصة فى الولايات المتحدة- حيث لم يرتفع إنفاق الزوار الدوليين إلى مستويات عام 2019.
انخفاض السياحة الأمريكية بسبب سياسات ترامب
من المتوقع أن تتسبب سياسات ترامب -من خلال تعقيد التأشيرات، وحظر السفر، والتعريفات الجمركية، وتقليص الجهود الترويجية- فى خسائر فى عائدات السياحة، تقدر بعشرات المليارات من الدولارات فى عام 2025.وفى حين تقدم قطاعات الرفاهية المحلية بعض الراحة، فإن قطاع السياحة الأمريكى الأوسع نطاقا يتعرض لضغوط مع انخفاض أعداد السياح الدوليين والإنفاق السياحى.
ولا يبدى الرئيس دونالد ترامب قلقه بشأن تأثير الغضب الواسع النطاق على معدلات السياحة.
وكان استياء الرئيس المتكرر من حلفائه الرئيسيين -بما فى ذلك كندا ومعظم دول أوروبا- أدى إلى اضطراب صناعة السياحة الأمريكية. وتقارير الإعلام عن احتجاز السياح فى أثناء محاولتهم دخول الولايات المتحدة تدفع المزيد من السياح المحتملين إلى التوقف عن زيارة البلاد.
ومن ثم، فإن أعداد الوافدين الدوليين، التى كانت تتزايد منذ وباء كوفيد19، والتى توقع البعض أن تتجاوز مستويات عام 2019، تتناقص حاليا بشكل حاد. وبعدما توقع مسئولو السياحة الأمريكيون عاما مميزا للمسافرين الدوليين فى عام 2025 تكشف البيانات عن تراجع حاد، حيث لم يؤخذ فى الحسبان سياسات ترامب.
فعدلت مجلة اقتصاد السياحة لـ”أكسفورد إيكونوميكس”، توقعاتها من زيادة متوقعة بنسبة 8.8 % فى عدد الزيارات الدولية إلى انخفاض بنسبة 9.4 %، ما سيؤدى إلى خسارة تقدر بـ9 مليارات دولار فى إنفاق السياح الدوليين فى عام 2025. ويشمل ذلك 6.4 مليار دولار فى إنفاق الوجهات السياحية و2.5 مليار دولار فى قطاع النقل، والتعافى الكامل سيكون بحلول عام 2029 فقط.
أما المجلس العالمى للسفر والسياحة، فيتوقع انخفاض قدره 12.5 مليار دولار فى عائدات السياحة للعام الحالى.
وتشير التقديرات المجمعة إلى خسائر تتراوح بين 25 مليار دولار و29 مليار دولار، بسبب سياسات الهجرة والتجارة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
وكانت مجلة “ترافل آند تور وورلد” أفادت بأن الولايات المتحدة ربما تواجه انخفاضا يزيد على 25 مليار دولار، بينما تتوقع مجلة اقتصاد السياحة عجزا هائلا يصل إلى 28.8 مليار دولار.وانخفضت حجوزات السياحة الوافدة من كندا بنسبة 71-76 % فى مارس 2025، ويمثل هذا ضربة اقتصادية هائلة من كندا، التى كانت مصدرا سياحيا رئيسيا.
كما انخفضت السياحة الأوروبية إلى الولايات المتحدة بنسبة 17 %، وشهدت بعض الدول انخفاضا بأكثر من 20 %.
اتجاهات السياحة العالمية
تعكس اتجاهات السياحة العالمية فى عام ٢٠٢٥، تغير أذواق المسافرين، وتأثرها بالابتكارات التكنولوجية، مع تزايد الاهتمام بالبيئة والاستدامة، والعافية، فهناك اتجاه غربى للسفر دون طيران، حيث يفضل عدد متزايد من المسافرين وسائل نقل صديقة للبيئة، مثل القطارات والسيارات والسفن، وحب المغامرة على السفر السريع الملوث بالكربون.
كما يزيد رواج السفر خارج الموسم السياحى، ورحلات “الراحة والهدوء”، حيث بات يسعى كثير من الناس إلى أماكن أقل ازدحاما، وأسعار أفضل، ورحلات أكثر هدوءا.
ويشهد السفر التجريبى ازدهارا ملحوظا، حيث يتطلع المسافرون هذه الأيام إلى تجارب، مثل الطبخ مع السكان المحليين، وتعلم الحرف المحلية، أو المشاركة فى تقاليد المهرجانات.
تعد سياحة الفلك وتجارب السماء المظلمة مجالات ناشئة، إذ يسافر السياح إلى مناطق نائية لمراقبة الظواهر السماوية، مثل الكسوف. ومع ذلك، تلك الوجهات تعزز الحفاظ على الظلام والحد من التلوث الضوئى.