يوسف: 80 إلى 90 دولارا سعر متوقع للبترول
أبو العلا: أمريكا رفعت أسعار الغاز لأوروبا وتطالب السعودية بزيادة الإنتاج!
كتب: د. محمود جلاله
جاء قرار خفض دول أوبك+ إنتاجها ابتداء من مايو المقبل بمنزلة الصدمة للولايات المتحدة والدول الأوروبية، التى كانت تمنى النفس بزيادة الإنتاج أو على الأقل تثبيته لتخفيف الضغوط التى خلفتها الحرب الأوكرانية وما نجم عنها من استخدام روسيا لسلاح الطاقة ورقة ضغط على أوروبا.
الكميات التى أعلنت دول أوبك+ خفضها طوعيا يقدرها البعض بنحو 1.6 مليون برميل بجانب 2 مليون برميل أعلنت دول المنظمة خفضها فى أكتوبر 2022، وهو ما يعنى مزيدا من تعطش الأسواق، ومن جانبهم رأى خبراء الطاقة أن هذا الإجراء منطقى فى ظل بحث الدول عن مصالحها خاصة أن أسعار البترول بدأت تتجه للانخفاض نتيجة لحالة التضخم العالمى وإفلاس بنوك عالمية، وهو ما انعكس على الأسعار، بينما وصفت إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن القرار بأنه غير منطقى فى ظل حالة عدم اليقين التى تسيطر على الأسواق.
يقول المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق: إنه توجد لجان منبثقة من تحالف أوبك+ لمتابعة موقف أسعار النفط بصفة دورية للوقوف على المتغيرات العالمية المرتبطة للحيلولة دون حدوث انهيارات سعرية حادة للنفط أسوة بما حدث فى إبريل 2020، والعمل على وصول أسعار النفط لحدود سعرية مقبولة لأعضاء المنظمة وحلفائها منتجى النفط. وهذا ما أدى إلى قيام أوبك+ بتخفيض الإنتاج فى أكتوبر 2022 بمقدر مليونى برميل يوميا على ضوء موقف الاستهلاك وحركة المخرون عالميا وفى ظل حالة التضخم التى تسود دول العالم.
يضيف أن خفض الإنتاج أدى إلى استقرار الأسعار، إلا أنه فى الفترة الأخيرة حدث انخفاض فى أسعار النفط بوصول خام برنت القياسى إلى 72 دولارا للبرميل، وهو ما يعنى أن المعروض من النفط فى الوقت الحالى يزيد على الطلب العالمى نتيجة للسحب من المخزون الاستراتيجى للدول الكبرى، والأمر يتطلب إعادة النظر فى حجم الإنتاج الحالى من النفط ليتوافق من الطلب.
يشير إلى أنه نتيجة للقيود التى اعتمدتها الولايات الأمريكية مؤخرا من الموافقة على قانون محاربة التكتلات الاحتكارية لسوق النفط وفرض سقف سعرى لأسعار النفط وهو القانون المعروف باسم "لا لأوبك" (nopec)، فإن منتجى النفط لجأوا إلى عدم اتخاذ قرارات الخفض عن طريق التحالف، على أن يتخذ القرار من قبل كل دولة منتجة للنفط على اعتبار سيادة الدول على ما تملكه من ثروات ولها الحق فى تحديد كميات إنتاجها، وبذلك تجنب التهديدات الأمريكية.
يتوقع ارتفاع الأسعار إلى ما بين 80 و90 دولارا إلا إذا تدخلت الولايات المتحدة ونفذت قانون "لا لأوبك" الذى يعد دول المنظمة تكتلا احتكاريا، والقانون حال تنفيذه سيحدث تطورات سياسية قد تؤدى إلى تذبذب الأسعار وانخفاضها.
يقول د. رمضان أبو العلا، خبير البترول نائب رئيس أكاديمية فاروس: إنه يوجد دائما شد وجذب بين دول الاتحاد الأوروبى، والدول المنتجة للنفط والغاز بشكل عام، وروسيا على وجه الخصوص، ضمن تكتل (أوبك+).
يضيف أنه بعد اتخاذ الاتحاد الأوروبى قرارا بتحديد سقف لأسعار النفط حدثت بعض الاهتزازات لأسواق الطاقة العالمية، وأصبح هناك نوع من التذبذب، لكنه أدى فى النهاية إلى انخفاض أسعار النفط، مشيرا إلى أن استمرار هذا الوضع كان سيؤدى إلى مزيد من الانخفاض فى الأسعار، وهو ما واجهه (أوبك+) بشكل مباشر بتنفيذ خفض طوعى لأعضاء المنظمة بأن تخفض كل دولة قدر الإمكان ما تستطيع تخفيضه، وعلى رأس تلك المنظومة روسيا التى قررت خفض إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميا، وقررت السعودية والإمارات والكويت بشكل منسق خفض إنتاجها بإجمالى 772 ألف برميل يوميا، بدءا من مايو المقبل حتى نهاية العام الجارى، وحذا العراق حذو الدول الثلاث، وأعلنت الجزائر فى الاتجاه نفسه خفضا طوعيا مقداره 48 ألف برميل يوميا.
يوضح أن هذا الخفض يأتى بجانب الخفض السابق فى أكتوبر الماضى بـ2 مليون برميل، وهو ما سيؤدى بشكل مباشر إلى زيادة الأسعار سواء العقود الآجلة أو العقود العاجلة وهذا فى إطار الشد والجذب بين الدول المنتجة والمستهلكة خاصة دول الاتحاد الأوروبى التى تعانى بشدة فى توفير الطاقة وتكبدت خسائر فادحة خلال الأشهر الماضية لتوفير احتياجاتها رغم عمل ترشيد الاستهلاك فى معظم الدول الأوروبية.
يوضح أن العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة متوترة منذ فترة ليست قصيرة، لأن أوروبا كانت تعول على الضغط الأمريكى على السعودية بأن تجعلها تزيد إنتاجها وتعوض ما تستهلكه أوروبا من البترول والغاز الروسى، إلا أن السعودية لم تستجب لأسباب فنية وأسباب اقتصادية، موضحا أنه من الناحية الفنية السعودية لا يمكنها توفير 5 ملايين برميل يوميا زيادة على طاقتها الإنتاجية، التى كانت تستوردها أوروبا من روسيا، أما الأسباب الاقتصادية فهى أن زيادة إنتاج السعودية تعنى خروجها من عباءة تحال أوبك بلس ومن ثم تتكبد خسائر اقتصادية فادحة.
يشير إلى أن عدم امتثال السعودية للمطالب الأمريكية أحدث نوعا من التوتر، حيث تبحث كل دولة عن مصالحها، موضحا أن الولايات المتحدة نفسها استفادت من الحرب الأوكرانية ورفعت أسعار الغاز على الدول الأوروبية وفى الوقت نفسه تطالب السعودية بزيادة الإنتاج وهذا غير منطقى بالمرة.
يتوقع أن يحدث نوع من التذبذب للأسعار ثم تستقر بعد ذلك كالعادة فى إطار 5% زيادة أو نقصا.
====
..وتوقعات بارتفاع الأسعار إلى 100 دولار
توقع بنك جولدمان ساكس أن تؤدى تخفيضات أوبك + لإنتاج النفط الخام إلى ارتفاع الأسعار إلى 100 دولار للبرميل بحلول أبريل 2024.
ورجح البنك ارتفاع قوة تسعير أوبك، وهي القدرة على رفع الأسعار دون الإضرار كثيرا بالطلب، كمحرك اقتصادي رئيسي، ويقدر أن خفض الإنتاج سيرفع عوائد أوبك+ لأن زيادة الأسعار تعوض الانخفاض في حجم الإمدادات.
كما توقع جولدمان ساكس الالتزام بنسبة تقترب من 90 % بخطة خفض الإنتاج بواقع 1.16 مليون برميل يوميا، لأن الدول التي أعلنت عن خفض إضافي لديها سجل امتثال قوي ونفذت ما يقرب من 90 % من قرار خفض الإنتاج المعلن في أكتوبر 2022 بحلول يناير 2023.
ورفع جولدمان ساكس توقعاته لسعر خام برنت في ديسمبر 2023 بخمسة دولارات إلى 95 دولارا للبرميل.